38/03/21
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/03/21
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- خــتــام.
الى هنا قد وصلنا الى هذه النتيجة وهي ان حجة الاسلام وان كان وجوبها تكليفيا كوجوب الصلاة والصيام ونحوهما ولكن هنا روايات خاصة تدل على ان حجة الاسلام تخرج من اصل التركة قبل الارث كالدين ، هذه الروايات الخاصة حيث انها مخالفة للقاعدة لان مقتضى القاعدة عدم خروج حجة الاسلام من اصل التركة كما هو الحال في الصلاة والصيام ونحوهما فلا يمكن التعدي عن موردها الى سائر الموارد حتى الى الصلاة وهي اهم من الحج.
ولكن توجد طائفة اخرى من الروايات وهما صحيحة ابي بصير وصحية معاوية ابن عمار هما تنصان على ان حجة الاسلام تتقدم على سائر ديون الميت اذا كان ما تركه لا يكفي لجميع ديونه فتقدم حجة الاسلام وما بقي يوزع على سائر الديون وهذه الروايات ايضا لابد من الاخذ بهما ولا معارض لهما ، اذن ما هو المشهور بين الاصحاب منهم السيد الماتن من ان حجة الاسلام في عرض سائر الديون لا وجه له ولا دليل عليه الا دعوى الاجماع.
هذا ومن ناحية اخرى ان الديون اذا كانت في حال الحياة فاذا فرضنا ان ذمة زيد مشغولة بالدين والمظالم والزكاة والخمس وهو اتلف الاعيان الزكوية فانتقلت زكاتها الى ذمته او اتلف المال المتعلق للخمس فانتقل خمسه الى ذمته فتكون ذمته مشغولة به ففي مثل ذلك تقدم ان المكلف مخير بين ان يعطي الزكاة او الخمس او الدين او المظالم اذا لم يكفي ماله للجميع فان التوزيع غير متصور والتقسيم غير متصور فانه مضافا الى ان ما في الذمة امر اعتباري لا وجود له في الخارج ان ما في الذمة معين فان الزكاة بعنوانها في الذمة والخمس بعنوانه في ذمة الانسان وكذا الدين العرفي والظالم فالتوزيع لا يتصور فكل واحد منها معين ولا يمكن التوزيع والتقسيم بينها فان التوزيع انما يتصور في المال المشترك في الخارج واما اشتراك في الذمة غير متصور لان كل واحد بعنوانه الخاص وباسمه المخصوص ثابت في الذمة وليس مشتركا مع غيره.
ولكن الكلام في الميت اذا كان زيد مات فبعد موته هل تنتقل ما في ذمته من الديون الى تركه من الاموال في الخارج او لا تنتقل فيه قولان قول بالانتقال وقول بعدم الانتقال.
اما القائل بالانتقال فقد تمسك بأمرين:
الاول:- بالآية المباركة بان الآية تدل على ان الدين متعلق بالتركة فمن هذه الناحية لا تنتقل الى الورثة.
ولكن الظاهر ان الآية ليست في مقام البيان من هذه الناحية بل في مقام بيان ان انتقال التركة الى الورثة بعد الوصية وبعد الدين ، أما ان الدين الذي في الذمة ينتقل ويتعلق بالتركة فالآية لا تدل على ذلك ولا اشعار فيه فضلا عن الدلالة.
الثاني:- الروايات وهي:
الرواية الاولى:- صحيحة بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل خرج حاجا ومعه جمل له ونفقه وزاد فمات في الطريق ؟ قال : إن كان صرورة ثم مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجة الاسلام ، وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الاسلام ، فإن فضل من ذلك شيء فهو للورثة إن لم يكن عليه دين ، قلت : أرأيت إن كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق قبل أن يحرم ، لمن يكون جمله ونفقته وما معه ؟ قال : يكون جميع ما معه وما ترك للورثة ، إلا أن يكون عليه دين فيقضى عنه ، أو يكون أوصى بوصيّة فينفذ ذلك لمن أوصى له ، ويجعل ذلك من ثلثه).
ولكن هذه الصحيحة لا ترتبط بالمقام.
الرواية الثانية:- صحيحة اخرى لها ربط بالمقام وهي صحيحة أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنه سئل عن رجل كانت عنده مضاربة ووديعة وأموال أيتام وبضائع وعليه سلف لقوم فهلك وترك ألف درهم أو أكثر من ذلك ، والذي عليه ، للناس أكثر مما ترك ، فقال : يقسّم لهؤلاء الذين ذكرت كلهم على قدر حصصهم أموالهم).
فان هذا يدل على التوزيع اذا كانت الديون باقيا في ذمة الميت فهي غير قابلة للتوزيع فهذا دليل على ان الديون تنتقل من ذمة الميت وتتعلق بما تركه الميت من الاموال حتى يكون قابل للتقسيم والتوزيع والا اذا كانت الديون في ذمة الميت فهي غير قابلة للتوزيع والتقسيم فالوصي مخير حينئذ.
ولكن الظاهر ان هذه الرواية وان كانت تدل على التوزيع والتقسيم الا انها اجنبية عن المقام اذ يوجد فرق بين الديون في ذمة الحي والديون في ذمة الميت فان الديون اذا كانت في ذمة الحي فهي لا تمنع من تصرف المالك في امواله الخارجية ولو تصرف في جميع امواله فديونه لا تكون مانعة عن تصرف الا في المفلس فان منع المفلس عن التصرف في امواله شروط الاول ان يكون الدين ثابتا عند الحاكم الشرعي والثاني ان يكون وقت الديون وصل وحل الثالث ان يكون امواله قاصرة عن اداء جميع ديونه الرابع ان يطالب ارباب الديون من الحاكم الشرعي منع المالك من التصرف فاذا منع الحاكم الشرعي المالك من التصرف فلا يجوز تصرفه حينئذ وطالما لم يمنع الحاكم الشرعي المالك من التصرف فيجوز له تصرف ودينه في ذمته لا منعه من التصرف في تمام امواله فالمفلس ممنوع من التصرف بحكم الحاكم لا في نفسه ، اذن ليس المقام من هذا القبيل.
بل الديون اذا كانت في ذمة الميت لها علاقة بما تركه الميت لأنها تمنع من تصرف الوصي بما تركه اذا كان مساويا لديون الميت او كان قال اما اذا كان حيا فديونه لا تمنعه من التصرف في امواله اما اذا كان ميتا فديونه مانعة عن تصرف الوصي في ما تركه الميت اذا كان ما تركه بمقدار يدونه او اقل منها باعتبار ان لديونه علاقة بهذا المال لا ان ديونه متعلقة لهذا المال فالديون لم تنتقل من الذمة الى ما تركه الميت فهو بحاجة الى الدليل ، فاذا كان لديون الميت علاقة بما تركه الميت فحينئذ يصح تقسم ما تركه بين ديونه أي تقسيم هذا المال الموجود عند الميت فللوصي ان يوزع هذا المال على الديون فالتوزيع من هذه الناحية اذن التوزيع بالنسبة الى المال الخارجي واما الديون فهي باقية الى ذمة الميت والانتقال بحاجة الى دليل ولا دليل على ذلك.
ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): الثانية والثلاثون: الظاهر أنه لا مانع من إعطاء الزكاة للسائل بكفه ، وكذا في الفطرة، ومن منع من ذلك كالمجلسي في زاد المعاد في باب زكاة الفطرة لعل نظره إلى حرمة السؤال واشتراط العدالة في الفقير وإلا فلا دليل عليه بالخصوص بل قال المحقق القمي لم أر من استثناه فيما رأيته من كلمات العلماء سوى المجلسي في زاد المعاد، قال: ولعله سهو منه، وكأنه كان يريد الاحتياط فسها وذكره بعنوان الفتوى)[1] .
الظاهر ان المسالة اتفاقية ولا خلاف في المسالة الا ما نقل الخلاف عن العلامة المجلسي في كتابه زاد المعاد فهو منع من اعطاء الزكاة للسائل بكفه وهو اما من جهة ان السائل بكفه فعل محرم لأنه هتك نفسه وهتك نفسه محرم كهتك مؤمن اخر من جهة ذلك لا يجوز اعطاء الزكاة له ، ولكن هذا غير صحيح لانه لا دليل على ان السائل بكفه حرام مطلقا فقد يكون هتكا له وقد لا يكون كالمسكين لذا فسر المسكين بالسائل بكفه فانه لا دليل على حرمته.
مضافا الى انه لا يعتبر في دفع الزكاة العدالة في الفقير ، نعم اذا علم ان الفقير صرف الزكاة في المعصية فلا يجوز له اعطاء الزكاة له اما اذا علم انه صرف الزكاة في مؤونته ومؤونة عياله فلا مانع من ذلك ولا يعتبر عدالة الفقير ، بقي شيء نتكلم فيه ان شاء الله.