37/02/05
تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 24.
ذكروا وجوهاً لحل التعارض بين موثقة غياث بن ابراهيم وموثقة السكوني منها ما ذكره السيد الخوئي (قد) بأنه يصار عند التعارض إلى التخيير أي أن يتخير المكلف بين أن يحتسب كل صغيرين بكبير وبين أن يدفع إلى الصغير مقدار ما يأكله الكبير , وقد يقال بأن الروايات ليست متعارضة بل بينها عموم وخصوص مطلق لأن موثقة غياث وان كانت مطلقة من ناحية الاجتماع والانفراد لكن موثقة السكوني ظاهرة في حالة الاجتماع (صغاراً وكباراً) وحينئذ تكون النسبة العموم والخصوص المطلق, والقاعدة _في مثل ذلك _تقتضي التخصيص فتحمل موثقة غياث على صورة الانفراد وفي صورة الاجتماع يعمل بموثقة السكوني, والنتيجة هو التفصيل بين الصورتين ففي صورة الانفراد يحسب كل صغيرين بكبير وفي حالة الاجتماع يطعم الصغير بشرط أن يزاد الصغير بمقدار ما يأكل الكبير, ونتيجة الحكمين في المقام واحدة بالنسبة إلى صاحب الكفارة فيصرف نفس المقدار سواء كان في حالة الاجتماع أو في حالة الانفراد, فأنه لو فرضنا جمع (30) كبيراً وكل منهم يأكل كيلو من الطعام و(60) صغيراً يأكل كل منهم نصف كيلو فيكون صاحب الكفارة قد صرف (60) كيلو, وبالطريقة الثانية لو جمع (30) كبيراً و(30) صغيراً ودفع للصغير بمقدار ما يأكل الكبير فلو افترضنا أن الكبير يأكل كيلو من الطعام فأن النتيجة تكون أنه قد صرف (60) كليو من الطعام.
نعم يظهر الفرق بينهما بلحاظ المسكين الصغير فأنه في الطريقة الاولى يعطى نصف الكمية وفي الطريقة الثانية يعطى تمام الكمية, وعليه يكون الفرق بين الحالتين موجوداً مما ينبغي مراعاته.
أما بالنسبة إلى رواية يونس التي عزلوها وقالوا بأنها لا علاقة لها في محل الكلام ويظهر منهم كأن هذه القضية من المسلمات فالظاهر أن هذا مبني على نسخة (ايعطي) لكن الذي في النسخة المطبوعة للتهذيب يوجد (ايطعم)
يونس بن عبد الرحمان عن أبي الحسن عليه السلام قال : سألته عن رجل عليه كفارة اطعام عشرة مساكين أيطعم الكبار والصغار سواء والنساء والرجال أو يفضل الكبار على الصغار والرجال على النساء ؟ فقال : كلهم سواء .. الحديث)[1]
وحينئذ تكون ناظرة إلى محل الكلام فتكون دالة على التساوي بين الصغار والكبارة مطلقاً (في حالة الانفراد والاجتماع), واذا صار ترديد في النسخة لا يمكن الاستدلال بالرواية حينئذ, لكن مسألة التفضيل التي في قوله (أو يفضل الكبار على الصغار والرجال على النساء) في باب التسليم اوضح, ولا معنى للتفاضل بينهم بالإشباع الا أن يكون المنظور فيه ازيد من المقدار الواجب كما لو افترضنا بأن يفضل الكبير على الصغير بالادام ولكن الظاهر أن هذا بعيد, فالأقرب والمتبادر إلى الذهن لأول وهله في باب التفضيل هو أنه في باب التسليم أوضح.
وعلى كل حال فعلى تقدير وجود نسخ متعددة ولا مرجح فالاستدلال بالرواية يكون مشكلاً.
أما الكلام في صحيحة الحلبي( عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في قول الله عزّ وجلّ : ﴿ من أوسط ما تطعمون أهليكم ﴾[2] قال : هو كما يكون أن يكون في البيت ( من يأكل المد ، ومنهم ) من يأكل أكثر من المد ومنهم من يأكل أقل من المد فبين ذلك ، وإن شئت جعلت لهم ادما والادم أدناه ملح ، وأوسطه الخل والزيت ، وأرفعه اللحم)[3]
والسؤال في الرواية عن الوسطية المذكورة في الآية الشريفة ﴿ من أوسط ما تطعمون أهليكم ﴾ وكثير من الروايات عندما تعرضت لهذه الآية ذكرت الوسطية في نوع الطعام, لكن هذه الرواية تعرضت إلى الوسطية في مقدار الطعام لا إلى نوعه, فذكرت (كما يكون أن يكون في البيت ( من يأكل المد ، ومنهم ) من يأكل أكثر من المد ومنهم من يأكل أقل من المد فبين ذلك) والظاهر أن الاختلاف في مقدار ما يأكلون تابع لأختلاف اعمارهم لأن فيهم صغار وفيهم كبار فيختلفون في مقدار ما يأكلون والامام عليه السلام يريد أن يقول بأن المأخوذ في ذلك هو الوسط وحينئذ يجب عليك أن تدفع المد, فإذا فهمنا هذا من الرواية فأنها تكون اجنبية عن محل الكلام لأنها تكون ناظرة إلى تسليم المد لا إلى باب الاشباع.
النتيجة هي
أن صحيحة يونس امرها دائر بين نسختين وعلى احداهما تكون خارجة عن محل الكلام وصحيحة الحلبي يحتمل انها ناظرة إلى باب التسليم لا إلى باب الاشباع فالاستدلال بها يكون مشكلاً, والعمدة في المقام موثقة غياث وموثقة السكوني والذي نراه أن موثقة السكوني ليس فيها اطلاق يشمل حالة الانفراد وإنما هي ظاهرة في صورة الاجتماع, فتكون اخص مطلقاً من موثقة غياث لأن موثقة غياث مطلقة تشمل حالة الانفراد والاجتماع, ومقتضى القاعدة أن نحمل موثقة غياث على صورة الانفراد فنحتسب كل صغيرين بكبير وفي صورة الاجتماع لابد أن يزود الصغار بمقدار ما يأكل الكبار, هذا ما توصلنا إليه لكن هذا التفصيل لا قائل به, نعم هناك تفصيل اختاره المحقق في الشرائع لكنه يختلف عن هذا التفصيل, فهو وافق هذا التفصيل في حالة الانفراد وذهب في حالة الاجتماع إلى تساوي الصغير مع الكبير, أي يستطيع أن يجمع الصغار والكبار ويشبعهم بلا أن يكلف بشيء آخر وهذا غير التفصيل الذي ذكرناه حيث ذكرنا أنه في حالة الاجتماع يجب عليه أن يزود الصغار بمقدار ما اكل الكبار.
ونسب إلى الشيخ المفيد القول بالمنع من اعطائهم مطلقاً أي لا يجوز اعطاء الصغار ولابد من تخصيصه بالكبار وغير واضح مدرك هذا القول فأن الروايات تصرح بالدفع للصغار والكبار كما تقدم.
بعض المتأخرين اختار القول بأحتساب الاثنين بواحد مطلقاً (في حال الاجتماع أو الانفراد) ولا اشكال في هذا القول عند الاخذ بموثقة غياث لوحدها لأنها مطلقة وهي تدل على احتساب الاثنين بواحد, لكن هناك روايات اخرى لابد من اخذها بنظر الاعتبار وهي تغير النتيجة.
والالتزام بالتخيير بينهما _ كما ذهب إليه السيد الخوئي (قد) وطرحه السيد الحكيم (قد) كأحتمال في المستمسك _ مبني على التعارض بين الموثقتين وان النسبة بينهما ليست نسبة العموم والخصوص المطلق, واذا وصلت النسبة إلى التعارض فأن الحكم يكون حينئذ هو التخيير وهو صحيح (أي لابد من الحكم بالتخيير اذا وصلت النسبة بين ا لموثقتين إلى التعارض).
وان كان السيد الخوئي (قد) يصر في موارد مشابهة أن الجمع بين الدليلين يكون بوجوب كل منهما لا التخيير بينهما وناقشناه سابقاً وقلنا بأن هذا خلاف الظاهر, لأن هذا تقييد للإطلاق المقابل للتقيد بالواو بينما الاصح هو التقييد المقابل للإطلاق بأو والالتزام بالتخيير.
وهذا الكلام كله مبني على التعدي من مورد هذه النصوص (كفارة اليمين) إلى محل الكلام, أما على القول بعدم التعدي فلا يمكن الاستدلال بهذه الروايات في محل الكلام فلابد من الرجوع إلى مقتضى القاعدة وهو يقول بأن كل ما يصدق عليه الاطعام فهو يكفي فالآية تأمر بإطعام المسكين وهو يصدق على اطعام الصغار المساكين, نعم قلنا بأنه يشكك في صدقه على الطفل الرضيع مثلاً.
ومن هنا قلنا بأن الكلام في الفصل وعدمه لابد منه خصوصاً أن السيد الخوئي (قد) ذكر في المقام عدم التعدي وقال بأن الروايات واردة في كفارة اليمين ولا نتعدى الا اذا كان اجماع على عدم الفصل وهو غير موجود لأن المسألة غير محررة في كلمات الفقهاء كما يقول صاحب الجواهر, وهذا يعني عدم وجود الاتفاق على عدم الفصل لكي نتعدى من هذه الروايات إلى محل الكلام ولذا انتهى إلى أنه لابد من الرجوع إلى مقتضى القاعدة في محل الكلام, فكيفي الاطعام متى ما صدق عليه اطعام مسكين ولا فرق بين الصغير والكبير والمجتمع والمنفرد, فمنع (قد) من التعدي في المقام لكنه تعدى في مسائل سابقة بعدم الفصل لأنهم واجهوا مشكلة عدم وجود روايات في كفارة افطار شهر رمضان فكل الروايات واردة في كفارة الظهار أو كفارة اليمين, ومن المسائل التي تعدى فيها (قد) مثلاً في مسألة الاشباع وكفايته وعدم لزوم التسليم فقد استدل هناك بصحيحة ابي بصير (يشبعهم مرة واحدة) حيث استدلوا على كفاية الاشباع فيها واستدلوا على كفاية المرة الواحدة ايضاً مع انها واردة في كفارة اليمين, فقد استند إلى هذه الصحيحة وذكر بأنه لا يحتمل الفرق بينها(كفارة اليمين) وبين المقام, وفي مسألة كفاية المد أو اشتراط المدين التي سيأتي بحثها فذكر أن نصوص الباب _كفارة الافطار في شهر رمضان_ متفقة على المد لكن ورد في كفارة الظهار مدان وهنا استظهر التعدي بأعتبار عدم احتمال التفكيك بين الموردين من هذه الجهة فتعدى الى محل الكلام واعتبر الروايات الواردة في كفارة الظهار بالمدين شاملة لمحل الكلام ولذا اوقع تعارضاً بينها وبين روايات المد في محل الكلام, وحمل روايات المدين على الاستحباب وفي مسألة انواع الطعام ذكر أن روايات اليمين ذكرت الحنطة والشعير والخل والزيت وذكر بأن هنا لا وجه للتعدي فنعمل بروايات اليمين التي خصت طعاماً معيناً في موردها, وفي محل الكلام نأخذ بأطلاق الطعام, فالميزان في التعدي وعدمه عنده (قد) غير واضح عندنا.