الموضوع: البحث في نفس موضوع العقل

 كان الكلام في حجية العقل واجمالا العقل النظري كما ذكر ابن سينا والكمباني والمظفر هو عقل مدرك ليس من شأنه الحكم بخلاف العقل العملي

 فهناك فوارق بين العقل العملي والعقل النظري كما مرّ بنا

 ثم ان العقل العملي أو النظري بالتالي ينطلق تارة من دائرة البديهيات وبعده تأتي دائرة ماحول البديهيات ثم دائرة النظريات ثم يتوغل في النظريات

 وقد قرر المناطقة ان مصادر العقل واليقين العقلي ليست كلها امور فكرية ومفهومية فالوجدان الذي هو من منابع العقل العملي جعلوه من مصادر الادراك المفهومي وهذا صحيح فالعلم الحضوري من مصادر العلم الحصولي لا العكس وهذا يدل على ان العلم الحضوري له شأن

 فمن مصادر العلم الحصولي العلم الحضوري والذي يعالجه المنطق الارسطي كيفية حصول اليقين هيئة في حكم العقل ومن ثم سجل الميرزا محمد أمين الاسترابادي وهو صاحب كتاب الفوائد المدنية وهو ذو نبوغ معين ويعتبر من رواد الفكر الاخباري فقد أشار من جهة المواد يدب الخطأ في اليقين النظري أي يضعف اليقين في حكم العقل اذا كان الحكم نظريا والكلام الآن في مقابلة النظري البديهي

 وهذا محمد أمين الاسترابادي كما ذكر عنه الشيخ الانصاري في الرسائل والاخوند في الكفاية نبّه على ان أسباب ضعف اليقين في الحكم العقلي من جهة المادة لأن المنطقي الارسطي او المنطق المشائي لايبدي آلية دقيقة للتثبت من صحة وسقم المواد ولأجل كون النتيجة معصومة عن الخطأ كما هو تعريف المنطق فلم يستطيع الفلاسفة ان يبدوا آلية دقيقة تكون واقية عن الخطأ فالمواد يدب فيها جملة من الاخطاء فلا تكون النتائج في حكم العقل النظري يقينية فصورتها صورة اليقين ولكن واقعها ظني وليس يقيني وهذه نظرية دقيقة ولطيفة وان البحث الفلسفي الغربي هو تطبيق لهذه النظرية

 وان البحوث المنطقية والفلسفية الحديثه اكدوا على ان الحكم النظري للعقل صورة ومادة كلما تلاحق فيكون متوغلا في الظن ومبتعدا عن اليقين

 ولكن للقران الكريم والوحي وبيانات أهل البيت (عليهم السلام) منظومة أكثر من ذلك فموانع اليقين لايحفظ منشا الخطأ من المواد والصور فهناك مجموعة من قوى النفس المتصارعة وكلها عند التصارع والاشتباك تشاغب على بعضها البعض بل حتى القوى الوفاقية أيضا تشوش على بعضها البعض وهذا يسمى بالمنطق القراني مما يبن ان عوامل الضعف في الانسان عديدة بحيث حتى القوى غير المتنافرة هي تشوش على بعضها البعض كما في سورة البقرة ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب فهي سلسلة ومجموعة ضوابط لكي تكون لهم هداية

 فدائرة اليقين لها أسباب عديدة وان اسباب عدم اليقين والتوغل في الظن حسب منطق القران ومنطق النبي (صلى الله عليه واله) ومنطق أهل البيت (عليهم السلام) له أسباب ودائرة وسيعة وليس المواد والصور فقط (حب الشيئ يعمي ويصم) وهلم جرا فالانسان في معرض عوامل كثيرة على ادراكه واستنتاجه

 وجانب اخر يطرحه لنا القران والوحي وهو ان اليقين له مراتب ومر في حجية القطع فاليقين بلحاظ مافوقه ليس بيقين بل هو ظن وبلحاظ مادونه قد يكون يقين

 والقران الكريم على خلاف المشي الأرسطي والمشائي أو ابن سينا وغيره فهو يعمل بالكاشف الأعلى مع وجود الكاشف الأدنى وان لم يكن يقينا فالظن يعول عليه في قبال الوهم وان لم يعول عليه في قبال اليقين أي منطق الأقوى والأضعف وهذا مجمل البحث بشكل فهرسي لحكم العقل

 ومحور رابع يطرحه الوحي في بحث اليقين والظن وهو ان القران الكريم لايحصر اليقين بقوة العقل النظري والعقل العملي بل كل قوة من قوى الانسان لها لغة معينة فيها اليقين وفيها الظن على عكس مايتصوره المشاء فحصر البرهان بما ذكره المشاء وارسطو وابن سينا ليس بصحيح وذكرنا شواهد من كلماتهم تدل ارتكازا على خلاف ماتبنوه من حصر البرهان بالعقل ولذا تعددت معاجز الأنبياء (على نبينا وآله وعليهم السلام) لذا فحجية العقل بالتالي ستكون حجية البرهان والوجدان

 هذا كله البحث الموضوعي في العقل وذكرناه ذكرا فهرسيا وبدون دليل لكن بالتالي هو خلاصة متغيرات ونظريات متعددة غير نظرية مدرسة أرسطو والمشاء ولذا في الامامة الالهية لم نجعل الكتاب والسنة بجانب والعقل بجانب بل العقل والوجدان وهو العقل النظري والعملي