37/04/26
تحمیل
الموضوع:- إمكان الشرط المتأخر - مقدمة الواجب.
إن قلت:- نحن نكرر السؤال من جديد ونقول:- إن هذا الشيء المتأخر هل له مدخلية في ذلك الشيء المتقدم ويتوقف ذلك المتقدم عليه أو أنه ليست له مدخلية فيه ؟
فإن لم تكن له مدخلية فهذا معناه أنه ليس بشرط ونحن كلامنا في الشرط المتأخر للأمر المتقدم فإذا لم يكن لهذا المتأخر مدخلية في الشيء المتقدم فهذا معناه أن هذا الشيء المتأخر ليس شرطاً لذلك الشيء الأمر المتقدم فإن هذا خلف الفرض، فلابد إذن أن نختار الشق الآخر فنقول له إذا كانت لهذا الشيء المتأخر مدخلية في ذلك الشيء المتقدم عاد الإشكال من جديد إذ كيف يتحقق الشيء المتقدم في ظرفه والحال هو متوقف على الأمر المتأخر ؟!! إن هذا ليس بممكن.
قلت:- نحن نختار أن لهذا الأمر المتأخر مدخلية ولكن قلنا إن ذلك الشيء المتقدم قد تحقق ووجد وبعد وجوده كيف يتوقف على الأمر المتأخر ؟! إن هذا شيء غير متصور، ونحن نقول:- إن هذا الذي تحقق هل هو تحقق خارجي - أي هل تحقق شيء في الخارج - فإذا فرض أنه تحقق شيء في الخارج فنعم كيف يتحقق الشيء في الخارج وهو موقوف على أمر متأخر - فيرد الإشكال -، أما إذا قلنا إن تحققه بمعنى تحقق الاعتبار - مجرد الاعتبار - ولا يوجد في عالم الخارج شيء يمكن ملاحظته فلا محذور في أن يكون الاعتبار متوقفاً على أمر متأخر فإن الاعتبار شيء سهل المؤونة.
هذا كله بلحاظ عالم الفعلية.
وأما بلحاظ عالم الملاك:- فقد يشكل ويقال إن الملاك أمر حقيقي فلا يمكن أن يتوقف على أمر متأخر.
وفي الجواب نقول:- نسلم أن الملاك هو في الغالب أمر حقيقي لكن توقفه على أمر متأخر شيء ثابت لا يقبل الإنكار، وسوف نذكر لك بعض الأمثلة، وإذا كان الأمر كذلك فما تجيب به في هذه الأمثلة نجيب به في الشرعيات، فننقل الجواب إلى باب الشرعيات.
وأما الأمثلة الحقيقة الموجودة في عالم الملاك وهي موقوفة على شرط متأخر فهي:-
من قبيل:- أن يبني شخص داراً فهل في بناءه للدار توجد مصلحة أو لا ؟ انه لابد وان تكون هناك مصلحة وهذه المصلحة منوطة بأن يبقى هذا الشخص حي إلى أن ينتهي بناء البيت ويسكن فيه، أما إذا فرضنا أنه تم البناء وبعد تماميته حصل ما حصل - كأن مات أو غصب منه أو غير ذلك - ففي مثل هذه الحالة ماذا ينفعه ؟!! فالمصلحة ثابتة حين البناء وإلا لم يكن يبني الدار وهذه مشروطة بشرط متأخر وهو البقاء على قيد الحياة إلى ما بعد تمامية البناء والانتقال، وهذه مصلحة متقدمة مشروطة بشرط متأخر، ولا يحتمل أن يقال إن المصلحة ليست موجودة الآن وإنما توجد بعد ذلك فإنه لو كان كلك فسوف لا يقدم على البناء من البداية.
وهكذا الحال بالنسبة إلى طبخ الطعام فنحن نطبخ الطعام هذا اليوم إلى غدائنا فالمصلحة موجودة ولذلك نطبخه ولكن مشروط بشرط مـتأخر وهو إمكان أن نأكله بعد طبخه، فعلى هذا الأساس المصلحة موجودة من البداية في طبخ الطعام ولكنها منوطة بأمر متأخر.
ومن قبيل:- استعمال كبسول الالتهابات فالمصلحة والفائدة فيه مشروطة بشرط أن تستعمل الكبسول الثاني في وقته فالمصلحة في تناول هذا الكبسول الآن منوطة بأمر متأخر وهو أن تستعمل الكبسول الثاني في وقته المقرر الثاني أو مشروط بأن لا تستعمل أشياء مضادة.
وتوجد أمثلة كثيرة من هذا القبيل، وما به الجواب في هذه الأمثلة هو الجواب في باب الشرعيات.
من قبيل أن يقال:- إن استعمال الكبسول الأول يؤدي جزء من المصلحة لا كلها والجزء الثاني بواسطة تناول الكبسول الثاني في وقته وهكذا الجز الثالث من المصلحة، فكل كبسولة هي تؤدي جزءً من المصلحة وتكمل المصلحة التامة عند تناول مجموع الكبسول المقرر.
أو يجاب:- بأن استعمال الكبسول الأول يهيئ الأرضية الصالحة لتأثير الكبسول الثاني، فحينئذ إذا كان كذلك فلا يوجد مشكلة.
أو يجاب بجواب ثالث أو رابع، ونفس هذه الأجوبة التي نذكرها بلحاظ الملاك في هذه الأمثلة يمكن أن تكون نفسها في باب الشرعيات.
إذن ما به الجواب في هذه الأمثلة يكون هو الجواب في باب الملاك الشرعية والأمثلة الشرعية، وعلى هذا الأساس لا إشكال من هذه الناحية.
إذن اتضح جواب الشيخ الخراساني(قده) واتضح أن المناسب هو تكميل جوابه بما أشرنا إليه.
وهناك إجابة ثانية:- وهي للشيخ النائيني(قده)[1] حيث قال:- إنه لا يمكن تأخر الشرط، والوجه في ذلك هو أن الأحكام الشرعية ترجع إلى قضايا حقيقية، فحينما يقال ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) يعني إن وجد مستطيع وجب عليه الحج، وهذه قضية حقيقة، وفعلية القضية الحقيقية تدور مدار فعلية الموضوع - يعني متى ما تحقق المستطيع خارجاً صار وجوب الحج فعليا -، وكلّ شرط للوجوب دائماً يرجع إلى الموضوع حيث قال ( شرائط الأحكام موضوعاتها ) يعني الاستطاعة التي هي شرط للوجوب هي في الحقيقة مقومة للموضوع، يعني موضوع الوجوب هو المستطيع فتقول ( يجب الحج على المستطيع )، فالمستطيع يصير موضوعاً للحكم، فدائماً شرائط نفس الحكم ترجع إلى موضوع الحكم .
إن قلت:- نحن نكرر السؤال من جديد ونقول:- إن هذا الشيء المتأخر هل له مدخلية في ذلك الشيء المتقدم ويتوقف ذلك المتقدم عليه أو أنه ليست له مدخلية فيه ؟
فإن لم تكن له مدخلية فهذا معناه أنه ليس بشرط ونحن كلامنا في الشرط المتأخر للأمر المتقدم فإذا لم يكن لهذا المتأخر مدخلية في الشيء المتقدم فهذا معناه أن هذا الشيء المتأخر ليس شرطاً لذلك الشيء الأمر المتقدم فإن هذا خلف الفرض، فلابد إذن أن نختار الشق الآخر فنقول له إذا كانت لهذا الشيء المتأخر مدخلية في ذلك الشيء المتقدم عاد الإشكال من جديد إذ كيف يتحقق الشيء المتقدم في ظرفه والحال هو متوقف على الأمر المتأخر ؟!! إن هذا ليس بممكن.
قلت:- نحن نختار أن لهذا الأمر المتأخر مدخلية ولكن قلنا إن ذلك الشيء المتقدم قد تحقق ووجد وبعد وجوده كيف يتوقف على الأمر المتأخر ؟! إن هذا شيء غير متصور، ونحن نقول:- إن هذا الذي تحقق هل هو تحقق خارجي - أي هل تحقق شيء في الخارج - فإذا فرض أنه تحقق شيء في الخارج فنعم كيف يتحقق الشيء في الخارج وهو موقوف على أمر متأخر - فيرد الإشكال -، أما إذا قلنا إن تحققه بمعنى تحقق الاعتبار - مجرد الاعتبار - ولا يوجد في عالم الخارج شيء يمكن ملاحظته فلا محذور في أن يكون الاعتبار متوقفاً على أمر متأخر فإن الاعتبار شيء سهل المؤونة.
هذا كله بلحاظ عالم الفعلية.
وأما بلحاظ عالم الملاك:- فقد يشكل ويقال إن الملاك أمر حقيقي فلا يمكن أن يتوقف على أمر متأخر.
وفي الجواب نقول:- نسلم أن الملاك هو في الغالب أمر حقيقي لكن توقفه على أمر متأخر شيء ثابت لا يقبل الإنكار، وسوف نذكر لك بعض الأمثلة، وإذا كان الأمر كذلك فما تجيب به في هذه الأمثلة نجيب به في الشرعيات، فننقل الجواب إلى باب الشرعيات.
وأما الأمثلة الحقيقة الموجودة في عالم الملاك وهي موقوفة على شرط متأخر فهي:-
من قبيل:- أن يبني شخص داراً فهل في بناءه للدار توجد مصلحة أو لا ؟ انه لابد وان تكون هناك مصلحة وهذه المصلحة منوطة بأن يبقى هذا الشخص حي إلى أن ينتهي بناء البيت ويسكن فيه، أما إذا فرضنا أنه تم البناء وبعد تماميته حصل ما حصل - كأن مات أو غصب منه أو غير ذلك - ففي مثل هذه الحالة ماذا ينفعه ؟!! فالمصلحة ثابتة حين البناء وإلا لم يكن يبني الدار وهذه مشروطة بشرط متأخر وهو البقاء على قيد الحياة إلى ما بعد تمامية البناء والانتقال، وهذه مصلحة متقدمة مشروطة بشرط متأخر، ولا يحتمل أن يقال إن المصلحة ليست موجودة الآن وإنما توجد بعد ذلك فإنه لو كان كلك فسوف لا يقدم على البناء من البداية.
وهكذا الحال بالنسبة إلى طبخ الطعام فنحن نطبخ الطعام هذا اليوم إلى غدائنا فالمصلحة موجودة ولذلك نطبخه ولكن مشروط بشرط مـتأخر وهو إمكان أن نأكله بعد طبخه، فعلى هذا الأساس المصلحة موجودة من البداية في طبخ الطعام ولكنها منوطة بأمر متأخر.
ومن قبيل:- استعمال كبسول الالتهابات فالمصلحة والفائدة فيه مشروطة بشرط أن تستعمل الكبسول الثاني في وقته فالمصلحة في تناول هذا الكبسول الآن منوطة بأمر متأخر وهو أن تستعمل الكبسول الثاني في وقته المقرر الثاني أو مشروط بأن لا تستعمل أشياء مضادة.
وتوجد أمثلة كثيرة من هذا القبيل، وما به الجواب في هذه الأمثلة هو الجواب في باب الشرعيات.
من قبيل أن يقال:- إن استعمال الكبسول الأول يؤدي جزء من المصلحة لا كلها والجزء الثاني بواسطة تناول الكبسول الثاني في وقته وهكذا الجز الثالث من المصلحة، فكل كبسولة هي تؤدي جزءً من المصلحة وتكمل المصلحة التامة عند تناول مجموع الكبسول المقرر.
أو يجاب:- بأن استعمال الكبسول الأول يهيئ الأرضية الصالحة لتأثير الكبسول الثاني، فحينئذ إذا كان كذلك فلا يوجد مشكلة.
أو يجاب بجواب ثالث أو رابع، ونفس هذه الأجوبة التي نذكرها بلحاظ الملاك في هذه الأمثلة يمكن أن تكون نفسها في باب الشرعيات.
إذن ما به الجواب في هذه الأمثلة يكون هو الجواب في باب الملاك الشرعية والأمثلة الشرعية، وعلى هذا الأساس لا إشكال من هذه الناحية.
إذن اتضح جواب الشيخ الخراساني(قده) واتضح أن المناسب هو تكميل جوابه بما أشرنا إليه.
وهناك إجابة ثانية:- وهي للشيخ النائيني(قده)[1] حيث قال:- إنه لا يمكن تأخر الشرط، والوجه في ذلك هو أن الأحكام الشرعية ترجع إلى قضايا حقيقية، فحينما يقال ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) يعني إن وجد مستطيع وجب عليه الحج، وهذه قضية حقيقة، وفعلية القضية الحقيقية تدور مدار فعلية الموضوع - يعني متى ما تحقق المستطيع خارجاً صار وجوب الحج فعليا -، وكلّ شرط للوجوب دائماً يرجع إلى الموضوع حيث قال ( شرائط الأحكام موضوعاتها ) يعني الاستطاعة التي هي شرط للوجوب هي في الحقيقة مقومة للموضوع، يعني موضوع الوجوب هو المستطيع فتقول ( يجب الحج على المستطيع )، فالمستطيع يصير موضوعاً للحكم، فدائماً شرائط نفس الحكم ترجع إلى موضوع الحكم .