37/11/23


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/11/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

الى هنا قد وصلنا الى هذه النتيجة وهي ان دوران الامر اذا كان بين الاقل والاكثر ، كما اذا علم اجمالا اما بوجوب الاقل او بوجوب الاكثر ، فان كان الاقل والاكثر استقلاليين فلا شبهة في انحلال العلم الاجمالي حقيقة الى علم تفصيلي بالاقل وشك بدوي وليس هنا علم اجمالي ، واما اذا كان الاقل والاكثر ارتباطيين فالانحلال الحقيق غير متصور والعلم الاجمالي ثابت وجدانا والانحلال انما يكون انحلالا حكميا أي بحكم الشارع هذا بالنسبة الى موضوع واحد او بالنسبة الى شخص واحد.

اما اذا كان دوران الامر بين الاقل والاكثر بالنسبة الى موضوعين او شخصين مالكين كما في المقام فان المكلف يعلم باشتغال ذمته بالخمس او الزكاة فالخمس ملك لجهة والزكاة ملك لجهة اخرى وهذا نظير ما اذا علم بانه مديون اما من زد واما من عمر وما نحن فيه كذلك ، فان كان هذا العلم الاجمالي بين المتساويين فلا شبهة في التنجيز كما اذا علم ان ذمته مشغولة بخمسين دينارا ولكن لا يدري بانه زكاة او خمس فان كان زكاة فهو ملك لطبيعي الفقراء العوام وان كان خمسا فهو ملك للإمام (عليه السلام) مع فقراء السادة.

واما اذا كان الاقل والاكثر غير متساويين كما اذا علم اجمالا بان ذمته مشغولة اما بخمسين دينار خمسا او بستين دينار زكاة او بالعكس ففي مثل ذلك هل ينحل هذا العلم الاجمالي او لا ينحل؟

الجواب:- لا شبهة في انه لا ينحل حقيقة فالانحلال الحقيقي غير موجود ، اما الانحلال الحكمي فهل ينحل هذا العلم الاجمالي حكما او لا ينحل حكما؟ والظاهر انه لا ينحل حكما ايضا ، فان الانحلال الحكمي مبني على استصحاب عدم اشتغال الذمة بالزيادة ، بل الذمة مشتغلة بالجامع بين خمسين دينار خمسا وخمسين دينارا زكاة فان اشتغال الذمة بالجامع معلوم والشك في اشتغال الذمة بالزيادة ولا مانع حينئذ من استصحاب عدم اشتغال ذمته بالزيادة ، فهل هذا الاستصحاب يجري او لا يجري؟

الجواب:- الظاهر ان هذا الاستصحاب لا يجري ، وذلك لان الزيادة جزء الخمسين ، فان الستين طرف للعلم الاجمالي بتمام اجزائه ، فاذا قسمنا الستين الى قسمين احدهما خمسين والاخر عشرة فكلاهما طرف واحد في قبال الطرف الاخر وهو الخمس وهو خمسين دينارا ، فالمكلف يعلم اجمالا ان ذمته اما مشغولة اما بخمسين دينارا خمسا او بخمسين دينارا زكاة وبعشرة دنانير زكاة ، فاصالة البراءة عن الخمس او استصحاب عدم اشتغال الذمة بالخمس معارض باستصحاب عدم اشتغال الذمة بالعشرة (الزكاة) كما انه[1] معارض باستصحاب عدم اشتغال الذمة بالخمسين (الزكاة) فلا فرق بينهما[2] من هذه الناحية ، ولا مانع من كون احد طرفي المعارضة اكثر من الطرف الاخر فقد يكون احد طرفي المعارضة اصلين او اكثر او دليلين او اكثر ويكون الطرف الاخر متمثل في اصل او دليل واحد.

اذن استصحاب عدم اشتغال الذمة بالزيادة معارض باستصحاب عدم اشتغال الذمة بخمسين دينارا خمسا ، اذن تسقط هذه الاصول المؤمنة من جهة المعارضة او ان هذه الاصول المؤمنة بنفسها لا تشمل اطراف العلم الاجمالي من جهة قصور المقتضي فان دليل هذه الاصول قاصر في نفسه عن شمول اطراف العلم الاجمالي.

واما على المشهور فأدلة الاصول المؤمنة تشمل اطراف العلم الاجمالي بإطلاقها ولكن الاصول تسقط من جهة المعارضة وعلى كلا التقديرين فهذه الاصول المؤمنة لا تجري.

ومع الاغماض فلا مانع من جريان هذا الاصل في بعض الفروض دون فرض آخر ، كما اذا كان المالك هاشميا والاكثر زكاة والاقل خمسا ، ففي هذه الصورة لا مانع من استصحاب عدم اشتغال ذمته بالزيادة وينفي وجوب دفع الزيادة الى الفقراء فانه لو لم يجري هذا الاصل وجب على المكلف دفع الزيادة الى الفقراء بعنوان الزكاة.

واما استصحاب عدم كون الاقل خمسا فهذا الاستصحاب لا يجري من جهة المعارضة فان استصحاب عدم اشتغال الذمة بالزكاة ينفي وجوب دفع الزيادة الى الفقير واستصحاب عدم كون الاقل خمسا ينفي وجوب دفع الخمس الى الفقير الهاشمي فحينئذ يلزم التعارض بين هذين الاصل وجريان كلا الاصلين يستلزم المخالفة القطعية العملية فمن جهة ذلك لا يجري هذا الاصل.

واما اذا كان الامر بالعكس بان يكون الاكثر خمسا والاقل زكاة فلا مانع من جريان استصحاب عدم اشتغال الذمة بالزيادة فانه لا معارض له ، واستصحاب عدم كون الاقل زكاة لا يجري في نفسه لأنه لا ينفي الحكم الالزامي ، اذ ليس في مورده حكم الزامي لان المالك وهو الهاشمي مخير بين ان يدفع زكاته الى الفقير الهاشمي او الى الفقير العامي وليس عليه حكم الزامي ، اذن لا مانع من استصحاب عدم اشتغال الذمة بالزيادة وهي الخمس.

واما اذا كان المالك عاميا فحينئذ يسقط هذا الاستصحاب من جهة المعارضة فان الاكثر اذا كان زكاة والاقل خمسا فاستصحاب عدم اشتغال الذمة بالزيادة وهي الزكاة ينفي وجوب دفعها الى الفقير العامي فانه اذا لم يجري هذا الاصل يجب على المالك دفعها الى الفقير العامي واستصحاب عدم كون الاقل خمسا فهذا الاستصحاب ينفي وجوب دفع الخمس الى الفقير الهاشمي فمن اجل ذلك تقع المعارضة بينهما وجريان كلا الاصلين يستلزم المخالفة القطعية العملية.

وكذا العكس اذا كان الاقل زكاة والاكثر خمسا فاستصحاب عدم اشتغال الذمة بالزيادة ينفي وجوب دفع الزيادة الى الفقير الهاشمي ولولا جريان هذا الاصل لكان الواجب على المكلف دفع الزيادة الى الفقير الهاشمي ، واستصحاب عدم كون الاقل خمسا ينفي وجوب دفع الزكاة الى الفقير العامي لأنه يجب على المالك اذا لم يكن هاشميا دفع زكاته الى الفقير العامي ولا يجوز له دفعها الى الفقير الهاشمي اذن يلزم من جريان كلا الاصلين المخالفة القطعية العملية.

والنتيجة ان هذا الاصل وهو استصحاب عدم اشتغال الذمة بالزيادة اذا جرى فهو يوجب انحلال هذا العلم الاجمالي حكما لا حقيقة واذا لم يجري فالعلم الاجمالي باق على حاله ولم ينحل.

بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.

 


[1] - أي استصحاب عدم اشتغال الذمة بالخمس.
[2] - أي بين الخمسين (الزكاة) والعشرة (الزكاة).