37/08/01
تحمیل
الموضوع:- خــتــام.
ذكرنا ان السيد الماتن (قدس الله نفسه) قد ذكر في صدر المسالة (إذا علم أن مورثه كان مكلفا بإخراج الزكاة وشك في أنه أداها أم لا))[1] .
وهذا المقطع يتضمن الصور الثلاثة التي ذكرناها ، فتارة يكون المال الزكويّ موجودا ، واخرى يكون تالفا ويكون التلف بتقصير من المالك ويكون ضامنا للبدل من المثل او القيمة والصورة الثالثة ان المال يكون تالفا ولكننا نشك في انه ضامن او ليس بضامن؟ اذا كان التلف بتفريط منه فهو ضامن والا فلم يضمن.
واما الماتن (قدس سره) في تفسير هذا المقطع قد ذكر ان تكليف الوارث بإخراج الزكاة من التركة يتوقف على تكليف الميت بالاخراج حيث قال (قدس الله نفسه): ففي وجوب إخراجه من تركته لاستصحاب بقاء تكليفه أو عدم وجوبه للشك في ثبوت التكليف بالنسبة إلى الوارث واستصحاب بقاء تكليف الميت لا ينفع في تكليف الوارث وجهان: أوجههما الثاني لأن تكليف الوارث بالإخراج فرع تكليف الميت حتى يتعلق الحق بتركته، وثبوته فرع شك الميت وإجرائه الاستصحاب لا شك الوارث، وحال الميت غير معلوم أنه متيقن بأحد الطرفين أو شاك)) [2] .
فاذا كان الميت مكلفا بالاخراج وشك في بقاء هذا التكليف فاستصحاب المورث يكون حجة على الوارث ايضا فان استصحاب بقاء التكليف وبقاء الزكاة في المال يوجب وجوب اخراج الزكاة من المال على الوارث ، اذن تكليف الوارث بإخراج الزكاة من التركة منوط بتكلف الميت به حتى يتحقق تعلق الحق بالتركة يعني تعلق الزكاة بالتركة وثبوت هذا الحق بالتركة منوط بشك الميت واجراءه الاستصحاب لا بشك الوراث ، والمفروض انا لا نعلم حال الميت فحال الميت غير معلوم لنا هل انه متيقن بأحد الطرفين او شاك.
ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): وفرق بين ما نحن فيه وما إذا علم نجاسة يد شخص أو ثوبه سابقا وهو نائم، ونشك في أنه طهرهما أم لا، حيث إن مقتضى الاستصحاب بقاء النجاسة مع أن حال النائم غير معلوم أنه شاك أو متيقن، إذ في هذا المثال لا حاجة إلى إثبات التكليف بالاجتناب بالنسبة إلى ذلك الشخص النائم، بل يقال: إن يده كانت نجسة والأصل بقاء نجاستها فيجب الاجتناب عنها، بخلاف المقام حيث إن وجوب الإخراج من التركة فرع ثبوت تكليف الميت واشتغال ذمته بالنسبة إليه من حيث هو)) [3] .
أي ان ما نحن فيه ليس من قبيل ما اذا علمنا بنجاسة يد شخص او ثوبه وهو نائم ، وشككنا في انه طهرهما ام لا؟ ففي مثل ذلك لا مانع من استصحاب بقاء نجاسة يده ونجاسة ثوبة ، فهذا الاستصحاب يجري ولا يتوقف على استصحاب النائم قبل نومه ، مع ان حال النائم مجهول وغير معلوم انه متيقن بأحد الطرفين او شاك ، اما في المقام فاذا لم يجري استصحاب بقاء الزكاة في المال او استصحاب بقاء التكليف بالاخراج من قبل المورث فلا يمكن اجراء هذا الاستصحاب من قبل الوراث.
واقول ان هذا الذي أفاده (قدس سره) لا يمكن المساعدة عليه فان الوراث اذا علم بتعلق الزكاة بمال المورث وعلم بان المورث مكلف بإخراج الزكاة وادائها لمستحقيها وشك في انه اداها او لا؟ فلا مانع من استصحاب بقاء الزكاة في المال ولا مانع من استصحاب بقاء وجوب اخراج الزكاة من التركة ، فان هذا الاستصحاب من الوراث يثبت ان الحق متعلق بالتركة ويثبت وجوب اخراجه على الورثة ولا يتوقف تكليف الوراث على تكليف الميت سواء علم ان الميت شاك ويجري الاستصحاب او لم يعلم بذلك ، فان الوراث عالم بتعلق الزكاة بالمال وان المورث مكلف بإخراج الزكاة وادائها وشاك في انه اداها او لا؟ هذا هو السبب للشك في بقاء الزكاة في التركة والشك في بقاء وجوب اخراجها من التركة ، فلا مانع من هذا الاستصحاب ، اذن لا فرق بين المثال الذي ذكره (قدس الله نفسه) وبين ما نحن فيه.
وكذا ان استصحاب بقاء الزكاة في التركة وبقاء وجوب اخراجها من التركة وادائها لمستحقيها هذا الاستصحاب محكوم بقاعدة اليد ، كما هو الحال في الفرع الثالث فان يد المورث على هذا المال ظاهر في ان يده على تمام المال وان تمام المال ملك له بقاعدة اليد ولا شريك له ، وحينئذ تنتقل التركة بتمامها الى الورثة فلا يجب على الورثة اخراج الزكاة من التركة فان قاعدة يد المورث على هذا المال تقتضي ان المال بتمامه ملك للمورث وليس شريكا في هذا المال احد وهذه التركة بتمامها تنتقل الى الورثة ، اذن لا يجب على الورثة اخراج الزكاة.
ولا فرق من هذه الناحية بين هذه المسالة والمسالة المتقدمة ، فكما ان في المسالة المتقدمة يد المالك تقتضي ان يده على تمام المال فكذلك في المقام يد المورث تقتضي انها على تمام المال وتمام المال ملك له وتمام المال ينتقل الى الورثة فلا يجب على الورثة شيء.
نعم هنا فرق بين هذه المسالة والمسالة المتقدمة ، ففي المسالة المتقدمة قد يحصل العلم الاجمالي للوراث ـــ اذا بلغ سهمه حد النصاب ـــ بان سهمه متعلق للزكاة اما قبل انتقاله اليه او بعد انتقاله اليه فهو يعلم اجمالا بذلك ونتيجة هذا العلم الاجمالي هو العلم التفصيلي بان سهمه متعلق للزكاة ولكن لا يدري ان منشأ تعلق الزكاة بسهمه هل تعلق الزكاة به قبل انتقاله اليه او تعلق الزكاة به بعد انتقال الزكاة اليه فعلى كلا التقديرين فسهمه اذا بلغ حد الزكاة فهو متعلق بالزكاة.
ولكن هذا الفرض لا يأتي في المقام لان الفرض ليس فرض الزكاة فان مال المورث قد انتقل اليه وهو يعلم بان الزكاة متعلقة بمال المورث لا انه شاك في ذلك ولكن الشك في ادائها واخراجها ولكن الكلام ان مقتضى الاستصحاب بقاء الزكاة في التركة ولكن بمقتضى قاعدة اليد ان التركة بتمامها تنتقل الى الورثة وليس فيه شريك ، اذن لا يجب على الورثة شيء فمن هذه الناحية هذه المسالة تختلف عن المسالة السابقة.
ودعوى ان يد المالك بالنسبة الى الزكاة مسبوقة بملك الغير فان يد المالك على هذا المال كانت مشترك بينه وبين الفقير والفقير شريك في هذا المال فيده على مال الفقير يد على مال الغير ، لكن بعد اداء الزكاة يشك في ان يده على هذا المال بتمامه او يده على مقدار منه ليس سببا للملك باعتبار ان يده مسبوقة بملك الغير وهو ملك الفقير وبعد الاداء يشك في ان يده عليه يد يد المالك او يده ليست يد المالك.
مدفوعة إذ لا اثر للشك فان قاعدة اليد حجة في تمام موارد الشك فكل شيء يشتريه الانسان لا شبهة انه مسبوق بملك الغير ، فكون يده مسبوقة بملك الغير لا اثر لهذا الشك بعدما يجري استصحاب بقاء ملك الغير ، وهذا الاستصحاب محكوم بقاعدة اليد فقاعدة اليد تكون حجة في موارد الشك لان ملك الانسان ليس ملكا ازليا وهو ملك حادث ، وما نحن فيه كذلك وان كان قبل الشك في اداء الزكاة يده على مال الغير وبعد الشك في اداء الزكاة واخراجها شكننا في انتقال هذا المقدار اليه وان يده عليه هل هي يد المالك او يده ليست يد المالك ؟ ومقتضى قاعدة اليد ان يده على هذا المقدار من العشر او نصف العشر يد المالك اذن لا وجه لهذه الدعوى.
بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.
ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): الخامسة: إذا علم أن مورثه كان مكلفا بإخراج الزكاة وشك في أنه أداها أم لا ففي وجوب إخراجه من تركته لاستصحاب بقاء تكليفه أو عدم وجوبه للشك في ثبوت التكليف بالنسبة إلى الوارث واستصحاب بقاء تكليف الميت لا ينفع في تكليف الوارث وجهان: أوجههما الثاني لأن تكليف الوارث بالإخراج فرع تكليف الميت حتى يتعلق الحق بتركته، وثبوته فرع شك الميت وإجرائه الاستصحاب لا شك الوارث، وحال الميت غير معلوم أنه متيقن بأحد الطرفين أو شاك، وفرق بين ما نحن فيه وما إذا علم نجاسة يد شخص أو ثوبه سابقا وهو نائم، ونشك في أنه طهرهما أم لا، حيث إن مقتضى الاستصحاب بقاء النجاسة مع أن حال النائم غير معلوم أنه شاك أو متيقن، إذ في هذا المثال لا حاجة إلى إثبات التكليف بالاجتناب بالنسبة إلى ذلك الشخص النائم، بل يقال: إن يده كانت نجسة والأصل بقاء نجاستها فيجب الاجتناب عنها، بخلاف المقام حيث إن وجوب الإخراج من التركة فرع ثبوت تكليف الميت واشتغال ذمته بالنسبة إليه من حيث هو، نعم لو كان المال الذي تعلق به الزكاة موجودا أمكن أن يقال: الأصل بقاء الزكاة فيه ، ففرق بين صورة الشك في تعلق الزكاة بذمته وعدمه والشك في أن هذا المال الذي كان فيه الزكاة أخرجت زكاته أم لا، هذا كله إذا كان الشك في مورد لو كان حيا وكان شاكا وجب عليه الإخراج، وأما إذا كان الشك بالنسبة إلى الاشتغال بزكاة السنة السابقة أو نحوها مما يجري فيه قاعدة التجاوز والمضي ، وحمل فعله على الصحة فلا إشكال وكذا الحال إذا علم اشتغاله بدين أو كفارة أو نذر أو خمس أو نحو ذلك))[4] .
وفي هذه المسالة يتصور صورا.
الصورة الاولى:- ما اذا كان المال المتعلق بالزكاة موجودا والشك في ان المورث اخرج زكاته واداها الى مستحقيها او لا؟
الصورة الثانية:- ان المال قد تلف بتقصير من المورث او اتلفه فهو ضامن للزكاة حينئذ وذمته مشغولة بالضمان اي ببدل الزكاة من المثل او القيمة ولكن الوراث شاك في انه ادى فرغ ذمته او لا؟
الصورة الثالثة:- اذا تلف مال المتعلق للزكاة ولكن يشك في ان المورث ضامن او ليس بضامن؟ فان كان التلف بتقصير منه فهو ضامن وان لم يكن بتقصير منه فليس بضامن لزكاته.
اما الصورة الاولى فلا مانع من استصحاب بقاء الزكاة في التركة ومقتضى هذا الاستصحاب وجوب اخراج الزكاة من التركة على الورثة او على الوصي ثم تقسيم التركة بين الورثة.
واما الصورة الثانية فلا مانع من استصحاب بقاء اشتغال ذمة الميت (المورث) بالدين فان بدل الزكاة دين في ذمة المورث ومقتضى هذا الاستصحاب هو اخراج الدين من اصل التركة فانه ثبت ان الميت مديون سواء كان ثبوته بالعلم الوجداني او بالامارة او بالاصل العملي فلا فرق ، فاذا ثبت انه مدين بالاستصحاب فيجب اخراج الديم من اصل التركة ثم تقسيم التركة بين الورثة فان الدين خارج من اصل التركة ولا ينتقل الى الورثة.
واما الصورة الثالثة ففي هذه الصورة لا مانع من التمسك بالاصول المؤمنة كاستصحاب عدم الضمان او اصالة البراءة عن الضمان اذن لا يجب على الوراث شيء فلا تكون التركة متعلقة بالزكاة ولا ذمة الميت مشغولة بالدين فتمام التركة تنتقل الى الورثة ويقسم بينهم.