33/07/19
تحمیل
الموضوع: إيصال الغبار الغليظ الى الحلق
تكلّم صاحب العروة في الغبار الغليظ الذي يدخل الحلق وحكم بمفطريته استنادا الى رواية المروزي أو ان الحكم لم يُخالف فيه الى زمان الفيض الكاشاني
نحن وافقنا السيد صاحب العروة بأن وصول الغبار الغليظ الى الحلق يكون مفطرا لكن ليس استنادنا في ذلك الى رواية المروزي لأنها مضمرة فان الإضمار لم نتمكن من التغلب عليه
لذا فنقول ان القاعدة تقول اذا وصل الغبار الغليظ الذي أثرناه باختيارنا ففي الواقع نحن أوصلنا الغبار الغليظ الى الحلق وهو إيصال الجرم الى الحلق وهو مفطر
بعد هذه الفتوى من صاحب العروة وهو ان الغبار الغليظ مفطر فرّع على مفطرية الغبار الغليظ، فقال:
والأقوى الحاق البخار الغليظ ودخان التنباك ونحوه فالبخار الغليظ أيضا مفطر وهكذا دخان السكائر
فالبخار الغليظ حكمه حكم الغبار أي هو مفطر وشرب السكائر حكمه حكم الغبار الغليظ أيضا أي هو مفطر فالحلق بالغبار الغليظ الذي هو فتوى مطمئن اليها موردان
قال السيد الخوئي الأقوى عدم الحاق البخار الغليظ بالغبار الغليظ فخالف صاحب العروة فقال ان الغبار الغليط يختلف عن البخار الغليظ من ناحيتين وذلك
أولاً: لأن البخار الغليظ دخوله في أنفنا ليس اختياريا
ثانياً: اذا قلنا بمفطرية الغبار الغليظ فهو لأجل النص وأما البخار فلا نص في مفطريته
ثم يمكن دعوى السيرة المستقرة من المسلمين على دخول الحمام في نهار شهر رمضان وهم في الصيام فهذه السيرة تدل على عدم مفطرية البخار
ومثله دخان الحطب فان الصائم لايتحفظ منه فدخول دخان الطعام الى الأنف لايتحرز منه الصائم عادة وهو كاشف عن إمضاء الائمة (عليهم السلام) فانه من السيرة التي يسير عليها الناس
وأما بالنسبة لشرب السكائر والتنباك فلا يمكن الحاقهما بالغبار الغليظ فانه يوجد نص موثق على جواز دخول الدخان الى الانف
فقد ورد في موثقة عمرو بن سعيد الصائم يدخن العود فتدخل الدخنة في أنفه قال جائز لابأس ومعه فلايمكن الحاقه بالدخان الغليظ
لكن السيد الخوئي تراجع بالنسبة الى شرب السكائر والتنباك والترياك فيقول هذا عمل اختياري قد يقال باستقرار سيرة المتشرعة على التحرز عنه
ولكنه يقول لايعلم بإستقرار هذه السيرة الى زمان المعصوم (عليه السلام) فإنها من فتاوى العلماء ومعه فيجوز وان كان الإحتياط مما لاينبغي تركه
اذن ناقش السيد الخوئي صاحب العروة في كلا الفتويين وهما الحاق البخار الغليظ بالغبار الغليظ وكون السكائر مفطرة بل قال بانها ليست مفطرة
نحن هنا لابد ان نفرّق بين أقسام البخار وبين أقسام الاستنشاق للدخان
مثلا بالنسبة للسكائر والتباك فباعتباره عمل اختياري للمكلف كما لو استعمل السكائر فهو استنشاق للجرم وهو مبطل للصوم وهو مفطر
واما اذا دخل الدخان في أنفه بلا إختيار كما لو دخل المكان وكان فيه دخان سكائر فهو عمل غير اختياري ولايدخل الجرم الى الحلق فهنا هو غير مفطر
وكذا الكلام بالنسبة للبخار فان الذي يحصل في الشتاء لأجل الضباب فهو يدخل من دون اختيار ثم ان دخوله الى الجوف هو بصورة غير اختيارية فهذا ليس بمفطر
بينما لو رفع غطاء القدر الذي فيه ماء يغلي وقد استنشق البخار فهنا يتحول البخار في الحلق الى قطرات مائية بحيث انه سيرتوي فهو مبطل للصوم
بالنسبة الى دخول الحمام أيضا كذلك فهو ليس اختياريا ولايصل الى مرحلة القدر الذي يغلي ويستنشق منه
فنحن على القاعدة وهو متى ما وصل ماء الى الحلق من البخار وكان ذلك باختياره فهو مفطر والاّ فليس بمفطر
فلا يمكن الفتوى بعدم إفطار البخار مطلقا كما انه لايمكن الفتوى بعدم إفطار الدخان مطلقا كما انه لايمكن الفتوى بأن كل الدخان وكل البخار مفطر بل لابد من التفرقة بين الموارد بحسبها فمنها ماهو مفطر ومنها ماليس بمفطر
وقد فصّل الشيخ كاشف الغطاء في المقام فقال اذا صار السكائر قوت للإنسان فهي مفطرة وان لم تكن من القوت فهي غير مفطرة
وهذا التفصيل الذي ذكره صاحب كشف الغطاء لادليل عليه وذلك لأن هذا الدخان اما ان يكون جرم وكان اختياريا فهو مفطر سواء كانت قوتا أو لم يكن واما اذا لم يكن الدخان اختياريا ولايوجد جرما في الحلق فهو ليس بمفطر
فالصحيح هو التفصيل بين ما إذا كان شرب السكائر ودخان التنباك وشم البخار الغليظ بحيث يتكون جرم في الحلق فهو مفطر وبين ما اذا كان البخار ليس اختياريا ولايتكون جرم في الحلق فهو جائز وليس بمفطر
قال السيد الماتن ولابأس بما يدخل في الحلق غفلة أو نسيانا أو قهرا أو مع ترك التحفظ بظن عدم الوصول ونحو ذلك وهذا كلام صحيح
فأنه سيأتي ان العمد في حصول الإفطار هو المضر بالصوم وأما اذا كان العمل غير عمدي كما لو كان غفلة أو نسيانا فلو ظن عدم الوصول الى الحلق فوصل إتفاقا فلا يكون مفطرا
فلايفسد الصوم الاّ بتناول الطعام أو الشراب عمداً