36/03/12
تحمیل
الموضوع:- التنبيه الثاني ــــ تنبيهات البراءة ــــ الأصول
العملية.
كان الكلام في مشروعية ورجحان الاحتياط في العبادات ومر أنّ الشيخ الانصاري يستشكل في المشروعية والرجحان من جهة عدم العلم بالأمر.
والجواب عن إشكال الشيخ الانصاري & :-
أنّ احتمال الأمر كافي في تحقق العبادية وتحقق الاضافة الى الله سبحانه وتعالى وهذا الجواب من الاعلام التزم به جملة من متأخري هذا العصر.
وتحقق العبادية متصور في العبادات بمجرد احتمال الأمر او قل موضوع الاحتياط وهو احتمال الأمر بنفسه كافي لتحقق الاضافة والقرب، وهذا نظير ما التزم به جملة من المتقدمين في قاعدة من بلغ ففي قاعدة من بلغ يوجد قولين عند المتقدمين وظاهرا هذا هو قول الاكثر وهو انهم يذهبون الى ان بلوغ الثواب ــ وان كان البلوغ بخبر سنده غير معتبر ــ على عملٍ في العبادات او غير العبادات يوجب جهة راجحة على العمل لو اتى به المكلف توجب استحبابه فالاستحباب ذاتي طارئ على العمل بسبب الاحتمال والبلوغ.
وبعبارة اخرى ان الجواب الذي اجيب به وهو ان قصد التقرب يتحقق باحتمال الأمر معناه انه لا يتصور في البين كشف خلاف.
بيان ذلك:- ان العبادية متحقق والقرب متحقق وان لم يكن في البين امر بناءً على هذا الجواب من ان العبادية ليس قوامها بالجزم بالنية ولا بالجزم بوجود الأمر بل قوام العبادية باحتمال الأمر ورجاء المطلوبية فينقاد المكلف ويخضع ويضيف العمل الى الله فتلقائيا يصير العمل عبادة.
وتقريب المطلب اكثر:-
اولاً:- ان في بحث الانقياد والتجري يوجد لغط بين الاعلام مر في تنبيهات القطع وهو ان التجري هل هو حرام او ليس بحرام؟ وكنا قد التزمنا بالحرمة عقلا وشرعا وكذا يوجد لغط بين الاعلام في ان حرمة التجري هل تسري الى الفعل او لا؟ وكنا قد التزمنا بسرايته وان كشف الخلاف لان التجري نوع من العناوين الطارئة على الفعل حتى لو كان الفعل في نفسه مباح.
ان قلت:- انه قد ورد من روايات العفو التي تؤدي الى التفصيل وهو ما إستظهره الشيخ الانصاري +.؟
قلت:- ليس مفادها التفصيل في الحرمة بل التفصيل في العفو وليس التفصيل في الحرمة فان التفصيل في العفو شيء والتفصيل في الحرمة شيء اخر فقوله تعالى ﴿لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[1]، وتوجد أيات اخرى غيرها حول القلب أصلا عمدة الامتحان بلحاظ القلب وليس البدن وانما البدن آلة ــ خلافا لما هو المقرر عند المتكلمين او الفقهاء ــ بحسب ما تقتضيه مباحث الرجعة، وكذا الامتحان الحقيقي ليس الآن ــ خلافا لما هو المقرر في علم الكلام والفلسفة والعرفان ــ بل بالدقة هناك امتحانات صعبة لم نصل اليها وان كان ما يوجد الآن مؤثر لما يأتي ولكن اصعب الامتحانات ستاتي في اهوال يوم القيامة فإنها امتحان وليس فقط اهوال كما في قوله تعالى ﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾[2].
اذن الصحيح ان التجري والانقياد محكومين بحرمة ورجحان.
ثانياً:- عمدة ملاك الافعال جانب الفاعلية[3]، فبناء على قول العدلية ــ وهو صحيح ــ من أن المصالح والمفاسد مقررة في الافعال ولكن المصالح والمفاسد التي في الجهة الفاعلية[4] للمكلف اعظم واعظم واعظم ومؤثرة.
ثالثاً:- انه يوجد في الروايات وبشكل متواتر التفرقة بين قلم التشريع[5] وقلم كتابة السيئات والمؤاخذة فهذان يختلفان بعضهما عن بعض ويقع خلط بينهما كثير، وسبب عدم الدقة والتمييز بين مراحل الحكم عند جملة من الاعلام بخلاف جملة اخرى من الاعلام.
رابعاً:- ذكرنا مرارا في تنبيهات القطع خلافا لمشهور متأخر الاعصار ووفاقا لمشهور القدماء وهو ان التنجيز والحجية درجات متفاوتة وليست درجة واحدة فيوجد شدة وضعف ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ [6] [7] فشدة العذاب والمؤاخذة متفاوتة والحجية والتنجيز متفاوتة.
خامسا:- ان المؤاخذة وشدة الحجية والتكليف ليست بالضرورة متساوية مع درجة اهمية التشريع وان كان احد اهمية التشريع احد الجهات المؤثرة في التنجيز والمؤاخذة ولكن ليس هو السبب الوحيد ومن باب المثال فان الصغيرة ــ بضرورة الدين ــ مع الاصرار كبيرة لانه كما ورد ﴿عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : لا صغيرة مع الاصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار﴾[8]، ولا يُتعجب من انقلاب الصغيرة الى كبيرة لما مر بنا من ان الملاك لا يعتمد على الجهة الفعلية فقط بل ايضا يرتبط بالفاعلية فالعالِـم المؤاخذة عليه اشد من الجاهل مع ان الذنب واحد وهذا لانه المؤاخذة مرتبطة بآليات وطرق التنجيز فكلما ازدادت طرق التنجيز اشتد التنجيز واشتدت العقوبة، اذن الجهة الفعالية مهمة ومؤثرة جدا، واحدُ تفاسير المصلحة السلوكية للشيخ الانصاري + هو ملاحظة الجهة الفاعلية مع ان الشيخ & في الانقياد قبل الثواب وفي التجري لم يقبل وهذا غير صحيح.
اذن هذه جهات لابد من الالتفات اليها فلا نخلط بين مراحل الانشاء في الحكم ومراحل الفعلية في الحكم وهي التشريع الانشائي والتشريع الفعلي وبين مرحلة التكليف أي التنجيز والحجية او المؤاخذة فلابد ان نفرق بين هذه الامور فمثلا رفع القلم لا ربط له بالإنشاء والفعلية و لا ربط له بالتنجيز بل له ربط بمرحلة العقوبة والمؤاخذة.
نرجع الى مبحثنا وهو ان العبادة المحتملة بسبب الانقياد تكون عبادة لان الانقياد عبادة وهو مأمور به ولو في مورد تخيل وجود الأمر الفعلي فمع ذلك يكون الانقياد عبادي ومقرب فيسبب استحباب العمل ولو بسبب الاحتمال لان الاحتمال ارضية للانقياد.
هذا تمام الكلام في الجواب الذي ذكر على الشيخ الانصاري .
وسياتي الكلام عن قاعدة من بلغ ان شاء الله تعالى.
كان الكلام في مشروعية ورجحان الاحتياط في العبادات ومر أنّ الشيخ الانصاري يستشكل في المشروعية والرجحان من جهة عدم العلم بالأمر.
والجواب عن إشكال الشيخ الانصاري & :-
أنّ احتمال الأمر كافي في تحقق العبادية وتحقق الاضافة الى الله سبحانه وتعالى وهذا الجواب من الاعلام التزم به جملة من متأخري هذا العصر.
وتحقق العبادية متصور في العبادات بمجرد احتمال الأمر او قل موضوع الاحتياط وهو احتمال الأمر بنفسه كافي لتحقق الاضافة والقرب، وهذا نظير ما التزم به جملة من المتقدمين في قاعدة من بلغ ففي قاعدة من بلغ يوجد قولين عند المتقدمين وظاهرا هذا هو قول الاكثر وهو انهم يذهبون الى ان بلوغ الثواب ــ وان كان البلوغ بخبر سنده غير معتبر ــ على عملٍ في العبادات او غير العبادات يوجب جهة راجحة على العمل لو اتى به المكلف توجب استحبابه فالاستحباب ذاتي طارئ على العمل بسبب الاحتمال والبلوغ.
وبعبارة اخرى ان الجواب الذي اجيب به وهو ان قصد التقرب يتحقق باحتمال الأمر معناه انه لا يتصور في البين كشف خلاف.
بيان ذلك:- ان العبادية متحقق والقرب متحقق وان لم يكن في البين امر بناءً على هذا الجواب من ان العبادية ليس قوامها بالجزم بالنية ولا بالجزم بوجود الأمر بل قوام العبادية باحتمال الأمر ورجاء المطلوبية فينقاد المكلف ويخضع ويضيف العمل الى الله فتلقائيا يصير العمل عبادة.
وتقريب المطلب اكثر:-
اولاً:- ان في بحث الانقياد والتجري يوجد لغط بين الاعلام مر في تنبيهات القطع وهو ان التجري هل هو حرام او ليس بحرام؟ وكنا قد التزمنا بالحرمة عقلا وشرعا وكذا يوجد لغط بين الاعلام في ان حرمة التجري هل تسري الى الفعل او لا؟ وكنا قد التزمنا بسرايته وان كشف الخلاف لان التجري نوع من العناوين الطارئة على الفعل حتى لو كان الفعل في نفسه مباح.
ان قلت:- انه قد ورد من روايات العفو التي تؤدي الى التفصيل وهو ما إستظهره الشيخ الانصاري +.؟
قلت:- ليس مفادها التفصيل في الحرمة بل التفصيل في العفو وليس التفصيل في الحرمة فان التفصيل في العفو شيء والتفصيل في الحرمة شيء اخر فقوله تعالى ﴿لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾[1]، وتوجد أيات اخرى غيرها حول القلب أصلا عمدة الامتحان بلحاظ القلب وليس البدن وانما البدن آلة ــ خلافا لما هو المقرر عند المتكلمين او الفقهاء ــ بحسب ما تقتضيه مباحث الرجعة، وكذا الامتحان الحقيقي ليس الآن ــ خلافا لما هو المقرر في علم الكلام والفلسفة والعرفان ــ بل بالدقة هناك امتحانات صعبة لم نصل اليها وان كان ما يوجد الآن مؤثر لما يأتي ولكن اصعب الامتحانات ستاتي في اهوال يوم القيامة فإنها امتحان وليس فقط اهوال كما في قوله تعالى ﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾[2].
اذن الصحيح ان التجري والانقياد محكومين بحرمة ورجحان.
ثانياً:- عمدة ملاك الافعال جانب الفاعلية[3]، فبناء على قول العدلية ــ وهو صحيح ــ من أن المصالح والمفاسد مقررة في الافعال ولكن المصالح والمفاسد التي في الجهة الفاعلية[4] للمكلف اعظم واعظم واعظم ومؤثرة.
ثالثاً:- انه يوجد في الروايات وبشكل متواتر التفرقة بين قلم التشريع[5] وقلم كتابة السيئات والمؤاخذة فهذان يختلفان بعضهما عن بعض ويقع خلط بينهما كثير، وسبب عدم الدقة والتمييز بين مراحل الحكم عند جملة من الاعلام بخلاف جملة اخرى من الاعلام.
رابعاً:- ذكرنا مرارا في تنبيهات القطع خلافا لمشهور متأخر الاعصار ووفاقا لمشهور القدماء وهو ان التنجيز والحجية درجات متفاوتة وليست درجة واحدة فيوجد شدة وضعف ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ [6] [7] فشدة العذاب والمؤاخذة متفاوتة والحجية والتنجيز متفاوتة.
خامسا:- ان المؤاخذة وشدة الحجية والتكليف ليست بالضرورة متساوية مع درجة اهمية التشريع وان كان احد اهمية التشريع احد الجهات المؤثرة في التنجيز والمؤاخذة ولكن ليس هو السبب الوحيد ومن باب المثال فان الصغيرة ــ بضرورة الدين ــ مع الاصرار كبيرة لانه كما ورد ﴿عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : لا صغيرة مع الاصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار﴾[8]، ولا يُتعجب من انقلاب الصغيرة الى كبيرة لما مر بنا من ان الملاك لا يعتمد على الجهة الفعلية فقط بل ايضا يرتبط بالفاعلية فالعالِـم المؤاخذة عليه اشد من الجاهل مع ان الذنب واحد وهذا لانه المؤاخذة مرتبطة بآليات وطرق التنجيز فكلما ازدادت طرق التنجيز اشتد التنجيز واشتدت العقوبة، اذن الجهة الفعالية مهمة ومؤثرة جدا، واحدُ تفاسير المصلحة السلوكية للشيخ الانصاري + هو ملاحظة الجهة الفاعلية مع ان الشيخ & في الانقياد قبل الثواب وفي التجري لم يقبل وهذا غير صحيح.
اذن هذه جهات لابد من الالتفات اليها فلا نخلط بين مراحل الانشاء في الحكم ومراحل الفعلية في الحكم وهي التشريع الانشائي والتشريع الفعلي وبين مرحلة التكليف أي التنجيز والحجية او المؤاخذة فلابد ان نفرق بين هذه الامور فمثلا رفع القلم لا ربط له بالإنشاء والفعلية و لا ربط له بالتنجيز بل له ربط بمرحلة العقوبة والمؤاخذة.
نرجع الى مبحثنا وهو ان العبادة المحتملة بسبب الانقياد تكون عبادة لان الانقياد عبادة وهو مأمور به ولو في مورد تخيل وجود الأمر الفعلي فمع ذلك يكون الانقياد عبادي ومقرب فيسبب استحباب العمل ولو بسبب الاحتمال لان الاحتمال ارضية للانقياد.
هذا تمام الكلام في الجواب الذي ذكر على الشيخ الانصاري .
وسياتي الكلام عن قاعدة من بلغ ان شاء الله تعالى.
[3] هناك في الفعل حيثية فاعلية وهناك متن الفعل.
[4]
مراده من الفاعلية هو من يصدر منه الفعل (المقرر).
[5]
اصلا قلم التشريع لا يعبر عنه بـ(قلم) فانا شخصيا لم اعثر على هذه التسمية، نعم
يوجد ما يسمى بقلم التكليف وهو قلم التنجيز وهذا بحث اخر وان كان السيد الخوئي + والميرزا النائيني + يقولون ان قلم التكليف هو قلم التشريع وهذا غير صحيح
فانا ذكرنا مرارا ان المراد من قلم التكليف هو التنجيز لان الكلفة هي مرحلة
التنجيز وليست التكليف يعني الفعلية او الانشائية، فالصبي غير المكلف يعني غير
منجز عليه لا انه غير مشروع وهذا هو مشهور القدماء.
وكذا قلم المؤاخذة غير قلم التكليف فان قلم المؤاخذة هو العقوبة وقلم التكليف هو التنجيز.
وكذا قلم المؤاخذة غير قلم التكليف فان قلم المؤاخذة هو العقوبة وقلم التكليف هو التنجيز.