36/05/05
تحمیل
الموضوع:- أصالة
الحس في الإخبار - قواعد وفوائد.
والأجدر أن يقال:- إنّه لابد من ملاحظة المورد، فقد يفترق مورد عن آخر، بمعنى أنّ بعض الموارد قد تكون الجملة الزائدة فيها كبيرة كسطرٍ مثلاً أو نصف سطر وليست بمقدار حرف أو كلمة صغيرة فإنّ هذا بنفسه مرجّح لحقّانيتها لبُعْدِ أنّ هذه العبارة الطويلة قد اشتبه فيها الناقل فنفس كبرها وطولها يكون مرجّحاً عقلائياً للأخذ بها، وهكذا لو فرض أنّ الناقل للزيادة كان متعدّداً بينما كان الناقل للنقيصة واحداً فإن هذا مرجّح للأخذ بطرف الزيادة أيضاً.
إنّه إذا فرض وجود مرجّحات من هذا القبيل وما شاكله فنقبل بتقديم الزيادة وأنها وقعت في موقعها المناسب.
وإذا أريد أن يدّعى انعقاد السيرة بهذا الشكل بمعنى ملاحظة المرجّحات النوعيّة وبهذا التفصيل- فإنّ هذه مرجّحات مورثة للظن النوعي - فهو شيءٌ سليمٌ ومقبول ولكن سوف تصير النتيجة بناءً على هذا التفصيل بين الموارد، فكلّ موردٍ لابد من التعامل فيه بشكلٍ خاص، فإذا فرض أنّ المورد كان يفقد المرجّح في هذا الجانب الموجب للظن النوعي أو المرجّح في ذلك الجانب فحينئذٍ نقول لا مرجّح وبالتالي لا نأخذ بالزيادة فيكون المورد مورد معارضةٍ آنذاك فنتوقّف.
إن قلت:- ما الدليل على حجيّة هذه المرجّحات المورثة للظن النوعي فإنّ هذه ليست اطمئناناً شخصياً حتى نقول بالحجيّة لأجل حجّية الاطمئنان الشخصي بل هي مورثة للظن النوعي فكيف تأخذ بها وأنت ترفض العمل بالظنّ النوعي والعمل به إلا بدليل ؟
قلت:- إنّي أدّعي أنّ السيرة منعقدة بهذا الشكل، يعني أنَّ العقلاء متى ما شاهدوا مرجّحاتٍ من هذا القبيل في هذا الجانب أو ذاك ساروا على طبق ما تقتضيه المرجّحات لا أنها منعقدة على تقديم الزيادة بعرضها العريض.
أصالة الحسّ في الإخبار
إذا فرض أنّ شخصاً أخبر بخبرٍ وكان خبره عن حسٍّ كأن قال ( رأيت زيداً قد جاء من السفر ) والمفروض أن الناقل ثقة فهذا حجّة، وأمّا إذا كان نقله عن حدسٍ كما لو قال ( رأيت أهله يريدون شراء ذبيحة ) فهو يحدس بأنَّ زيداً قد جاء واستند في إخباره بأنّه رأى دماً في باب البيت فهنا نرفض إخباره، فخبر الثقة حجّة في مجال النقل الحسّي دون الحدسي وهذا واضح.
أمّا إذا فرض أنّ المورد كان مورد شكّ لا يدرى أنّ إخباره عن حسٍّ أو عن حدس فهنا أدّعي أنّ الأصل يقتضي كون الإخبار عن حسّ، والمستند في ذلك هو السيرة العقلائية فإنّ أيّ شخصٍ لو جاءنا وأخبرنا بخبرٍ فلا نقول له هل إخبارك هذا عن حسّ أو عن حدس بل نأخذ بخبره رأساً وهذا يدلّ على أن العقلاء يبنون على أصالة الحسّ، وحيث إنّ هذه السيرة ليست جديدة بل كانت موجودة في زمن الأئمة عليهم السلام جزماً فيثب إمضاؤها حيث لم يرد ردعٌ عنها.
ونحن نسلّم بهذا المطلب ولكن بشرط أن يكون المورد من الموارد التي يكون فيها احتمال الحسّ معتدّاً به وشيئاً قريباً، أما إذا فرض أنّ المورد كان من موارد إعمال الحدس بشكلٍ قريب - يعني يمكن فيه الحدس بشكل قريب - فدعوى انعقاد السيرة على العمل بالحسّ وأنَّ النقل نقلٌ عن حسّ فهذا محلّ تأمل لأنّ السيرة دليل لبّي فيؤخذ بمقدار القدر المتيقّن.
إذن هذا الأصل مقبولٌ عندنا في الجملة وهو فيما إذا كان احتمال الحسّ وجيها ومعتداً به ولم يلُح من الأمارات الاستناد إلى الحدس . ولعل كلّ من قال بأصالة الحسّ يقصد هذا وإن لم يصرّح بذلك لوضوح المطلب.
ولكن أريد أن أنبّه على تطبيقٍ لأصالة الحس:- هو الروايات المرسلة للشيخ الصدوق(قده) فإنه يختصّ بظاهرةٍ في كتابه الفقيه فهو كثيراً ما ينقل بنحو الإرسال إمّا بلسان ( روي )، أو يقول ( قال الصادق عليه السلام )، وقفد وقع الكلام في أنّ مراسيل الشيخ الصدوق هل هي حجّة أو لا بعد الاعتراف بأنّ القاعدة الاوليّة تقتضي عدم حجّية المراسيل ولكن لخصوصيّةٍ للشيخ الصدوق يقال بحجيّة مراسيله، وهناك بعض البيانات لا ترتبط بأصالة الحسّ نمرّ عليها مرور الكرام، وهناك بعض البيانات ترتبط بأصالة الحسّ نريد التوقّف عندها:-
أما البيانات التي لا ترتبط بأصالة الحس فذلك بأن يقال:- إنّ الشيخ الصدوق ذكر في مقدّمة كتابه الفقيه ما نصّه:- ( ولم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجّة فيما بيني وبين ربّي تقدس ذكره وتعالت قدرته . وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وعليها المرجع )[1]، إنَّه توجد فقرتان هذه العبارة يمكن التمسّك بهما على حجية مراسيل الشيخ الصدوق الأولى:- ( بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به واحكم بصحته ) فإذن كلّ حديث ذكره هو يحكم بصحته وهو شيخ الفنّ فتكون شهادته معتبرة وعليه فكلّ ما يذكره في كتابه نأخذ به، والثانية هي عبارة ( وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها العوّل وعليها المرجع ) فإذن لا تأمّل لأنّ كلّ هذه الروايات منقولة من كتبٍ مشهورة معتبرة وعليه فكلّ ما ينقله يكون معتبراً.
وكلّ ما تقدّم لا ربط له بأصالة الحس.
والأجدر أن يقال:- إنّه لابد من ملاحظة المورد، فقد يفترق مورد عن آخر، بمعنى أنّ بعض الموارد قد تكون الجملة الزائدة فيها كبيرة كسطرٍ مثلاً أو نصف سطر وليست بمقدار حرف أو كلمة صغيرة فإنّ هذا بنفسه مرجّح لحقّانيتها لبُعْدِ أنّ هذه العبارة الطويلة قد اشتبه فيها الناقل فنفس كبرها وطولها يكون مرجّحاً عقلائياً للأخذ بها، وهكذا لو فرض أنّ الناقل للزيادة كان متعدّداً بينما كان الناقل للنقيصة واحداً فإن هذا مرجّح للأخذ بطرف الزيادة أيضاً.
إنّه إذا فرض وجود مرجّحات من هذا القبيل وما شاكله فنقبل بتقديم الزيادة وأنها وقعت في موقعها المناسب.
وإذا أريد أن يدّعى انعقاد السيرة بهذا الشكل بمعنى ملاحظة المرجّحات النوعيّة وبهذا التفصيل- فإنّ هذه مرجّحات مورثة للظن النوعي - فهو شيءٌ سليمٌ ومقبول ولكن سوف تصير النتيجة بناءً على هذا التفصيل بين الموارد، فكلّ موردٍ لابد من التعامل فيه بشكلٍ خاص، فإذا فرض أنّ المورد كان يفقد المرجّح في هذا الجانب الموجب للظن النوعي أو المرجّح في ذلك الجانب فحينئذٍ نقول لا مرجّح وبالتالي لا نأخذ بالزيادة فيكون المورد مورد معارضةٍ آنذاك فنتوقّف.
إن قلت:- ما الدليل على حجيّة هذه المرجّحات المورثة للظن النوعي فإنّ هذه ليست اطمئناناً شخصياً حتى نقول بالحجيّة لأجل حجّية الاطمئنان الشخصي بل هي مورثة للظن النوعي فكيف تأخذ بها وأنت ترفض العمل بالظنّ النوعي والعمل به إلا بدليل ؟
قلت:- إنّي أدّعي أنّ السيرة منعقدة بهذا الشكل، يعني أنَّ العقلاء متى ما شاهدوا مرجّحاتٍ من هذا القبيل في هذا الجانب أو ذاك ساروا على طبق ما تقتضيه المرجّحات لا أنها منعقدة على تقديم الزيادة بعرضها العريض.
أصالة الحسّ في الإخبار
إذا فرض أنّ شخصاً أخبر بخبرٍ وكان خبره عن حسٍّ كأن قال ( رأيت زيداً قد جاء من السفر ) والمفروض أن الناقل ثقة فهذا حجّة، وأمّا إذا كان نقله عن حدسٍ كما لو قال ( رأيت أهله يريدون شراء ذبيحة ) فهو يحدس بأنَّ زيداً قد جاء واستند في إخباره بأنّه رأى دماً في باب البيت فهنا نرفض إخباره، فخبر الثقة حجّة في مجال النقل الحسّي دون الحدسي وهذا واضح.
أمّا إذا فرض أنّ المورد كان مورد شكّ لا يدرى أنّ إخباره عن حسٍّ أو عن حدس فهنا أدّعي أنّ الأصل يقتضي كون الإخبار عن حسّ، والمستند في ذلك هو السيرة العقلائية فإنّ أيّ شخصٍ لو جاءنا وأخبرنا بخبرٍ فلا نقول له هل إخبارك هذا عن حسّ أو عن حدس بل نأخذ بخبره رأساً وهذا يدلّ على أن العقلاء يبنون على أصالة الحسّ، وحيث إنّ هذه السيرة ليست جديدة بل كانت موجودة في زمن الأئمة عليهم السلام جزماً فيثب إمضاؤها حيث لم يرد ردعٌ عنها.
ونحن نسلّم بهذا المطلب ولكن بشرط أن يكون المورد من الموارد التي يكون فيها احتمال الحسّ معتدّاً به وشيئاً قريباً، أما إذا فرض أنّ المورد كان من موارد إعمال الحدس بشكلٍ قريب - يعني يمكن فيه الحدس بشكل قريب - فدعوى انعقاد السيرة على العمل بالحسّ وأنَّ النقل نقلٌ عن حسّ فهذا محلّ تأمل لأنّ السيرة دليل لبّي فيؤخذ بمقدار القدر المتيقّن.
إذن هذا الأصل مقبولٌ عندنا في الجملة وهو فيما إذا كان احتمال الحسّ وجيها ومعتداً به ولم يلُح من الأمارات الاستناد إلى الحدس . ولعل كلّ من قال بأصالة الحسّ يقصد هذا وإن لم يصرّح بذلك لوضوح المطلب.
ولكن أريد أن أنبّه على تطبيقٍ لأصالة الحس:- هو الروايات المرسلة للشيخ الصدوق(قده) فإنه يختصّ بظاهرةٍ في كتابه الفقيه فهو كثيراً ما ينقل بنحو الإرسال إمّا بلسان ( روي )، أو يقول ( قال الصادق عليه السلام )، وقفد وقع الكلام في أنّ مراسيل الشيخ الصدوق هل هي حجّة أو لا بعد الاعتراف بأنّ القاعدة الاوليّة تقتضي عدم حجّية المراسيل ولكن لخصوصيّةٍ للشيخ الصدوق يقال بحجيّة مراسيله، وهناك بعض البيانات لا ترتبط بأصالة الحسّ نمرّ عليها مرور الكرام، وهناك بعض البيانات ترتبط بأصالة الحسّ نريد التوقّف عندها:-
أما البيانات التي لا ترتبط بأصالة الحس فذلك بأن يقال:- إنّ الشيخ الصدوق ذكر في مقدّمة كتابه الفقيه ما نصّه:- ( ولم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجّة فيما بيني وبين ربّي تقدس ذكره وتعالت قدرته . وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وعليها المرجع )[1]، إنَّه توجد فقرتان هذه العبارة يمكن التمسّك بهما على حجية مراسيل الشيخ الصدوق الأولى:- ( بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به واحكم بصحته ) فإذن كلّ حديث ذكره هو يحكم بصحته وهو شيخ الفنّ فتكون شهادته معتبرة وعليه فكلّ ما يذكره في كتابه نأخذ به، والثانية هي عبارة ( وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها العوّل وعليها المرجع ) فإذن لا تأمّل لأنّ كلّ هذه الروايات منقولة من كتبٍ مشهورة معتبرة وعليه فكلّ ما ينقله يكون معتبراً.
وكلّ ما تقدّم لا ربط له بأصالة الحس.