36/03/07
تحمیل
الموضـوع:- مسألة (
448 ) – أحكام المحصور.
المحصور في عمرة التمتع:-
وقد ذكر(قده) له حكمين:-
الحكم الأوّل:- إن المحصور في عمرة التمتع يتحلّل بالهدي الذي يرسله مع أصحابه - أي الذي يذبح في محلّه وهو مكة أو منى وفي موردنا يصير في منى - ولا يحقّ له أن يذبحه في مكانه فلا يتحلّل بذلك . إذن هذا فارقٌ بين بين العمرة المفردة وعمرة التمتّع ففي العمرة المفردة هو مخيّرٌ بينما في عمرة التمتّع يتعيّن عليه أن يرسله مع أصحابه.
وألفت النظر إلى أن بعض الطبعات القديمة من المناسك ليس فيها هذا المعنى بل فيها دلالة على أنّ حكم هذا نفس حكم العمرة المفردة ولكن صُحِّحت العبارة في الطبعات التالية فأضيفت كلمة ( خاصّة ) إلى الشق الأوّل - يعني إلى المحصور في العمرة المفردة فهو خاصّة له التخيير بين الأمرين - وحينئذٍ يصير التخيير هو حكم خاصّ بالعمرة المفردة، وعلى هذا الأساس ما قراته من العبارة كان على طبق العبارة القديمة فينبغي الالتفات إلى ذلك.
إذن المعتمر بعمرة التمتع يس مخيّراً بين الأمرين بل يتعيّن عليه أن يرسل الهدي مع أصحابه إلى محلّه.
الحكم الثاني:- إنّ المعتمر بعمرة التمتع لو تحلّل بالهدي - يعني عندما يحلّ الموعد - فيتحلّل من النساء أيضاً.
إذن عرفنا أنّ هذا فارق ثانٍ بين المعتمر بعمرة التمتع والمعتمر بالعمرة المفردة، ففي الحكم الأوّل يوجد فيه جانب تشديد بينما في المعتمر في بالعمرة المفردة ففيه تخفيفٌ.
وأما بالنسبة إلى الحكم الثاني فيوجد فيه تخفيفٌ بالنسبة إلى المعتمر بعمرة التمتع فالنساء له حلّ إذا تحقّق ذبح الهدي أمّا المعتمر بالعمرة المفردة فلا تحلّ له النساء إلا أن يأتي بعمرة مفردة - أو على حدّ تعبيرنا بطوافٍ وسعي -.
هذا توضيحٌ لما ورد في المتن.
أمّا بالنسبة إلى الحكم الأوّل:- فوجهه أنه في المعتمر بالعمرة المفردة كانت توجد طائفتان طائفة تقول يرسل الهدي مع أصحابه والطائفة الثانية تنقل قضيّة الإمام الحسين عليه السلام حينما خرج معتمراً وأصابه وجعٌ في رأسه فإن أمير المؤمنين عليه السلام ذبح له بدنة في مكانه وجمعاً بينهما كانت النتيجة هي التخيير، وهذا الكلام لا يأتي هنا يعني أنَّ الطائفة الثانية التي تنقل قضيّة الإمام الحسين عليه السلام لا تشمل المعتمر بعمرة التمتع فتبقى الطائفة الأولى التي تأمر بإرسال الهدي بلا معارض فلذلك صارت النتيجة هي أنّ هذا يتعيّن عليه إرسال الهدي مع أصحابه.
أمّا أن الطائفة الثانية شاملة للمقام - يعني للمعتمر بعمرة التمتع -:- فباعتبار أن الوارد فيها كلمة الحصر والمحصور وهو بإطلاقه يشمل من حصر في عمرة التمتع فلاحظ مثلاً في موثقة زرعة الثانية:- ( سألته عن رجل أحصر في الحج، قال:- فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه ومحله أن يبلغ الهدي محله ومحلّه من يوم النحر إذا كان في الحج وإذا كان في عمرة نحر بمكة )[1]وهذا يمكن أن يقال إنه مطلق، وإذا كان فيه إشكال وقيل إنه منصرف إلى العمرة المفردة فيكفينا الرواية السابقة وهي صحيحة معاوية:- ( سألت أبا عبد الله عن رجل أُحصِر فبعث بالهدي، فقال:- يواعد أصحابه ميعاداً فإن كان في حج .... )[2].إذن كلاهما مطلق ومحلّه يكون مكة سواء كان في عمرة مفردة أو في عمرة التمتع . فإذن روايات الطائفة الأولى مطلقة.
وأمّا أنّ الطائفة الثانية لا تعمّ عمرة التمتع:- فباعتبار أنّ الامام الحسين عليه السلام خرج معتمراً وكانت عمرته عمرة مفردة ولم تكن عمرة تمتع فإنه لو كانت عمرة تمتع فمن المناسب أن يقال ( خرج للحج ) ولا يقال أنه في عمرة، ومع التنزل وغضّ النظر فلا يمكن التعميم إلا بالاطلاق والاطلاق هنا لا ينعقد إذ يوجد لدينا فعلٌ ولا معنى للإطلاق في الفعل لأنّه حينما خرج فهو إمّا أنّه خرج لعمرة مفردة أو خرج لعمرة تمتّع فلا معنى للإطلاق وإنما يصير الاطلاق في باب الأوامر والنواهي فيقال ( ائت بعمرة ) مثلاً فهنا الاطلاق ينعقد فيقال إنّ العمرة مطلقة، أو يقال ( من أتى بعمرة فحكمه كذا ) فهنا يقال إنّ كلمة عمرة مطلقة، أما ّإذا كان ينقل فعلاً ويقول إنّ فلان اعتمر فلا نستطيع التمسّك بالاطلاق لأنه إمّا أنّه اعتمر عمرة تمتع أو أنه اعتمر عمرة مفردة . فإذن الاطلاق لا معنى له هنا.
إن قلت:- إنك فيما سبق تمسكت بالاطلاق في مقام ردّ صاحب الجواهر(قده) فإنه أبرز احتمال أن يكون للإمام الحسين حينما ذبح له في مكانه لعلّه كان هناك ضرورة، ونحن دفعناه بالاطلاق والآن كيف أنكرت الاطلاق بينما تمسكت به سابقاً ؟
قلت:- الاطلاق هناك هو إطلاقٌ مقاميّ، يعني لو كانت هناك ضرورة لنقل ذلك الإمام الصادق عليه لأنه بصدد نقل حكم شرعي فكان من المناسب أن يشير إلى أنه ذبح في مكانه لأجل وجود ضرورة فسكوته يدلّ على أنه لو لم تكن ضرورة خاصّة يجوز له ذلك، وهذا بخلافه في مقامنا فإن الاطلاق المقامي لا معنى له إذ الوارد في العبارة أنه خرج معتمراً فما معنى الاطلاق المقامي ؟!! إذن لا الاطلاق المقامي له مجال ولا الاطلاق اللفظي فتبقى الطائفة الأولى بلا معارض ولأجل ذلك تعيّن على المعتمر بعمرة التمتع أن يرسل الهدي مع أصحابه - هذا على البيان القديم وأمّا على البيان الذي ذكرناه فإنه يتّصل تلفونيّاً ويكون المدار عليه -.
وأمّا بالنسبة إلى الحكم الثاني - أعني أنه تحلّ له النساء لو تحلّل بالهدي خلافاً للمعتمر بالعمرة المفردة حيث لا تحلّ له النساء:- فالوجه في ذلك هو صحيحة البزنطي:- ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن محرمٍ انكسرت ساقه أي شيء يكون حاله وأي شيءٍ عليه ؟ قال:- هو حلال من كلّ شيءٍ، قلت:- من النساء والثياب والطيب ؟ فقال:- نعم من جميع ما يحرم على المحرم، وقال:- أما بلغك قول أبي عبد الله عليه السلام حلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليَّ )[3]، فأنها قالت ( عن محرم ) والإمام عليه لم يستفصل عن المحرم في مقام الجواب فهو لم يقل هل كان هذا في عمرة تمتع أو مفردة أو في حج ؟ بل سكت فيدلّ على أنّ هذا الحكم - وهو حلية النساء - ثابت في جميع الأفراد بما في ذلك المعتمر بعمرة التمتّع فيثبت بذلك المطلب.
إن قلت:- صحيح إنّ هذه الرواية مطلقة ولكن توجد رواية ثانية مطلقة تحرّم النساء مطلقاً، فهذه تحلّل النساء للمحصور مطلقاً بينما تلك تحرم النساء مطلقاً للمحصور فتحصل المعارضة بين الروايتين فكيف تأخذ بهذه مع أنها معارضة بتلك، وتلك الرواية هي صحيحة معاوية التي ذكرناها في بداية أحكام المصدود والمحصور وهي:- ( المحصور غير المصدود، وقال:- المحصور هو المريض .... والمصدود تحلّ له النساء والمحصور لا تحل له النساء )[4]
إذن كما أنّ رواية البزنطي مطلقة وهي تحلّل بإطلاقها النساء للمعتمر بعمرة التمتع كذلك هذه مطلق وبإطلاقها للمعتمر بعمرة التمتع تحرّم عليه النساء فتحصل معارضة فلماذا تقدّم هذه على تلك بل المناسب أن نوقع المعارضة ثم نلاحظ النتائج بعد المعارضة وأنها ماذا تقتضي.
أجاب(قده) وقال:- صحيحٌ أنّ هذه مطلقة وتلك مطلقة ولكن توجد رواية ثالثة تقول في خصوص المعتمر بالعمرة المفردة أنّه لا تحلّ له النساء وهي الرواية الناقلة لقضيّة الإمام الحسين عليه السلام فإنه في ذيلها ورد:- ( .... أَحِلٌّ له النساء ؟ قال لا حتى يأتي بطوافٍ وسعي ) . إذن الرواية التي تنقل قضيّة الإمام الحسين عليه السلام والتي موردها هو العمرة المفردة - حيث إن الإمام الحسين كان معتمراً بعمرة مفردة - فالإمام قال لا تحلّ له النساء حتى يأتي بطوافٍ وسعي.
فإذا عرفنا هذا نقول آنذاك:- إنَّ هذه الرواية أخصُّ مطلقاً من صحيحة البزنطي لأنّ صحيحة البزنطي تحلّل مطلقاً وهذه تمنع في خصوص المعتمر بالعمرة المفردة فهي أخصّ مطلقاً منها - وقد يقال لماذا هي أخص مطلقاً من هذه بل لماذا لا نقول هي أخصّ مطلقاً من الرواية التي قرأناها في أوّل أحكام المصدود والحصور والتي ورد فيها أن المحصور لا تحلّ له الناء فلماذا لا نقول إنّ هذه الرواية الناقلة لقضيّة الإمام الحسين أخصّ مطلقاً من تلك وإنما قلت هي أخصّ مطلقاً من صحيحة البزنطي التي تحلّل النساء ؟ والجواب هو إنّ المخصّص لابد وأن يكون مخالفاً للعام المطلق أي المخصَّص وإلّا لو كان موافقاً فلا يصير تخصيص، فإذن نقول إن هذه الرواية الناقلة لقضيّة الإمام الحسين توافق الرواية الأولى لمعاوية بن عمّار لأنّ رواية معاوية تقول المحصور لا تحلّ له النساء والناقلة لقضيّة الإمام الحسين تقول لا تحلّ له النساء أيضاً، وهذا بخلافه بالنسبة إلى صحيحة البزنطي إذ هي تقول تحلّ لمن انكسرت رجله النساء والطيب والثياب وأمّا قضية الإمام الحسين فتقول لا تحلّ له النساء إلا إذا أتى بالطوافٍ وسعي فتوجد مخالفة فيصير تخصيصٌ، وهذه نكتة واضحة، فالتخصيص لا يكون إلا في مورد المخالفة بين حكم المخصِّص وحكم العام المخصَّص -.
فإذا عرفنا هذا فإذن الرواية الناقلة لقضيّة الإمام الحسين عليه السلام أخصّ من صحيحة البزنطي فتخصّصها وإذا خصّصت صحيحة البزنطي فسوف تصير نتيجة صحيحة البزنطي بعد التخصيص هي أنّ المحصور تحلّ له النساء والثياب والطيب ولكن غير المعتمر بالعمرة المفردة، يعني سوف تصير مختصّة بعمرة التمتع وبالحج فهي شاملة للاثنين ولم تشمل الثلاثة فخرجت العمرة المفردة فإذا خرجت العمرة المفردة من صحيحة البزنطي فسوف تنقلب نسبتها مع صحيحة معاوية الأولى التي قرأناها لأن تلك مطلقة شاملة للثلاثة وتقول إنَّ المحصور لا تحلّ له النساء - يعني سواء كان في عمرة مفردة أو عمرة تمتع أو في حج - أمّا صحيحة البزنطي فتقول إنّ الاثنين فقط تحلّ لهما النساء فتصير أخصّ مطلقاً ولا توجد معارضة بينهما بالتباين أو بالعموم من وجه، فتصير النتيجة هي أنّ صحيحة معاوية - بعد أن خصّصناها بصحيحة البزنطي وانقلاب النسبة - مختصةً بخصوص العمرة المفردة، هكذا ذكر السيد الخوئي(قده) وانتهى إلى هذه النتيجة.
المحصور في عمرة التمتع:-
وقد ذكر(قده) له حكمين:-
الحكم الأوّل:- إن المحصور في عمرة التمتع يتحلّل بالهدي الذي يرسله مع أصحابه - أي الذي يذبح في محلّه وهو مكة أو منى وفي موردنا يصير في منى - ولا يحقّ له أن يذبحه في مكانه فلا يتحلّل بذلك . إذن هذا فارقٌ بين بين العمرة المفردة وعمرة التمتّع ففي العمرة المفردة هو مخيّرٌ بينما في عمرة التمتّع يتعيّن عليه أن يرسله مع أصحابه.
وألفت النظر إلى أن بعض الطبعات القديمة من المناسك ليس فيها هذا المعنى بل فيها دلالة على أنّ حكم هذا نفس حكم العمرة المفردة ولكن صُحِّحت العبارة في الطبعات التالية فأضيفت كلمة ( خاصّة ) إلى الشق الأوّل - يعني إلى المحصور في العمرة المفردة فهو خاصّة له التخيير بين الأمرين - وحينئذٍ يصير التخيير هو حكم خاصّ بالعمرة المفردة، وعلى هذا الأساس ما قراته من العبارة كان على طبق العبارة القديمة فينبغي الالتفات إلى ذلك.
إذن المعتمر بعمرة التمتع يس مخيّراً بين الأمرين بل يتعيّن عليه أن يرسل الهدي مع أصحابه إلى محلّه.
الحكم الثاني:- إنّ المعتمر بعمرة التمتع لو تحلّل بالهدي - يعني عندما يحلّ الموعد - فيتحلّل من النساء أيضاً.
إذن عرفنا أنّ هذا فارق ثانٍ بين المعتمر بعمرة التمتع والمعتمر بالعمرة المفردة، ففي الحكم الأوّل يوجد فيه جانب تشديد بينما في المعتمر في بالعمرة المفردة ففيه تخفيفٌ.
وأما بالنسبة إلى الحكم الثاني فيوجد فيه تخفيفٌ بالنسبة إلى المعتمر بعمرة التمتع فالنساء له حلّ إذا تحقّق ذبح الهدي أمّا المعتمر بالعمرة المفردة فلا تحلّ له النساء إلا أن يأتي بعمرة مفردة - أو على حدّ تعبيرنا بطوافٍ وسعي -.
هذا توضيحٌ لما ورد في المتن.
أمّا بالنسبة إلى الحكم الأوّل:- فوجهه أنه في المعتمر بالعمرة المفردة كانت توجد طائفتان طائفة تقول يرسل الهدي مع أصحابه والطائفة الثانية تنقل قضيّة الإمام الحسين عليه السلام حينما خرج معتمراً وأصابه وجعٌ في رأسه فإن أمير المؤمنين عليه السلام ذبح له بدنة في مكانه وجمعاً بينهما كانت النتيجة هي التخيير، وهذا الكلام لا يأتي هنا يعني أنَّ الطائفة الثانية التي تنقل قضيّة الإمام الحسين عليه السلام لا تشمل المعتمر بعمرة التمتع فتبقى الطائفة الأولى التي تأمر بإرسال الهدي بلا معارض فلذلك صارت النتيجة هي أنّ هذا يتعيّن عليه إرسال الهدي مع أصحابه.
أمّا أن الطائفة الثانية شاملة للمقام - يعني للمعتمر بعمرة التمتع -:- فباعتبار أن الوارد فيها كلمة الحصر والمحصور وهو بإطلاقه يشمل من حصر في عمرة التمتع فلاحظ مثلاً في موثقة زرعة الثانية:- ( سألته عن رجل أحصر في الحج، قال:- فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه ومحله أن يبلغ الهدي محله ومحلّه من يوم النحر إذا كان في الحج وإذا كان في عمرة نحر بمكة )[1]وهذا يمكن أن يقال إنه مطلق، وإذا كان فيه إشكال وقيل إنه منصرف إلى العمرة المفردة فيكفينا الرواية السابقة وهي صحيحة معاوية:- ( سألت أبا عبد الله عن رجل أُحصِر فبعث بالهدي، فقال:- يواعد أصحابه ميعاداً فإن كان في حج .... )[2].إذن كلاهما مطلق ومحلّه يكون مكة سواء كان في عمرة مفردة أو في عمرة التمتع . فإذن روايات الطائفة الأولى مطلقة.
وأمّا أنّ الطائفة الثانية لا تعمّ عمرة التمتع:- فباعتبار أنّ الامام الحسين عليه السلام خرج معتمراً وكانت عمرته عمرة مفردة ولم تكن عمرة تمتع فإنه لو كانت عمرة تمتع فمن المناسب أن يقال ( خرج للحج ) ولا يقال أنه في عمرة، ومع التنزل وغضّ النظر فلا يمكن التعميم إلا بالاطلاق والاطلاق هنا لا ينعقد إذ يوجد لدينا فعلٌ ولا معنى للإطلاق في الفعل لأنّه حينما خرج فهو إمّا أنّه خرج لعمرة مفردة أو خرج لعمرة تمتّع فلا معنى للإطلاق وإنما يصير الاطلاق في باب الأوامر والنواهي فيقال ( ائت بعمرة ) مثلاً فهنا الاطلاق ينعقد فيقال إنّ العمرة مطلقة، أو يقال ( من أتى بعمرة فحكمه كذا ) فهنا يقال إنّ كلمة عمرة مطلقة، أما ّإذا كان ينقل فعلاً ويقول إنّ فلان اعتمر فلا نستطيع التمسّك بالاطلاق لأنه إمّا أنّه اعتمر عمرة تمتع أو أنه اعتمر عمرة مفردة . فإذن الاطلاق لا معنى له هنا.
إن قلت:- إنك فيما سبق تمسكت بالاطلاق في مقام ردّ صاحب الجواهر(قده) فإنه أبرز احتمال أن يكون للإمام الحسين حينما ذبح له في مكانه لعلّه كان هناك ضرورة، ونحن دفعناه بالاطلاق والآن كيف أنكرت الاطلاق بينما تمسكت به سابقاً ؟
قلت:- الاطلاق هناك هو إطلاقٌ مقاميّ، يعني لو كانت هناك ضرورة لنقل ذلك الإمام الصادق عليه لأنه بصدد نقل حكم شرعي فكان من المناسب أن يشير إلى أنه ذبح في مكانه لأجل وجود ضرورة فسكوته يدلّ على أنه لو لم تكن ضرورة خاصّة يجوز له ذلك، وهذا بخلافه في مقامنا فإن الاطلاق المقامي لا معنى له إذ الوارد في العبارة أنه خرج معتمراً فما معنى الاطلاق المقامي ؟!! إذن لا الاطلاق المقامي له مجال ولا الاطلاق اللفظي فتبقى الطائفة الأولى بلا معارض ولأجل ذلك تعيّن على المعتمر بعمرة التمتع أن يرسل الهدي مع أصحابه - هذا على البيان القديم وأمّا على البيان الذي ذكرناه فإنه يتّصل تلفونيّاً ويكون المدار عليه -.
وأمّا بالنسبة إلى الحكم الثاني - أعني أنه تحلّ له النساء لو تحلّل بالهدي خلافاً للمعتمر بالعمرة المفردة حيث لا تحلّ له النساء:- فالوجه في ذلك هو صحيحة البزنطي:- ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن محرمٍ انكسرت ساقه أي شيء يكون حاله وأي شيءٍ عليه ؟ قال:- هو حلال من كلّ شيءٍ، قلت:- من النساء والثياب والطيب ؟ فقال:- نعم من جميع ما يحرم على المحرم، وقال:- أما بلغك قول أبي عبد الله عليه السلام حلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت عليَّ )[3]، فأنها قالت ( عن محرم ) والإمام عليه لم يستفصل عن المحرم في مقام الجواب فهو لم يقل هل كان هذا في عمرة تمتع أو مفردة أو في حج ؟ بل سكت فيدلّ على أنّ هذا الحكم - وهو حلية النساء - ثابت في جميع الأفراد بما في ذلك المعتمر بعمرة التمتّع فيثبت بذلك المطلب.
إن قلت:- صحيح إنّ هذه الرواية مطلقة ولكن توجد رواية ثانية مطلقة تحرّم النساء مطلقاً، فهذه تحلّل النساء للمحصور مطلقاً بينما تلك تحرم النساء مطلقاً للمحصور فتحصل المعارضة بين الروايتين فكيف تأخذ بهذه مع أنها معارضة بتلك، وتلك الرواية هي صحيحة معاوية التي ذكرناها في بداية أحكام المصدود والمحصور وهي:- ( المحصور غير المصدود، وقال:- المحصور هو المريض .... والمصدود تحلّ له النساء والمحصور لا تحل له النساء )[4]
إذن كما أنّ رواية البزنطي مطلقة وهي تحلّل بإطلاقها النساء للمعتمر بعمرة التمتع كذلك هذه مطلق وبإطلاقها للمعتمر بعمرة التمتع تحرّم عليه النساء فتحصل معارضة فلماذا تقدّم هذه على تلك بل المناسب أن نوقع المعارضة ثم نلاحظ النتائج بعد المعارضة وأنها ماذا تقتضي.
أجاب(قده) وقال:- صحيحٌ أنّ هذه مطلقة وتلك مطلقة ولكن توجد رواية ثالثة تقول في خصوص المعتمر بالعمرة المفردة أنّه لا تحلّ له النساء وهي الرواية الناقلة لقضيّة الإمام الحسين عليه السلام فإنه في ذيلها ورد:- ( .... أَحِلٌّ له النساء ؟ قال لا حتى يأتي بطوافٍ وسعي ) . إذن الرواية التي تنقل قضيّة الإمام الحسين عليه السلام والتي موردها هو العمرة المفردة - حيث إن الإمام الحسين كان معتمراً بعمرة مفردة - فالإمام قال لا تحلّ له النساء حتى يأتي بطوافٍ وسعي.
فإذا عرفنا هذا نقول آنذاك:- إنَّ هذه الرواية أخصُّ مطلقاً من صحيحة البزنطي لأنّ صحيحة البزنطي تحلّل مطلقاً وهذه تمنع في خصوص المعتمر بالعمرة المفردة فهي أخصّ مطلقاً منها - وقد يقال لماذا هي أخص مطلقاً من هذه بل لماذا لا نقول هي أخصّ مطلقاً من الرواية التي قرأناها في أوّل أحكام المصدود والحصور والتي ورد فيها أن المحصور لا تحلّ له الناء فلماذا لا نقول إنّ هذه الرواية الناقلة لقضيّة الإمام الحسين أخصّ مطلقاً من تلك وإنما قلت هي أخصّ مطلقاً من صحيحة البزنطي التي تحلّل النساء ؟ والجواب هو إنّ المخصّص لابد وأن يكون مخالفاً للعام المطلق أي المخصَّص وإلّا لو كان موافقاً فلا يصير تخصيص، فإذن نقول إن هذه الرواية الناقلة لقضيّة الإمام الحسين توافق الرواية الأولى لمعاوية بن عمّار لأنّ رواية معاوية تقول المحصور لا تحلّ له النساء والناقلة لقضيّة الإمام الحسين تقول لا تحلّ له النساء أيضاً، وهذا بخلافه بالنسبة إلى صحيحة البزنطي إذ هي تقول تحلّ لمن انكسرت رجله النساء والطيب والثياب وأمّا قضية الإمام الحسين فتقول لا تحلّ له النساء إلا إذا أتى بالطوافٍ وسعي فتوجد مخالفة فيصير تخصيصٌ، وهذه نكتة واضحة، فالتخصيص لا يكون إلا في مورد المخالفة بين حكم المخصِّص وحكم العام المخصَّص -.
فإذا عرفنا هذا فإذن الرواية الناقلة لقضيّة الإمام الحسين عليه السلام أخصّ من صحيحة البزنطي فتخصّصها وإذا خصّصت صحيحة البزنطي فسوف تصير نتيجة صحيحة البزنطي بعد التخصيص هي أنّ المحصور تحلّ له النساء والثياب والطيب ولكن غير المعتمر بالعمرة المفردة، يعني سوف تصير مختصّة بعمرة التمتع وبالحج فهي شاملة للاثنين ولم تشمل الثلاثة فخرجت العمرة المفردة فإذا خرجت العمرة المفردة من صحيحة البزنطي فسوف تنقلب نسبتها مع صحيحة معاوية الأولى التي قرأناها لأن تلك مطلقة شاملة للثلاثة وتقول إنَّ المحصور لا تحلّ له النساء - يعني سواء كان في عمرة مفردة أو عمرة تمتع أو في حج - أمّا صحيحة البزنطي فتقول إنّ الاثنين فقط تحلّ لهما النساء فتصير أخصّ مطلقاً ولا توجد معارضة بينهما بالتباين أو بالعموم من وجه، فتصير النتيجة هي أنّ صحيحة معاوية - بعد أن خصّصناها بصحيحة البزنطي وانقلاب النسبة - مختصةً بخصوص العمرة المفردة، هكذا ذكر السيد الخوئي(قده) وانتهى إلى هذه النتيجة.