36/11/09
تحمیل
الموضـوع:- كيف يفهم الفقيه النصّ( الفائدة السادسة) – قواعد وفوائد.
ورب قائل يقول:- نحن نسلّم أنّ النقل بالمعنى قضيّة جائزة ووجيهة والمدرك هو تجويز الأئمة عليهم السلام كما نضيف مستنداً آخر وهو أنه حتى لو لم تكن لدينا تلك الروايتان فإنه توجد لدينا السيرة العقلائية فإنها جارية على ذلك، وإذا قبلنا بهذا سوف يأتي إشكالٌ وهو أنّه يلزم تعطيل عمليّة الاستنباط، فالفقيه لا يمكنه أن يستنبط من السنّة الشريفة لأنّ كلّ روايةٍ يأخذها يحتمل أنّ الراوي نقلها بالمعنى بشكلٍ يؤثر على المضمون فإذن كيف نستنبط حكماً مادام يحتمل أنّ الراوي قد غيّر في المضمون الذي ذك ذكره الإمام ؟
والجواب:- إنّ الراوي وإن جاز له النقل بالمعنى ولكنّه شخصٌ أمينٌ في مقام النقل، يعني هو ينقل بالمعنى بشكلٍ لا يغيّر من المضمون الذي صدر من الإمام عليه السلام وإلا كان خائناً في نقله، فبعد أن فرض أنّه أمين في النقل فينتفي هذا الاحتمال.
إن قلت:- من أين لك هذا الأصل ؟ أي كيف تثبت أنّ هذا أمينٌ فإنّ الإنسان وإن كان مؤمناً طيباً والكن هذا لا ينفع في إثبات كونه ينقل المضمون بشكلٍ مناسب إذ لعلّه يكون مشتبهاً إذ يوجد بعض الناس لا يجيدون النقل بالشكل الصحيح ولذلك قد يستعين بغيره في النقل وهذا لا يرتبط بكونه متديّن وصاحب صلاحٍ بل هي قدرةٌ موجودةٌ لدى الأشخاص، فكيف تثبت أنّ هذا الراوي وذاك الراوي أمينٌ بهذا المعنى - أي أنه لا يغير من المضمون شيء - ؟
والجواب:- هناك سيرة عقلائية على ذلك نثبت من خلالها أصلاً وهو ( أصالة الأمانة في كلّ نقل )، ومستنده السيرة العقلائية، فلو جاءنا شخص ونقل لنا كلاماً عن شخصٍ آخر فسوف نأخذ به ولا نقول له لعلّك غيّرت فيه، نعم يوجد بعض الناس يبدو على كلامه التشويش وهنا قد نتوقف في أخذ كلامه أمّا إذا لم يكن كذلك فسوف نأخذ به ولا نتوقّف . إذن توجد سيرة عقلائية جارية تثبت لنا أن الاصل في الناقل أن يكون أميناً وضابطاً في نقله، وعليه سوف يرتفع الاشكال لأنه يجري في حقّ كلّ راوٍ، وحينئذٍ نأخذ بكلامه ونستنبط الحكم ولا مشكلة.
نعم لو فرض أنّ رواية كان يبدو عليها التشويش والركّة كبعض روايات ابن بكير الواردة في لباس المصلّي والتي تقول:- ( كلّ شيءٍ لا يجوز أكل لحمه فالصلاة في بوله وخرؤه ..... ) فإذا كان الناقل من هذا القبيل فيمكن أن يشكّك شخصٌ بمقدارٍ إمّا في كلّ الرواية أو في خصوص موضع الركّة وقد يقال لا يؤخذ به في موضع الركّة، يعني لا يقال أنّه عبر بالفاء ولم يعبّر بالواو مثلاً.
وهذه قضيّة جانبية وهي أنّ أصل الأمانة في النقل هل نأخذه بعرضه العريض أو هناك من يشكّك في ذلك ؟ ولكنّي ولم أرَ من يشكّك في ذلك بل يأخذون بالرواية وبدقائق تعابيرها، ولكن القصود هو أنّ بعض الروايات ربما تكون هكذا.
وهكذا رواية تحف العقول التي قرأناها في بداية المكاسب أيضاً فإنه توجد فيها ركّة في التعابير - لو تمّ سندها -.
إذن هذا الإشكال ليس بوارد.
خامساً:- ينبغي للفقيه أيضاً أن لا يفترض أنّ الراوي الذي يتحدّث الإمام معه شخصاً أصولياً بالدرجة العالية بحيث يعرف دقائق علم الأصول وهكذا دقائق العلوم الأخرى، ولا أقصد من هذا أنّه نفترض أنّ الراوي شخصاً عاديّاً فهذا أيضاً ليس بصحيح بل نفترضه إنساناً كأمثالنا.
ولتوضيح ما اقول أذكر المثال التالي:- إنّه في باب صلاة الجماعة وقع كلامٌ في أنّه متى تُدرَك الجماعة ؟ إنّها تدرك إذا فرض أنّ المأموم كبّر بعد تكبير الإمام، وتدرك أيضاً في وسط الركعة الأولى أو الثانية أو غيرهما، بل وتدرك في الركوع مادام الإمام لم يرفع رأسه قبل أن يصل المأموم إلى حدّ الركوع وإلا لم يدرك الجماعة آنذاك.
والسؤال هو:- لو فرض أنّي كبّرت ثم شككت هل أدركت ركوع الإمام أو أنّي وصلت إلى حدّ الركوع والإمام قد قام من الركوع فما هو الموقف هنا ؟
قد يقول قائل:- يمكن أن نتمسّك بالاستصحاب لإثبات أني أدركت الإمام في ركوعه وذلك بأن نقول:- أنا أشك حينما وصلت إلى الركوع هل رفع الإمام رأسه أو لا ؟ فقبلاً لم يكن رافعاً رأسه فأشك هل رفعه حين ركوعي أو لا فيثبت بالاستصحاب أنه لم يرفع رأسه حينما كنت راكعاً وبذلك يثبت إدراك الجماعة من دون إشكالٍ.
وهل هذا صحيح أو لا ؟
قال السيد الخوئي(قده):- إنّ هذا وجيهٌ لو فرض أنّ الموضوع لإدراك الجماعة كان مركّباً من جزأين بنحو التركيب أحدهما أن يكون المأموم قد وصل إلى حدّ الركوع، والثاني هو أن لا يكون الإمام قد رفع رأسه حينما كان المأموم في حدّ الركوع، فإذا فرض أنّه مركّب من جزأين فهذا الاستصحاب يجري ولا مشكلة فيه باعتبار أنّ أحد الجزأين ثابتٌ بالوجدان - وهو وصول المأموم إلى حدّ الركوع - والجزء الثاني ثابت بالاستصحاب فأنا حينما وصلت إلى حدّ الركوع أشكّ هل رفع الإمام رفع أو لا فأستصحب بقاءه راكعاً وتكون هذه الفكرة مقبولة.
ولكن يمكن أن نقول:- إنّ الموضوع ليس مركّباً من جزأين وإنما هو واحدٌ وذلك بقرينة صحيحة سليمان بن خالد ونصّها:- ( عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال في الرجل إذا أدرك الإمام وهو راكع وكبّر الرجل وهو مقيمٌ صلبه ثم ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة )[1].
ورب قائل يقول:- نحن نسلّم أنّ النقل بالمعنى قضيّة جائزة ووجيهة والمدرك هو تجويز الأئمة عليهم السلام كما نضيف مستنداً آخر وهو أنه حتى لو لم تكن لدينا تلك الروايتان فإنه توجد لدينا السيرة العقلائية فإنها جارية على ذلك، وإذا قبلنا بهذا سوف يأتي إشكالٌ وهو أنّه يلزم تعطيل عمليّة الاستنباط، فالفقيه لا يمكنه أن يستنبط من السنّة الشريفة لأنّ كلّ روايةٍ يأخذها يحتمل أنّ الراوي نقلها بالمعنى بشكلٍ يؤثر على المضمون فإذن كيف نستنبط حكماً مادام يحتمل أنّ الراوي قد غيّر في المضمون الذي ذك ذكره الإمام ؟
والجواب:- إنّ الراوي وإن جاز له النقل بالمعنى ولكنّه شخصٌ أمينٌ في مقام النقل، يعني هو ينقل بالمعنى بشكلٍ لا يغيّر من المضمون الذي صدر من الإمام عليه السلام وإلا كان خائناً في نقله، فبعد أن فرض أنّه أمين في النقل فينتفي هذا الاحتمال.
إن قلت:- من أين لك هذا الأصل ؟ أي كيف تثبت أنّ هذا أمينٌ فإنّ الإنسان وإن كان مؤمناً طيباً والكن هذا لا ينفع في إثبات كونه ينقل المضمون بشكلٍ مناسب إذ لعلّه يكون مشتبهاً إذ يوجد بعض الناس لا يجيدون النقل بالشكل الصحيح ولذلك قد يستعين بغيره في النقل وهذا لا يرتبط بكونه متديّن وصاحب صلاحٍ بل هي قدرةٌ موجودةٌ لدى الأشخاص، فكيف تثبت أنّ هذا الراوي وذاك الراوي أمينٌ بهذا المعنى - أي أنه لا يغير من المضمون شيء - ؟
والجواب:- هناك سيرة عقلائية على ذلك نثبت من خلالها أصلاً وهو ( أصالة الأمانة في كلّ نقل )، ومستنده السيرة العقلائية، فلو جاءنا شخص ونقل لنا كلاماً عن شخصٍ آخر فسوف نأخذ به ولا نقول له لعلّك غيّرت فيه، نعم يوجد بعض الناس يبدو على كلامه التشويش وهنا قد نتوقف في أخذ كلامه أمّا إذا لم يكن كذلك فسوف نأخذ به ولا نتوقّف . إذن توجد سيرة عقلائية جارية تثبت لنا أن الاصل في الناقل أن يكون أميناً وضابطاً في نقله، وعليه سوف يرتفع الاشكال لأنه يجري في حقّ كلّ راوٍ، وحينئذٍ نأخذ بكلامه ونستنبط الحكم ولا مشكلة.
نعم لو فرض أنّ رواية كان يبدو عليها التشويش والركّة كبعض روايات ابن بكير الواردة في لباس المصلّي والتي تقول:- ( كلّ شيءٍ لا يجوز أكل لحمه فالصلاة في بوله وخرؤه ..... ) فإذا كان الناقل من هذا القبيل فيمكن أن يشكّك شخصٌ بمقدارٍ إمّا في كلّ الرواية أو في خصوص موضع الركّة وقد يقال لا يؤخذ به في موضع الركّة، يعني لا يقال أنّه عبر بالفاء ولم يعبّر بالواو مثلاً.
وهذه قضيّة جانبية وهي أنّ أصل الأمانة في النقل هل نأخذه بعرضه العريض أو هناك من يشكّك في ذلك ؟ ولكنّي ولم أرَ من يشكّك في ذلك بل يأخذون بالرواية وبدقائق تعابيرها، ولكن القصود هو أنّ بعض الروايات ربما تكون هكذا.
وهكذا رواية تحف العقول التي قرأناها في بداية المكاسب أيضاً فإنه توجد فيها ركّة في التعابير - لو تمّ سندها -.
إذن هذا الإشكال ليس بوارد.
خامساً:- ينبغي للفقيه أيضاً أن لا يفترض أنّ الراوي الذي يتحدّث الإمام معه شخصاً أصولياً بالدرجة العالية بحيث يعرف دقائق علم الأصول وهكذا دقائق العلوم الأخرى، ولا أقصد من هذا أنّه نفترض أنّ الراوي شخصاً عاديّاً فهذا أيضاً ليس بصحيح بل نفترضه إنساناً كأمثالنا.
ولتوضيح ما اقول أذكر المثال التالي:- إنّه في باب صلاة الجماعة وقع كلامٌ في أنّه متى تُدرَك الجماعة ؟ إنّها تدرك إذا فرض أنّ المأموم كبّر بعد تكبير الإمام، وتدرك أيضاً في وسط الركعة الأولى أو الثانية أو غيرهما، بل وتدرك في الركوع مادام الإمام لم يرفع رأسه قبل أن يصل المأموم إلى حدّ الركوع وإلا لم يدرك الجماعة آنذاك.
والسؤال هو:- لو فرض أنّي كبّرت ثم شككت هل أدركت ركوع الإمام أو أنّي وصلت إلى حدّ الركوع والإمام قد قام من الركوع فما هو الموقف هنا ؟
قد يقول قائل:- يمكن أن نتمسّك بالاستصحاب لإثبات أني أدركت الإمام في ركوعه وذلك بأن نقول:- أنا أشك حينما وصلت إلى الركوع هل رفع الإمام رأسه أو لا ؟ فقبلاً لم يكن رافعاً رأسه فأشك هل رفعه حين ركوعي أو لا فيثبت بالاستصحاب أنه لم يرفع رأسه حينما كنت راكعاً وبذلك يثبت إدراك الجماعة من دون إشكالٍ.
وهل هذا صحيح أو لا ؟
قال السيد الخوئي(قده):- إنّ هذا وجيهٌ لو فرض أنّ الموضوع لإدراك الجماعة كان مركّباً من جزأين بنحو التركيب أحدهما أن يكون المأموم قد وصل إلى حدّ الركوع، والثاني هو أن لا يكون الإمام قد رفع رأسه حينما كان المأموم في حدّ الركوع، فإذا فرض أنّه مركّب من جزأين فهذا الاستصحاب يجري ولا مشكلة فيه باعتبار أنّ أحد الجزأين ثابتٌ بالوجدان - وهو وصول المأموم إلى حدّ الركوع - والجزء الثاني ثابت بالاستصحاب فأنا حينما وصلت إلى حدّ الركوع أشكّ هل رفع الإمام رفع أو لا فأستصحب بقاءه راكعاً وتكون هذه الفكرة مقبولة.
ولكن يمكن أن نقول:- إنّ الموضوع ليس مركّباً من جزأين وإنما هو واحدٌ وذلك بقرينة صحيحة سليمان بن خالد ونصّها:- ( عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال في الرجل إذا أدرك الإمام وهو راكع وكبّر الرجل وهو مقيمٌ صلبه ثم ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة )[1].