37/06/17
تحمیل
الموضوع:- الولاية
للجائر - مسألة ( 36 ) – المكاسب المحرمة.
التنبيه الثاني:- ما هي حقيقة الاكراه ؟
ذكر الشيخ الأعظم(قده)[1]كلاماً يمكن أن نجزئه إلى عدّة أمور:-
الأمر الأوّل:- إنّ الإكراه يتحقق فيما إذا خاف الإنسان على نفسه إما بلحاظ القتل أو بلحاظ المال أو بلحاظ العرض، أو أن نفترض أنه خاف لا على نفسه بل خاف على بعض أقربائه وأرحامه ممن يهمه أمرهم كأخيه وأبيه وابنه، أما إذا فرض أنّ الخوف لم يكن بلحاظه نفساً أو مالا أو عرضاً ولا بلحاظ أرحامه الذين يهمه أمرهم وضررهم ضرره وإنما كان على بعض المؤمنين من الأجانب غير الأقرباء فهذا المورد لا يعدّ إكراهاً، والمدرك في ذلك هو الظهور العرفي، فإن العرف يفهم من الإكراه أحد هذين، ونصّ عبارته:- ( إنّ الإكراه يتحقق بالتوعّد بالضرر على ترك المكره عليه ضرراً متعلقاً بنفسه أو ماله أو عرضه أو بأهله ممن يكون ضرره راجعاً إلى تضرّره وتألمه وأما إذا لم يترتب على ترك المكره عليه إلا الضرر على بعض المؤمنين ممن يعدّ أجنبياً من المكره بالفتح فالظاهر أنه لا يعدّ ذلك إكراهاً عرفاً إذ لا خوف له يحمله على فعل ما أمر به ).
وفيه:- ربّ قريبٍ بعيد وربّ بعيدٍ قريب، فقد يفترض أنه أخي أو ابني ولكني لا أتألم لتألمه، وربّ صديقٍ أو جارٍ أتألم لتألمه، وإذا كنت أتألم لتألم الأجنبي فهل الاكراه سوف لا يتحقق ؟! كلا بل يتحقق الإكراه.
فجعل المدار على كون من يخاف على تضرّره من الأرحام لا نرى له وجهاً، بل المدار أن يكون تألم ذاك موجباً لتألمي وضرره موجباً لضرري وتألمي سواء فرض أنه كان من الأقارب أو من الأجانب، فنلغي عنصر كونه من الأرحام، بل المدار على ما أشرنا إليه، ومدركنا هو العرف، فإن الشيخ(قده) جعل المدار على أنّ تألم ذاك هو تألمي وهذا يتحقق بالصديق وإن لم يكن من الأقارب، فالمناسب إذن التوسعة حتى للأجانب إذا كان تألمهم موجباً لتألمي.
وهذا ليس نزاعاً في الموضوع، بل يترتب عليه أثر، وهو أنه إذا فرض أنّ السلطان قال لي إمّا أن تفعل هذه القضيّة المحرّمة أو أن أضرب أو أحبس فلان الأجنبي فأنا يجوز لي حينئذٍ أن أطبّق حديث الإكراه فأقول أنا مكره فيجوز لي أن أفعل هذه القضيّة المحرّمة، بينما على رأي الشيخ الأعظم(قده) لا يمكن تطبيق حديث نفي الإكراه لأنّ ذاك شخصٌ أجنبي.
الأمر الثاني:- إذا فرض أنّ خوف الضرر كان على شخصٍ أجنبي فقد ذكرنا أنه لا يصدق الإكراه عرفاً، ولكن نستدرك ونقول:- رغم أنه لا يصدق الإكراه ولكن رغم ذلك يجوز أن أقبل الولاية عن الجائر أو غيرها من الأمور التي أكرهني عليها من المحرّمات الإلهية - أما إذا كانت محرّمات ترتبط بحقوق الناس فهذا ما سوف يأتي في الأمر الثالث -، والمستند هو رواية الاحتجاج، فإنه ورد فيها عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أنه إذا عرض عليكم التبرؤ منّا فتبرأوا منّا لأجل دفع الضرر عن نفسك أو عن بعض المؤمنين، وحيث إنّ البراءة منهم عليهم السلام من أعظم المحرّمات فعلى هذا الأساس يجوز لي أن أقبل الولاية للجائر أو حضور احتفالهم أو ما شاكل ذلك في سبيل أن تنجي أحد المؤمنين الأجانب، ونصّ عبارته:- ( نعم لو خاف على بعض المؤمنين جاز له قبول الولاية المحرّمة بل غيرها من المحرّمات الالهية التي أعظمها التبرّي من أئمة الدين صلوات الله عليهم أجمعين لقيام الدليل على وجوب مراعاة المؤمنين وعدم تعريضهم للضرر مثل ما في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام " ولئن تبرأ منّا ساعة بلسانك وأنت موالٍ لنا بجنانك لتبقي على نفسك روحها التي بها قوامها ومالها الذي بها قيامها وجاهها الذي به تمسكها وتصون من عرف بذلك من أوليائنا وإخوانك فإنّ ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك وتنقطع به عن عملك في الدين وصلاح إخوانك المؤمنين " ).
وفيه:-
أوّلاً:- إنّ جواز البراءة لا يدل بالأولوية على ارتكاب باقي المحرّمات لما أشرنا إليه سابقاً من أنّ البراءة قضية ترتبط باللسان ولفترةٍ قصيرةٍ كدقيقةٍ أو دقيقتين، والرواية عبرت بلفظ ساعة حيث قالت ( ولئن تبرأ منّا ساعة بلسانك ) ، فهذه قضية في اللسان وأنت جنانك مستقرٌّ بالإيمان وتشعر بالأذية، وهذا ليس محرّماً بتلك الدرجة التي جعلها الشيخ(قده) من أعظم المحرّمات، نعم البراءة الحقيقة في القلب هي من أعظم المحرّمات أمّا البراءة على مستوى لقلقة اللسان فهي ليست من أعظم المحرّمات، فجوازها إذن لا يدل على جواز بقية المحرّمات بالأولويّة بحيث يجوز حضور احتفالاتهم أو ما شاكل ذلك، بل لا توجد أولوية، وهو شيء ظريف.
ثانياً:- إنّ ما أفاده لا يمكن أن يلتزم به في عرضه العريض، ونستبعد أن يلتزم به هو نفسه، فلو فرض أنّ السلطان الجائر قال لي إمّا أن تشرب الخمر أو أن أغرّم ذلك المؤمن مليون دينار مثلاً - والذي هو في زماننا مقدارٍ لا بأس به وليس بمقدار مليار دينار مليار - أو أن تزني بذات محرّم، فعلى رأيه يلزم جواز ذلك، وهل يلتزم هو نفسه بهذا ؟!! إنه لا يمكن لفقيهٍ أن يلتزم بهذا بعرضه العريض، فما أفاده شيءٌ يصعب الالتزام به بدائرته الوسيعة، فيكون مرفوضاً.
هذا كلّه لو تمّ سند الرواية، وهي كما ذكر(قده) مذكورة في الاحتجاج، وروايات الاحتجاج كما نعرف هي من المراسيل، كما أنّ ألفاظها ومضمونها ليس قوياً بتلك الدرجة حتى يشكّل عامل اطمئنانٍ بثبوت صدورها، وعليه يكون الأخذ بها شيء مشكل[2]- وهذه قضية مبنائية -، فما أفاده(قده) لا يمكن قبوله.
التنبيه الثاني:- ما هي حقيقة الاكراه ؟
ذكر الشيخ الأعظم(قده)[1]كلاماً يمكن أن نجزئه إلى عدّة أمور:-
الأمر الأوّل:- إنّ الإكراه يتحقق فيما إذا خاف الإنسان على نفسه إما بلحاظ القتل أو بلحاظ المال أو بلحاظ العرض، أو أن نفترض أنه خاف لا على نفسه بل خاف على بعض أقربائه وأرحامه ممن يهمه أمرهم كأخيه وأبيه وابنه، أما إذا فرض أنّ الخوف لم يكن بلحاظه نفساً أو مالا أو عرضاً ولا بلحاظ أرحامه الذين يهمه أمرهم وضررهم ضرره وإنما كان على بعض المؤمنين من الأجانب غير الأقرباء فهذا المورد لا يعدّ إكراهاً، والمدرك في ذلك هو الظهور العرفي، فإن العرف يفهم من الإكراه أحد هذين، ونصّ عبارته:- ( إنّ الإكراه يتحقق بالتوعّد بالضرر على ترك المكره عليه ضرراً متعلقاً بنفسه أو ماله أو عرضه أو بأهله ممن يكون ضرره راجعاً إلى تضرّره وتألمه وأما إذا لم يترتب على ترك المكره عليه إلا الضرر على بعض المؤمنين ممن يعدّ أجنبياً من المكره بالفتح فالظاهر أنه لا يعدّ ذلك إكراهاً عرفاً إذ لا خوف له يحمله على فعل ما أمر به ).
وفيه:- ربّ قريبٍ بعيد وربّ بعيدٍ قريب، فقد يفترض أنه أخي أو ابني ولكني لا أتألم لتألمه، وربّ صديقٍ أو جارٍ أتألم لتألمه، وإذا كنت أتألم لتألم الأجنبي فهل الاكراه سوف لا يتحقق ؟! كلا بل يتحقق الإكراه.
فجعل المدار على كون من يخاف على تضرّره من الأرحام لا نرى له وجهاً، بل المدار أن يكون تألم ذاك موجباً لتألمي وضرره موجباً لضرري وتألمي سواء فرض أنه كان من الأقارب أو من الأجانب، فنلغي عنصر كونه من الأرحام، بل المدار على ما أشرنا إليه، ومدركنا هو العرف، فإن الشيخ(قده) جعل المدار على أنّ تألم ذاك هو تألمي وهذا يتحقق بالصديق وإن لم يكن من الأقارب، فالمناسب إذن التوسعة حتى للأجانب إذا كان تألمهم موجباً لتألمي.
وهذا ليس نزاعاً في الموضوع، بل يترتب عليه أثر، وهو أنه إذا فرض أنّ السلطان قال لي إمّا أن تفعل هذه القضيّة المحرّمة أو أن أضرب أو أحبس فلان الأجنبي فأنا يجوز لي حينئذٍ أن أطبّق حديث الإكراه فأقول أنا مكره فيجوز لي أن أفعل هذه القضيّة المحرّمة، بينما على رأي الشيخ الأعظم(قده) لا يمكن تطبيق حديث نفي الإكراه لأنّ ذاك شخصٌ أجنبي.
الأمر الثاني:- إذا فرض أنّ خوف الضرر كان على شخصٍ أجنبي فقد ذكرنا أنه لا يصدق الإكراه عرفاً، ولكن نستدرك ونقول:- رغم أنه لا يصدق الإكراه ولكن رغم ذلك يجوز أن أقبل الولاية عن الجائر أو غيرها من الأمور التي أكرهني عليها من المحرّمات الإلهية - أما إذا كانت محرّمات ترتبط بحقوق الناس فهذا ما سوف يأتي في الأمر الثالث -، والمستند هو رواية الاحتجاج، فإنه ورد فيها عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أنه إذا عرض عليكم التبرؤ منّا فتبرأوا منّا لأجل دفع الضرر عن نفسك أو عن بعض المؤمنين، وحيث إنّ البراءة منهم عليهم السلام من أعظم المحرّمات فعلى هذا الأساس يجوز لي أن أقبل الولاية للجائر أو حضور احتفالهم أو ما شاكل ذلك في سبيل أن تنجي أحد المؤمنين الأجانب، ونصّ عبارته:- ( نعم لو خاف على بعض المؤمنين جاز له قبول الولاية المحرّمة بل غيرها من المحرّمات الالهية التي أعظمها التبرّي من أئمة الدين صلوات الله عليهم أجمعين لقيام الدليل على وجوب مراعاة المؤمنين وعدم تعريضهم للضرر مثل ما في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام " ولئن تبرأ منّا ساعة بلسانك وأنت موالٍ لنا بجنانك لتبقي على نفسك روحها التي بها قوامها ومالها الذي بها قيامها وجاهها الذي به تمسكها وتصون من عرف بذلك من أوليائنا وإخوانك فإنّ ذلك أفضل من أن تتعرض للهلاك وتنقطع به عن عملك في الدين وصلاح إخوانك المؤمنين " ).
وفيه:-
أوّلاً:- إنّ جواز البراءة لا يدل بالأولوية على ارتكاب باقي المحرّمات لما أشرنا إليه سابقاً من أنّ البراءة قضية ترتبط باللسان ولفترةٍ قصيرةٍ كدقيقةٍ أو دقيقتين، والرواية عبرت بلفظ ساعة حيث قالت ( ولئن تبرأ منّا ساعة بلسانك ) ، فهذه قضية في اللسان وأنت جنانك مستقرٌّ بالإيمان وتشعر بالأذية، وهذا ليس محرّماً بتلك الدرجة التي جعلها الشيخ(قده) من أعظم المحرّمات، نعم البراءة الحقيقة في القلب هي من أعظم المحرّمات أمّا البراءة على مستوى لقلقة اللسان فهي ليست من أعظم المحرّمات، فجوازها إذن لا يدل على جواز بقية المحرّمات بالأولويّة بحيث يجوز حضور احتفالاتهم أو ما شاكل ذلك، بل لا توجد أولوية، وهو شيء ظريف.
ثانياً:- إنّ ما أفاده لا يمكن أن يلتزم به في عرضه العريض، ونستبعد أن يلتزم به هو نفسه، فلو فرض أنّ السلطان الجائر قال لي إمّا أن تشرب الخمر أو أن أغرّم ذلك المؤمن مليون دينار مثلاً - والذي هو في زماننا مقدارٍ لا بأس به وليس بمقدار مليار دينار مليار - أو أن تزني بذات محرّم، فعلى رأيه يلزم جواز ذلك، وهل يلتزم هو نفسه بهذا ؟!! إنه لا يمكن لفقيهٍ أن يلتزم بهذا بعرضه العريض، فما أفاده شيءٌ يصعب الالتزام به بدائرته الوسيعة، فيكون مرفوضاً.
هذا كلّه لو تمّ سند الرواية، وهي كما ذكر(قده) مذكورة في الاحتجاج، وروايات الاحتجاج كما نعرف هي من المراسيل، كما أنّ ألفاظها ومضمونها ليس قوياً بتلك الدرجة حتى يشكّل عامل اطمئنانٍ بثبوت صدورها، وعليه يكون الأخذ بها شيء مشكل[2]- وهذه قضية مبنائية -، فما أفاده(قده) لا يمكن قبوله.
[2] وقد
أشرت أكثر من مرّة إلى أنّ الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب غيره في الرسائل، ففي
الرسائل تجد عنده سيراً أصولياً فالمدار عنده يكون على خبر الثقة أو على الخبر
الموثوق به - يعني يسير على الموازين الأصولية المتعارفة -، ولكن حينما يأتي إلى
الفقه تراه يأخذ بروايات الاحتجاج وغيره عملاً، وإذا أشكل عليه شخص أجاب بأنها
منجبرة بالشهرة - الفتوائية أو شهرة العمل على طبق الرواية -.