32/10/22
تحمیل
الموضوع: مرض الايدز
جواب السؤال الاول: وهو ان المريض بمرض الايدز ماهو حكم عزله في مصحات خاصة؟
فقد يقال ان عزل المريض فيه نفع للمجتمع وللمريض نفسه وهذا النفع يجوّز للحكومة ان تعزله في مصحات خاصة وان لم يكن هذا العزل واجبا
لكن بناء على ماذكره المتخصصون من الاطباء من ان العدوى بمرض الايدز تنتقل بطرق ثلاثة، وهي:
الاولى: الاتصالات الجنسية
الثانية: الانتقال عن طريق الدم، إما باعطاء الدم او عن طريق الحقن بالابر بالنسبة للمخدرات
ومن حسن الحظ ان طريقة الانتقال عن طريق اعطاء الدم قلّت العدوى به لان الدم يفحص قبل اعطائه للاخرين، الاّ ان طريق الانتقال بالابر في استعمال المخدرات هو رائج
الثالثة: انتقال العدوى من الام الى جنينها في الرحم في الاشهر الاخيرة او حين الولادة
وعلى هذا فلا موجب للزوم عزل وحجر المريض بمصحات خاصة
وهذا العزل يختلف باختلاف وسيلة نقل العدوى
ففي مرض الملاريا يعني ابعاد المريض عن حالات لدغ البعوض له بان ينام تحت الناموسيّة
وفي الحمّى التيفوئيدية والكولرا يكون العزل بابعاد مفرزات المريض كالبراز وذالك بجعل المريض يتبرز في مرافق خاصة وغسل الايدي بعد التبرز فان هذا المرض ينتقل عن طريق الطعام والشراب
وفي الامراض التي تنتقل عدواها عن طريق التنفس كالتدرن والتهاب السحايا يكون العزل دون وصول المبرزات التنفسية من المريض الى السليم فينام في غرفة خاصة
فلاحاجة الى العزل في مكانات خاصة الاّ في حالات نادرة جدا اي عندما لا تتوفر اساسيات الصحة الشخصية في المنزل
اما في مرض الايدز فان انتقال المرض عن طريق الجنس وعن طريق انتقال الدم، فنقول للمريض ونوصيه بالتجنب عن هذه الامور
فما قالوه من انه لاحاجة الى حجره وانما يُنبّه الى هذه الامور فان هذا شيئ لايطبق من قبل غير المتدينين
وهل يحرم على المريض بالايدز عدوى الاخرين؟
نعم هنا اذا لم يتجنب المصاب طرق العدوى فانه معاقب لنصوص كثيرة دلت على حرمة الاضرار بالاخرين
والنصوص هي:
اولها: لاضرر ولاضرار في الاسلام بمعنى انه لايوجد حكم ضرري في الاسلام اي ان الاحكام التي ليست ضررية ترفع اذا اصبحت ضررية كالوضوء والصوم وغيرهما فالاحكام الشرعية التي هي بطبيعتها ليست ضررية فانها ترفع اذا صارت ضررية
ثم معنى الحديث انه لايجوز لاحد ان يضر غيره وهو معنى الضرار
فنقل العدوى للاخرين يكون محرما ومن يفعله فانه قد اقترف فعلا محرما
ثانيها: قال (صلى الله عليه واله) لايورد ممرض على مصح وهذا نهي ظاهره الحرمة
وفي بعض الروايات لاعدوى في الاسلام وهذا خلاف الحديث المتقدم
ولايوجد تعارض بين هاتين الروايتين فان الرواية التي تقول لاعدوى في الاسلام صادرة باعتبار ان العرب في الجاهلية كانت تعتقد ان المرض والعاهة تعدي بطبعها لا بفعل الله تعالى فجاء الحديث يردّ هذه المزاعم
واما حديث لايورد ممرض على مصح فانه ارشاد الى حكم عقلي ومعه فلايكون نهيا مولويا
ثالثها: قال (صلى الله عليه واله) الطاعون رجس او عذاب ارسل على بني اسرائيل أو على من قبلكم فاذا سمعتم به بارض فلاتقدموا عليه واذا وقع بارض وانتم فيها فلاتخرجوا فرارا منه فالنهي توجه الى ارض الطاعون
والروايات الواردة في مرض الطاعون والوباء وجواز خروج من كان في ارض الطاعون على اقسام ثلاثة:
الاولى: تقول لاتخرج من ارض الطاعون مطلقا
الثانية: تقول اخرج من ارض الطاعون مطلقا
الثالثة: تقول اخرج من ارض الطاعون اذا لم تكن في محل الاصابة ولاتخرج من ارض الطاعون اذا كنت في محل الاصابة
وهذا القسم الثالث المفصّل هو شاهد جمع بين القسمين الاوليين
فالرواية الموجودة عن علي بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن الوباء يقع في ارض هل يصلح للرجل ان يهرب منه؟ قال يهرب منه ما لم يقع في أهل مسجده فاذا وقع في اهل مسجده الذي يصلي فيه فلايصح الهرب منه فالروايات التي تقول فرّ اي اذا لم يقع في محلتك
وعن النبي (صلى الله عليه واله) فر من المجذوم كما تفر من الاسد فاذا اوجب الشارع الفرار من المجذوم فهل يجوّز للمجذوم ان يعدي الاخرين
فهنا منافرة بين الفرار من المجذوم وبين جواز العدوى
قد يقال ان الدليل الاول فقط فيه حرمة مولولية وهو لاضرر ولاضرار اما بقية الادلة التي سقناها فكلها ليست نواهي مولوية بل هي ارشادية الى ماينبغي ان يفعله الصحيح والمريض
والجواب نعم يحتمل ان تكون النواهي ارشادية كما يحتمل انها مولوية ولكن ما اتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا توجب ان يكون عند الشك في المولوية والارشادية انها مولوية وهنا يحتمل ان تكون ارشادية
وعند الشك في كون الامر مولوي او ارشادي فلابد من حمله على المولوي بدليل ما اتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا فلابد من التأكيد بكونها ارشادية والاّ فهي مولوية
مع انه اذا كانت ارشادية فيكفينا الدليل الاول وهو لاضرر ولاضرار
كما انه يكفينا حكم الحاكم الشرعي اذا لم تكن الادلة الزامية فان من صلاحيات الحاكم الشرعي ان يحرم على المريض بالايدز عدوى الاخرين فهو حكم ولائي حكومي وليس حكما شرعيا الى الأبد