37/05/11
تحمیل
الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد
ثانياً: عبارة عن روايات وهي عديدة منها:-
الرواية الاولى: موثقة اسحاق بن عمار (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : آكل في شهر رمضان بالليل حتى أشك ؟ قال : كل حتى لا تشك)[1] والرواية تامة سنداً, وقد استدل بها على جواز الاكل في حال الشك في طلوع الفجر _ محل الكلام_ بتقريب أن السائل يسأل عن جواز الاكل في الليل إلى حين الشك بمعنى أن هذا جواز الاكل الذي يحرزه في الليل هل ينتهي إلى حصول الشك؟ فأجابه الامام عليه السلام (قال : كل حتى لا تشك) أي يجوز لك الاكل وينتهي هذا الجواز بيقينك بطلوع الفجر, وبناءً على هذا التفسير تكون الرواية ظاهرة في جواز الاكل في حالة الشك, أي تدل على جواز الاكل في المقام.
ويؤيد هذا الفهم في السؤال رواية الصدوق المرسلة التي يظهر انها نقل لنفس الرواية وهي تصرح بالسؤال عن جواز الاكل في حالة الشك والرواية هي (وسأل رجل الصادق عليه السلام فقال : " آكل وأنا أشك في الفجر ؟ فقال : كل حتى لا تشك)[2]
وهذا الاستدلال بالموثقة يمكن التأمل فيه وذلك بأن نفسر الرواية تفسيراً آخر يجعلها أما اجنبية عن محل الكلام أو دالة على عكس المقصود أي على لزوم الامتناع عن الاكل في حالة الشك, وذلك بأن نفسرها بهذا الشكل نقول بأن السائل يسأل عن جواز الاكل إلى حين الشك في طلوع الفجر والامام عليه السلام كأنه ينهاه عن الاكل وان جواز الاكل ثابت ما دمت لا تشك بالمخالفة, لكنك اذا شككت بالمخالفة _وهذا الشك ينشأ بطبيعة الحال من الشك بطلوع الفجر وعدمه_ لا يجوز لك الاكل فقوله كل حتى لا تشك أي لا تشك بالمخالفة.
فالكلام في أن الرواية هل هي ظاهرة في المعنى الاول أو ظاهرة في المعنى الثاني, فالإمام عليه السلام لم يقل له (لا) بل قال كل حتى لا تشك , وهذا القول إما أن نفسره بأنه يجوز لك الاكل إلى أن تتيقن بطلوع الفجر والاستدلال مبني على هذا التفسير , وإما أن نفسره بأنك يجوز لك الاكل ما دمت لا تشك في مخالفة التكليف يعني يجوز لك الاكل ما دمت متيقناً بأن هذا ليل أما اذا شككت في أن الفجر طلع أو لا فلا يجوز لك الاكل فتكون دالة على عدم جواز الاكل, فإذا قلنا بأن هذا الاحتمال الثاني احتمال معتد به فأن الرواية تكون مجملة ولا يمكن الاستدلال بها في محل الكلام واذا قلنا بأن الاحتمال الاول هو الاظهر فأنه يمكن البناء على الاستدلال بها.
ولا يخفى أن التفسير الاول هو الاقرب وان التفسير الثاني خلاف ظاهر الرواية.
وظاهر الرواية أن (حتى) يراد بها (إلى أن) أي إلى أن كل حتى لا تشك تعني كل إلى أن لا تشك أي إلى أن تتيقن بطلوع الفجر.
ويؤيد ذلك _ان الرواية ظاهرة في الاحتمال الاول _مرسلة محمد بن مسعود العياشي في تفسيره عن سعد، عن أصحابه (عنهم عليهم السلام في رجل تسحر وهو يشك في الفجر، قال : لا بأس " كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر " وأرى أن يستظهر في رمضان ويتسحر قبل ذلك)[3]
فالظاهر أن (وأرى أن يستظهر..) للاستحباب لا لوجوب الاستظهار والاحتياط الذي لعله يلازم الامتناع عن الاكل في حالة الشك والقرينة على كونه للاستحباب قوله عليه السلام قبل ذلك (لا بأس) وحينئذ تكون الرواية دالة على جواز الاكل في حال الشك.
الرواية الثانية: موثقة سماعة بن مهران قال : سألته عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال أحدهما : هو ذا، وقال الآخر : ما أرى شيئا ؟ قال : فليأكل الذي لم يستبن له الفجر، وقد حرم على الذي زعم أنه رأى الفجر، إن الله عز وجل يقول : ( كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ) [4]
والاستدلال بالراوية بناءً على قوله (ما أرى شيئا) قد تفسر بأنه متيقن بعدم طلوع الفجر فيختص جواز الاكل حينئذ بصورة اليقين بعدم الطلوع فلا يصح الاستدلال بها على جواز الاكل في حالة الشك, لكن جواب الامام عليه السلام (فليأكل الذي لم يستبن له الفجر) يشمل الشاك فهو لم يستبن له الفجر ايضاً فجعل المناط على عدم تبين الفجر لا على اليقين بعدم طلوع الفجر, فجواب الامام عليه السلام واستشهاده بالآية الشريفة في ذيل الرواية يظهر منه أن المقصود من (ما أرى شيئا) لم اتبين طلوع الفجر وليس المقصود منه اليقين بعدم الطلوع حتى لا يصح الاستدلال بالرواية في محل الكلام.
الرواية الثالثة: صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الخيط الابيض من الخيط الاسود ؟ فقال : بياض النهار من سواد الليل، قال : وكان بلال يؤذن للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وابن ام مكتوم ـ وكان أعمى ـ يؤذن بليل، ويؤذن بلال حين يطلع الفجر، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله) : إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام والشراب فقد أصبحتم .)[5]
والاستدلال بها مبني على دعوى انها تدل على عدم الاعتناء باذان ابن أم مكتوم الذي لا يفيد الا الشك فيجوز الاكل عند سماع اذانه الذي يفيد الشك إذن يجوز الاكل في حالة الشك.
ويلاحظ على هذا الاستدلال طرح احتمال آخر وهو أن الرواية غير ناظرة إلى صورة الشك وإنما ناظرة إلى صورة القطع لبقاء الليل وعدم طلوع الفجر بأعتبار أن الرواية تقول أن ابن أم مكتوم يؤذن بليل, وهناك رواية تؤيد هذا الشيء وهي صحيحة زرارة (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : أذن ابن ام مكتوم لصلاة الغداة، ومر رجلبرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو يتسحر، فدعاه أن يأكل معه فقال : يا رسول الله، قد أذن المؤذن للفجر، فقال : إن هذا ابن ام مكتوم وهو يؤذن بليل، فاذا أذن بلال فعند ذلك فامسك)[6]
فالرواية واضحة في أن ابن أم مكتوم يؤذن بليل وان النبي صلى الله عليه واله كان يتسحر وحينئذ يمكن تفسير الرواية بحصول القطع بعدم دخول الليل إذن هي تدل على جواز الاكل في هذه الحالة أما حالة الشك فمن الصعب جداً الاستدلال بها على جواز الاكل فيه.
هذه هي الروايات التي يستدل بها على جواز الاكل في حالة الشك وقد ظهر تمامية بعضها سنداً ودلالةً.
وقد استدل بالآية الشريفة على جواز الاكل عند الشك بطلوع الفجر كما في المستمسك و السيد الخوئي (قد) وغيرهما وهل أن هذا الاستدلال تام أو لا؟؟
فالاستدلال بها هو أن يدعى بأن الآية ظاهرة في جواز الاكل قبل تبين الفجر فهي تقول (كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض.... ) والمراد بالخيط الابيض بياض الفجر من سواد الليل فإذا تميزا والتمييز يحصل بالفجر الصادق فلا يجوز لكم الاكل, ويجوز قبل التبين ومن الواضح أن هذا يشمل صورة الشك لأن الشاك لا يتبين طلوع الفجر.
وقد يقال بأن الآية ناظرة إلى مقام الثبوت وليس إلى مقام الشاك وانه يجوز له الاكل أو لا يجوز, فهي تريد أن تحدد بداية الصوم الواجب ونهايته, فيكون حالها حال سائر الادلة التي تدل على التوقيت من قبيل الروايات الواردة في صلاة الظهر والعصر من أن وقتهما يبدأ من الزوال إلى الغروب, فلا نفهم منها حكم الشك وإنما هي تتحدث عن مقام الثبوت وان الوقت الواقعي الذي يجب فيه اداء صلاة الظهر والعصر هو هذا الوقت المحدد بهذين الحدين.
وعليه لا نستفيد من الآية بيان حكم الشك لأنها غير ناظرة إليه والذي يؤيد هذا الفهم أن التبين في الآية _ الظاهر كما هو الحال في كل تعبير (تبين) يرد في نص أو ما يشبه كلمة التبين كالرؤية وامثالها _ يصرحون بأنه مأخوذ على نحو الطريقية وليس له موضوعية فليس الموضوع للحكم هو نفس التبين بما هو تبين بل هو طريق للواقع حاله حال العلم, وفرق بينهما فإذا قلنا بأنه مأخوذ على نحو الموضوعية بحيث له الموضوعية بقطع النظر عن الواقع فأن الاستدلال بالآية يكون تاماً ويكون كلامهم صحيحاً, فيكون جواز الاكل منتهياً بالتبين وحينئذ يكون الاكل جائزاً قبل التبين وقلنا أن هذا يشمل الشك, واذا قلنا بأن التبين مأخوذ بنحو الطريقية _ كما يقولون_ فهذا يعني لا خصوصية له وإنما هو طريق للواقع فكأنه يريد بقوله حتى يتبين الفجر حتى يطلع الفجر , والتبين مجرد طريق لأحراز الفجر, وكأنه قال أن الاكل والشرب يكون جائزاً ويجب على الصائم الامتناع من الاكل والشرب اذا طلع الفجر الى الليل فلا تكون الآية ناظرة إلى حكم الشاك.
هذا اذا بقينا نحن والآية لكن الروايات التي يمكن أن تفسر لنا الآية وقد تمنع من الاخذ بهذا الظهور وبالخصوص موثقة سماعة بن مهران (قال : سألته عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال أحدهما : هو ذا، وقال الآخر : ما أرى شيئا ؟ قال : فليأكل الذي لم يستبن له الفجر، وقد حرم على الذي زعم أنه رأى الفجر، إن الله عز وجل يقول : ( كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر )[7]
فقوله عليه السلام (إن الله عز وجل يقول : ( كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر )) يعد استدلالاً بالآية الشريفة وقد يقال أن هذه الرواية يظهر منها أن الآية ناظرة إلى حكم الشاك وتدل على جواز الاكل في حالة الشك, وذلك بأعتبار أن الاستدلال بالآية ظاهر في أن جواز الاكل وعدمه مرتبط بالتبين وعدمه, وقد صرح الامام عليه السلام أن من لم يتبين له طلوع الفجر يجوز له الاكل وان من تبين طلوعه لا يجوز له الاكل والسؤال هو أن جواز الاكل _ في جواب الامام عليه السلام_ لمن لم يتبين طلوع الفجر أما أن يكون حكماً واقعياً أو حكماً ظاهرياً , فإذا كان حكماً واقعياً يثبت أن التبين في كلام الامام عليه السلام يكون مـأخوذاً على نحو الموضوعية وحينئذ اذا كان كذلك يجوز الاكل قبل تحقق الموضوع (التبين) فيثبت جواز الاكل كحكم واقعي, واذا قلنا بأن الامام عليه السلام حكم بجواز الاكل حكماً ظاهرياً ولو كان ذلك استناداً إلى استصحاب بقاء الليل, فيثبت جواز الاكل لكن هذا جواز ظاهري لا واقعي وهو ينسجم مع كون التبين مأخوذ على نحو الطريقية_ والمناط على الفجر الواقعي_ لكن هذا شاك في طلوع الفجر فيكون حكمه الظاهري جواز الاكل, والامر لا يخلو من هذين الاحتمالين, وعلى كلا التقديرين استدل الامام عليه السلام بالآية الشريفة, وعلى التقدير الاول يثبت جواز الاكل كحكم واقعي وعلى التقدير الثاني نقول أن الامام عليه السلام حكم بجوازه ظاهراً واستدل بالآية فتكون دالة على جواز الاكل الذي حكم به الامام عليه السلام والا فلا معنى للاستدلال بها, ومن هنا يكون مقتضى هذه الرواية_ الصحيحة التامة سنداً التي استدل بها الامام عليه السلام على الحكم الذي ذكره _ أن الآية الشريفة فيها دلالة على جواز الاكل في حالة الشك نعم لو بقينا نحن والآية يأتي ما تقدم من الاشكال من عدم العلم انها ناظرة إلى حالة الشك والحكم بجواز الاكل فيه لكن بالاستعانة بهذه الرواية يمكن أن يدّعى ذلك في الآية الشريفة.
ثانياً: عبارة عن روايات وهي عديدة منها:-
الرواية الاولى: موثقة اسحاق بن عمار (قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : آكل في شهر رمضان بالليل حتى أشك ؟ قال : كل حتى لا تشك)[1] والرواية تامة سنداً, وقد استدل بها على جواز الاكل في حال الشك في طلوع الفجر _ محل الكلام_ بتقريب أن السائل يسأل عن جواز الاكل في الليل إلى حين الشك بمعنى أن هذا جواز الاكل الذي يحرزه في الليل هل ينتهي إلى حصول الشك؟ فأجابه الامام عليه السلام (قال : كل حتى لا تشك) أي يجوز لك الاكل وينتهي هذا الجواز بيقينك بطلوع الفجر, وبناءً على هذا التفسير تكون الرواية ظاهرة في جواز الاكل في حالة الشك, أي تدل على جواز الاكل في المقام.
ويؤيد هذا الفهم في السؤال رواية الصدوق المرسلة التي يظهر انها نقل لنفس الرواية وهي تصرح بالسؤال عن جواز الاكل في حالة الشك والرواية هي (وسأل رجل الصادق عليه السلام فقال : " آكل وأنا أشك في الفجر ؟ فقال : كل حتى لا تشك)[2]
وهذا الاستدلال بالموثقة يمكن التأمل فيه وذلك بأن نفسر الرواية تفسيراً آخر يجعلها أما اجنبية عن محل الكلام أو دالة على عكس المقصود أي على لزوم الامتناع عن الاكل في حالة الشك, وذلك بأن نفسرها بهذا الشكل نقول بأن السائل يسأل عن جواز الاكل إلى حين الشك في طلوع الفجر والامام عليه السلام كأنه ينهاه عن الاكل وان جواز الاكل ثابت ما دمت لا تشك بالمخالفة, لكنك اذا شككت بالمخالفة _وهذا الشك ينشأ بطبيعة الحال من الشك بطلوع الفجر وعدمه_ لا يجوز لك الاكل فقوله كل حتى لا تشك أي لا تشك بالمخالفة.
فالكلام في أن الرواية هل هي ظاهرة في المعنى الاول أو ظاهرة في المعنى الثاني, فالإمام عليه السلام لم يقل له (لا) بل قال كل حتى لا تشك , وهذا القول إما أن نفسره بأنه يجوز لك الاكل إلى أن تتيقن بطلوع الفجر والاستدلال مبني على هذا التفسير , وإما أن نفسره بأنك يجوز لك الاكل ما دمت لا تشك في مخالفة التكليف يعني يجوز لك الاكل ما دمت متيقناً بأن هذا ليل أما اذا شككت في أن الفجر طلع أو لا فلا يجوز لك الاكل فتكون دالة على عدم جواز الاكل, فإذا قلنا بأن هذا الاحتمال الثاني احتمال معتد به فأن الرواية تكون مجملة ولا يمكن الاستدلال بها في محل الكلام واذا قلنا بأن الاحتمال الاول هو الاظهر فأنه يمكن البناء على الاستدلال بها.
ولا يخفى أن التفسير الاول هو الاقرب وان التفسير الثاني خلاف ظاهر الرواية.
وظاهر الرواية أن (حتى) يراد بها (إلى أن) أي إلى أن كل حتى لا تشك تعني كل إلى أن لا تشك أي إلى أن تتيقن بطلوع الفجر.
ويؤيد ذلك _ان الرواية ظاهرة في الاحتمال الاول _مرسلة محمد بن مسعود العياشي في تفسيره عن سعد، عن أصحابه (عنهم عليهم السلام في رجل تسحر وهو يشك في الفجر، قال : لا بأس " كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر " وأرى أن يستظهر في رمضان ويتسحر قبل ذلك)[3]
فالظاهر أن (وأرى أن يستظهر..) للاستحباب لا لوجوب الاستظهار والاحتياط الذي لعله يلازم الامتناع عن الاكل في حالة الشك والقرينة على كونه للاستحباب قوله عليه السلام قبل ذلك (لا بأس) وحينئذ تكون الرواية دالة على جواز الاكل في حال الشك.
الرواية الثانية: موثقة سماعة بن مهران قال : سألته عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال أحدهما : هو ذا، وقال الآخر : ما أرى شيئا ؟ قال : فليأكل الذي لم يستبن له الفجر، وقد حرم على الذي زعم أنه رأى الفجر، إن الله عز وجل يقول : ( كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ) [4]
والاستدلال بالراوية بناءً على قوله (ما أرى شيئا) قد تفسر بأنه متيقن بعدم طلوع الفجر فيختص جواز الاكل حينئذ بصورة اليقين بعدم الطلوع فلا يصح الاستدلال بها على جواز الاكل في حالة الشك, لكن جواب الامام عليه السلام (فليأكل الذي لم يستبن له الفجر) يشمل الشاك فهو لم يستبن له الفجر ايضاً فجعل المناط على عدم تبين الفجر لا على اليقين بعدم طلوع الفجر, فجواب الامام عليه السلام واستشهاده بالآية الشريفة في ذيل الرواية يظهر منه أن المقصود من (ما أرى شيئا) لم اتبين طلوع الفجر وليس المقصود منه اليقين بعدم الطلوع حتى لا يصح الاستدلال بالرواية في محل الكلام.
الرواية الثالثة: صحيحة الحلبي قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الخيط الابيض من الخيط الاسود ؟ فقال : بياض النهار من سواد الليل، قال : وكان بلال يؤذن للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وابن ام مكتوم ـ وكان أعمى ـ يؤذن بليل، ويؤذن بلال حين يطلع الفجر، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله) : إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام والشراب فقد أصبحتم .)[5]
والاستدلال بها مبني على دعوى انها تدل على عدم الاعتناء باذان ابن أم مكتوم الذي لا يفيد الا الشك فيجوز الاكل عند سماع اذانه الذي يفيد الشك إذن يجوز الاكل في حالة الشك.
ويلاحظ على هذا الاستدلال طرح احتمال آخر وهو أن الرواية غير ناظرة إلى صورة الشك وإنما ناظرة إلى صورة القطع لبقاء الليل وعدم طلوع الفجر بأعتبار أن الرواية تقول أن ابن أم مكتوم يؤذن بليل, وهناك رواية تؤيد هذا الشيء وهي صحيحة زرارة (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : أذن ابن ام مكتوم لصلاة الغداة، ومر رجلبرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو يتسحر، فدعاه أن يأكل معه فقال : يا رسول الله، قد أذن المؤذن للفجر، فقال : إن هذا ابن ام مكتوم وهو يؤذن بليل، فاذا أذن بلال فعند ذلك فامسك)[6]
فالرواية واضحة في أن ابن أم مكتوم يؤذن بليل وان النبي صلى الله عليه واله كان يتسحر وحينئذ يمكن تفسير الرواية بحصول القطع بعدم دخول الليل إذن هي تدل على جواز الاكل في هذه الحالة أما حالة الشك فمن الصعب جداً الاستدلال بها على جواز الاكل فيه.
هذه هي الروايات التي يستدل بها على جواز الاكل في حالة الشك وقد ظهر تمامية بعضها سنداً ودلالةً.
وقد استدل بالآية الشريفة على جواز الاكل عند الشك بطلوع الفجر كما في المستمسك و السيد الخوئي (قد) وغيرهما وهل أن هذا الاستدلال تام أو لا؟؟
فالاستدلال بها هو أن يدعى بأن الآية ظاهرة في جواز الاكل قبل تبين الفجر فهي تقول (كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض.... ) والمراد بالخيط الابيض بياض الفجر من سواد الليل فإذا تميزا والتمييز يحصل بالفجر الصادق فلا يجوز لكم الاكل, ويجوز قبل التبين ومن الواضح أن هذا يشمل صورة الشك لأن الشاك لا يتبين طلوع الفجر.
وقد يقال بأن الآية ناظرة إلى مقام الثبوت وليس إلى مقام الشاك وانه يجوز له الاكل أو لا يجوز, فهي تريد أن تحدد بداية الصوم الواجب ونهايته, فيكون حالها حال سائر الادلة التي تدل على التوقيت من قبيل الروايات الواردة في صلاة الظهر والعصر من أن وقتهما يبدأ من الزوال إلى الغروب, فلا نفهم منها حكم الشك وإنما هي تتحدث عن مقام الثبوت وان الوقت الواقعي الذي يجب فيه اداء صلاة الظهر والعصر هو هذا الوقت المحدد بهذين الحدين.
وعليه لا نستفيد من الآية بيان حكم الشك لأنها غير ناظرة إليه والذي يؤيد هذا الفهم أن التبين في الآية _ الظاهر كما هو الحال في كل تعبير (تبين) يرد في نص أو ما يشبه كلمة التبين كالرؤية وامثالها _ يصرحون بأنه مأخوذ على نحو الطريقية وليس له موضوعية فليس الموضوع للحكم هو نفس التبين بما هو تبين بل هو طريق للواقع حاله حال العلم, وفرق بينهما فإذا قلنا بأنه مأخوذ على نحو الموضوعية بحيث له الموضوعية بقطع النظر عن الواقع فأن الاستدلال بالآية يكون تاماً ويكون كلامهم صحيحاً, فيكون جواز الاكل منتهياً بالتبين وحينئذ يكون الاكل جائزاً قبل التبين وقلنا أن هذا يشمل الشك, واذا قلنا بأن التبين مأخوذ بنحو الطريقية _ كما يقولون_ فهذا يعني لا خصوصية له وإنما هو طريق للواقع فكأنه يريد بقوله حتى يتبين الفجر حتى يطلع الفجر , والتبين مجرد طريق لأحراز الفجر, وكأنه قال أن الاكل والشرب يكون جائزاً ويجب على الصائم الامتناع من الاكل والشرب اذا طلع الفجر الى الليل فلا تكون الآية ناظرة إلى حكم الشاك.
هذا اذا بقينا نحن والآية لكن الروايات التي يمكن أن تفسر لنا الآية وقد تمنع من الاخذ بهذا الظهور وبالخصوص موثقة سماعة بن مهران (قال : سألته عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال أحدهما : هو ذا، وقال الآخر : ما أرى شيئا ؟ قال : فليأكل الذي لم يستبن له الفجر، وقد حرم على الذي زعم أنه رأى الفجر، إن الله عز وجل يقول : ( كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر )[7]
فقوله عليه السلام (إن الله عز وجل يقول : ( كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر )) يعد استدلالاً بالآية الشريفة وقد يقال أن هذه الرواية يظهر منها أن الآية ناظرة إلى حكم الشاك وتدل على جواز الاكل في حالة الشك, وذلك بأعتبار أن الاستدلال بالآية ظاهر في أن جواز الاكل وعدمه مرتبط بالتبين وعدمه, وقد صرح الامام عليه السلام أن من لم يتبين له طلوع الفجر يجوز له الاكل وان من تبين طلوعه لا يجوز له الاكل والسؤال هو أن جواز الاكل _ في جواب الامام عليه السلام_ لمن لم يتبين طلوع الفجر أما أن يكون حكماً واقعياً أو حكماً ظاهرياً , فإذا كان حكماً واقعياً يثبت أن التبين في كلام الامام عليه السلام يكون مـأخوذاً على نحو الموضوعية وحينئذ اذا كان كذلك يجوز الاكل قبل تحقق الموضوع (التبين) فيثبت جواز الاكل كحكم واقعي, واذا قلنا بأن الامام عليه السلام حكم بجواز الاكل حكماً ظاهرياً ولو كان ذلك استناداً إلى استصحاب بقاء الليل, فيثبت جواز الاكل لكن هذا جواز ظاهري لا واقعي وهو ينسجم مع كون التبين مأخوذ على نحو الطريقية_ والمناط على الفجر الواقعي_ لكن هذا شاك في طلوع الفجر فيكون حكمه الظاهري جواز الاكل, والامر لا يخلو من هذين الاحتمالين, وعلى كلا التقديرين استدل الامام عليه السلام بالآية الشريفة, وعلى التقدير الاول يثبت جواز الاكل كحكم واقعي وعلى التقدير الثاني نقول أن الامام عليه السلام حكم بجوازه ظاهراً واستدل بالآية فتكون دالة على جواز الاكل الذي حكم به الامام عليه السلام والا فلا معنى للاستدلال بها, ومن هنا يكون مقتضى هذه الرواية_ الصحيحة التامة سنداً التي استدل بها الامام عليه السلام على الحكم الذي ذكره _ أن الآية الشريفة فيها دلالة على جواز الاكل في حالة الشك نعم لو بقينا نحن والآية يأتي ما تقدم من الاشكال من عدم العلم انها ناظرة إلى حالة الشك والحكم بجواز الاكل فيه لكن بالاستعانة بهذه الرواية يمكن أن يدّعى ذلك في الآية الشريفة.