37/08/22


تحمیل

الموضوع:- خــتــام.

كان كلامنا في المرحلة الثالثة وهي ان الامر اذا دار بين الاقل والاكثر فهل ينحل العلم الاجمالي بوجوب الاقل تفصيلا والشك البدوي بالنسبة الى الاكثر او لا ينحل ذلك؟

اذن يقع الكلام في تطبيق ذلك على اصناف الزكاة فان اصناف الزكاة يمكن تقسيمها الى اربعة اصناف.

الصنف الاول:- زكاة الغلاة الاربعة فان زكاة كل جنس من جنسه ، فاذا علم المكلف بتعلق الزكاة اما بالحنطة او الشعير ، فزكاة الحنطة من جنس الحنطة وزكاة الشعير من جنس الشعير فهما جنسان ، وكذا الحال في زكاة التمر والعنب فهما جنسان.

الصنف الثاني:- زكاة النقدين ، وهما ايضا جنسان فزكاة الذهب من جنس الذهب وزكاة الفضة من جنسها.

الصنف الثالث:- وهو زكاة الغنم وزكاة البقر ، فان زكاة الغنم شاة في اربعين شاة وزكاة البقر تبيع او تبيعة فهما جنسان.

الصنف الرابع:- وهما زكاة الغنم وزكاة الابل فهما من جنس واحد فان زكاة خمسة من الابل شاة وزكاة اربعين شاة هو شاةٌ ايضا.

اما الصنف الاول من الزكاة وهو زكاة الغلات الاربعة , فلا شبهة في ان الاعيان اذا كانت موجودة والعلم الاجمالي تعلق بزكاة الحنطة وزكاة الشعير فهذا العلم الاجمالي يكون بين امرين متباينين فلا ينحل فلابد من العمل على طبقه.

نـعـم متعلق الزكاة غير متعلق الوجوب التكليفي , فان متعلق الحكم الوضعي وهو الزكاة هو نفس الاعيان الخارجية بنحو المشاع على ما اخترناه في زكاة الغلاة بمقتضى الروايات التي تنص على ذلك فان الروايات تدل على ان زكاة الحنطة عشر او نصف العشر وكذا الحال في زكاة الشعير والعنب والتمر فان كلمة العشر او نصف العشر ظاهرة في الشركة في الاعيان بنحو الاشاعة لا الشركة في المالية كما هو المشهور والمعروف ، فان ظاهر الروايات ان الفقير شريك مع المالك بنحو المشاع اي في العشر او نصف العشر.

واما متعلق الحكم التكليفي هو الجامع فان المكلف مخير بين اعطاء زكاة الحنطة من الحنطة او زكاة الحنطة من مال اخر فمتعلق الحكم التكليفي هو الحنطة وماليتها على كلا القولين في المسالة ـــ على المختار وعلى المشهور ـــ غاية الامر ان دائرة الجامع مضيقة على المختار ومتسعة على المشهور ، واحد طرفي العلم الاجمالي الحنطة وماليتها والطرف الاخر الشعير وماليته , اذن العلم الاجمالي تعلق بشيئين متباينين لان هذا الجامع مباين لذلك الجامع فلا يدور الامر بين الاقل والاكثر , هذا فيما اذا كانت الاعيان الزكوية موجودة في الخارج.

واما اذا كانت تالفة كما اذا تلفت حنطته وتلف شعيره بتقصير من المالك فيكون ضامنا وضمانه بالمثل فان الحنطة مثلي والشعير مثلي , اذن المالك يضمن مثل الزكاة وعلى هذا فيعلم المكلف بوجوب الجامع بين الحنطة وماليتها وبين الشعير وماليتها في الذمة فأيضا طرفي العلم الاجمالي امران متباينان فالعلم الاجمالي منجز وغير قابل للانحلال.

ومن هنا يظهر ان ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) من انه اذا قام المالك بإعطاء زكاة الحنطة قيمتها واعطاء زكاة الشعير قيمتها فحيث لا ميز بين القيميتين فأيضا امر القيمتين يدور بين الاقل والاكثر , فإنْ فرضنا ان قيمة زكاة الحنطة اكثر من قيمة زكاة الشعير كما لو كانت قيمة زكاة الحنطة عشرين دينارا مثلا وقيمة زكاة الشعير عشر دنانير فحينئذ يدور الامر بين الاقل والاكثر , اي هل الواجب عليه عشر دنانير او الواجب عليه عشرين دينارا؟ وحينئذ العلم الاجمالي ينحل الى علم تفصيلي بوجوب الاقل وشك بدوي في الزائد. هكذا ذكر الماتن (قدس الله نفسه) ولكن على اشكال.

ولكن ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) لا يمكن المساعدة عليه فان متعلق الزكاة التي هي حكم وضعي هو الاعيان الخارجية واما متعلق الوجوب الذي هو حكم تكليفي هو الجامع على المشهور ومنهم الماتن وعلى المختار فعلى كلا القولين ان متعلق الوجوب التكليفي هو الجامع بين الحنطة وماليتها وبين الشعير وماليته والعلم الاجمالي تعلق بشيئين متباينين ولا يكون قابلا للانحلال فالعلم الاجمالي يكون منجز وغير منحل.

وما ذكره (قدس الله نفسه) من اعطاء القيمة فهو غير صحيح فهو مبني على ان الواجب اولا هو دفع الحنطة من زكاة الحنطة واذا لم يتمكن من دفع الحنطة فالواجب عليه دفع القيمة اي دفع القيمة في مرتبة متأخرة. ولكن لا قائل بهذا القول لا المشهور ولا غير المشهور فان الواجب هو الجامع باعتبار ان المكلف مخير بين ان يدفع زكاة الحنطة من الحنطة او يدفع قيمتها من النقدين او غير النقدين على المشهور وعلى المختار من النقدين.

وذكرنا ان مرجع التخيير الى وجوب الجامع , فالجامع واجب والمكلف مخير بين فرديه او افراده ، وفي المقام متعلق الوجوب الجامع بين الحنطة وماليتها وبين الشعير وماليته ومتعلق العلم الاجمالي الجامع بين امرين متباينين فهو منجز ولا يكون منحلا , اذن ما ذكره (قدس الله نفسه) لا ينسجم مع مسلكه ايضا.

واما الصنف الثاني من الزكاة وهو زكاة النقدين فان زكاة الذهب متعلقة بالذهب وزكاة الفضة متعلقة بها والزكاة حكم وضعي ، واما الوجوب التكليفي فهو متعلق بالجامع بين الفضة وماليتها وبين الذهب وماليته على كلا القولين في المسالة , والعلم الاجمالي تعلق بالجامع والمكلف مخير بين افراده وهذا العلم الاجمالي لا يكون منحلا فلا يكون منجزا ويجب على المكلف الاحتياط.

ولا فرق بين ان يكون الذهب والفضة موجودين في الخارج او تالفين بتقصير من المالك.

واما الصنف الثالث من الزكاة وهو زكاة الغنم والبقر فان كانا موجودين في الخارج فالعلم الاجمالي تعلق بالجامع بين دفع الشاة او دفع تبيع او تبيعة وهذا العلم الاجمالي منجز فيجب عليه الجمع بينهما.

واما اذا كانا تالفين كما لو تلفت غنمه وتلفت بقره , وبما ان الغنم من القيمي والبقر من القيمي انتقلت قيمة زكاة الغنم الى ذمة المالك وقيمة زكاة البقر الى ذمة المالك وحيث لا تمييز بين القيمتين فبطبيعة الحال يدور الامر بين الاقل والاكثر , فان قيمة التبيع او التبيعة اكثر من قيمة الشاة , اذن يدور امر القيمة بين الاقل والاكثر فينحل العلم الاجمالي الى وجوب الاقل تفصيلا والى الشك البدوي في الاكثر.

واما في الصنف الرابع من الزكاة وهو زكاة الغنم والابل فالواجب عليه شاة واحدة سواء أكانا موجودين في الخارج ام كانا تالفين فعلى كلا التقديرين الواجب عليه شاة واحدة فلا يكون هنا علم اجمالي بل علم تفصيلي في المقام.

بقي هنا بعض الخصوصيات في المسالة نتكلم فيها ان شاء الله تعالى.