35/01/20


تحمیل
الموضوع: الصوم : ضروريات الدين
الدليل الثاني : على القول الثاني هو روايات الطائفة الثانية المتقدمة في القول الاول خصوصا صحيحة الكناني التي ورد في ذيلها (فما بال من جحد الفرائض كان كافرا) الدالة على ان من يجحد الفرائض يكون كافرا , وفي مقام الاستدلال بها اما ان نقول بأن مقتضى اطلاق هذه الرواية عدم الفرق بين ان يكون المنكر عالما بثبوت ما انكره في الشريعة او يكون جاهلا بذلك ( جهلا بسيطا او مركبا ) .
وبهذا تثبت السببية بأعتبار ان انكار الفرائض سبب مستقل للحكم بالكفر من دون ان يرجع الى انكار الرسالة ,واما ان نناقش في هذا القول ونقول ان هذا الروايات تختص بصورة العلم بأعتبار ان الفرائض معلومة للكل كوجوب الصلاة ووجوب الحج وغير ذلك.
نقول حتى مع العلم بإختصاص الروايات في صورة العلم بالثبوت فهي لا تكون دليلا على الامارية بل تكون دليلا على السببية لأن اختصاص هذه الروايات بصورة الثبوت لا يلازم الحكم بالكفر في جميع حالات العلم بالثبوت , لأن الانكار مع العلم بالثبوت له حالتان(لا يمكن ارجاع الانكار فيهما الى تكذيب الرسالة ) , الاولى حالة الكذب على الرسول والثانية حالة الغفلة عن الملازمة بين الانكار والتكذيب .
وبهذا يتم الاستدلال على انتفاء الامارية ولتتميم الاستدلال بهذه الروايات على السببية المقيدة في قبال السببية المطلقة نقول ان المذكور في الرواية هو (الفرائض ) , وهي ما حكم الله تعالى بها في كتابة الكريم .
وعليه فغاية ما يستفاد منها هو ان منكر الضروري اذا كان هذا الضروري من الفرائض يكون كافرا لا انه يحكم بكفر كل من ينكر الضروريات وان لم يكن من الفرائض.
حينئذ نقول انه من البعيد جدا ان شخصا ينكر الفرائض وهو يجهل انها من ضروريات الدين ,فالظاهر من الروايات هو اختصاصها بكون المنكر عالما بأن ما انكره من ضروريات الدين عند المسلمين , وليس في الرواية اطلاق لأثبات ما هو اوسع من ذلك وهذا يعني القول بالسببية المقيدة .
ولا مانع من شمول الرواية للجهل المركب كما لو افترضنا ان شخصا انكر وجوب الحج في زمان معين او في حق بعض المسلمين كما هو حال البعض الذين يعتقدون ان التكاليف مختصة بعوام الناس .
وعلية اذا كان مشمولا للرواية فهذا يعني ان الرواية تشمل حالة الامارية لأن انكار ذلك يمكن ارجاعه الى انكار الرسالة , ولكنها تختص بما هو معلوم عند عامة المسلمين وذلك بأعتبار ان ما انكره من الفرائض التي يعلم كل من له ادنى اطلاع بالإسلام ان هذا من ضروريات الدين.
وليس في الرواية اطلاق يشمل صورة الجهل البسيط وهذا معناه القول بالسببية المقيدة .
الدليل الثالث على القول الثاني
هو روايات الطائفة الرابعة المتقدمة في القول الاول , وهي روايات وردت في موارد خاصة , الحج , الصوم , شرب النبيذ .
وهذه الروايات حتى مع فرض اختصاصها بحالة العلم والثبوت فهي لا تدل على الامارية بل تدل على السببية , وبنفس البيان المتقدم , لأنه من جملة حالات العلم بالثبوت , هناك حالات لا يمكن ارجاعها الى تكذيب الرسالة , وبهذا تثبت السببية و تنتفي الامارية ومن ثم يأتي ما تقدم ايضا مما بينا في نفي السببية المطلقة واثبات السببية المقيدة بأعتبار ان شرب النبيذ ووجوب الصوم ووجوب الحج مما يعلم عادة انه من ضروريات الدين عند المسلمين فلو انكرها ولو لشبهة , فهذا الانكار مقرون بحالة العلم انه ضروري عند عامة المسلمين .
وبهذا يتم الاستدلال على القول بالسببية المقيدة.

القول الثالث
الامارية :- وهي تعني ان انكار الضروري لا يوجب الكفر الا على اساس الملازمة بين الانكار مع العلم بالثبوت وبين انكار الرسالة وتكذيب الرسول .
فالإنكار للضروري لا يوجب الكفر لأنه انكار للضروري فحسب بل لأنه يستلزم انكار احد الاصلين , ولهذا لو انكر الضروري من دون هذه الملازمة فأنه لا يؤدي الى الكفر كما لو انكره في حال الجهل البسيط او المركب ,فأنكار الضروري ليس له خصوصية وانما هو مجرد طريق لأنكار احد الاصلين ,وهو لا يكون كذلك الا في حالة العلم بالثبوت.
وعلى هذا القول لا يحكم بكفر من انكر الضروري لشبهة مع علمه بأنه ضروري عند عامة المسلمين الا انه يجهل الملازمة بين هذا الانكار وانكار الرسالة وهذا هو الفرق بين هذا القول والقول الثاني فالقول الثاني يحكم بكفره لأن المناط فيه هو كونه ضروريا عند عامة المسلمين وان لم يؤدي الى انكار الرسالة .
الادلة على القول الثالث
الاول:- قالوا يكفينا عدم قيام دليل على السببية ولا نحتاج الى اقامة دليل على الامارية , لأن ما ندعيه متفق عليه وهو ان انكار الرسالة يوجب الكفر ونحن لم ندع اكثر من ذلك , وهذا لا يحتاج الى اقامة دليل .
فإذا افترضنا عدم تمامية الادلة على السببية فلابد من القول بالامارية, ولكن هذا الدليل غير تام بأعتبار ان بعض الادلة على السببية المقيدة تامة , نعم الادلة على السببية المطلقة غير تامة , لكن هذا لا يكفي في تمامية هذا الدليل .