33/07/12
تحمیل
الموضوع: علاقة حكم العقل ونظام الاعتبار
كان الكلام في العلاقة بين نظام الاعتبار ونظام التكوين وكانت هناك عدّة من النظريات في حقيقة الاعتبار
وبالتالي حسب النظرية الثانية والثالثة يراعى موازين البرهان في جملة من الحيثيات
منها في أصل التقرر الماهوي للاعتباريات فان أي شيئ اعتباري وجوده خيالي وفرضي لكن نفس مفهوم الماهية فهو تقرر ماهوي مأخوذ من الماهية الواقعية
والسبب في ذلك ان كل معنى في الأصل مأخوذ من وجودات واقعية حتى لو افترضنا انه في الشيئ الإعتباري معناه مركب تلفيقا من معاني عديدة فان هذه المعاني العديدة التي لُفق منها الشيئ الاعتباري بالتالي يرجع كل بعض من ابعاضه الى ماهية مأخوذة من الماهيات التي لها وجود واقعي
فلامور الاعتبارية أصل تقررها المفهومي والماهوي مأخوذ من وجودات واقعية فماهياتها لها تقرر واقعي لأن موازين تقررها هي موازين واقعية وليست اعتبارية
ومرّ أيضا ان القضية الإعتبارية صحيح ان محمولها اعتبار يلكم موضوعها ومتعلقها او عناصر اخرى في القضية الالعتبارية في الغالب تكون وجودات تكوينية وبالتالي موازينها موازين تكوينية وان الغاء الموازين التكوينية عن عالم الاعتبار بالمرة غير صحيح
وضابطة ثالثة مهمة جدا وقد أقر بها عموم أصحاب العلوم الاعتبارية حتى أصحاب القانون الوضعي وما شابه ذلك وهي ان عالم الإعتبار عند العقلاء ينظم حسب عالم التكوين والاّ فلا منظم للعلوم الإعتبارية أساسا فان انتظاهما بعالم التكوين
وعلى طبق هذه الضابطة فان الخوض في الموازين التكوينية في الامور الإعتبارية حتى من الحيثية الاعتبارية ينتظم بموازين التكوين لا لأجل الإستحالة بل لأجل ان الامور الاعتبارية لاتنتظم الاّ بالنظام التكويني
اذن فهذ الضابطة بناء على تماميتها هي ضابطة مهمة جدا وهي ان الموازين الاتكوينية في الإعتباريات وان لم تستلزم استحالة تكوينية ولكنها تستلزم العبث والفوضى والحال ان عالم الاعتبار ينظم بالهدف والنظام وهو بتوسط مطابقة الاعتبار للتكوين
فعالم الاعتبارا ينتظم بالتكوين وهذه النظرية مخالفة بين النظرية الثانية والثالثة مع الاولى فالإعتبار يتبطق اليه الموازين التكوينية اما لأجل الاستحالة وهو اذا كانت حيثية تكوينية في الاعتبار او ليس لأجل الإستحالة بل لأجل الهدفية والغرضية وهو ضابطة ميزان عالم الاعتبار
لذا قال أصحاب النظرية الثانية والثالثة ان ضابطة الاعتبار اما استحالة تكوينية أو مصحح الاعتبار فان اللغوية والعبثية مانعة عن الاعتبار اما مطابقة الاعتبار بالتكوين فهو مصحح لاعتبار أي عدم اللغوية وعدم العبثية
وهذا ملخص افتراق النظرية الثالثة عن الاولى
ونعاود الكلام في فواق النظرية الثانية والثالثة وقديما بنينا على النظرية الثالثة ولكن أخيرا استقر بنا المقام على النظرية الرابعة
ان النظرية الثانية تفترق عن النظرية الثالثة من جهات وتختلف عنها من جهات اخرى
تشترك النظرية الثالثة مع النظرية الثانية افتراقا عن الاولى من جهة ان اصحاب النظرية الثانية والثالثة قالوا بأن عالم الاعتبار كالاحكام التشريعية تابعة للمصالح والمفاسد فالعدلية عموما سواء كانوا امامية أو معتزلة وهم القائلون بالعدل الالهي قالوا بأن عالم الاعتباريات تابع للمصالح والمفاسد، وهو شبيه ان له غايات
وعليه فقلنا ان الضابطة الثالثة هي مطابقة الاعتبار للتكوين من ان نظمه بذلك وهذه الضابطة هي ان الأرضية التحتانية لعالم الاعتبار هي الملاكات التكوينية فالاعتبار عالم فرضي والأرضية له هو التكوين
وهنا توجد مؤاخذة على فلاسفة الامامية فبارتكازهم ممشاهم امامي لكن تنظيرهم وبلورتهم أشعرية ولاتتناسب مع مبناهم
فالعلامة الطباطبائي في نظرية الاعتبار يؤمن ان عالم الاعتبار فيه تكوين لكن بالنسبة للنسل البشري فقد بلور القضية بشكل أشعري تماما
ففرق بين النظرية الثانية والثالثة مع النظرية الاولى وهو ان في النظرية الثالثة ان الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد
وفارق بين النظرية الثانية والثالثة فان أصحاب النظرية الثانية قالوا انه لا علاقة تكوينية بين نظام الاعتبار مع الأرضية التكوينية التي يرسو عليها الاعتبار
مع ان العدلية قالوا ان عالم الاعتبارا هو عالم مصالح ومفاسد بل قالوا ان عالم الاعتبار لنظم التكوين الذي يوجد بالاختيار والارادة أي الافعال الاختيارية
فهنا الفاصل الدقيق بين النظرية الثانية والثالثة هو ان النظرية الثانية التي يتبناها فلاسفة الامامية غالبا تبعا لابن سينا هو ان العلاقة بين التكوين السابق والتكوين اللاحق وماتحته من مصالح تكوينية علاقته اعتبارية وليست تكوينية
بينما النظرية الثالثة تقول ان الاعتبار منظم للتكوين فالرابط بين الأمر الإعتباري ليست اعتبارية وان كان الامر الاعبتاري في نفسه وجوده اعتباري