36/07/09
تحمیل
الموضوع:- قاعدة المورد لا يخصّص الوارد - قواعد وفوائد.
ثم إنّ ههنا أموراً يجدر الالتفات إليها:-
الأمر الأوّل:- ما هو مدرك القاعدة المذكورة ؟
والجواب:- إنّ المدرك هو الظهور العرفي، فمثلاً صحيحة زرارة التي قال الإمام في آخرها:- ( يا زرارة كلما شككت ... ) ظاهرة عرفاً في السعة والشمول لكلّ بابٍ لا خصوص باب الصلاة، ولأجل هذا الشعور الوجداني بالظهور عبّرنا وقلنا بأنَّ المورد لا يخصّص الوارد، فإذن هذه الفاظٌ جاءت عقيب الشعور بالظهور في السّعة لا أنّ هذه الألفاظ والقاعدة هي التي ولّدت الشمول والسّعة بل الظهور في السعة هو الذي جعلنا نقول ( إذن المورد لا يصير مخصّصاً للحكم العام الوارد ).
وعلى هذا الأساس ينبغي لنا دائماً أن نلاحظ ونتساير ونتأمل في الظهور وهل هناك ظهورٌ في السّعة والشمول أو لا فنسير وراء هذا ولا نسير وراء ألفاظ القاعد.
إذن المدرك لهذه القاعدة هو الظهور المذكور، فإن شعرنا بثبوته حكمنا بأنّ المورد لا يخصّص الوارد، وإن أحسسنا بوجود إجمالٍ في السّعة والشمول فسوف نتوقف ولا ينبغي أن تؤثر علينا ألفاظ القاعدة.
الأمر الثاني:- ما الفرق بين هذه القاعدة وقاعدة إلغاء خصوصيّة المورد فإنه قد تقدّم سابقاً أنّ مورد النصّ قد يكون شيئاً خاصّاً ولكن العرف يلغي خصوصيّة المورد ويعمّم الحكم والسؤال، فما الفارق بين إلغاء الخصوصيّة عرفاً وبين قاعدة المورد لا يخصّص الوارد فهل هما قاعدتان أو هما قاعدةً واحدةً وإذا كانا قاعدتين فما هو المائز ؟
والجواب:- يوجد مائزٌ بينهما، فإنّه في قاعدة المورد لا يخصّص الوارد يفترض وجود موردٍ ويوجد إلى جنبه حكمٌ عامٌّ وقاعدة عامّة - فهو موردٌ زائداً قاعدة عامّة -، من قبيل ما ذكرنا في صحيحة زرارة فإنّ المورد كان هو أنّه شك في الإقامة بعد أن دخل في التكبير أو القراءة فإنّ هذا موردٌ ولكنّ الإمام عليه السلام أعطى بعد ذلك قاعدةً، هذا مورد القاعدة المذكورة.
بينما بالنسبة إلى إلغاء خصوصيّة المورد يكفي الأوّل - يعني يكفي وجود موردٍ من دون وجود قاعدة عامة وحكم عّام - فالمورد خاصّ من دون وجود قاعدةٍ عامّةٍ ونحن نلغي خصوصيّة المورد.
إذن صار الفارق بينهما واضحاً.
وربما يفترض إمكان تطبيق قاعدة المورد لا يخصّص الوارد من دون إمكان تطبيق إلغاء خصوصيّة المورد، كما ربما يفترض بالعكس:-
مثال الأوّل:- صحيحة زرارة فإن الإمام عليه السلام قال في آخرها:- ( يا زرارة كلما شككت في شيء ... ) ، هنا يمكن التمسّك بقاعدة المورد لا يخصّص الوارد والمورد - وهو الصلاة - لا يخصّص القاعدة.
ولكن هل يمكن التمسّك بقاعدة إلغاء خصوصيّة المورد ؟ كلا، فإنّه بقطع النظر عن القاعدة التي ذكرها الإمام عليه السلام في آخر الرواية - يعني لو كنّا نحن ومورد الرواية وهو باب الصلاة من دون تلك القاعدة - هل كنّا نلغي خصوصيّة المورد ونتعدّى إلى الطواف وإلى السعي مثلاً ؟ كلّا، فإلغاء خصوصيّة المورد غير ممكنٍ هنا إذ نحتمل ثبوت خصوصيّة للمورد، ولكن قد نتعدّى تمسّكاً بعموم القاعدة.
إذن هنا أمكن تطبيق قاعدة المورد لا يخصّص الوارد من دون إمكان تطبيق قاعدة إلغاء خصوصيّة المورد.
وأما مثال الثاني:- فهو صحيحة أبي جعفر الأحول:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- أخرج من الخلاء فأستنجي بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به، فقال:- لا بأس )[1]، هنا في مثل هذه الحالة يمكن إلغاء خصوصيّة المورد - فإنّ المورد هو أبو جعفر الأحول فنلغي هذه الخصوصيّة - ولا يحتمل أنّ هذه خصوصيّة لاستنجاء أبي جعفر الأحول، فخصوصيّة المورد ملغاة.
ولكن لا يمكن تطبيق قاعدة المورد لا يخّصص الوارد لأنّ الإمام عليه السلام لم يعط قاعدة بل قال ( لا بأس ) فيمكن تطبيق قاعدة إلغاء خصوصيّة المورد فقط من دون إمكان تطبيق قاعدة المورد لا يخصّص الوارد.
وربما يتجاوران لا أنهما يجتمعان فإنّ الاجتماع لا يحصل، مثل رواية الكاهلي المتقدّمة الواردة في ماء المطر حيث جاء فيها:- ( يسيل عليَّ من ماء المطر أرى فيه التغيّر ...... قال:- ما بذا بأسٌ كلّ شيءٍ يراه ماء المطر فقد طهر )، هنا تجاورت القاعدتان فإنّه لو لم يقل عليه السلام ( كلّ شيءٍ يراه ماء المطر فقد طهر ) لكنّا نطبّق قاعدة إلغاء خصوصيّة المورد فالإمام حينما قال ( ما بذا بأس ) فهذا لا يختصّ بالسائل الذي سأله بل يعمّه ويعمّ بقية الناس فلا خصوصيّة للمورد، وبلحاظ ذكره بعد ذلك للقاعدة نطبّق بلحاظ القاعدة أنّ المورد لا يخصّص الوارد، فتجاورت القاعدتان من دون أن تجتمعا في موردٍ واحد فالتفت إلى ذلك.
الأمر الثالث:- ذكر الشيخ النائيني(قده) مطلباً في ردّ صاحب الكفاية(قده) فإن صاحب الكفاية قال إنّ القدر المتيقّن في مقام التخاطب يمنع من التمسّك بالإطلاق ومن انعقاده لبيانٍ قد ذكرناه.
ونقض عليه الشيخ النائيني(قده) وقال:- لا يمكن أن يمنع القدر المتيقّن في مقام التخاطب من انعقاد الإطلاق وإلا فما رأيك في الرواية الواردة في بئر بضاعة فقد سئل النبي صلى الله عليه وأله عنها وأنّه وقعت فيه نجاسة فأجاب بأنّ الله تعالى خلق الماء طهوراً لا ينجّسه شيء إلّا ما غيّر لونه أو طمه أو لونه، ونصّ الرواية:- ( قال النبي صلى الله عليه وآله وقد سئل عن بئر بضاعة:- خلق الله الماء طهوراً لا ينجسّه شيء إلّا ما غيّر لونه أو طعمة أو ريحه )[2] فالقدر المتيقّن في مقام التخاطب ما هو ؟ إنّه بئر بضاعة والنبي صلى الله عليه وآله أجاب بهذا الجواب، إنه بناءً على رأيك يلزم أن لا ينعقد إطلاقٌ في حكم النبي صلى الله عليه وآله، يعني لا نأخذ بإطلاق قوله ( خلق الماء طهوراً لا ينجسه شيء ) لأنّه يوجد قدر متيقّن في مقام التخاطب ونقول يختص هذا الحكم ببئر بضاعة، وهل تحتمل هذا الشيء ؟!! ونصّ عبارته(قده):- ( إنّ أوضح مصاديق القدر المتيقّن في مقام التخاطب هو ورود العام والمطلق في موردٍ خاصٍّ كقوله عليه السلام " خلق الله الماء طهوراً " في مورد السؤال عن ماء بئر بضاعة فإنّ المورد هو المتيقّن المراد من الفظ المطلق مع أنّه لا يُخَصَّص المطلق بالمورد ولا قال به أحد ولا هو قدس سره قال به )[3].
ونحن دفاعاً عن صاحب الكفاية نقول:- صحيحٌ أنه لا يمكن التمسّك بالاطلاق ولكن عندنا بديلٌ مجاورٌ وهو عدم الخصوصيّة للمورد، فلنفرض أنّ هذه القاعدة العامّة لم تكن موجودةً - أي قاعدة خلق الله الماء طهوراً لا ينجسه شيء - وإنما الرواية كانت تقول سئل عن بئر بضاعة فقال ( لا تتنجّس ) أو ( لا بأس ) من دون ذكر قاعدةٍ فمع ذلك نقول بالتعدّي والعموم من ناحية عدم احتمال الخصوصيّة لبئر بضاعة.
إذن هذا لا يتسجّل نقضاً على الشيخ الخراساني(قده)، فبالتالي كلّ ما يذكر بالنسبة إلى بئر بضاعة نطبّقه على غير هذا البئر من باب عدم احتمال الخصوصيّة لهذا البئر.
الأمر الرابع:- يوجد مثالان لا بأس بالإشارة إليهما:-
المثال الأوّل:- قوله تعالى في خطاب نساء النبي:- ﴿ يا نساء النبي لستن كأحدٍ من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ..... ﴾[4].
ومن باب الفائدة الجانبية أبين مسألة:- وهي أنّه هناك كلام بين الفقهاء في أنّ كلّ ما يثير شهوة الرجل هل يجوز للمرأة أن تصنعه أو لا يجوز ذلك كأن تضع رائحةً طيّبةً مثيرةً فلماذا لا يجوز هذا فإنَّه ليس نظراً إلى المرأة الأجنبية وليس كشفاً للعورة أمامه فلماذا يكون حراماً ؟
والجواب:- يمكن أن نستند إلى هذه الآية الكريمة وهي:- ﴿ ... إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ..﴾ ، فهي قد ذكرت النكتة وهي ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ ونلغي خصوصيّة ﴿ فلا تخضعن بالقول ﴾ لأنّ هذا لا يوجد احتمال الخصوصيّة له بل الخصوصيّة كلّ الخصوصيّة هي لــ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ يعني يُثار.
إذن كلّ ما يثير لا يجوز للمرأة فعله، وهذا هو أحد المستندات التي يمكن التمسّك بها لإثبات ذلك.
وإذا اتضح هذا يأتي سؤال:- وهو أنّ هذه الآية الكريمة ناظرة إلى نساء النبي صلى الله عليه وآله فالحرمة إذا كانت موجودةً فهي خاصّة بنساء النبي فنساء النبي ينبغي أن لا يصنعن شيئاً يثير الرجال وكلامنا هو في سائر النساء ؟!!
ثم إنّ ههنا أموراً يجدر الالتفات إليها:-
الأمر الأوّل:- ما هو مدرك القاعدة المذكورة ؟
والجواب:- إنّ المدرك هو الظهور العرفي، فمثلاً صحيحة زرارة التي قال الإمام في آخرها:- ( يا زرارة كلما شككت ... ) ظاهرة عرفاً في السعة والشمول لكلّ بابٍ لا خصوص باب الصلاة، ولأجل هذا الشعور الوجداني بالظهور عبّرنا وقلنا بأنَّ المورد لا يخصّص الوارد، فإذن هذه الفاظٌ جاءت عقيب الشعور بالظهور في السّعة لا أنّ هذه الألفاظ والقاعدة هي التي ولّدت الشمول والسّعة بل الظهور في السعة هو الذي جعلنا نقول ( إذن المورد لا يصير مخصّصاً للحكم العام الوارد ).
وعلى هذا الأساس ينبغي لنا دائماً أن نلاحظ ونتساير ونتأمل في الظهور وهل هناك ظهورٌ في السّعة والشمول أو لا فنسير وراء هذا ولا نسير وراء ألفاظ القاعد.
إذن المدرك لهذه القاعدة هو الظهور المذكور، فإن شعرنا بثبوته حكمنا بأنّ المورد لا يخصّص الوارد، وإن أحسسنا بوجود إجمالٍ في السّعة والشمول فسوف نتوقف ولا ينبغي أن تؤثر علينا ألفاظ القاعدة.
الأمر الثاني:- ما الفرق بين هذه القاعدة وقاعدة إلغاء خصوصيّة المورد فإنه قد تقدّم سابقاً أنّ مورد النصّ قد يكون شيئاً خاصّاً ولكن العرف يلغي خصوصيّة المورد ويعمّم الحكم والسؤال، فما الفارق بين إلغاء الخصوصيّة عرفاً وبين قاعدة المورد لا يخصّص الوارد فهل هما قاعدتان أو هما قاعدةً واحدةً وإذا كانا قاعدتين فما هو المائز ؟
والجواب:- يوجد مائزٌ بينهما، فإنّه في قاعدة المورد لا يخصّص الوارد يفترض وجود موردٍ ويوجد إلى جنبه حكمٌ عامٌّ وقاعدة عامّة - فهو موردٌ زائداً قاعدة عامّة -، من قبيل ما ذكرنا في صحيحة زرارة فإنّ المورد كان هو أنّه شك في الإقامة بعد أن دخل في التكبير أو القراءة فإنّ هذا موردٌ ولكنّ الإمام عليه السلام أعطى بعد ذلك قاعدةً، هذا مورد القاعدة المذكورة.
بينما بالنسبة إلى إلغاء خصوصيّة المورد يكفي الأوّل - يعني يكفي وجود موردٍ من دون وجود قاعدة عامة وحكم عّام - فالمورد خاصّ من دون وجود قاعدةٍ عامّةٍ ونحن نلغي خصوصيّة المورد.
إذن صار الفارق بينهما واضحاً.
وربما يفترض إمكان تطبيق قاعدة المورد لا يخصّص الوارد من دون إمكان تطبيق إلغاء خصوصيّة المورد، كما ربما يفترض بالعكس:-
مثال الأوّل:- صحيحة زرارة فإن الإمام عليه السلام قال في آخرها:- ( يا زرارة كلما شككت في شيء ... ) ، هنا يمكن التمسّك بقاعدة المورد لا يخصّص الوارد والمورد - وهو الصلاة - لا يخصّص القاعدة.
ولكن هل يمكن التمسّك بقاعدة إلغاء خصوصيّة المورد ؟ كلا، فإنّه بقطع النظر عن القاعدة التي ذكرها الإمام عليه السلام في آخر الرواية - يعني لو كنّا نحن ومورد الرواية وهو باب الصلاة من دون تلك القاعدة - هل كنّا نلغي خصوصيّة المورد ونتعدّى إلى الطواف وإلى السعي مثلاً ؟ كلّا، فإلغاء خصوصيّة المورد غير ممكنٍ هنا إذ نحتمل ثبوت خصوصيّة للمورد، ولكن قد نتعدّى تمسّكاً بعموم القاعدة.
إذن هنا أمكن تطبيق قاعدة المورد لا يخصّص الوارد من دون إمكان تطبيق قاعدة إلغاء خصوصيّة المورد.
وأما مثال الثاني:- فهو صحيحة أبي جعفر الأحول:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- أخرج من الخلاء فأستنجي بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به، فقال:- لا بأس )[1]، هنا في مثل هذه الحالة يمكن إلغاء خصوصيّة المورد - فإنّ المورد هو أبو جعفر الأحول فنلغي هذه الخصوصيّة - ولا يحتمل أنّ هذه خصوصيّة لاستنجاء أبي جعفر الأحول، فخصوصيّة المورد ملغاة.
ولكن لا يمكن تطبيق قاعدة المورد لا يخّصص الوارد لأنّ الإمام عليه السلام لم يعط قاعدة بل قال ( لا بأس ) فيمكن تطبيق قاعدة إلغاء خصوصيّة المورد فقط من دون إمكان تطبيق قاعدة المورد لا يخصّص الوارد.
وربما يتجاوران لا أنهما يجتمعان فإنّ الاجتماع لا يحصل، مثل رواية الكاهلي المتقدّمة الواردة في ماء المطر حيث جاء فيها:- ( يسيل عليَّ من ماء المطر أرى فيه التغيّر ...... قال:- ما بذا بأسٌ كلّ شيءٍ يراه ماء المطر فقد طهر )، هنا تجاورت القاعدتان فإنّه لو لم يقل عليه السلام ( كلّ شيءٍ يراه ماء المطر فقد طهر ) لكنّا نطبّق قاعدة إلغاء خصوصيّة المورد فالإمام حينما قال ( ما بذا بأس ) فهذا لا يختصّ بالسائل الذي سأله بل يعمّه ويعمّ بقية الناس فلا خصوصيّة للمورد، وبلحاظ ذكره بعد ذلك للقاعدة نطبّق بلحاظ القاعدة أنّ المورد لا يخصّص الوارد، فتجاورت القاعدتان من دون أن تجتمعا في موردٍ واحد فالتفت إلى ذلك.
الأمر الثالث:- ذكر الشيخ النائيني(قده) مطلباً في ردّ صاحب الكفاية(قده) فإن صاحب الكفاية قال إنّ القدر المتيقّن في مقام التخاطب يمنع من التمسّك بالإطلاق ومن انعقاده لبيانٍ قد ذكرناه.
ونقض عليه الشيخ النائيني(قده) وقال:- لا يمكن أن يمنع القدر المتيقّن في مقام التخاطب من انعقاد الإطلاق وإلا فما رأيك في الرواية الواردة في بئر بضاعة فقد سئل النبي صلى الله عليه وأله عنها وأنّه وقعت فيه نجاسة فأجاب بأنّ الله تعالى خلق الماء طهوراً لا ينجّسه شيء إلّا ما غيّر لونه أو طمه أو لونه، ونصّ الرواية:- ( قال النبي صلى الله عليه وآله وقد سئل عن بئر بضاعة:- خلق الله الماء طهوراً لا ينجسّه شيء إلّا ما غيّر لونه أو طعمة أو ريحه )[2] فالقدر المتيقّن في مقام التخاطب ما هو ؟ إنّه بئر بضاعة والنبي صلى الله عليه وآله أجاب بهذا الجواب، إنه بناءً على رأيك يلزم أن لا ينعقد إطلاقٌ في حكم النبي صلى الله عليه وآله، يعني لا نأخذ بإطلاق قوله ( خلق الماء طهوراً لا ينجسه شيء ) لأنّه يوجد قدر متيقّن في مقام التخاطب ونقول يختص هذا الحكم ببئر بضاعة، وهل تحتمل هذا الشيء ؟!! ونصّ عبارته(قده):- ( إنّ أوضح مصاديق القدر المتيقّن في مقام التخاطب هو ورود العام والمطلق في موردٍ خاصٍّ كقوله عليه السلام " خلق الله الماء طهوراً " في مورد السؤال عن ماء بئر بضاعة فإنّ المورد هو المتيقّن المراد من الفظ المطلق مع أنّه لا يُخَصَّص المطلق بالمورد ولا قال به أحد ولا هو قدس سره قال به )[3].
ونحن دفاعاً عن صاحب الكفاية نقول:- صحيحٌ أنه لا يمكن التمسّك بالاطلاق ولكن عندنا بديلٌ مجاورٌ وهو عدم الخصوصيّة للمورد، فلنفرض أنّ هذه القاعدة العامّة لم تكن موجودةً - أي قاعدة خلق الله الماء طهوراً لا ينجسه شيء - وإنما الرواية كانت تقول سئل عن بئر بضاعة فقال ( لا تتنجّس ) أو ( لا بأس ) من دون ذكر قاعدةٍ فمع ذلك نقول بالتعدّي والعموم من ناحية عدم احتمال الخصوصيّة لبئر بضاعة.
إذن هذا لا يتسجّل نقضاً على الشيخ الخراساني(قده)، فبالتالي كلّ ما يذكر بالنسبة إلى بئر بضاعة نطبّقه على غير هذا البئر من باب عدم احتمال الخصوصيّة لهذا البئر.
الأمر الرابع:- يوجد مثالان لا بأس بالإشارة إليهما:-
المثال الأوّل:- قوله تعالى في خطاب نساء النبي:- ﴿ يا نساء النبي لستن كأحدٍ من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ..... ﴾[4].
ومن باب الفائدة الجانبية أبين مسألة:- وهي أنّه هناك كلام بين الفقهاء في أنّ كلّ ما يثير شهوة الرجل هل يجوز للمرأة أن تصنعه أو لا يجوز ذلك كأن تضع رائحةً طيّبةً مثيرةً فلماذا لا يجوز هذا فإنَّه ليس نظراً إلى المرأة الأجنبية وليس كشفاً للعورة أمامه فلماذا يكون حراماً ؟
والجواب:- يمكن أن نستند إلى هذه الآية الكريمة وهي:- ﴿ ... إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ..﴾ ، فهي قد ذكرت النكتة وهي ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ ونلغي خصوصيّة ﴿ فلا تخضعن بالقول ﴾ لأنّ هذا لا يوجد احتمال الخصوصيّة له بل الخصوصيّة كلّ الخصوصيّة هي لــ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ يعني يُثار.
إذن كلّ ما يثير لا يجوز للمرأة فعله، وهذا هو أحد المستندات التي يمكن التمسّك بها لإثبات ذلك.
وإذا اتضح هذا يأتي سؤال:- وهو أنّ هذه الآية الكريمة ناظرة إلى نساء النبي صلى الله عليه وآله فالحرمة إذا كانت موجودةً فهي خاصّة بنساء النبي فنساء النبي ينبغي أن لا يصنعن شيئاً يثير الرجال وكلامنا هو في سائر النساء ؟!!
[2] مستدرك الوسائل،
النوري، ج1، ص202، ابواب الماء المطلق، ب134، ح4، ينقلها عن عوالي اللآلي عن
الفاضل المقداد قال:- ( قال النبي ... ) .
[3] فوائد الأصول، الأنصاري.