03-11-1434


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

34/11/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضـوع:- مسألة ( 385 ) / حج التمتع / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وأما كلامه الثاني:- - (( والذي قال فيه:- إن المناسب ما ذكرناه أي من كون الرواية الثالثة شاهد جمع لا ما ذكره الشيخ الطوسي(قده) من حمل صحيحة الحلبي الدالة على الاجزاء بعد النقد والشراء على الهدي المستحب أو على تعذر الرد - وهو تطبيق فكرة شاهد الجمع لا حمل صحيحة الحلبي على الاستحباب أو على تعذر الرد - )) - فيرد عليه:- أنه وجيه لو كانت الصحيحة الثانية - أعني صحيحة معاوية بن عمار - هي بالشكل الذي نقله هو(قده) والتي كانت تقول هكذا:- ( رجل يشتري هدياً فكان به عيب عور - أو غيره - ، فقال:- إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه وإن لم يكن نقد ثمنه ردّه واشترى غيره ) فإنه(قده) قال إن هذه الرواية تجعل المدار على نقد الثمن فاذا اتضح العيب بعد نقد الثمن فحينئذٍ يجزي ذلك الحيوان واذا اتضح قبل ذلك فلا يجزي فهي مطلقة من هذه الناحية ، أو بتعبيرٍ آخر إن الاجزاء مقيدٌ بنقد الثمن ومطلقة من ناحية كونه قبل الشراء أو بعده والرواية الأولى مطلقة أيضاً من ناحية كون تبيّن العيب قبل نقد الثمن أو بعده فتكون الثالثة شاهد جمع ويتم ما أفاده(قده) اذا كانت الرواية الثانية بالشكل الذي نقله.
 ولكن يوجد نقل آخر لها ذكره الشيخ الطوسي(قده) وهو كالتالي:- ( رجل يشتري هدياً فكان به عيب عور أو غيره ، فقال:- إن كان نقد ثمنه ردّه واشترى غيره ) إنه بناءً على هذا النقل سوف تكون هذه الرواية معارضة للرواية الثالثة فإن الثالثة تقول إن حصل التبيّن بعد نقد الثمن أجزأه وهذه تقول إنه حتى لو حصل التبيّن بعد نقد الثمن فلا يجزي فضلاً عما إذا تبيّن قبل نقد الثمن . إذن سوف تتحقق المعارضة بين هاتين الروايتين وحيث إن التعارض مستقرٌ فحينئذٍ سوف لا يمكن أن نطبق فكرة شاهد الجمع لأن شاهد الجمع هو الرواية الثالثة وقد فرض أنها معارضة فهي ساقطة عن الاعتبار ولا تصلح أن تكون شاهد جمع . نعم يمكن أن نحمل الرواية التي قالت بالاجزاء - يعني الرواية الثالثة - على الهدي المستحب كما فعل الشيخ الطوسي(قده) أو على حالة تعذر الرد فالشيخ إنما صنع هذا لأجل أن الرواية الثالثة بناءً على نقله لا تصلح أن تكون شاهد جمع باعتبار أنها معارضة بالرواية الثانية تعارضاً مستقراً وبذلك تعود الرواية الاولى - أعني صحيحة على بن جعفر - التي حكمت بالاجزاء بلا معارض ولذلك أفتى هو(قده) والمشهور بعدم الاجزاء فيمكن أن يكون المنشأ هو هذا - يعني صحيحة علي بن جعفر فإنها تدل على عدم الاجزاء وأما الرواية الدالة على الاجزاء أعني صحيحة عمران الحلبي وهي الثالثة فتلك في موردها معارضة بغيرها وموردها هو الحكم بالاجزاء حالة نقد الثمن وفي هذا المورد توجد رواية أعني صحيحة معاوية بن عمار على نقل الشيح تحكم بالاجزاء فتكون الرواية الثالثة ساقطة عن الصلاحية لشاهد الجمع وبذلك تحمل كما فعل الشيخ الطوسي على الهدي المستحب أو على تعذر الرد - . هذا ما يصلح أن يكون المنشأ لما ذكره الشيخ الطوسي(قده) أما أن نقل الشيخ الطوسي هل صحيح أو لا فهذه قضيّة أخرى.
 والذي نريد أن نقوله هو أن الشيخ الطوسي(قده) يوجد عنده نقلٌ آخر للرواية الثانية وبسببه لم يصر الى فكرة شاهد الجمع بل صار الى ما ذكره.
 وفي هذا المجال نلفت النظر الى أن هذه الرواية الثالثة هي في الأساس قد نقلها الشيخ الكليني(قده) ونقله كان بالشكل الذي أشرنا اليه أوّلاً وليس بالشكل الذي نقله الشيخ الطوسي(قده) ، بيد أن صاحب الوسائل(قده) في ذيل الحديث نقل الرواية نفسها - أي هذه الثانية - عن الكليني الذي هو الراوي الاصلي للرواية - بهذا الشكل الثاني - يعني مع حذف بعض الكلمات - وهذا مما يدل على أن الرواية التي نقلها الشيخ الكليني في الكافي هي مختلفة النسخة فتوجد نسخة فيها العبارة بالشكل الاول الذي نقلناه ونسخة أخرى عثر عليها الشيخ الطوسي والتي استند إليها فيثبت اختلاف النسخة ومع ثبوت اختلاف النسخة فحينئذ لا يكون النقل السابق الذي ذكرناه حجّة بل المناسب ما صار إليه الأكثر إذ تسقط الرواية الثالثة عن الحجيّة بسبب المعارضة بالرواية الثانية حسب النقل الثاني فلا تصلح أن تكون شاهدَ جمعٍ .
 وعلى هذا الأساس سوف تسقط الرواية الثالثة بالرواية الثانية حسب النقل الثاني وتعود الرواية الاولى الدالة على عدم الاجزاء بلا معارض ، وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها ، ومن الغريب أن السيد الخوئي(قده) لم يتعرض الى ذلك من قربٍ ولا من بعد ، ومن الغريب أيضاً أن صاحب الجواهر(قده) لم يشر الى هذا التفصيل من اختلاف النسخة بهذا الشكل وما يترتب عليه . وعلى أي حال هذا هو مستند رأي المشهور.
 وهو شيء وجيه ولكنّي أستدرك وأقول:- هذا كلّه وجيه إذا فرض أن التعارض كان بين الرواية الثانية حسب النقل الثاني - وأنا لا أريد أن أرجح نقل الشيخ الطوسي - وبين الرواية الثالثة فتعود الرواية الأولى بلا معارض وبذلك يتم ما ذهب اليه الأكثر.
 هذا ولكن يمكن أن يقال:- إن الرواية الثانية حتى لو أخذنا بنقلها الثاني فهي ليست معارضة للرواية الثالثة بنحو مستقر بل هناك جمعٌ عرفيٌّ وهو أن نقول إن الرواية الثالثة صريحة بالاجزاء إذ قالت هكذا:- ( من اشترى هدياً ولم يعلم أن به عيباً حتى نقد ثمنه ثم علم فقد تمّ ) إنها صريحة في الاجزاء ولا يوجد احتمال في المقصود غير الاجزاء فإن جملة ( فقد تم ) واضحة ونص في بالاجزاء بينما الرواية الثانية حسب نقل الشيخ الطوسي - أي حسب النقل الثاني - قالت هكذا:- ( إن كان نقد ثمنه ردّه واشترى غيره ) فأقصى ما هناك هو الأمر بالردّ وشراء الغير والأمر وإن كان ظاهراً في الوجوب ولكنه ليس صريحاً فيه بل أقصى ما هناك هو الظهور فالرواية الثانية ظاهرة في عدم الاجزاء بينما الثالثة صريحة في الاجزاء فتؤول الثانية - أي صحيحة معاوية - بالحمل على الاستحباب - أي يستحب الرد وشراء الغير - بينما صحيحة عمران الحلبي هي صريحة في الاجزاء فهذه الصراحة في الاجزاء تصير سبباً لحمل صحيحة معاوية حسب نقل الشيخ الطوسي على الاستحباب وبذلك عادت الرواية الثالثة بلا معارضٍ بعد فرض أن التعارض غير مستقر فتخصص آنذاك الرواية الأولى - أعني صحيحة على بن جعفر - بحالة عدم نقد الثمن فيحكم بعدم الاجزاء إن لم يكن نقد الثمن وبذلك تتم النتيجة التي انتهى إليها السيد الماتن في عبارة المتن.
 استدراك أقول:- نحن الى الآن انتهينا الى وجاهة ما انتهى اليه السيد الماتن(قده) - وهو الاجزاء - لأن الرواية الثالثة تخصّص الرواية الأولى وقلنا إن التعارض بين الثانية والثالثة غير مستقر ، ونستثني الآن ونقول:- صحيح أن الحكم هو الاجزاء لو تبيّن أن الهدي معيباً ولكن بعد الشراء والنقد ولكن شريطة أن لا يكون العيب هو الخصاء وأما اذا كان العيب هو الخصاء فلابد من تبديل الحيوان لروايةٍ خاصة تدل على ذلك وهي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج:- ( سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يشتري الهدي فلما ذبحه إذا هو خصيّ مجبوب ولم يكن يعلم أن الخصي لا يجزي في الهدي هل يجزيه أم يعيده ؟ قال:- لا يجزيه إلا أن يكون لا قوّة به عليه ) [1] ، وهذه الصحيحة كما ترى واردةٌ في موردٍ خاص فتخصِّص الرواية الثالثة التي دلت على الاجزاء بعد الشراء ونقد الثمن اذا تبين العيب - أي صحيحة عمران الحلبي - فنقول إلا الخصيّ فإنه لا يجزي لأجل هذه الصحيحة ، وكان من المناسب للسيد الخوئي(قده) الاشارة الى ذلك.
 والخلاصة من كل هذا:- إنه لو ظهر أن الهدي معيبٌ فحينئذٍ يجزئ إذا كان هذا التبيّن بعد الشراء ونقد الثمن إلا إذا كان العيب هو الخِصاء فإنه لا يُجزئ لأجل صحيحة بن الحجاج.


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج14، ص107، ب12 من ابواب الذبح، ح3، آل البيت.