38/04/09


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: زكاة الفطرة.

قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): فصل في زكاة الفطرة وهي واجبة إجماعا من المسلمين، ومن فوائدها أنها تدفع الموت في تلك السنة عمن أديت عنه، ومنها أنها توجب قبول الصوم، فعن الصادق (عليه السلام) أنه قال لوكيله: اذهب فأعط من عيالنا الفطرة أجمعهم، ولا تدع منهم أحدا فإنك إن تركت منهم أحدا تخوفت عليه الفوت، قلت: وما الفوت؟ قال (عليه السلام): الموت وعنه (عليه السلام) إن من تمام الصوم إعطاء الزكاة، كما أن الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) من تمام الصلاة، لأنه من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمدا ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله تعالى قد بدأ بها قبل الصلاة، وقال: " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " والمراد بالزكاة في هذا الخبر هو زكاة الفطرة كما يستفاد من بعض الأخبار المفسرة للآية، والفطرة إما بمعنى الخلقة فزكاة الفطرة أي زكاة البدن من حيث إنها تحفظه عن الموت، أو تطهره عن الأوساخ، وإما بمعنى الدين، أي زكاة الإسلام والدين، وإما بمعنى الإفطار لكون وجوبها يوم الفطر. والكلام في شرائط وجوبها ومن تجب عليه وفي من تجب عنه وفي جنسها وفي قدرها وفي وقتها وفي مصرفها فهنا فصول)[1] .

 

يقع الكلام بعد ذلك في زكاة الفطرة.

لا شبهة في وجوب هذه الزكاة للتسالم على وجوبها بين المسلمين جميعا فوجوبها امر متسالم والسيرة القطعية من المتشرعة جارية على وجوب زكاة الفطرة من زمن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) الى زماننا هذا , وكذلك الروايات التي تدل على وجوبها وهذه الروايات من الكثرة تبلغ حد التواتر الاجمالي.

النتيجة انه لا شبهة في وجوب هذه الزكاة أي زكاة الفطرة.

ولها فوائد منها ان دفع الزكاة مانع عن الموت في تلك السنة وان دفع الزكاة سبب لقبول الصوم وان من تمام الصوم زكاة الفطر كما ان الصلاة على النبي الاكرم من تمام الصلاة فاذا صام وام يؤدي زكاة الفطر فلا صوم له فقد ورد ذلك في بعض الروايات الضعيفة كما ان من لم يصلي على النبي الاكرم فلا صلاة له وغيرها من الفوائد.

وفي هذه الزكاة فصول ، على من تجب هذه الزكاة وممكن تجب عنه وفي شرائطها وفي وقتها وفي مصرفها وفي جنسها كل ذلك محل الكلام وان هذه الزكاة من أي جنس واجب على المكلف وفي شرائطها باي شروط وفي وقتها وفي مصرفا.

ثم قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): فصل في شرائط وجوبها وهي أمور:

الأول: التكليف فلا تجب على الصبي والمجنون ولا على وليهما أن يؤدي عنهما من مالهما، بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى عيالهما أيضا.

الثاني: عدم الإغماء فلا تجب على من أهل شوال عليه وهو مغمى عليه.

الثالث: الحرية فلا تجب على المملوك وإن قلنا: إنه يملك، سواء كان قنا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا مشروطا أو مطلقا ولم يؤد شيئا فتجب فطرتهم على المولى نعم لو تحرر من المملوك شئ وجبت عليه وعلى المولى بالنسبة مع حصول الشرائط.

الرابع: الغني وهو أن يملك قوت سنة له ولعياله زائدا على ما يقابل الدين ومستثنياته فعلا أو قوة بأن يكون له كسب يفي بذلك، فلا تجب على الفقير وهو من لا يملك ذلك وإن كان الأحوط إخراجها إذا كان مالكا لقوت السنة وإن كان عليه دين، بمعنى أن الدين لا يمنع من وجوب الإخراج ويكفي ملك قوت السنة، بل الأحوط الإخراج إذا كان مالكا عين أحد النصب الزكوية أو قيمتها وإن لم يكفه لقوت سنته، بل الأحوط إخراجها إذا زاد على مؤنة يومه وليلته صاع)[2] .

الفصل الاول:- يشترط في وجوب زكاة الفطرة امور.

الامر الاول:- البلوغ والعقل فلا تجب زكاة الفطرة لا على الصبي ولا على المجنون ولا على وليهما وقد استدل على ذلك بامور.

الاول:- الاجماع وان عدم وجوب زكاة الفطرة على الصبي والمجنون ثابت بالاجماع الفقهاء فانهم اجمعوا على ذلك.

ولكن قد ذكرنا غير مرة ان الاعتماد على الاجماع لا يمكن ، وعلى تقدير تسليم تحقق الاجماع بين الفقهاء المتقدمين فلا شبهة في ان هذا الاجماع انما يكون حجة اذا وصل من اصحاب الائمة (عليهم السلام) إليهم وإلا فأقوال العلماء في نفسها لا تكون حجة فاذا وصل هذا الاجماع من زمن اصحاب الائمة (عليهم السلام) إليهم يداً بيدٍ وطبقة بطبقة بنحو التواتر او لا اقل بطريق معتبر فحينئذ يكون هذا الاجماع حجة ولكن لا طريق لنا الى احراز ان الاجماع المدعى في المسالة قد وصل اليهم من زمن اصحاب الائمة (عليهم السلام) بالتواتر او بطريق معتبر.

الثاني:- سيرة المتشرعة فان السيرة جارية على عدم وجوب زكاة الفطرة على الصبي ولا على المجنون وهذه السيرة من المتشرعة حجة.

ولكن الامر فيها ايضا كذلك فقد تقدم سابقا ان سيرة المتشرعة حادثة بعد زمن الائمة (عليهم السلام) فمن أجل ذلك لا يمكن احراز امضاء هذه السيرة فان السيرة بنفسها لا تكون حجة وانما تتصف بالحجية اذا امضاها الشارع وليس لنا طريق على امضاء هذه السيرة المستحدثة بين المتشرعة بعد زمن الائمة الاطهار ولا طريق لنا الى احرز ذلك.

اذن لا يمكن الاستدلال بالسيرة ايضا.

الثالث:- الاستدلال بحديث رفع القلم فان قلم التكليف مرفوع عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وهذه الجملة وان وردت في مجموعة من الروايات إلا ان اكثر هذه الروايات ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليه.

والعمدة من هذه الروايات رواية واحدة وهي صحيحة ولكن مورد هذه الرواية المجنون ، اذن التعدي الى الصبي بحاجة الى دليل.

ويقع الكلام هنا في مجموعة من الجهات.

الجهة الاولى:- هل يمكن التعدي عن مورد هذا الحديث الى الصبي او لا يمكن؟ الظاهر انه لا يمكن التعدي لان الحكم ثابت للمجنون واما ثبوته للصبي بحاجة الى دليل ولا دليل على هذا التعدي فان التعدي خلاف الاصل وهو بحاجة الى قرينة ولا قرينة في المقام لا في نفس هذا الحديث ولا من الخارج ، اذن لا يمكن التعدي.

نعم ورد في صحيحة سليمان انه لا زكاة في مال اليتيم والظاهر ان المراد من اليتيم هو الصبي الصغير الذي لم يبلغ الحلم ، اذن كما لا زكاة في مال المجنون فكذا لا زكاة في مال الصبي.

واما الروايات التي تدل على نفي الزكاة عنهما فهي وان كانت كثيرة ولكن هذه الروايات موردها زكاة المال وليس زكاة الفطرة ، اذن التعدي مشكل جدا وبحاجة الى قرينة ، ولكن صحيحة سليمان كافية في المقام في الدلالة على انه لا زكاة الفطرة على مال اليتيم والمراد من اليتيم هو الصغير.

الجهة الثانية:- ان المراد من رفع القلم هل هو رفع القلم عن الحكم التكليفي فقط او رفع القلم عن الاعم من الحكم التكليفي والحكم الوضعي؟ وهنا قولان.

الاول:- بان المراد من رفع القلم هو رفع الحكم التكليفي لا الاعم منه ومن الحكم الوضعي كزكاة الفطرة وزكاة المال والخمس.

الثاني:- بان المراد من رفع القلم هو الاعم من الحكم التكليفي والحكم الوضعي.

اما القول الاول فهو مبني على ان ظاهر هذا الحديث هو رفع الثقل عن الصبي والمجنون ومن المعلوم ان رفع الثقل انما هو برفع التكليف فان في التكليف كلفة وثقل وهو العقوبة والمؤاخذة وليس في نفي الحكم الوضعي كذلك ففي الحكم الوضعي لا عقوبة ولا مؤاخذة ، فاذن هذا الحديث ظاهر في رفع الكلفة عن الصبي والمجنون وهذا انما ينطبق على رفع التكليف أي في الحقيقة رفع القلم هو رفع القلم عن المؤاخذة فمن هذه الناحية الحديث مختص بنفي التكليف.

واما القول الثاني فهو مبني على ظاهر هذا الحديث فهو ظاهر في نفي التشريع والمراد من القلم هو قلم التشريع فانه لم يشرع في حقهما لا الحكم التكليفي ولا الحكم الوضعي.

والظاهر هو الثاني فان هذا الحديث ظاهر في رفع قلم التشريع وعلى هذا فلا فرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي.

مضافا كما ان على الحكم التكليفي يترتب المؤاخذة والعقوبة كذا على الحكم الوضعي فان الزكاة اذا كانت مجعولة في مال الصبي ومال المجنون فيجب على وليهما تأدية هذه الزكاة وابراء ذمة المجنون والصبي عن الزكاة فلو لم يفعل فهو معاقب ومؤاخذ فمن هذه الناحية لا فرق بين ان يكون المرفوع الحكم التكليفي او المرفوع الحكم الوضعي فعلى كلا التقديرين رفع كل منهما رفع للمؤاخذة والعقوبة ايضا.

النتيجة ان الحديث في نفسه ظاهر في ان المراد من رفع القلم هو رفع قلم التشريع يعني ان قلم الحكم الشرعي لم يجعل لا على الصبي ولا على المجنون سواء أكان حكما تكليفيا ام كان حكما وضعيا.

الجهة الثالث:- ان زكاة الفطرة وجبها هل هو وجوب مالي او انه وجوب تكليفي فقط؟ الظاهر والمعروف والمشهور بين الاصحاب انه وجوب مالي ولكن اثبات ذلك مشكل جدا إذ لا دليل على ان زكاة الفطرة ثابتة في ذمة المكلف كالدين فحال زكاة الفطرة كحال الكفارة فانها لم تثبت على ذمة المكلف ولا يكون المكلف مديونا بها فيجب دفع هذا المال بعنوان الكفارة ويجب على المكلف دفع هذا المال بعنوان زكاة الفطرة وهذا بخلاف زكاة المال فان زكاة المال أدلتها ظاهرة في ان الفقير شريك مع المالك في الغلاة الاربع شريك في العين بنحو الاشاعة وكذا الحال في زكاة النقدين واما في زكاة الاغنام فالفقير شريك مع المالك بنحو الكلي في المعين واما في زكاة البقر وزكاة الابل فلا يبعد ان يكون مجرد تكليف والفقير لا يكون شريكا مع المالك فيهما وحيث ان المشهور ذكر ان التفكيك بين اصناف الزكاة لا يمكن ولهذا ذكر ان الفقير شريك مع المالك في المالية لا في العين ولكن هذا خلاف الظاهر ولا مانع من التفكيك بين اصناف الزكاة.

وبناء على هذا فالظاهر انه لا دليل على ان زكاة الفطرة كزكاة المال اذا ليس في ادلة زكاة الفطرة ما يدل على ان الفقير شريك مع المالك فانه لم يرد في شيء من الروات ان الفقير شريك مع المالك وكذا لم يرد ما يدل على ان ذمة المالك مشغولة بمقدار زكاة الفطرة كدين ، بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.