37/06/23
تحمیل
الموضوع: نصاب الكنز
اما أصل اعتبار النصاب في الكنز ففي الجواهر: "ويعتبر في وجوب الخمس فيه النصاب بلا خلاف أجده فيه وإن أطلق بعض القدماء، بل في الخلاف والغنية والسرائر وظاهر التذكرة والمنتهى والمدارك الإجماع عليه"[1] .
ویشهد به صحيح البزنطي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): "سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز، فقال: ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس"[2] . ومرسل المقنعة: "سئل الرضا (عليه السلام) عن مقدار الكنز الذي يجب فيه الخمس، فقال: ما يجب فيه الزكاة من ذلك بعينه ففيه الخمس، وما لم يبلغ حد ما يجب فيه الزكاة فلا خمس فيه"[3] .
واما مقدار نصاب الكنز فقد عرفت قول المصنف هنا[4] انه عشرون دينارا وعن المنتهى والتذكرة والسرائر والمدارك الاجماع عليه، بينما الذي عن الخلاف: الإجماع على اعتبار النصاب الذي تجب فيه الزكاة. ـ ومن المعلوم ان نصاب الزكاة هو عشرون دينارا للذهب، ومائتا درهم للفضة ـ. وعن أمالي الصدوق: أن النصاب دينار واحد، ناسباً له إلى دين الإمامية. وعلق عليه في المستمسك قائلا: "ودليله غير ظاهر، كنسبته إلى الإمامية، إذ لم يعرف له موافق". غاية ما هناك ان صاحب الجواهر نسب الى الغنية ذلك ايضا مستدلا عليه بالإجماع لكن الموجود من عبارة الغنية مطابق لما في الخلاف من دعوى الإجماع على اعتبار بلوغ النصاب الذي تجب فيه الزكاة.
وكيف كان فالدليل على اعتبار النصاب هو صحيح البزنطي المتقدم وقد احتمل في "مثله" من قوله ع فيه: "ما يجب الزكاة في مثله ففيه الخمس" احتمالات ثلاث
الاول: ان يكون المراد بمثله سؤالا وجوابا المقدار.
الثاني: ان يراد بها الجنس.
الثالث: ان يراد بها كلاهما.
اختار السيد الخوئي الأخير قضاء "لإطلاق المماثلة الظاهرة في انها من جميع الجهات أي في الجنس والمقدار".
وفيه: ان من الظاهر ان الاولى لو اراد ذلك ان يقول: "ما يجب فيه الزكاة يجب فيه الخمس". على ان المثلية يجب ان تلاحظ فيه جهة مشتركة والجهة اما ان تكون عامة من جميع الجهات وهذا لا مجال للالتزام به، لان وجوب الزكاة مشروط بأمور لم تشترط في وجوب الكنز كالحول مثلا. واما ان تكون الجهة المشتركة خاصة وهي لا تكون الا الجنس او الكم ولا جهة مشتركة بينهما كي تلحظ عند التعبير بالمثل.
واما الثاني: فقد قالوا في تقريبه: ان السؤال في الصحيح عن الخمس ومن ثم جاء الجواب بان مثله مثل الزكاة فما وجب فيه الزكاة وجب فيه الخمس وحيث لم تجب الزكاة الا في النقدين فلا يجب الخمس في الركاز الا في النقدين.
فتكون الرواية بإطلاقها مقيدة لإطلاقات وجوب الخمس في الكنز فيختص وجوب الخمس في النقدين فقط.
ويمكن ان يستشكل عليهم بأن الصحيحة ظاهرة في المقدار لا في الجنس وذلك لقوله (ع) في الجواب: "ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخمس" ولو اراد الجنس لقال "ما تجب الزكاة فيه ففيه الخمس" فانه اوضح واخصر علما انه من كلام الامام المعصوم.
وقد يؤيد كون المراد المقدار ايضاً مرسلة المقنعة المتقدمة فإنها صريحة سؤالا وجوابا في المقدار فانظر قوله: "سئل الرضا (عليه السلام) عن مقدار الكنز ... فقال: ما يجب فيه الزكاة من ذلك بعينه ... وما لم يبلغ حد ما تجب فيه ...". تجد الحديث يدور حول المالية من قوله "مقدار" و"ذلك بعينه" و"يبلغ حد".
واحتمال ان يكون "بعينه" اشارة الى الجنس لا وجه له اصلا، لأن لازمه ان لا يكون جوابا للسؤال بل لا يناسب السؤال ولا تتمة الجواب فتأمل تعرف.
واستشكل على تأييد المرسل بانه اما ان تكون رواية اخرى غير رواية البزنطي او هي نفسها ينقلها المفيد بالمعنى.
وعلى الاول مضافا الى ضعف سندها فهي رواية اخرى لا ربط لها برواية البزنطي كي تقيدها، بل يعمل بهما كل بموردها.
وعلى الثاني ـ وهو المضنون ـ تكون بيانا لها بحسب اجتهاد المفيد وفهمه وهو ليس بحجة على غيره من المجتهدين.
لكن الانصاف ان فهمه وان لم يكن حجة على غيره الا انه لقربه من عصر صدور الرواية وكثرة مخالطته لكلامهم ع يقرب ان يكون ما يفهمه أقرب لمقاصدهم ع.
نعم قد ينافيه ذهاب الشيخ وابن ادريس الى الاختصاص بالنقدين.