35/05/10


تحمیل
الموضوع: الصوم : النية مسألة 16
الامر الثاني :هل ان الاجزاء يختص بما لو صام يوم الشك مع العلة والشبهة كما لو كان الجو غائما ؟ او انه يعم ما لو لم يكن علة ؟ ومنشأ هذا السؤال بعض الروايات التي قد يظهر منها الاختصاص .
الرواية الاولى: والمهمة رواية معمر بن خلاد (عن أبي الحسن عليه السلام قال : كنت جالسا عنده آخر يوم من شعبان ولم يكن هو صائما فأتوه بمائدة، فقال : ادن وكان ذلك بعد العصر، فقلت له : جعلت فداك صمت اليوم، فقال لي : ولم ؟ قلت : جاء عن أبي عبد الله عليه السلام في اليوم الذي يشك فيه أنه قال : يوم وفق له، قال : أليس تدرون أنما ذلك إذا كان لا يعلم أهو من شعبان أم من شهر رمضان فصام الرجل فكان من شهر رمضان كان يوما وفق له، فأما وليس علة ولا شبهة فلا، فقلت : أفطر الآن ؟ فقال : لا . )[1]
وقد تعرضنا لهذه الرواية سابقا وصححناها سندا .
ويقال ان الذي يستفاد من هذه الرواية اولا: مرجوحية صوم يوم الشك عندما لا تكون شبهة ولا علة .
ثانيا :ان الاجزاء يختص بما لو كان هناك علة او شبهة ولا يشمل ما لو لم يكن شبهة او علة وهذا ما نستفيده من تخصيص روايات ( وفق له ) التي ذكرها الراوي للأمام عليه السلام وخصصها عليه السلام بمورد الشبهة اوالعلة .
حيث قال عليه السلام (فأما وليس علة ولا شبهة فلا ) أي ان روايات الاجزاء لا تشمل هذا المورد الذي ليس فيه علة ولا شبهة , وهذا اللسان حاكم على جميع الروايات التي وردت بلسان وفق له , وهذا هو منشأ التفصيل بين الحالتين فيحكم بالاجزاء في صورة الشبهة او العلة وعدمه في صورة عدمهما .
هناك روايتان غير هذه قد يفهم منهما هذا التفصيل وعلى الاقل يفهم منهما المرجوحية وعدمها في حال العلة او الشبهة او عدمهما .
الرواية الاولى هارون بن خارجة (قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : عد شعبان تسعة وعشرين يوما فإن كانت متغيمة فأصبح صائما، وإن كان مصحية وتبصرته ولم تر شيئا فأصبح مفطرا .) [2]
الرواية الثانية :الربيع بن ولاد (عن أبيعبد الله عليه السلام قال : إذا رأيت هلال شعبان فعد تسعا وعشرينيوما، فإن صحت ولم تره فلا تصم وإن تغيمت فصم )[3] والراوي المباشر لهذه الرواية ( الربيع بن ولاد ) مجهول الحال , وهناك روايات اخرى بهذا المضمون .
والاستدلال بها مبني على أن الامر بالإفطار في الرواية الاولى اذا كان الجو صاحيا والنهي عن الصوم في الرواية الثانية اذا كان الجو صاحيا ,ظاهر بفساد ذلك الصوم , فأن النهي عن العبادة يقتضي الفساد , واذا كان فاسدا لا يكون مجزيا عن شهر رمضان , واما اذا كان الجو فيه علة ( غائما ) فأن الامام امر بصومه وقد يستفاد من الامر انه لو تبين كونه من شهر رمضان يكون مجزيا .
قال صاحب الحدائق (ينبغي أن يعلم أن المراد بيوم الشك في هذه الأخبار ليس هو مطلق الثلاثين من شعبان بل المراد به إنما هو في ما إذا حصل الاختلاف في رؤية هلال شعبان على وجه لم تثبت الرؤية فإن اليوم الثلاثين بناء على دعوى الرؤية قبل ذلك يكون أول شهر رمضان وعلى دعوى العدم يكون من شهر شعبان، أو حصل الاختلاف في رؤية هلال شهر رمضان كذلك فإنه على تقدير دعوى الرؤية يكون من شهر رمضان وعلى تقدير عدمها يكون من شهر شعبان، وكذا في صورة ما إذا علم هلال شعبان لكن اتفق حصول غيم مانع من الرؤية ليلة الثلاثين، فإنه في جميع هذه الصور يكون يوم شك، وهذا هو الذي وردت الأخبار باستحباب صومه وأنه إن ظهر من شهر رمضان فهو يوم وفق له . وأما لو كان هلال شعبان معلوما يقينا ولم يدع أحد الرؤية ليلة الثلاثين منه ولم تكن في السماء علة مانعة من الرؤية فإن هذا اليوم من شعبان قطعا وليس هو بيوم شك .)[4]
واذا اخذنا بظاهر كلامه ان هذا اليوم ليس بيوم شك ولا تترتب عليه الاثار التي من اهمها الحكم بالاجزاء عن شهر رمضان لأن موضوعه في الروايات هو يوم الشك , وما ذكره صاحب الحدائق تام من حيث كون موضوع حكم الاجزاء في الروايات هو يوم الشك وحينما نفترض القطع بأن هذا اليوم من شعبان وليس من رمضان لا يصدق عليه يوم الشك .
قد يقال بأن ظاهر الرواية[5] هو ما ذكره صاحب الحدائق اي التفصيل بين صورة القطع وصورة الاحتمال بأعتبار انها تحكم في ان حال عدم العلة والشبهة يلازم عادة القطع بكون اليوم من شعبان او لا اقل من الاطمئنان الملحق بالقطع حكما , خصوصا ان الامام قال عند الحكم بالاجزاء (اذا كان لا يعلم) وهذا يقتضي ان المقابل له هو ما لو كان يعلم انه من شعبان وليس من رمضان .
وقد يقال في مقابل ذلك[6] ان لا سبيل الى القطع مع عدم الشبهة والعلة[7] كما في الرواية , فأن احتمال نقصان الشهر وارد , فعدم وجود العلة والشبهة كما ذكرت الرواية لا يلازم القطع بأن هذا اليوم من شعبان , وعليه فلا يمكن الاستفادة مما ذكره الشيخ صاحب الحدائق من الرواية , فهي ليست بصدد التفصيل بين صورة القطع وصورة الشك وانما هي بصدد التفصيل في يوم الشك نفسه بين ما اذا كان غائما وبين ما اذا كان صحوا ,(بين ما اذا كانت هناك علة وشبهة مضافا الى الشك الاساسي المحفوظ من جهة احتمال النقصان في الشهر فتحكم بالاجزاء , وبين ما لو لم يكن هناك علة ولا شبهة , فيوم الشك بأعتبار نقصان الشهر , اذا صامه لا اجزاء فيه) فهي تفصل في يوم الشك في حالتين لا بين يوم الشك وبين يوم القطع انه من شعبان , هذا ما يمكن استظهاره من الرواية .
وعليه فهل يمكن الالتزام بالتفصيل في يوم الشك كما هو ظاهر الرواية ؟ او لا ؟
وقد يقال ان هذا التفصيل لا يمكن الالتزام به بأعتبار مخالفته للروايات الحاكمة بالاجزاء بيوم الشك مطلقا .
اقول لا منافاة بين تلك الروايات وهذه الرواية لأن لسان هذه الرواية حاكم عليها وناظر اليها صريحا لا ان الظاهر منها ذلك .
قد يقال ان ظاهر الفقهاء الاتفاق على عدم التفصيل وان موضوع الاجزاء هو يوم الشك مطلقا ولم يشترطوا وجود العلة والشبهة بل لعل ظاهر بعض كلماتهم ان الصوم مجزٍ حتى في صورة القطع بأنه من شعبان ومن هنا قد يقال بعدم امكان الالتزام بهذا التفصيل بهذا الاعتبار .
وعليه فلابد من حمل الرواية على احد امور :
الاول : ان نحملها على التفصيل الذي ذكره صاحب الحدائق بأن نلتزم بعدم الاجزاء في حال القطع والاجزاء في حال الشك سواء كانت هناك علة وشبهة او لا .
الثاني : ان نقول ان الرواية ليست ناظرة الى الحكم الوضعي فيكون حالها حال الروايتين الاخيرتين حيث انهما ظاهرتان ابتداء انهما ناظرتان الى الحكم التكليفي .
فنفصل بأن نقول ان كان يوم فيه شبهة او علة يؤمر بصومه ولو على نحو الاستحباب وان لم يكن هناك علة ولا شبهة ينهى عنه و لو على نحو الكراهة .
وتبقى الروايات الدالة على الاجزاء على اطلاقها ونتمسك بها لأثبات الاجزاء في كلتا الصورتين .
الثالث : الالتزام بسقوط الرواية عن الاعتبار لإعراض الاصحاب عنها , فأن هذا التفصيل لم يتعرض له بحسب الظاهر الا صاحب الحدائق بالكيفية التي ذكرناها .