34/05/29
تحمیل
الموضوع: تعمد الكلام في الصللاة
مرّ ان الكلام في الصلاة مبطل تعمدا لاسهوا وان الكلام موضوعا عند المشهور هو ماتألف من حرفين فصاعدا سواء كانا مهملين أو موضوعين
ومرّ ان الوضع على انحاء فإن كان مراد المشهور الوضوع لمعنى فهو تام وأما ان كان مراد المشهور الوضوع أعم من ان يكون لمعنى أو وضع اللفظ كلفظ فهذا يعم حتى حروف الهجاء بخلاف غيرها
وقبل الخوض في الروايات نخوض في كلمات اللغويين فنخوض الآن في موضوع البحث تصورا لاتصديقا فان فرض البحث وموضوعه له مرحلة تصورية تفهم من كلمات الفقهاء فلابد أولا من تصور محل البحث ثم نعاود البحث عن الأدلة تصديقا
فبعض الفقهاء يقول ان هذا البحث لاصلة له بواقع موضوع البحث لأن عنوان الكلام غير موجود بل ان الموجود هو عنوان التكلم وان مفاد التكلم مفاده غير الكلام، وصحة هذا الكلام وسقمه سيأتي فيما بعد
ففي اللغة والصحاح ان الكلام هو إسم جنس يقع على الكثير والقليل
وفي تاج العروس نقلا عن التهذيب ان الكلمة تقع على الحرف الواحد من حروف الهجاء وعلى لفظة مركبة من جماعة حروف ويطلق الكلام على قصيده بكمالها، قال: ويطلق على جنس مايتكلم به من كلمة ولوكانت حرف واحد كواو العطف أو أكثر
ونقل أيضا في تاج العروس عن سيبويه ان الكلام هو الجملة المفيدة بخلاف القول يشمل جملة مفيدة أصواتا تامة مفيدة
وعن الجوهري الكلم لايكون أقل من ثلاث كلمات لأنه جمع كلمة وقيل الكلام هو اللفظ المركب أفاد أو لم يفد وان الكلام في أصل اللغة هو أصوات متتابعة بمعنى المفهوم ونظيرة انه جمعت حروف ذات معنى
وفي مجمع البحرين انه الحروف المسموعة المنتظمة
فنلاحظ بعض اللغويين يوسّع إطلاق الكلام حتى على الحرف الواحد وبعضهم فقط على الحروف المتظمة ذات المعنى أما دعوى ان اللغويين كلهم قالوا ان الكلام هو ماتركب من حرفين فصاعدا فحسب مانقلناه نرى ان البعض وسّعه حتى للحرف الواحد
فرضي الدين نجم الائمة الذي كتب شرح الاسترابادي في القرن السابع أو الثامن يرى ان الكلام من حرفين فما زاد
ولاريب ان الدلالة التفهيمية ليست مقومة لصدق عنوان الكلام فإن الدلالة الاستعمالية كافية بل ان الدلالة التصورية هي كافية أيضا فالظاهر ان صدق الكلام لايتوقف على وجود المدلول التفهيمي ولا الاستعمالي فمجرد وجود المدلول التصوري كاف بل يمكن رفع اليد أيضا عن المدلول التصوري وهذا مابنى عليه المشهور حيث قالوا ان الكلام ما اشتمل على حرفين مهملين فصاعدا وهو يعني انه لم يوضع لمعنى
فالمشهور في تعريفهم للكلام لم يعلّقوا صدق عنوان الكلام على وجود معنى في البين أصلا لاتصور ولااستعمالي فضلا عن الاستعمالي والتفهيمي والجدي
وان الفرق بين المعنى التصوري والمعنى الاستعمالي والتفهيمي والجدي هو ان المعنى الاستعمالي والتفهيمي والجدي هو معنى تصديقي أما التصوري فهو تصوري وذلك لأن في المعنى الاستعمالي أو التفهيمي أو الجدي فضلا عن أصل المعنى فإنك تصف المعنى بأنه مراد بالإرادة الاستعمالية أو التفهيمية أو الجدية بخلاف المعنى اذا لم يكن مراد استعماله فوصوف المعنى بأنه مراد استعمالا أو تفهيما أو جدا هو حكم وتصديق طابق الواقع أولم يطابق بينما المعنى التصوري فهو لايحكي عن شيء
فالمشهور بنى على ان الكلام ماتكون من حرفين ولو مهملين فصاعدا فيظهر ان الكلام عند المشهور ان مقصودهم حرفين مهملين هو مهملين في الوضع الثاني لافي الوضع الأول فهما موضعين في كل لغة من لغات العالم
فلدينا وضع للحروف لابد منه قبل وضع المعاني فتعبير المشهور بحرفين ولو مهملين المراد منه المهملين في الوضع الثاني أي بلحاظ المعنى وليسا مهملين في الوضع الأول بل بلحاظ الوضع الأول فإن هذين الحرفين موضوعين بلحاظ أي لغة من لغات البشر في العالم
ولكن لايبعد صدق التكلم لو كان الشخص يعرف لغات اخرى كما سيأتي اذا كان الطرف الآخر يعرف تلك اللغة لأن التكلم هو كل تخاطب مع غير الله
والسبب في قول المشهور قولين ولم يقل حرف واحد هو انه في علم الصرف والتجريد والعروض يقال انه ممتنع وقوعا عادة أو عقلا ان يتلفظ الانسان أو يتهجى بحرف واحد
فالحروف تارة يقرأها الانسان بجهر وتارة بالإخفات فإن الإخفات هو أقل نبرة من الجهر في الصوت وان الإخفات هو أيضا درجات فلو ضم المتكلم حرف جهر وحرف إخفات فإن حرف الإخفات يكون أصغر لأن تعدد الحرف بتعدد أصل التهجي
ونقطة اخرى لقول المشهور بالحرفين هو ان الفتحة والكسرة والضمة فلو أتى الإنسان بحرف جهر فإن الفتحة تكون درجة الصوت فيها أكبر منه في الإخفات
فالمشهور بالنتيجة يبني على ان التلفظ بحرف واحد عرفا هو في الواقع حرفين مبطل فقد ثبت في علوم اللغة الامتناع عادة التلفظ بالحرف الواحد دون الحرف الثاني ولو كان هذا الحرف هاء السكت