الموضوع:- تنبيهات الأخبار العلاجية- التنبيه الخامس.
ذكرنا فيما سبق أنّ السيد الشهيد(قده) ذهب في بعض كلماته في بحوثه الفقهية إلى فكرة تصنيف الروايات المتعارضة بحسب الرتبة، والنكتة التي استند إليها هي أنّه في الخاصيّن المتعارضين مثل ما ذكرنا في القضيّة الأولى ( اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه ) ورواية ( كل ما يطير لا بأس ببوله خرؤه ) فهنا قيل بأنّه اتفقت الكلمة على أنّهما يتعارضان ويتساقطان والمرجع هو العموم الفوقاني إن كان موجوداً - وذكرنا ذلك العموم - ولم يقل أحد بأنّ العام يدخل في المعارضة، وهذه قضيّة مسلّمة، ولماذا ؟ ذلك لأجل أنّ الخاص بمثابة القرينة على العام والعام أضعف ظهوراً والخاص أقوى ظهوراً فلأجل هذا يكون قرينةً والقرينة لا تتعارض مع ذي القرينة . وهذه النكتة نفسها تجري في مقامنا إذا كانت الروايات من هذه الطائفة لها رتب مختلفة فنقول إنَّ الصريح من هذه الطائفة هو قرينة على الظاهر من الطائفة الثانية فلا يدخل حينئذٍ الظاهر من الطائفة الثانية في المعارضة بين هذا الصريح وذاك الصريح، فهذا الصريح وذاك الصريح لابد وأن يسقطا ولا يدخل معهما الظاهر لأن الظاهر هو ذو القرينة، فإذا تساقط هذا الصريح مع ذاك الصريح نأتي إلى هذا الظاهر مع ذاك الظاهر لا يدخل معهنَّ الاطلاق من تلك الطائفة الثانية لأجل أنّه ذي القرينة وذو القرينة لا يتعارض مع القرينة فيتساقط إذن الظاهران، ثم ننتقل إلى الاطلاق فهذا الإطلاق يتعارض مع ذاك الاطلاق ولا يدخل معهنَّ ما كان أقل درجة - وهو المرتبة الرابعة - في المعارضة، فتبقى المرتبة الرابعة سليمة من المعارض فتكون هي المرجع . هذا توضيح النكتة التي أشار إليها (قده).
وإن شت قلت:- كما أنّ الخاص المعارض بمثله - يعني في مثال ( كلّ ما يطير فبوله وخرؤه طاهر ) مع رواية ( أغسل ثوبك من ابوال ما لا يؤكل لحمه ) - يتساقط مع مثله من دون أن يدخل في المعارضةِ العامُّ ينبغي أن يكون الأمر كذلك في المقام - يعني إذا تعدّدت الروايات في هذا الجانب واختلفت بحسب الرتبة وتعدّدت في ذلك الجانب اختلفت بحسب الرتبة فإنّه ينبغي أن تسقط كلّ رواية مع صاحبتها المتّحدة معها في الرتبة -.