35/11/14
تحمیل
الموضوع:- أدلة البراءة الشرعية (حديث الرفع) / الأصول العملية.
كان الكلام في حقيقة مبنى مشهور القدماء في الرفع حيث ان المرفوع عندهم هي المؤاخذة في كل الفقرات بما فيها حتى الفقرات الثلاثة الاخيرة من التسع لكن بقي ان نعرف ان هذا الرفع الثانوي تخريجه الثبوتي وتحليله الصناعي ما هو؟
الجواب :- تحليله الصناعي عند ارتكاز المشهور ــ كما مر ــ هو التزاحم الملاكي يعني هناك تزاحم بين سهولة الشريعة واليسر وهو طبعا عنوان للإباحة الاقتضائية او هو عنوان آخر غير الاباحة لانه ربما يُجعل عنوان آخر غير الاباحة،كيفما كان هذا الملاك فان الشارع يريد ان يحافظ عليه لان الشريعة سمحة سهلة يسيرة (بعثت بالشريعة السهلة السمحة[1]) فالمحافظة على هذا الطابع العام في التشريع هذا ملاك للتقنين،هذا الملاك يزاحم بتوسط هذه العناوين الثانوية المحمول اذا طراءة كـ (ما لا يعلمون وما اضطروا اليه والنسيان والخطاء وما لا يطيقون[2]) هذه العناوين كلها توجب ضيق يعني مع طروها على الاحكام الاولية المنجزة ذات العزيمة توجب هذه الاحكام الاولية الضيق واذا اوجبت الضيق فيكون التزاحم يبن الملاكين بين ملاك الاحكام الاولية وبين مجموع الطابع العام للتشريع وهو سهولة التشريع ويسر التشريع هذا التزاحم والتدافع في مرحلة الفاعلية والعزيمة وليس التزاحم و التدافع حاصل في مراحل اخرى، اذن بسبب هذا التزاحم وهذا التدافع ترتفع وتسقط فاعلية او منجزية او عزيمة الحكم. هذا التحليل الصناعي الثبوتي للعناوين الثانوية المحمول عند المشهور. اما التحليل الاثباتي فهو عبارة عن رفع عناوين ثانوية وهذه التعبيرات.
اما التحليل الثبوتي فهو عبارة عن تزاحم الملاكات لكن تتزاحم هذه الملاكات في مرحلة الفاعلية او العزيمة او التنجيز فمن ثم تسقط عزيمية الاحكام الاولية ومنجزيتها فقط بهذا المقدار يسقط و يدكدك بسبب التزاحم ولا يسقط اصل الملاك واصل فعلية الحكم فاصل الفعلية ليس فيه أي تدافع مع سهولة ويسر الشريعة وهذا البيان التحليلي الثبوتي احد شواهد صيرورة المشهور الى ان حديث الرفع هنا وفي النائم والمجنون ـــ طبعا المجنون غير الجنون المطبق ــ ان المرفوع المؤاخذة في كل القواعد الست وليس المرفوع اصل فعلية الحكم ولا مرتبته الانشائية هذا الوجه الذي دعاهم لان يصيروا الى هذا الشيء.
الآن ربما هناك عناوين ثانوية ليست عامة كهذه الستة كالحسد والطيرة والوسوسة في التفكر في الخلق هذه ليست عناوين ثانوية عامة وانما ابواب فقهية فربما هناك عناوين ثانوية يجدها الباحث في الفقه ليست عامة[3] مختصة باب او ببابين او ما شابه ذلك فمثلا لاحظ باب التقية كله أي الخطوط العامة في التقية لا الادلة الخاصة فان التقية شعبة من شعب الاضطرار وشعبة من شعب لا ضرر ولا ضرار فـ(التقية ديني ودين آبائي[4]) هذه قاعدة فقهية عامة في الابواب ولكنه منشعبة من لا ضرر ولا ضرار ومن ما اضطروا اليه حتى الائمة عليهم السلام اشاروا اليه في الاستدلال على مشروعية التقية( كلما اضطر اليه ابن ادم فقد احله الله[5]) اذن هي منشعبة من قاعدة ما اضطروا اليه او منشعبة من قاعدة الاكراه وهذه القاعدة[6] قد مر بنا تحليلها الثبوتي وهو التزاحم الملاكي والتقية ايضا تحليلها الثبوتي التزاحم الملاكي و صاحبها اعرف بمقدار الاضطرار الذي عنده مقدار واهمية ولزوم الملاك الاولي،ومقدار ما اضطررت اليه من ثمار هذا التحليل الثبوتي فانه ليس كل اضطرار يرفع أي حكم من الاحكام الاولية وليس ادنى ضرر او ادنى اكراه يرفع الاحكام الاولية لذلك يعبر المشهور (اكراه كل شيء بحسبه) و مقصودهم هو التوازن بين الملاكات فمثلا اذا اكرهت على كبيرة من الكبائر عظيمة فهنا الاضطرار اليسير او الاكراه اليسير لا يرفع الحكم الاولي للمعصية الكبيرة، والسر في ذلك ان حقيقة الامر هو تزاحم ملاكي لا اننا نعمل بحديث الرفع اثباتا بلغ ما بلغ حتى وان كان ملاك الحكم الاولي اقوى وكذا في المشقة والحرج فليس كل درجة من المشقة او الحرج رافعة، لذلك دققوا (التقية في كل شيء حتى اذا بلغت الدم فلا تقية[7]) فلماذا هذا؟
الجواب:- لان حرمة الدم لا يعلوها شيء فـالى الدم وقف. لانه من قال ان دمك مقدم على دم ذلك المؤمن الاخر؟ فإنما يرخص في ارتكاب المحرمات حفاظا لدمه اما اذا كان الطرف الاخر ايضا دمه وعرضة وحينئذ من قال ان دمك مقدم على دمه؟[8] لذلك المشهور يفتون بحرمة التقية في هذا المورد لان التقية هنا ليست رافعة للحكم الاولي وهو حرمة قتل المؤمن وليست عنوان مرخص في الدم عزيمةً كما كانت عنوانا مرخصا في غير الدم،خلافا للسيد الخوئي وتلامذته فليس المكلف مخير بين هذا الدم وهذا لان هذه حرمة اولية لا يسوغ لك زعزعتها او رفع اليد عنها.
اذن هذه كلها راجعة الى هذه النكتة الصناعية الثبوتية وهو حقيقة ما ذهب اليه المشهور وهي: اثباتا رفع المؤاخذة سواء كان بتقدير المؤاخذة او رفع الحكم أي رفعه بلحاظ درجة الفاعلية او التنجيز وتحليله الثبوتي ما ذكرنا وينجم منه امور عديدة كما ذكرنا.
قد يقال[9] وهو ان التنجيز والعقوبة آثارٌ عقلية واحكامٌ عقلية فأي دخل للشارع في رفعها؟ فالشارع كيف يرفعها فهذه مور ليس وضعها بيد الشارع كي يكون رفعها بيد الشارع فالرفع الشرعي حيث يمكن الوضع الشرعي فكيف يتصور رفع الشارع لهذا الاثر العقلي وهو المؤاخذة والعزيمة؟
الجواب:- ذكر الشيخ الانصاري في الرسائل جوابا له وكذا صاحب الكفاية ــ وهذا مطرد في القواعد الثانوية المذكورة في حديث الرفع ــ فانه دائما توجد ضابطة عامة بغض النظر عن حديث البراءة وحديث الرفع في تصرف الشارع في الآثار العقلية غير المستقلة وتارة في الاحكام العقلية المستقلة فقلنا ان الشارع يمكنه ان يتصرف في الموضوع فيصير ورود هذا ممكن للشارع حتى في الاحكام العقلية المستقلة فيتصرف في الموضوع ولا يتصرف في الحكم فيكون ورود من الدليل الشرعي على الحكم العقلي المستقل لان العقل وضيفته الحكم لا ايجاد الموضوع بل الموضوع موجود تكوينا فقد يتصرف الشارع في التشريع فقد يغير التكوين بالتشريع فيمكن تصوير تصرف الشارع وهو غير ممتنع،كذلك في الاحكام العقلية غير المستقلة فالأمر اسهل لان هذا الحكم العقلي غير المستقل هو عبارة عن الاحكام العقلية التابعة للحكم الشرعي يعني التي موضوعها الحكم الشرعي او مراحل الحكم الشرعي هذا معنى الاحكام العقلية غير المستقل فوجوب الطاعة والتنجيز ووجوب احراز الامتثال هذه كلها احكام عقلية غير مستقلة والمراد بغير المستقلة ما لا يحكم بها العقل ابتداءً بل يحكم بها تبعا لتشريع حكم الشارع ففي الاحكام العقلية غير المستقلة الأمر اسهل . لماذا؟ لان في الاصل هذا الحكم العقلي تابعة صائنة للحكم الشرعي. اذن من صاحب الحق في التصرف؟
الجواب:- هو الشارع فلما كان حكم العقل تابع لحكم الشارع فالشارع يريد ان يقدر حقة بدرجات فمثلا يقول لي حق هنا في حرمة الظهار ولكني اعفو عن ذلك وان كان الشارع يستحق ان يؤاخذ ولكنه يرفع يده عن المؤاخذة لانه يخفف من حقه في حرمة الظهار او في حرمة الحسد الذي لم يبرزه الانسان. اذن في الاحكام العقلية غير المستقلة تصوير التصرف الشرعي اهون. هذا بيان ويوجد بيان آخر ذكره الاصوليون اكثر غورا لا باس بالالتفات اليه وهو جداً مهم وهو انه صحيح ان الحكم له قيود شرعية وقيود عقلية فالنائيني (قدس) وغالب تلامذته ومنهم السيد الخوئي(قدس) ذهبوا الى ان القيود الشرعية هي فقط التي تأخذ في مرتبة اصل فعلية الحكم وهي الفعلية الناقصة فالقيود الشرعية هي موضوع اصل المرتبة الفعلية وهي الفعلية الناقصة وبقية القيود في بقية المراحل عقلية فالميرزا النائيني ذهب الى ان معنى القيد الشرعي هو الدخيل في الملاك ويعبر عنه بشروط الاتصاف والمظفر (قدس) ذهب الى هذا المسلك كما في اصول المظفر ويعبر عنه بقيود الاتصاف يعني اتصاف الفعل بانه واجد للمصلحة في قبال قيود الواجب لا قيود الوجوب التي يعبر عنها بقيود وجود المصلحة او ايجاد المصلحة هذه القيود الشرعية للواجب في قبال القيود الشرعية للوجوب،هذا مسلك النائيني (قدس) لذلك فان النائيني عنده أي قيد شرعي في دليل عام او في دليل خاص يجعله دخيل في الملاك ويجعله دخيل في اصل الفعلية الناقصة فعلى ضوء مسلك الميرزا النائيني فحديث الرفع في غير ما لا يعلمون هذه القواعد الخمس الروافع بمثابة ادلة عامة على قيود شرعية فكل حكم هو ثابت مالم يكن حرجيا فاذا كان حرجيا يأتيه حديث الرفع يرفعه، والمراد برفعه أي بمعنى انه مأخوذ في الحكم الاولي عدم كونه حرجيا[10] او عدم كونه اكراهي. اذن حديث الرفع عنده دليل على القيود الشرعية العامة أي قيود هي وجوب. هذا بيان آخر لمبحث الرفع عند النائيني ولكن مسلكه غريب فانه فيما لا يعلمون لا يجعله قيد في الفعلية مع ان كل قيد شرعي عنده يجعله قيد في اصل الفعلية الا في ما لا يعلمون فانه قيد شرعي ولكنه ليس في دخيل في الملاك أي ليس قيد في اصل الفعلية بل دخيل في التنجيز. اذن كل مرحلة من مراحل الحكم الشرعي التي مرت بنا لها قيود عند النائيني والقيود الشرعية سواء كانت قيود شرعية عامة او خاصة غالبا تكون في مرحلة اصل الفعلية عدا ما لا يعلمون فانه قيد شرعي في التنجيز. فالميرزا النائيني عنده المرحلة الانشائية واصل الفعلية مراحل شرعية وبقية المراحل عقلية واطوار عقلية للحكم ــ وهذا الكلام صحيح ــ ولكن في قباله مسلك المشهور شهرة عظيمة هو ــ الاصح ــ بما فيهم الشيخ الانصاري(قدس) وصاحب الكفاية واغا ضياء فانهم يقولون للشيخ النائيني صحيح ان المراحل الشرعية هي مرحلة الانشاء ومرحلة اصل الفعلية والبقية مراحل عقلية لكن المراحل العقلية كما هي عقلية وموضوعاتها وقيودها عقلية يمكن تصوير القيود الشرعية فيها فان للشارع ان يتصرف ويضيف قيود شرعية في تلك المراحل العقلية فيا ايها الميرزا النائيني اذا قبلت في ما لا يعلمون فلابد ان تقبل في الحرج و في الاكراه وغيرها. اذن القيود الشرعية عند المشهور ليست محصورة في مرحلة اصل الفعلية. البحث دقيق نكمل في المجلس القادم انشاء الله.
كان الكلام في حقيقة مبنى مشهور القدماء في الرفع حيث ان المرفوع عندهم هي المؤاخذة في كل الفقرات بما فيها حتى الفقرات الثلاثة الاخيرة من التسع لكن بقي ان نعرف ان هذا الرفع الثانوي تخريجه الثبوتي وتحليله الصناعي ما هو؟
الجواب :- تحليله الصناعي عند ارتكاز المشهور ــ كما مر ــ هو التزاحم الملاكي يعني هناك تزاحم بين سهولة الشريعة واليسر وهو طبعا عنوان للإباحة الاقتضائية او هو عنوان آخر غير الاباحة لانه ربما يُجعل عنوان آخر غير الاباحة،كيفما كان هذا الملاك فان الشارع يريد ان يحافظ عليه لان الشريعة سمحة سهلة يسيرة (بعثت بالشريعة السهلة السمحة[1]) فالمحافظة على هذا الطابع العام في التشريع هذا ملاك للتقنين،هذا الملاك يزاحم بتوسط هذه العناوين الثانوية المحمول اذا طراءة كـ (ما لا يعلمون وما اضطروا اليه والنسيان والخطاء وما لا يطيقون[2]) هذه العناوين كلها توجب ضيق يعني مع طروها على الاحكام الاولية المنجزة ذات العزيمة توجب هذه الاحكام الاولية الضيق واذا اوجبت الضيق فيكون التزاحم يبن الملاكين بين ملاك الاحكام الاولية وبين مجموع الطابع العام للتشريع وهو سهولة التشريع ويسر التشريع هذا التزاحم والتدافع في مرحلة الفاعلية والعزيمة وليس التزاحم و التدافع حاصل في مراحل اخرى، اذن بسبب هذا التزاحم وهذا التدافع ترتفع وتسقط فاعلية او منجزية او عزيمة الحكم. هذا التحليل الصناعي الثبوتي للعناوين الثانوية المحمول عند المشهور. اما التحليل الاثباتي فهو عبارة عن رفع عناوين ثانوية وهذه التعبيرات.
اما التحليل الثبوتي فهو عبارة عن تزاحم الملاكات لكن تتزاحم هذه الملاكات في مرحلة الفاعلية او العزيمة او التنجيز فمن ثم تسقط عزيمية الاحكام الاولية ومنجزيتها فقط بهذا المقدار يسقط و يدكدك بسبب التزاحم ولا يسقط اصل الملاك واصل فعلية الحكم فاصل الفعلية ليس فيه أي تدافع مع سهولة ويسر الشريعة وهذا البيان التحليلي الثبوتي احد شواهد صيرورة المشهور الى ان حديث الرفع هنا وفي النائم والمجنون ـــ طبعا المجنون غير الجنون المطبق ــ ان المرفوع المؤاخذة في كل القواعد الست وليس المرفوع اصل فعلية الحكم ولا مرتبته الانشائية هذا الوجه الذي دعاهم لان يصيروا الى هذا الشيء.
الآن ربما هناك عناوين ثانوية ليست عامة كهذه الستة كالحسد والطيرة والوسوسة في التفكر في الخلق هذه ليست عناوين ثانوية عامة وانما ابواب فقهية فربما هناك عناوين ثانوية يجدها الباحث في الفقه ليست عامة[3] مختصة باب او ببابين او ما شابه ذلك فمثلا لاحظ باب التقية كله أي الخطوط العامة في التقية لا الادلة الخاصة فان التقية شعبة من شعب الاضطرار وشعبة من شعب لا ضرر ولا ضرار فـ(التقية ديني ودين آبائي[4]) هذه قاعدة فقهية عامة في الابواب ولكنه منشعبة من لا ضرر ولا ضرار ومن ما اضطروا اليه حتى الائمة عليهم السلام اشاروا اليه في الاستدلال على مشروعية التقية( كلما اضطر اليه ابن ادم فقد احله الله[5]) اذن هي منشعبة من قاعدة ما اضطروا اليه او منشعبة من قاعدة الاكراه وهذه القاعدة[6] قد مر بنا تحليلها الثبوتي وهو التزاحم الملاكي والتقية ايضا تحليلها الثبوتي التزاحم الملاكي و صاحبها اعرف بمقدار الاضطرار الذي عنده مقدار واهمية ولزوم الملاك الاولي،ومقدار ما اضطررت اليه من ثمار هذا التحليل الثبوتي فانه ليس كل اضطرار يرفع أي حكم من الاحكام الاولية وليس ادنى ضرر او ادنى اكراه يرفع الاحكام الاولية لذلك يعبر المشهور (اكراه كل شيء بحسبه) و مقصودهم هو التوازن بين الملاكات فمثلا اذا اكرهت على كبيرة من الكبائر عظيمة فهنا الاضطرار اليسير او الاكراه اليسير لا يرفع الحكم الاولي للمعصية الكبيرة، والسر في ذلك ان حقيقة الامر هو تزاحم ملاكي لا اننا نعمل بحديث الرفع اثباتا بلغ ما بلغ حتى وان كان ملاك الحكم الاولي اقوى وكذا في المشقة والحرج فليس كل درجة من المشقة او الحرج رافعة، لذلك دققوا (التقية في كل شيء حتى اذا بلغت الدم فلا تقية[7]) فلماذا هذا؟
الجواب:- لان حرمة الدم لا يعلوها شيء فـالى الدم وقف. لانه من قال ان دمك مقدم على دم ذلك المؤمن الاخر؟ فإنما يرخص في ارتكاب المحرمات حفاظا لدمه اما اذا كان الطرف الاخر ايضا دمه وعرضة وحينئذ من قال ان دمك مقدم على دمه؟[8] لذلك المشهور يفتون بحرمة التقية في هذا المورد لان التقية هنا ليست رافعة للحكم الاولي وهو حرمة قتل المؤمن وليست عنوان مرخص في الدم عزيمةً كما كانت عنوانا مرخصا في غير الدم،خلافا للسيد الخوئي وتلامذته فليس المكلف مخير بين هذا الدم وهذا لان هذه حرمة اولية لا يسوغ لك زعزعتها او رفع اليد عنها.
اذن هذه كلها راجعة الى هذه النكتة الصناعية الثبوتية وهو حقيقة ما ذهب اليه المشهور وهي: اثباتا رفع المؤاخذة سواء كان بتقدير المؤاخذة او رفع الحكم أي رفعه بلحاظ درجة الفاعلية او التنجيز وتحليله الثبوتي ما ذكرنا وينجم منه امور عديدة كما ذكرنا.
قد يقال[9] وهو ان التنجيز والعقوبة آثارٌ عقلية واحكامٌ عقلية فأي دخل للشارع في رفعها؟ فالشارع كيف يرفعها فهذه مور ليس وضعها بيد الشارع كي يكون رفعها بيد الشارع فالرفع الشرعي حيث يمكن الوضع الشرعي فكيف يتصور رفع الشارع لهذا الاثر العقلي وهو المؤاخذة والعزيمة؟
الجواب:- ذكر الشيخ الانصاري في الرسائل جوابا له وكذا صاحب الكفاية ــ وهذا مطرد في القواعد الثانوية المذكورة في حديث الرفع ــ فانه دائما توجد ضابطة عامة بغض النظر عن حديث البراءة وحديث الرفع في تصرف الشارع في الآثار العقلية غير المستقلة وتارة في الاحكام العقلية المستقلة فقلنا ان الشارع يمكنه ان يتصرف في الموضوع فيصير ورود هذا ممكن للشارع حتى في الاحكام العقلية المستقلة فيتصرف في الموضوع ولا يتصرف في الحكم فيكون ورود من الدليل الشرعي على الحكم العقلي المستقل لان العقل وضيفته الحكم لا ايجاد الموضوع بل الموضوع موجود تكوينا فقد يتصرف الشارع في التشريع فقد يغير التكوين بالتشريع فيمكن تصوير تصرف الشارع وهو غير ممتنع،كذلك في الاحكام العقلية غير المستقلة فالأمر اسهل لان هذا الحكم العقلي غير المستقل هو عبارة عن الاحكام العقلية التابعة للحكم الشرعي يعني التي موضوعها الحكم الشرعي او مراحل الحكم الشرعي هذا معنى الاحكام العقلية غير المستقل فوجوب الطاعة والتنجيز ووجوب احراز الامتثال هذه كلها احكام عقلية غير مستقلة والمراد بغير المستقلة ما لا يحكم بها العقل ابتداءً بل يحكم بها تبعا لتشريع حكم الشارع ففي الاحكام العقلية غير المستقلة الأمر اسهل . لماذا؟ لان في الاصل هذا الحكم العقلي تابعة صائنة للحكم الشرعي. اذن من صاحب الحق في التصرف؟
الجواب:- هو الشارع فلما كان حكم العقل تابع لحكم الشارع فالشارع يريد ان يقدر حقة بدرجات فمثلا يقول لي حق هنا في حرمة الظهار ولكني اعفو عن ذلك وان كان الشارع يستحق ان يؤاخذ ولكنه يرفع يده عن المؤاخذة لانه يخفف من حقه في حرمة الظهار او في حرمة الحسد الذي لم يبرزه الانسان. اذن في الاحكام العقلية غير المستقلة تصوير التصرف الشرعي اهون. هذا بيان ويوجد بيان آخر ذكره الاصوليون اكثر غورا لا باس بالالتفات اليه وهو جداً مهم وهو انه صحيح ان الحكم له قيود شرعية وقيود عقلية فالنائيني (قدس) وغالب تلامذته ومنهم السيد الخوئي(قدس) ذهبوا الى ان القيود الشرعية هي فقط التي تأخذ في مرتبة اصل فعلية الحكم وهي الفعلية الناقصة فالقيود الشرعية هي موضوع اصل المرتبة الفعلية وهي الفعلية الناقصة وبقية القيود في بقية المراحل عقلية فالميرزا النائيني ذهب الى ان معنى القيد الشرعي هو الدخيل في الملاك ويعبر عنه بشروط الاتصاف والمظفر (قدس) ذهب الى هذا المسلك كما في اصول المظفر ويعبر عنه بقيود الاتصاف يعني اتصاف الفعل بانه واجد للمصلحة في قبال قيود الواجب لا قيود الوجوب التي يعبر عنها بقيود وجود المصلحة او ايجاد المصلحة هذه القيود الشرعية للواجب في قبال القيود الشرعية للوجوب،هذا مسلك النائيني (قدس) لذلك فان النائيني عنده أي قيد شرعي في دليل عام او في دليل خاص يجعله دخيل في الملاك ويجعله دخيل في اصل الفعلية الناقصة فعلى ضوء مسلك الميرزا النائيني فحديث الرفع في غير ما لا يعلمون هذه القواعد الخمس الروافع بمثابة ادلة عامة على قيود شرعية فكل حكم هو ثابت مالم يكن حرجيا فاذا كان حرجيا يأتيه حديث الرفع يرفعه، والمراد برفعه أي بمعنى انه مأخوذ في الحكم الاولي عدم كونه حرجيا[10] او عدم كونه اكراهي. اذن حديث الرفع عنده دليل على القيود الشرعية العامة أي قيود هي وجوب. هذا بيان آخر لمبحث الرفع عند النائيني ولكن مسلكه غريب فانه فيما لا يعلمون لا يجعله قيد في الفعلية مع ان كل قيد شرعي عنده يجعله قيد في اصل الفعلية الا في ما لا يعلمون فانه قيد شرعي ولكنه ليس في دخيل في الملاك أي ليس قيد في اصل الفعلية بل دخيل في التنجيز. اذن كل مرحلة من مراحل الحكم الشرعي التي مرت بنا لها قيود عند النائيني والقيود الشرعية سواء كانت قيود شرعية عامة او خاصة غالبا تكون في مرحلة اصل الفعلية عدا ما لا يعلمون فانه قيد شرعي في التنجيز. فالميرزا النائيني عنده المرحلة الانشائية واصل الفعلية مراحل شرعية وبقية المراحل عقلية واطوار عقلية للحكم ــ وهذا الكلام صحيح ــ ولكن في قباله مسلك المشهور شهرة عظيمة هو ــ الاصح ــ بما فيهم الشيخ الانصاري(قدس) وصاحب الكفاية واغا ضياء فانهم يقولون للشيخ النائيني صحيح ان المراحل الشرعية هي مرحلة الانشاء ومرحلة اصل الفعلية والبقية مراحل عقلية لكن المراحل العقلية كما هي عقلية وموضوعاتها وقيودها عقلية يمكن تصوير القيود الشرعية فيها فان للشارع ان يتصرف ويضيف قيود شرعية في تلك المراحل العقلية فيا ايها الميرزا النائيني اذا قبلت في ما لا يعلمون فلابد ان تقبل في الحرج و في الاكراه وغيرها. اذن القيود الشرعية عند المشهور ليست محصورة في مرحلة اصل الفعلية. البحث دقيق نكمل في المجلس القادم انشاء الله.
[2]
وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج 15، ص 369،
أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ب 56، ح 1، ال البيت.
[3]
أي ليست عامة كعمومية ما لا يعلمون وما لا يطيقون.
[6] مراده الاكراه و ضرر.
[8] كما لو كانت التقية تقتضي قتل مؤمن.
[9] ذكر هذا الاشكال في الكفاية.
[10] كما في وجوب الصوم فانه مأخوذ فيه عدم كونه حرجيا.