34/01/19
تحمیل
الموضوع: الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي
كنّا في وجه القول الأول من الأقوال في الحجية والحكم الظاهري وهو قول الشيخ الأنصاري وهو جعل الحكم المؤدى أو جعل الحكم المماثل
وقد استدل لضرورة هذا المبنى بوجوه أربعة وهي: وجود الآثار للحكم الظاهري، المنجزية والمعذرية، الالتزام بأن الحكم الظاهري هو حكم الله تعالى، ورابعا اسناد هذا الحكم الى الله تعالى
وان الأثر الثالث والرابع لايمكن ترتبهما على صرف الطريقية بل لابد من ترتبهما على نفس الحكم الصوري المرآتي للحكم الواقعي
وعلى مبنى الشيخ فإن الحكم المؤدى في الحقيقة صورة هو حكم واقعي فقهي ولكن واقعه الحجية وهو الحكم الاصولي وهذا مبنى مدرسة الوحيد البهبهاني كما في الصورة المرتية ف يالمرآة فان صورتها هي صورة زيد ولكن واقعها هي ليست زيد بل حاكية لزيد وصورة لزيد
وان الصورة المرآتية الحاكية صورتها حكم فقهي ولكن واقعها حكم اصولي لأن الحجية هي تشرييع من الشارع في علم اصول الفقه وضابطة وسنخ الحكم الشرعي في علم اصول الفقه انه ناظر الى الواقع وكاشف عن الواقع وايصال الى الواقع
فالاحكام الظاهرية عند الشيخ الانصاري بل ربما عند مشهور القدماء أيضا حيث مرّ كلام العلامة الحلي (ظنية الطريق لاتنافي قطعية الحكم) ومراده نفس الحكم الظاهري فصورته حكم فقهي ولكن واقعه حكم اصولي
وهذه الأحكام بمنصة الظاهر هي بزي وشاكلة الحكم الفقهي وهي في الحقيقة أحكام اصولية
ولكن هذا الاستدلال وان استدل به جملة من الاعلام الاّ انه مخدوش وقابل للرد
فانه لو كان الموجب للالتزام بهذا المبنى هو ضرورة ترتب الأثر الثالث والرابع فلايمكن الاستغناء عن هذا المبنى والحصول على الأثر الثالث والرابع بمبنى الطريقية كما قرر في باب القضاء
ففي باب القضاء والشهادات هناك ضابطة للشاهد عند أدائه للشهادة بعد تحمله لها، فقالوا هناك ان الشاهد عندما يدلي بالشهادة لابد ان تكون شهادته عن علم وان لم تكن عن علم فهو مأثوم
وذلك لأن الشهادة في الحقيقة ليست فقط شهادة بالمشهود وهو مفاد خبري واحد بل ان الشهادة لها خبرين الأول هو ان زيد مديون والثاني علمي بأنه مديون فالشاهد يشهد بمطلبين
ومع ذلك نرى انه في موارد عديدة يستند الشاهد في شهادته الى امارات معتبرة مثل اصالة اليد وغيرها فكيف يشهد مع استناده الى الامارة ومن هذا القبيل موارد الشهادات كثير
فكيف يشهد بالواقع مع انه لم يعلم بالواقع؟
فأجابوا بأن هذه الامارات المعتبرة قد اعتبرها الشارع بأنها علم مع ان اليد امارة فعلية فاعتبر الشارع هذه الامارة وهذا يكفي لصحة الشهادة بها فهو علم تعبدي ويكفي عن العلم الوجداني الحسي
والأثر الرابع وهو اسناد الأثر لله يمكن بمسلك الطريقية وهو مسلك الميرزا النائيني ولاحاجة الى مسلك الشيخ وكذا الالتزام بأن هذا حكم الله فان التشريع ينتفي عندما يتنبى المكلف الحكم على انه حكم شرعي يتبناه عن علم
فالأثر الثالث والرابع حقيقة يمكن ان يترتبان على المبنى الثالث
نعم لو اشكل على المبنى الثاني من المنجزية والمعذرية فلايمكن ان يترتب عليها الأثر الثالث والرابع لكن على مبنى الطريقية يمكن ترتب كل المباني وهي الأول والثاني والثالث والرابع، هذا كله بالنسبة لخصوصيات ونكات المبنى الأول
المبنى الثاني: وهو المنجزية والمعذرية وقد التزم به المرحوم الآخوند ومرّ ان هذه الأقوال والمباني قد ذكرها الشيخ الأنصاري في الرسائل ولكنه لم يتبناها لذا عُرف قديما ان مباني الميرزا النائيني كلها مذكورة في الرسائل
ولتوضيح هذا المبنى لابد من اعادة خريطة الحجج فكما تقدم مرارا ان هذا البحث وهو مبحث الحجية وحقيقتها هو العمود الفقري لنصف علم الاصول وكما مرّ ان بحث العقود والمعاملات لها عمود فقري وتشخيص العمود الفقري للأبواب هو من المهارات الصناعية للباحث
والعمود الفقري لكل علم الاصول هو مراتب الحكم من المرحلة الانشائية والمرحلة الفعلية والمرحلة الفاعلية ومرحلة الامتثال ومرحلة التنجيز ومرحلة احراز الامتثال وهي حدودا ثمانية مراحل
وان أكثر التصوير الذي مرّ بنا في الحقيقة هو عن مراتب الحكم الفقهي أما بالدقة فلم نطبق هذه المراحل على مراتب الحكم الشرعي في علم اصول الفقه
وبذكر الفهرسة للمراتب لابد من ذكر مراتب الحكم العقلي فهو قابل للتصوير وسنشرحه في اوانه
وان مراتب الحكم الفقهي التي نأنس بها كثيرا هي عبارة عن المراحلة الانشائية وفيها ثلاث مراحل، ومبادئ الحكم وفيها ثلاث مراحل، والفعلية وفيها مرحلتين، والفاعلية وفيها مرحلتين، والتنجيزية والامتثال واحراز الامتثال وهكذا فلها عدّة اقسام وعدة مراتب وكل هذا بالنسبة للحكم الفقهي
وأما بالنسبة للحكم الاصولي فكيف يمكن تصور المراتب في الحكم الشرعي في علم اصول الفقه
بمعنى ان الشارع لديه سنخان من التشريع وهما: التشريع الواقعي وهي الأحكام الفقهية والتشريع ظاهري وهو الاحكام الشرعية في علم اصول الفقه كحجية الخبر فهو تشريع من الشارع لكنها من سنخ اصول الققه
كما ولدينا أحكام شرعية عقائدية وأحكام شرعية في الأخلاق والآداب
فيمكن القول بوجود أربعة سنخيات من التشريع لدينا وهذا غير الأحكام العقلية والمراتب التي تتكرر على مسامعنا هو البحث في مراتب الحكم الفقي الفرعي وأما تصور المراتب في بقيّة الأقسام فالأمر فيه وعرٌ وصعب
فالكلام الآن في تصوير الأحكام الشرعية في اصول الفقه حيث وقع اختلاف بين الأعلام في ذلك من حيث عدد المراحل ومن حيث تصوير المراحل
وقال البعض ان الحجية مادامت تشريع فيجري عليها نفس المراتب التي تجري على التشريع الواقعي في الحكم الفقهي فلها مبادئ الأحكام ومراحل الفعلية ومراحل الفاعلية والمراحل الانشائية ومراحل الامتثال وهذا هو الذي نتبناه بل يمكن ان نزعم انه مسلك الأكثر لكن بخفاء فتجري كل المراحل السابقة بخفاء