34/11/16
تحمیل
الموضوع: يشترط في صحة الصوم المندوب أن لا يكون عليه صوم واجب
مسألة 3: يشترط في صحة الصوم المندوب مضافا إلى ما ذكر أن لا يكون عليه صوم واجب من قضاء أو نذر أو كفارة أو نحوها مع التمكن من أدائه فيشترط في صحة الصوم المندوب ان لايكون عليه صوم واحب، وهذه فتوى صاحب العروة
والدليل على هذه الفتوى النصوص الكثيرة الواردة في ان من عليه صوم القضاء لايصح منه الصوم المندوب
منها: صحيحة زرارة عن الامام الباقر (عليه السلام) قال سألته عن ركعتي الفجر .... أتريد ان تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع، اذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة
[1]
فان هذه الرواية تشير الى ان من عليه قضاء شهر رمضان فلايمكنه التطوع
ومنها: صحيحة الحلبي قال سألت الامام الصادق (عليه السلام) عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوع؟ قال لا حتى يقضي ماعليه من شهر رمضان
[2]
وكذا صحيحة أبي الصباح الكناني مثل صحيحة الحلبي من انه اذا كان عليه من شهر رمضان طائفة فلايتطوع
وهذه النصوص توضح المسألة من ان من كان عليه قضاء شهر رمضان فلايمكنه ان يصوم صوما مستحبا بخلاف الصلاة فيمكن صلاة النافلة مع وجود صلاة القضاء وهذا منصوص
أما لو كان على المكلف صوم باعتباره قد نذر الصوم أو كانت عليه كفارة فهل هنا يجوز الصيام المستحب؟
هنا قال السيد صاحب العروة حتى في هذه الصورة لايجوز الصوم المستحب وذلك لوجود روايات في كتاب من لايحضره الفقيه تقول بعدم الجواز عن الحلبي وعن أبي الصباح الكناني عن الامام الصادق (عليه السلام) لايجوز ان يتطوع الرجل بالصيام وعليه شيء من الفرض
[3]
وان الفرض يشمل غير قضاء شهر رمضان
نحن هنا نأخذ باطلاق ماهو موجود في من لايحضره الفقيه من عدم جواز التطوع بالصيام مع وجود الفرض عليه وهذا لاينافي تلك الروايات المتقدمة عن الحلبي وعن أبي الصباح الكناني فأن تلك الروايات لاتنافي الموجود في من لايحضره الفقيه
لكن عندما نرجع الى كتاب الشيخ الصدوق نرى ان الموجود فيه ليس نفس هذه العبارة وان هذه العبارة من الشيخ الصدوق روى هاتين الروايتين وعند الرجوع لكتاب الفقيه فلانرى الرواية بل نرى معنى الروايات، فعند الرجوع الى الفقيه نرى ان الشيخ يقول باب الرجل يتطوع بالصيام وعليه شيء من الفرض وقد وردت الأخبار والاثار عن الائمة (عليهم السلام) انه لايجوز ان يتطوع الرجل بالصيام وعليه شيء من الفرض وممن روى ذلك الحلبي وابو الصباح الكناني عن الامام الصادق (عليه السلام) لذا قالوا ان الشيخ الصدوق في الفقيه لعله نظر الى الروايتين التي لايجوز له التطوع مع كونه عليه قضاء شهر رمضان فنقلهما بالمعنى فجاء بكلمة الفرض بدلا عن قضاء شهر رمضان، وعليه فالفرع الثاني من انه يتطوع وعليه شيء من الفرض لايوجد فيه زائدة على ماذكرنا
ولكن هذا الكلام باطل فان الشيخ الصدوق وهو استاذ الرواة يصرح بعدم صحة الصوم المندوب عند وجود فرض ويقول قد وردت به الأخبار والآثار وفيه أدلة كثيرة ومن الأخبار رواية ابي الصلاح والحلبي
هذا مع ان طريق الصدوق الى الحلبي مغاير لطريق الكليني الى الحلبي في كل الرواة فعندما يقول الصدوق عن الحلبي فان السند قد اختلف مع سند الكليني فالرواية غير مارواها الكليني، فماذكره الصدوق مغاير مضمونا لماذكره الكليني ولامانع من الأخذ باطلاقه
مع ان الشيخ المفيد قال في المقنع إعلم أنه لايجوز أن يتطوع الرجل وعليه شيء من الفرض، كذلك وجدته في كل الاحاديث وهذا يؤكد ان ماذكره الصدوق ليس فهما خاصا واجتهاد منه بل هو مضمون الروايات الكثيرة
ثم ان الشيخ الصدوق لو كان ناظرا الى رواية الحلبي وابي الصباح الكناني فلماذا لم يذكر رواية زرارة الأولية فهذا يؤكد ان مارواه الصدوق غير مارواه الكليني، فيتم ماقاله صاحب العروة وهو المشهور فلايجوز التطوع وعليه فرض من القضاء
وفي قبال هذا القول يوجد قول معاكس يقول بجواز التطوع وعليه صوم نذر أو كفارة ودليلهم إطلاق استحبابات الصيام الذي يشمل من كان عليه واجب ومن لم يكن، كما انه يمكن قياس مانحن فيه من الصيام على الصلاة ففي الصلاة يجوز التطوع لمن عليه قضاء
فنقول أما القياس فهو باطل ولانقول به وقد وقف الائمة (عليهم السلام) من القياس موقفا حازما وهذا قول بالظن ولادليل على حجية هذا الظن الناشيء من القياس، وقد قيدت المطلقات بأنه لايصح ان يأتي بالتطوع وعليه شيء من الفرض فاذا ثبت عدم صحة التطوع مع وجود القضاء وثبت عدم صحة التطوع مع وجود الفرض فكلاهما مثبت ولاتنافي بينهما
وأما مع عدم التمكن منه كما إذا كان مسافرا وقلنا بجواز الصوم المندوب في السفر أو كان في المدينة وأراد صيام ثلاثة أيام للحاجة فالأقوى صحته فلو سافر الى المدينة وكان عليه قضاء فهل يتمكن ان يأتي بصوم ثلاثة أيام المستحبة مع انه عليه قضاء؟ قال المصنف الأقوى الصحة وهذا استثناء من عدم صحة صوم التطوع مع وجود القضاء حيث ان الحكم بعدم جواز إتيان الصوم المستحب مع وجود القضاء مختص بمن يمكنه إتيان القضاء أو الواجب أما من كان في المدينة فهو مسافر ولايمكنه الاتيان بالقضاء فيمكنه الإتيان بصوم ثلاثة أيام المستحبة، وان عدم التمكن من اتيان القضاء أو الواجب قد يكون اختياريا كما لو كان غير مقيما في البلد وتارة يكون غير اختياري كما لو كان نتيجة للحكم الشرعي كما لو كان عليه صوم شهرين متتابعين وكان في آخر شعبان مثلا
السيد الخوئي وصاحب العروة قالا هنا بجواز الاتيان بثلاثة ايام المستحبة لأنهم قيدوا الحكم الموجود في الروايات وهو مطلق قيدوه في صورة التمكن من اتيان الواجب او القضاء، بينما صاحب الجواهر قال بأنه لايمكنه الاتيان بصيام ثلاثة أيام لو كان عليه صوم قضاء
استدل السيد الخوئي على فتواه بالجواز بان المشهور والمعروف جواز الصوم ثلاثة أيام في المدينة ولوكان عليه قضاء بدليل انصراف أدلة المنع الى صورة خاصة وهو عدم الصيام التطوعي حتى يصوم القضاء والواجب فالأدلة المطلقة منصرفة الى صورة التمكن من اتيان القضاء أو النذر أو الكفارة فكأن الامام (عليه السلام) في مقام بيان قضية معروفة في الأذهان وهي قضية إرتكازية وهي أولوية الفريضة من النافلة عند المزاحمة
نحن هنا ننتصر لصاحب الجواهر من عدم جواز الاتيان بالصوم المستحب لمن عليه فرض أو قضاء فنقول ان هذه القضية الإرتكازية لو كانت في الصوم فلماذا هذه القضية الارتكازية غير موجودة في الصلاة
[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، الباب 28 من احكام شهر رمضان، الحديث الأول، طبع مؤسسة آل البيت عليهم السلام
[2] وسائل الشيعة، للحر العاملي، الباب 28 من احكام شهر رمضان، الحديث 5، طبع مؤسسة آل البيت عليهم السلام
[3] وسائل الشيعة، للحر العاملي، الباب 28 من احكام شهر رمضان، الحديث 2، طبع مؤسسة آل البيت عليهم السلام