36/03/19
تحمیل
الموضوع:- التنبيه الثاني ــــ تنبيهات البراءة ــــ الأصول
العملية.
ذكرنا بالامس من انه لابد من الالتفات الى حقيقةٍ صناعية في المفاد الصناعي لقاعدة من بلغ، لأن هذا الكلام الذي مرّ من ذِكر كلمات الاعلام هو هيكل وقالب اثباتي، اما اذا اردنا القالب الثبوتي بشكل اعمق واكثر فان بعض روايات القاعدة ـــ رواية او روايتين ـــ قد أُخذ فيها عنوان الخير (اذا بلغه الثواب على خير فعمله)وان كان في اكثر الروايات يوجد عنوان شيء ولكن في روايتين عنوان خير.
ان قلت:- انه لماذا لا تكون الروايات التي عبرت بـ(الخير) مقيدة للروايات التي عبرت بـ(الشيء)؟
قلت:- ان المطلق والمقيد إما ان يكونا مثبتين او يكونا نافيين أي غير متخالفين واذا كان المطلق والمقيد او العام والخاص مثبتين او نافيين أي غير متخالفين لا يصطلح عليه بحسب الصناعة الاصولية باسم التخصيص او التقييد بل يصطلح عليه بحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص بشرائط ذكرها الاعلام ومنها ان يكون الحكم بدليا كما ذكر السيد الخوئي + وهو الصحيح، اما اذا كان الحكم استغراقيا فلا يحمل الاوسع دائرة على الاضيق، وأما اذا كان العام والخاص والمطلق والمقيد متخالفين أي احدهما حكم ايجابي والاخر حكم سلبي فهذا يعبر عنه بالتخصيص او التقييد.
ومحل الكلام من النوع الاول أي كلاهما مثبتين ولكن مع ذلك لا يمكن حمل العام (اذا بلغه ثواب على شيء) على الخاص (اذا بلغه ثواب على خير) لان الحكم استغراقيا.
الا انه يمكن ان يقال ان ما اخذ فيه عنوان الخير منبه على ان مفاد قاعدة من بلغ ليس هو محمول واحد تارة يكون موضوعه اوسع واخرى موضوعه اضيق.
اذن مهما كان فان قاعدة من بلغ بالدقة ليست بصدد تأسيس تشريع ـــ كما مر بنا امس ـــ حتى يورد عليها بان هذا يستلزم ان تكون القاعدة مصنع للتشريع فكل من كذب او توهم على النبي ﷺ يستلزم ان يكون ما نقله مشرعا.
وهذا الاشكال بعينه يورده بعض الفضلاء او طلاب علم او المثقفين ولا يلتفتون الى هذه المطالب على قاعدة الشعائر الدينية.
وجوابه:- انه لا قاعدة الشعائر ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾[1] سواء كانت بالشعائر الدينية او شعائر اهل البيت ^ او شعائر الحسين × ولا قاعدة من بلغ وكذا قاعدة (من سن سنة حسنة)[2]فلاحظوا ان اصل حسنها مفروغ منه لا هو من تأسيس الفاعل وانما هو يبني ويقيم وجودها العرفي فهو مشرع اما بعنوان عام او خاص وكذا في الشعائر الدينية فان اصل المعنى الذي يُسوق له في الشعيرة الدينية هو معنى مقدس وليس هو تأسيس للشعيرة، اما العرف فهو يوجد آلية الاعلام وآلية تسويق ذلك المعنى المقدس وهذه الآلية لابد من توفر شرائط فيها:
اولاً:- ان تكون مباحة غير محرمة.
ثانياً:- لابد ان يستسيغها العرف.
ثالثاً:- لابد ان تكون دالة على المطلب.
فاذا توفرت هذه الشرائط في الآلية حينئذ تكون هذه الالية شعيرة دينية فلاحظوا ان اصل اباحة الآلية ليس آتٍ من العرف حتى يقول احد انه كيف تدخلون في الدين ما ليس من الدين وانما آتٍ من العمومات الاولية، وهذه الآلية وتبقى مقدسة الا اذا هجرها الفرع فتسقط عن كونها شعائر وكذا ما دامت دالة وان كان بعض الاليات الشارع ينص عليها بالخصوص مثل اتخاذ البدن الفارهة في الهدي في الحج وسوقها وكذا رفع الصوت في تلبية الحج.
وكذا في قاعدة من بلغ فليس فيها تأسيس للمشروعية وانما هي حث وترغيب على مفردة او جزئية او صنف او نوع بعد الفراغ عن مشروعية الجنس بحيث نحن في المشروعية لا نستند الى الخبر الضعيف كي يستشكل فيه، فاصل مشروعية الصلاة غير النوافل المندوبة يوجد تشريع لها نحو (الصلاة خير موضوع من شاء فليكثر ومن شاء فليستقل) وكما ورد ان (زيارة الحسين خير موضوع من شاء فليكثر ومن شاء فليستقل) وكذا الصوم (الصوم جنة من النار)[3]وهذه الاخبار الضعيفة تشير الى خصوصية في الفرد او الصنف من الثواب وهي ليست خارجة عن ضوابط محكمات الكتاب والسنة وحينئذ لا يأتي المحذور على قاعدة من بلغ من انها تدخل في الدين ما ليس من الدين؟!
وهل محكمات الكتاب والسنة تسمح للتلاعب في الدين؟!!! وهذا المعنى الذي يؤكد عليه النبي ﷺ وائمة اهل البيت ^ بشكل متواتر حتى ان المحدثين من العامة يقبلون هذا المطلب وهو:-
الضابطة في اخبار الآحاد الصحيحة:-
اعظم ضابطة في الدين وهي العرض على الكتاب وسنة المعصومين ^ والمراد من الكتاب محكمات الكتاب والمراد من سنة المعصومين هو قطعيات سنة المعصومين ^ وهذا العرض ليس فقط في الخبرين المتعارضين فقد مر بنا في بحث حجية الخبر الواحد ان اصل حجية خبر الواحد مشروطة ـــ حتى غير المبتلى بالتعارض ـــ بالموافقة للكتاب والسنة.
ان قلت:- ما المراد من الموافقة للكتاب والسنة؟
قلت:- المراد من الموافقة ليس هو الموافقة التفصيلية بل المراد ان جنس الجنس مشرّع، واحد المعاني الدقيقة للموافقة هي هذه، فلا يوجد ابتكار او ابداع وهذا هو الذي يقوله الشيخ المفيد & والسيد المرتضى & وابن البراج & وابن ادريس & والحلبي & فكل هؤلاء من القدماء الذين لا يعترفون بحجية الخبر الواحد الصحيح الا اذا كان عليه علم فالسند ليس كل شيء بل لابد من وجود قرينة توجب العلم والقرينة هي موافق الكتاب والسنة القطعية.
اذن قاعدة من بلغ ليست خارجة عن هيكل الكتاب والسنة بل هي تحت مظلة الكتاب والسنة ولذا ذكرنا في بحث حجية الخبر الواحد ان حجية المتن عند القدماء اعظم من حجية السند وهذا لا لانهم يفرطون في الطريق او في صحة الكتاب بل لان صحة المتن تدرس على ضوء الكتاب والسنة.
ذكرنا بالامس من انه لابد من الالتفات الى حقيقةٍ صناعية في المفاد الصناعي لقاعدة من بلغ، لأن هذا الكلام الذي مرّ من ذِكر كلمات الاعلام هو هيكل وقالب اثباتي، اما اذا اردنا القالب الثبوتي بشكل اعمق واكثر فان بعض روايات القاعدة ـــ رواية او روايتين ـــ قد أُخذ فيها عنوان الخير (اذا بلغه الثواب على خير فعمله)وان كان في اكثر الروايات يوجد عنوان شيء ولكن في روايتين عنوان خير.
ان قلت:- انه لماذا لا تكون الروايات التي عبرت بـ(الخير) مقيدة للروايات التي عبرت بـ(الشيء)؟
قلت:- ان المطلق والمقيد إما ان يكونا مثبتين او يكونا نافيين أي غير متخالفين واذا كان المطلق والمقيد او العام والخاص مثبتين او نافيين أي غير متخالفين لا يصطلح عليه بحسب الصناعة الاصولية باسم التخصيص او التقييد بل يصطلح عليه بحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص بشرائط ذكرها الاعلام ومنها ان يكون الحكم بدليا كما ذكر السيد الخوئي + وهو الصحيح، اما اذا كان الحكم استغراقيا فلا يحمل الاوسع دائرة على الاضيق، وأما اذا كان العام والخاص والمطلق والمقيد متخالفين أي احدهما حكم ايجابي والاخر حكم سلبي فهذا يعبر عنه بالتخصيص او التقييد.
ومحل الكلام من النوع الاول أي كلاهما مثبتين ولكن مع ذلك لا يمكن حمل العام (اذا بلغه ثواب على شيء) على الخاص (اذا بلغه ثواب على خير) لان الحكم استغراقيا.
الا انه يمكن ان يقال ان ما اخذ فيه عنوان الخير منبه على ان مفاد قاعدة من بلغ ليس هو محمول واحد تارة يكون موضوعه اوسع واخرى موضوعه اضيق.
اذن مهما كان فان قاعدة من بلغ بالدقة ليست بصدد تأسيس تشريع ـــ كما مر بنا امس ـــ حتى يورد عليها بان هذا يستلزم ان تكون القاعدة مصنع للتشريع فكل من كذب او توهم على النبي ﷺ يستلزم ان يكون ما نقله مشرعا.
وهذا الاشكال بعينه يورده بعض الفضلاء او طلاب علم او المثقفين ولا يلتفتون الى هذه المطالب على قاعدة الشعائر الدينية.
وجوابه:- انه لا قاعدة الشعائر ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾[1] سواء كانت بالشعائر الدينية او شعائر اهل البيت ^ او شعائر الحسين × ولا قاعدة من بلغ وكذا قاعدة (من سن سنة حسنة)[2]فلاحظوا ان اصل حسنها مفروغ منه لا هو من تأسيس الفاعل وانما هو يبني ويقيم وجودها العرفي فهو مشرع اما بعنوان عام او خاص وكذا في الشعائر الدينية فان اصل المعنى الذي يُسوق له في الشعيرة الدينية هو معنى مقدس وليس هو تأسيس للشعيرة، اما العرف فهو يوجد آلية الاعلام وآلية تسويق ذلك المعنى المقدس وهذه الآلية لابد من توفر شرائط فيها:
اولاً:- ان تكون مباحة غير محرمة.
ثانياً:- لابد ان يستسيغها العرف.
ثالثاً:- لابد ان تكون دالة على المطلب.
فاذا توفرت هذه الشرائط في الآلية حينئذ تكون هذه الالية شعيرة دينية فلاحظوا ان اصل اباحة الآلية ليس آتٍ من العرف حتى يقول احد انه كيف تدخلون في الدين ما ليس من الدين وانما آتٍ من العمومات الاولية، وهذه الآلية وتبقى مقدسة الا اذا هجرها الفرع فتسقط عن كونها شعائر وكذا ما دامت دالة وان كان بعض الاليات الشارع ينص عليها بالخصوص مثل اتخاذ البدن الفارهة في الهدي في الحج وسوقها وكذا رفع الصوت في تلبية الحج.
وكذا في قاعدة من بلغ فليس فيها تأسيس للمشروعية وانما هي حث وترغيب على مفردة او جزئية او صنف او نوع بعد الفراغ عن مشروعية الجنس بحيث نحن في المشروعية لا نستند الى الخبر الضعيف كي يستشكل فيه، فاصل مشروعية الصلاة غير النوافل المندوبة يوجد تشريع لها نحو (الصلاة خير موضوع من شاء فليكثر ومن شاء فليستقل) وكما ورد ان (زيارة الحسين خير موضوع من شاء فليكثر ومن شاء فليستقل) وكذا الصوم (الصوم جنة من النار)[3]وهذه الاخبار الضعيفة تشير الى خصوصية في الفرد او الصنف من الثواب وهي ليست خارجة عن ضوابط محكمات الكتاب والسنة وحينئذ لا يأتي المحذور على قاعدة من بلغ من انها تدخل في الدين ما ليس من الدين؟!
وهل محكمات الكتاب والسنة تسمح للتلاعب في الدين؟!!! وهذا المعنى الذي يؤكد عليه النبي ﷺ وائمة اهل البيت ^ بشكل متواتر حتى ان المحدثين من العامة يقبلون هذا المطلب وهو:-
الضابطة في اخبار الآحاد الصحيحة:-
اعظم ضابطة في الدين وهي العرض على الكتاب وسنة المعصومين ^ والمراد من الكتاب محكمات الكتاب والمراد من سنة المعصومين هو قطعيات سنة المعصومين ^ وهذا العرض ليس فقط في الخبرين المتعارضين فقد مر بنا في بحث حجية الخبر الواحد ان اصل حجية خبر الواحد مشروطة ـــ حتى غير المبتلى بالتعارض ـــ بالموافقة للكتاب والسنة.
ان قلت:- ما المراد من الموافقة للكتاب والسنة؟
قلت:- المراد من الموافقة ليس هو الموافقة التفصيلية بل المراد ان جنس الجنس مشرّع، واحد المعاني الدقيقة للموافقة هي هذه، فلا يوجد ابتكار او ابداع وهذا هو الذي يقوله الشيخ المفيد & والسيد المرتضى & وابن البراج & وابن ادريس & والحلبي & فكل هؤلاء من القدماء الذين لا يعترفون بحجية الخبر الواحد الصحيح الا اذا كان عليه علم فالسند ليس كل شيء بل لابد من وجود قرينة توجب العلم والقرينة هي موافق الكتاب والسنة القطعية.
اذن قاعدة من بلغ ليست خارجة عن هيكل الكتاب والسنة بل هي تحت مظلة الكتاب والسنة ولذا ذكرنا في بحث حجية الخبر الواحد ان حجية المتن عند القدماء اعظم من حجية السند وهذا لا لانهم يفرطون في الطريق او في صحة الكتاب بل لان صحة المتن تدرس على ضوء الكتاب والسنة.