35/04/17


تحمیل
الموضوع : الصوم مسألة 12
الكلام في نهاية امتداد النية في الصوم المندوب
والاخبار في تحديد وقت النية فيه متعارضة في طائفتين , الطائفة الاولى تحدد نهاية الامتداد بالزوال والطائفة الثانية تحدده الى ما بعد الزوال ,
اما الطائفة الاولى فتتمثل بروايتين هما العمدة فيها ,
الرواية الاولى: موثقة ابن بكير (قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب ثم ينام حتى يصبح أيصوم ذلك اليوم تطوعا ؟ فقال : أليس هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار)[1].
فمورد الرواية هو الصوم المندوب , ودلالتها ليس تحديد الامتداد بالزوال فحسب , وانما ظاهرها ان المسألة مفروغ منها ومسلمة , ولذا عبر الامام عليه السلام ( اليس هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار ) .
الرواية الثانية : رواية ابن بكير عن ابي عبدالله عليه السلام (قال : سئل عن رجل طلعتعليه الشمس وهو جنب ثم أراد الصيام بعد ما اغتسل ومضى ما مضى منالنهار ؟ قال : يصوم إن شاء، وهو بالخيار إلى نصف النهار .)[2]
والعمدة في هذه الطائفة هي الرواية الاولى , لأنها تامة سندا , وواضحة دلالة , اما الرواية الثانية ففيها مشكلة سندية في عبدالله الرازي المعروف (الجاموراني ), فأنه ضعيف واستثناه ابن الوليد من رجال نوادر الحكمة , ومن جهة الدلالة فأنها ليس نصا في الصوم المندوب , نعم تشمله بأطلاقها .
الطائفة الثانية : وهي تتمثل بثلاث روايات .
الرواية الاولى: موثقة ابي بصير _ وهي معتبرة سندا _ (سألت أبا عبد الله عليه السلامعن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة، قال : هو بالخيار ما بينه وبين العصر،وإن مكث حتى العصر ثم بدا له أن يصوم وإن لم يكن نوى ذلك فله أن يصومذلك اليوم إن شاء .)[3]
والرواية صريحة في جواز تأخير نية الصوم الى العصر.
الرواية الثانية : صحيحة هشام بن سالم المتقدمة عن ابي عبدالله عليه السلام (قال : كان أميرالمؤمنين عليه السلام يدخل إلى أهله فيقول : عندكم شئ وإلا صمت، فإن كانعندهم شئ أتوه به وإلا صام.)[4].
ودلالة الرواية على محل الكلام بإعتبار ما تقدم من حملها على الصوم التطوعي , او كونها ظاهرة في الصوم التطوعي , لإستبعاد ان يكون صوما واجبا على امير المؤمنين عليه السلام ولا يبادر الى فعله , وتدل على امتداد النية الى ما بعد الظهر بإعتبار ما ذكره السيد الخوئي (قد) من ان العادة الجارية حينذاك هي الرجوع الى الاهل بعد الظهر , لتناول طعام الغداء , فيقول امير المؤمنين ان كان عندكم شيء( أي من الغداء) , والا نويت الصيام وصمت , ويمكن القول بأن الرواية منقولة عن الامام الصادق عليه السلام , والامام الصادق عليه السلام في مقام بيان الحكم الشرعي فيحكها لغرض بيان ذلك الحكم الشرعي وليس لإبراز حدث تاريخي , ولو فرض ان هناك محدودية في نية الصوم المندوب لكان المناسب ان يبينها عليه السلام , وعدم بيانه للمحدودية بالزوال يظهر منه عدم المحدودية له , والظاهر ان هذا المعنى هو المراد بالإطلاق المذكور في المستمسك , لأثبات وقت النية الى ما بعد الزوال حيث قال (قد) ( لأطلاق الرواية).
والا فالرواية ليس فيها اطلاق لفظي لأنها حكاية فعل بُين بذكره الحكم الشرعي .

الرواية الثالثة : صحيحة هشام الثانية عن ابي عبدالله عليه السلام (قال : قلت له : الرجل يصبح ولا ينوي الصوم فإذاتعالى النهار حدث له رأى في الصوم، فقال : إن هو نوى الصوم قبل ان تزولالشمس حسب له يومه، وإن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذينوى. )[5].
والاستدلال بهذه الرواية مبني على حملها على الصوم المندوب , وعلى تفسير قوله عليه السلام (وإن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى ) ان هذا لا ينافي صحة ذلك الصوم , أي ان صومه صحيح وان كان لا يحصل على ثواب اليوم الكامل , وهذا هو الظاهر من هذه الرواية , اما حملها على ان المقصود بطلان الصوم اذا نوى بعد الزوال وصحته اذا نوى قبل الزوال بعيد , فالرواية ناظرة الى مسألة الثواب والجزاء , وليس الى صحة الصوم وفساده .
والعمدة في روايات الطائفة الثانية هي موثقة ابي بصير .
والجمع بين الطائفتين تعرض له الشهيد الثاني وطلبته , ويقع الجمع بين الروايتين الاساسيتين , موثقة ابي بصير في الطائفة الثانية , وموثقة ابن بكير في الطائفة الاولى .
ونجمع بينهما على اساس حمل رواية ابن بكير على ان تحديد الزوال فيها , المنظور فيه اعلى مرتبة من مراتب الاستحباب والفضل , وهذا لا ينافي الصوم المندوب الذي يكون بمرتبة ادنى , كما اذا نواه بعد الزوال كما في موثقة ابي بصير , وهذا الجمع ليس جمعا تبرعياً , ويمكن الاستعانة بصحيحة هشام بن سالم حيث انها تفصل بين الصوم الذي نواه قبل الزوال فيحسب له اليوم كله , وبين الصوم المنوي بعد الزوال فيعطى له الوقت الذي نوى , فتكون هذه الصحيحة شاهد وقرينة على ان المراد من صحيحة ابي بصير هذه المرتبة من الثواب (المرتبة الادنى ).
بل يمكن القول ان نفس موثقة ابن بكير (قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب ثم ينام حتى يصبح أيصوم ذلك اليوم تطوعا ؟ فقال : أليس هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار) , يفهم منها _ خصوصا عبارة(أليس هو بالخيار ما بينه ونصف النهار )_ ان الامام ليس في مقام التحديد بالزوال وانما يريد الاشارة الى ما هو معهود , وهو عبارة عن الصوم المندوب الكامل , وليس مطلق المندوب .