33/12/05
تحمیل
الموضوع: المصلحة السلوكية
كان الكلام في المصلحة كجواب عن الاشكال في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي
ومرّ ان الأدلة الدالة على المصلحة السلوكية في الحقيقة هي أعم من الموارد التي التزم بها الشيخ فقد التزام الشيخ بالمصلحة السلوكية في موارد انفتاح العلم وامكان تحصيل العلم والاّ فلا حاجة الى المصلحة السلوكية لعدم التفويت في المصلحة
ولكن كما مرّ بنا ان الأدلة ظاهرها ثبوت المصلحة السلوكية للعمل بالامارات سواء في صورة انفتاح أو انسداد العلم أو كون الاصابة دائمية أو ليس كذلك
ومن الادلّة الواردة هو بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك فهذا التعبير بأنه من باب التسليم يدل على ان التسليم فيه موضوعية وهو يعني الانقياد وهو يعني ان نفس التسليم والانقياد فيه مصلحة
وهذا يرشدنا الى دليل عقلي وهو ان الانقياد يحكم العقل بحسنة وان الانقياد هو نوع اتّباع ففيه حسن فاعلي وان لم يكن حسن فعلي فالعقل يقرر وجود المصلحة في الانقياد أي الجهة الفاعلية وهي الجهة التي يؤمنها الفعل الاصولي والمفروض ان الفعل الاصولي موجود وهو مدعى الشيخ الانصاري
وكما مر بنا فهنا انقياد في الفعل الفقهي وانقياد في الفعل الاصولي
اما الانقياد في الفعل الفقهي فهو ان يريد الاقدام على الفعل الواجب والحال انه ليس بواجب فان نفس الالتزام بهذا الفعل هو انقياد والتزام فاعلي
وتارة يعمل بالامارة لأجل اعتقاده بأن مؤداها يطابق الواقع والحال انه لايطابق الواقع فهو انقياد في الفعل الاصولي
فسواء الانقياد في الفعل الاصولي أو الفقهي فان العقل يحكم برجحانه اي لوجود المصلحة، أضف الى ذلك إنما الأعمال بالنيّات فان أحد تفاسير هذا الحديث النبوي العظيم هو ان المصلحة كلها قائمة بالسلوك فهذا الكلام وان كان مبالغا فيه الاّ ان هذا يبين مدى وجود المصلحة والمفسدة بحسب النية
وكذا الكلام في قاعدة من بلغ فالصحيح ماذهب اليه القدماء من اثباتها للاستحباب الشرعي والمتأخرين حتى المعاصرين من حيث لايشعرون فانهم ملتزمون بمذهب القدماء فيلتزمون بقاعدة من بلغ ولوازمها
وهناك روايات مستفيضة تقول ان الله لا يثيب وربطه بما نحن فيه هو اننا ذكرنا في تنبيهات القطع الموافقة الالتزامية وهو غير الموافق العملية
والفرق بين الموافقة الالتزامية والمصلحة السلوكية هو ان الموافقة الالتزامية تتبنى ان الحكم كذلك وهناك موافقة التزامية تعني الاعتقاد فهي مرتبتين
فكذا الكلام في المصلحة السلوكية ففيها درجة صاعدة تعني التولي لايجازي الله ثواب عامل على عمل حتى يكون عمله بدلالة ولي الله وبدلالة الباب الذي نصبه الله لأن يؤتى منه فخاصية ملاك الحسن الفعلي بالاستناد الى المعصوم (عليه السلام)
وان أحد معاني القاعدة النبوية إنما الأعمال بالنيّات هو ليس فقط نية القربة بل ان تنوي في استناد عملك الى ولي الله عز وجل فالنية بمعنى العقيدة
فالمبنى الذي ذكره الشيخ الطوسي والعلامة الحلي والشيخ الانصاري من المصلحة السلوكية هو جذر عقائدي صحيح وليس جذر اصولي
ولاحظنا مما تقدم ان المصلحة السلوكية هي فعل اصولي وليس بفعل فقهي وهو مرتبط بجنبة جنانية اكثر من فعل البدن لذا فسروا التقليد بأن غالبه افعال جنانية والتزامية
وللميرزا النائيني تتمة لطيفة في المصلحة السلوكية فجوابه عن تفويت المصلحة هو ان تفويت المصلحة يكون قبيحا فيما لو كان سبب التفويت هو الجعل الشرعي في الأحكام الظاهرية ولكن هذا غير تام فان الجعل الشرعي في الأحكام الشرعية ليس تأسيسياً من الشارع بل هو عقلائي ومن جانب آخر فلو افترضنا انفتاح باب العلم وأراد المكلف سلوك الطريق التي توجب العلم فهل ان أسباب العلم هذه حتما هي اسباب علم ولكننا نرى ان جملة منها هي أسباب جهل وليست أسباب علم
فالمكلف سواء اتبع في انفتاح العلم اسباب العلم الخاصة أو أسباب العلم العامة فان جعل الشارع لمنظومة الأحكام الظاهرية لايوجب تفويت المصلحة
وهذا البيان من الميرزا النائيني هو بيان بديع جداً وقد اعتمد هذا البيان في الجواب عن تفويت المصلحة حيث ذكرنا في علم الكلام اننا في عالم الدنيا والمادّة أكثر الأسباب هي ظنون فحتى الحس فانه متشابك بالظنون ففي الدنيا أسباب اليقين غير متوفرة بخلاف الآخرة فطلب مالايحصل هو طلب للمحال أي طلب خلاف الطبيعة الدنيوية فبيان الميرزا النائيني هو بيان متين وجزل