33/07/13
تحمیل
الموضوع: مساواة موضع الجبهة الى موضع الموقف
كان الكلام في واجبات السجود ووصل بنا المقام الى الواجب السابع وهو مساواة موضع الجبهة الى موضوع الموقف بمعنى عدم علوه وعدم انخفاضه أكثر من مقدار لبنة أي بمقدار أربعة أصابع
وتقدم ان إجمالا ان بعض المتقدمين لم يعنونوا هذه المسألة بينما المتأخرين ومتأخري المتأخرين عنونوا هذه المسألة لكن بلحاظ العلو أي ان لايكون المسجد أعلى بلبنة بينما في الانخفاظ صرح العلامة الحلي بجوازه أزيد من لبنة
إنما الشهيدان ومن بعدهما عمما الحكم انخفاظا وعلوا، وأيضا العلامة الحلي في التذكرة كما قلنا
روايات المقام
الرواية الاولى: صحيحة عبد الله بن سنان في أبواب السجود الباب العاشر قال سألت ابا عبد الله (عليه السلام) عن موضوع جبهة الساجد أيكون أرفع من مقامه؟ قال: فقال لا ولكن ليكن مستويا وقد عمل بهذه الرواية صاحب المدارك وذهب الى لزوم التساوي انخفاظا وعلّوا
والسبب في ذلك هو ان صاحب المدارك وصاحب المعالم ذهبا الى حجية الخبر الصحيح الأعلائي فقط أي خصوص الخبر الذي كان رواته قد تم توثيقهما من شخصين
لكن سيأتي إنشاء الله في روايات عديدة عندنا ان نفس المعصوم (عليه السلام) كان يسجد على الحصى، بل وحتى زمان النبي (صلى الله عليه واله) وزمان أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يسجد على الحصى
بينما المشهور وحتى السيد الخوئي وجل تلاميذه يرى ان الروايات الحسان كلها حجة فصحيح ان السيد الخوئي من الجهة الصغروية يتشدد لكنه من الجهة الكبروية يتوسع فعنده الخبر الحسن والخبر القوي حجة أيضاً ولايقتصر في الحجية على الخبر الموثق والصحيح الأعلائي بل يعم الأخبار الحسان والقوية وهي الأخبار المعتبرة بالمعنى الأخص
وهذه الرواية الاولى لاتفرق بين علو موضع الجبهة ولابين انخفاظه فجوابه (عليه السلام) بالاستواء
الرواية الثانية: صحيحة أبي بصير في الباب العاشر من أبواب السجود قال سألت ابا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يرفع موضع جبهته في المسجد؟ فقال إني احب ان اضع وجهي في موضع قدمي، وكرهه أي كره الرفع والكراهة كثيراً ما تستخدم في الروايات بمعنى الحرمة سواء الحرمة الوضعية أو الحرمة التكليفية
نعم ان وضع الوجه بموضع القدم وهو المساوة فهذا يحبه الامام (عليه السلام) أما الارتفاع فهو مكروه
الرواية الثالثة: صحيحة عبد الله بن سنان في الباب الحادي عشر عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن السجود على الارض المرتفع؟ فقال اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس وهو قدر أربعة اصابع
وقد يكون مفهومه ان الأكثر فيه البأس، وقيل ان المراد هنا من البأس وعدم البأس البيان الوضعي للماهية وليس البيان التكليفي ومعه فيكون البأس وعدم الباس فيه بمعنى الصحة والبطلان
وهذا الكلام تام ان ان كان المفاد هنا وضعي اما اذا كان المفاد تكليفي فلا يدل على الحرمة واللزوم
وقد يقول القائل ان البيان هنا تكليفي لانه لايمتنع ان يكون في ضمن ماهية المركب البيان تكليفي
وهذا كتسائل على دلالة الروايات كما إحتمله البعض لتوجيه عدم ذكر المتقدمين لهذه المسألة فربما قد بنوا على الإستحباب
الرواية الرابعة: موثق عمار الساباطي في الباب الحادي عشر عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن المريض أيحل له ان يقوم على فراشه ويسجد على الأرض؟ قال: فقال اذا كان قدر آجرا أو أقل استقام له ان يقوم عليه ويسجد على الأرض وان كان أكثر من ذلك فلا والكلام هنا في المفاد الوضعي بدليل كلمة استقام له
وأول من أفتى بهذه الرواية هما الشهيدان واما المتقدمين عليهما فلم يفتوا بهذه الرواية
قال الكليني وفي حديث آخر في السجود على الأرض المرتفعة قال اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن رجليك قدر لبنة فلا بأس
وقد حُدد الانخفاض في موثقة عمار باللبنة وفي مرسلة الكليني هذه حدد الارتفاع باللبنة
الرواية الخامسة: محسنة محمد بن عبد الله وهو من أصحاب الامام الرضا (عليه السلام) في حديث انه سأل عمن يصلي وحده وهذا الحديث وارد في صلاة الجماعة انه هل يسوغ ان يكون الامام أعلى من المأمومين فقال (عليه السلام) لا
وفي ذيل الرواية سئل عمن يصلي وحده فيكون موضع سجوده اسفل من مقامه قال اذا كان وحده فلا بأس وهذه الرواية المسوغة مطلقة
الرواية السادسة: مصحح حسن بن حماد في الباب الثامن من أبواب السجود عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له اضع وجهي في السجود فيقع وجهي على حجر أو على موضع مرتفع احول وجهي الى مكان مستوي؟ قال نعم جر وجهك على الأرض من غير ان ترفعه ومفاد هذا الحديث وضعي لزومي وليس تكليفي ندبي
والعمدة في الاعتماد على هذه الألسن ان مفادها وضعيا لزوميا لاندبيا هو وجود قرينة خاصة وهي ان مستوى الجبهة مع موضع القدم والبدن اذا تفاوت كثيرا فانه سيخل بعنوان السجود شبيه ماورد في الركوع حتى تصل أصابعك الى ركبتيك فهو بيان للحد الوضعي الى هيئة الركوع
فما نحن فيه كذلك فان الروايات هنا واردة الى بيان حد السجود وهو بيان وضعي وليس تكليفيا
ومن ثم تابع متأخري المتأخرين وهم الشهيدين ومن بعدهما انه حتى في الانخفاظ ايضا هكذا وان كان في الانخفاض الأمر أهون باعتبار انه كلما انخفض موضع السجود أكثر فان الانحناء يكون أكثر الاّ ان الانخفاض الفاحش يخرج الهيئة عن حد السجود
هذا تمام الكلام في أصل الحكم من انه هل هو لزومي أو ندبي وهل هو وضعي أو تكليفي
يبقى الكلام الآن في تفاصيل وشقوق عديدة اخرى منها
ان الحكم كما مرّ هو شامل لعلو الجبهة أو انخفاضه بمقتضى موثقة عمار
وجهة اخرى ان الحد المرخص فيه هو مقدار اللبنة أما الزائد على ذلك فيمنع وضعا في الروايات
وجهة ثالثة وهي هل ان الحكم شامل لتفاوت العلو في العلو والانخفاض الدفعي والتدريجي او لخصوص الدفعي، والمراد من الدفعي هو ان يكون المكان مستويا بينما الجبهة مرتفعة أو العكس
اما التفاوت التدريجي فهو على نحوين
تارة التدريجي ملحوظ كما في الهضبة أو أسفل الجبل فواضح هو تدريجي لكن التفاوت ملحوظ
وتارة يكون التفاوت تدريجي غير ملحوظ فهذا كأنه لايشمله كما لو كان الشارع بنفسه مائل بالدقة أكثر من لبنة لكنه عرفا يعتبر مستوي فهذا لاتشمله أدلة المنع