36/08/07
تحمیل
الموضوع:- تأثير الزمان والمكان على عملية الاستنباط -قواعد وفوائد.
المثال الثاني:- الروايات التي تنهى عن التصريح باسم مولانا حجة الله في أرضه، من قبيل صحيحة ابن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( صاحب هذا الأمر لا يسمّيه باسمه إلا كافر )[1].
وعلى منوالها رواية داود بن القاسم الجعفري:- ( سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول:- الخلف من بعدي الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟! قلت:- ولم جعلني الله فداك ؟ قال:- لأنكم لا ترون شخصه ولا يحلّ لكم ذكره باسمه، قلت:- كيف نذكره ؟ قال:- قولوا الحجّة من آل محمد )[2].
إنّ هذين الحديثين وما كان على منوالهما هل يعمّان جميع الأزمنة أو نقيّدهما بتلك الفترة الزمنيّة التي كان يُحذَر فيها من السلطة إذا صُرّح بالاسم ؟ نحن لا نحتمل في زماننا أن ذكر اسم المولى لا يجوز وهذا القطع الوجداني حاصل من الخارج، وإذا لم تقبل بهذا القطع الوجداني فتوجد رواية يمكن أن يستشف منها ذلك وهي صحيحة عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن عثمان العمري في حديث:- ( قلت له:- أنت رأيت الخلف ؟ قال:- أي والله ... قلت:- فالاسم ؟ قال:- محرّم عليكم أن تسألوا عن ذلك ولا أقول هذا من عندي فليس لي أن أحلّل ولا أحرّم ولكن عنه عليه السلام فإنّ الأمر عند السلطان أنّ أبا محمد مضى ولم يخلِّف ولداً وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك )[3].
إذن هذا يوضّح أنّ القضية قضيّة تخوّف على المولى عليه السلام فهذا النهي يحمل على تلك الفترة الزمنيّة.
ونذكر قضيّة جانبية ترتبط بمقامنا:- وهي أنّه توجد رواية أخرى وهي رواية عنبسة عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إيّاكم وذكر عليّ وفاطمة فإنّ الناس ليس شيء أبغض إليهم من ذكر عليّ وفاطمة عليهما السلام )[4].
وهذه الرواية لابد من حملها على الوقت الذي يتخوّف فيه أمّا في الأزمنة التي لا يتخوّف فيها فلا محذور في ذلك.
المثال الثالث:- ما ورد في المحصور، فقد دلّت الرواية على أنّه يبعث هدياً مع أصحابه ويواعدهم في وقتٍ معيّنٍ حتى إذا حلّ ذلك الوقت وذبحوا تحلّل حينئذٍ وقد دلّت على ذلك صحيحة معاوية بن عمّار :- ( قال أبو عبد الله عليه السلام عن رجل أحصر فبعث بالهدي فقال:- يواعد أصحابه ميعاداً فإن كان في حجّ فمحلّ الهدي يوم النحر ... وإذا كان في عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة التي يعدهم فيها فإذا كانت تلك الساعة قصّر وأحلّ )[5]، والشاهد هو أنّ الامام عليه السلام أمر بأن يواعد المحصور أصحابه وهل هذا الحكم يجري في زماننا حتى مع وجود الموبايل الذي يحدّد لنا الوقت بشكلٍ دقيق ؟ فهل نأخذ بالرواية ونقول إنّه لا يعتمد على الموبايل بل يواعد أصحابه أو نقول إنّه في زماننا ينغي أن يكون المدار على مثل الموبايل مثلاً ؟
أرى من المناسب في زماننا أن يكون المدار على مثل الموبايل ولا تكفي المواعدة فإنّ المواعدة قد ذكرها الأمام عليه السلام من باب أنّها الطريقة المثلى والممكنة في تلك الفترة، وهل يحتمل أنّه لو كانت هناك طريقة أسهل وأيسر وموجبة لحصول الاطمئنان والعلم تترك ويؤخذ بهذه المواعدة ؟!! إنّ هذا جمودٌ على النصّ وهو مرفوضٌ والفقه كما نعرف يحتاج إلى ذوق فنحمل هذا الحكم على تلك الفترة الزمنيّة لا على زماننا.
المورد الرابع:- العناوين الثانويّة.
فإنّ الحكم قد يتغيّر بتغيّر العناوين الثانويّة، وهذه مساحة نتمكن أن نقول قد تركتها الشريعة للحاكم الإسلامي فهو يملأها حسب اختلاف الظروف.
وذلك من قبيل فرض الضرائب، فهل يجوز أخذ الضريبة أو لا فيما إذا فرض أنّ اقتصاد البلد الإسلامي بل ونفس البلد الإسلامي توقّف على أخذ الضرائب ؟
إنّه إذا تخوّف بهذا الحدّ فحينئذٍ يكون فرض الضريبة لا بأس به - فيفرضها بشكلٍ وآخر إمّا على الاشخاص أو على اصحاب المحال التجارية أو غير ذلك -، هذا إذا كان البلد ينبغي التحفّظ على نظامه فهنا يتدّخل الحاكم الاسلامي ويشرّع وجوب دفع الضريبة.
أمّا إذا كان النظام ينبغي سقوطه أو إسقاطه فهنا يصير دفع الضريبة حراماً، إنّ هذا موضوعٌ واحد ولكنّه يتغيّر باختلاف الظروف والزمان.
وهناك مثال آخر وهو مسألة تحريم التنباك - التتن - من قبل السيد الشيرازي(قده)، فهو حرّمه لظروفٍ معيّنة إذ كان يستفيد منه الأجنبي، فهو حُرّمه حتى لا يستفيد الاجنبي، أما ّإذا فرض أنه لا يستفيد منه وذهب ذلك الظرف فحينئذٍ يعود حلالاً ولا محذور فيه.
ومن هذا القبيل الاحتكار، فهل هو حرام أو لا ؟ فإذا فرضنا أنّه يؤثر على الاقتصاد بحيث صار المعروض في الأسواق أقلّ من الطلب فحينئذٍ سوف ترتفع الأسعار ويؤثر ذلك على البلد فهنا يتمكّن الحاكم الاسلامي أن يحرّم الاحتكار ويوجب البيع بسعرٍ محدّد.
وهناك مثال آخر وهو مسألة العملة الصعبة فهل يجوز إخراجها من البلد أو لا فيما إذا كان الاخراج بمقدارٍ معتدّ به وكان ظرف البلد عصيباً ؟ يمكن أن نقول إنّ إخراج العملة يؤثر على البلد فيصير محرّماً بالعنوان الثانوي، أمّا إذا استقرت أمور البلد بشكلّ جيّدٍ وازدت عندنا العملة الصعبة فحينئذٍ نجوّز إخراجها.
وهناك مثال آخر وهو مخالفة القانون فهل هي جائزة أو لا ؟ فالقانون مثلاً يقول لا يجوز سرقة الكهرباء ويلزم دفع أجورها ولا يجوز التخلّف عنها وغير ذلك من الأمور فحينئذٍ هل مخالفة القانون جائزة أو لا ؟ إنه إذا فرضنا أنّ هذه المخالفة جانبيّة ولا تؤثر شيئاً كأن كان البلد مستقراً ولا تؤثر المخالفة أو المخالفتان فلا مشكلة هنا، أما إذا فرض أنّ البلد يمرّ بفترة حرجة ويلزم من المخالفة حصول خللٍ في الكهرباء مثلاً وبالتالي يحصل خلل في البلد فحينئذٍ لا يجوز ذلك بالعنوان الثانوي.
إذن العناوين الثانويّة لابد وأن يلحظها الفقيه في كلّ فترةٍ ويحكم بما يتناسب وتلك الفترة.
هنا أيضاً نقول إنَّ تغيّر الحكم بتغيّر الزمان ينبغي أن نتّقف على قبوله، نعم قد نختلف في الصغرى أحياناً - يعني هل يلزم اختلال النظام إذا فرض أنّه لم تدفع الأجور أو لا - ولكنّ هذا اختلافٌ في الصغرى، أما إذا اتفقنا على الصغرى فمن المناسب أن نتّفق على الكبرى.
المثال الثاني:- الروايات التي تنهى عن التصريح باسم مولانا حجة الله في أرضه، من قبيل صحيحة ابن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( صاحب هذا الأمر لا يسمّيه باسمه إلا كافر )[1].
وعلى منوالها رواية داود بن القاسم الجعفري:- ( سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول:- الخلف من بعدي الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟! قلت:- ولم جعلني الله فداك ؟ قال:- لأنكم لا ترون شخصه ولا يحلّ لكم ذكره باسمه، قلت:- كيف نذكره ؟ قال:- قولوا الحجّة من آل محمد )[2].
إنّ هذين الحديثين وما كان على منوالهما هل يعمّان جميع الأزمنة أو نقيّدهما بتلك الفترة الزمنيّة التي كان يُحذَر فيها من السلطة إذا صُرّح بالاسم ؟ نحن لا نحتمل في زماننا أن ذكر اسم المولى لا يجوز وهذا القطع الوجداني حاصل من الخارج، وإذا لم تقبل بهذا القطع الوجداني فتوجد رواية يمكن أن يستشف منها ذلك وهي صحيحة عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن عثمان العمري في حديث:- ( قلت له:- أنت رأيت الخلف ؟ قال:- أي والله ... قلت:- فالاسم ؟ قال:- محرّم عليكم أن تسألوا عن ذلك ولا أقول هذا من عندي فليس لي أن أحلّل ولا أحرّم ولكن عنه عليه السلام فإنّ الأمر عند السلطان أنّ أبا محمد مضى ولم يخلِّف ولداً وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك )[3].
إذن هذا يوضّح أنّ القضية قضيّة تخوّف على المولى عليه السلام فهذا النهي يحمل على تلك الفترة الزمنيّة.
ونذكر قضيّة جانبية ترتبط بمقامنا:- وهي أنّه توجد رواية أخرى وهي رواية عنبسة عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إيّاكم وذكر عليّ وفاطمة فإنّ الناس ليس شيء أبغض إليهم من ذكر عليّ وفاطمة عليهما السلام )[4].
وهذه الرواية لابد من حملها على الوقت الذي يتخوّف فيه أمّا في الأزمنة التي لا يتخوّف فيها فلا محذور في ذلك.
المثال الثالث:- ما ورد في المحصور، فقد دلّت الرواية على أنّه يبعث هدياً مع أصحابه ويواعدهم في وقتٍ معيّنٍ حتى إذا حلّ ذلك الوقت وذبحوا تحلّل حينئذٍ وقد دلّت على ذلك صحيحة معاوية بن عمّار :- ( قال أبو عبد الله عليه السلام عن رجل أحصر فبعث بالهدي فقال:- يواعد أصحابه ميعاداً فإن كان في حجّ فمحلّ الهدي يوم النحر ... وإذا كان في عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة التي يعدهم فيها فإذا كانت تلك الساعة قصّر وأحلّ )[5]، والشاهد هو أنّ الامام عليه السلام أمر بأن يواعد المحصور أصحابه وهل هذا الحكم يجري في زماننا حتى مع وجود الموبايل الذي يحدّد لنا الوقت بشكلٍ دقيق ؟ فهل نأخذ بالرواية ونقول إنّه لا يعتمد على الموبايل بل يواعد أصحابه أو نقول إنّه في زماننا ينغي أن يكون المدار على مثل الموبايل مثلاً ؟
أرى من المناسب في زماننا أن يكون المدار على مثل الموبايل ولا تكفي المواعدة فإنّ المواعدة قد ذكرها الأمام عليه السلام من باب أنّها الطريقة المثلى والممكنة في تلك الفترة، وهل يحتمل أنّه لو كانت هناك طريقة أسهل وأيسر وموجبة لحصول الاطمئنان والعلم تترك ويؤخذ بهذه المواعدة ؟!! إنّ هذا جمودٌ على النصّ وهو مرفوضٌ والفقه كما نعرف يحتاج إلى ذوق فنحمل هذا الحكم على تلك الفترة الزمنيّة لا على زماننا.
المورد الرابع:- العناوين الثانويّة.
فإنّ الحكم قد يتغيّر بتغيّر العناوين الثانويّة، وهذه مساحة نتمكن أن نقول قد تركتها الشريعة للحاكم الإسلامي فهو يملأها حسب اختلاف الظروف.
وذلك من قبيل فرض الضرائب، فهل يجوز أخذ الضريبة أو لا فيما إذا فرض أنّ اقتصاد البلد الإسلامي بل ونفس البلد الإسلامي توقّف على أخذ الضرائب ؟
إنّه إذا تخوّف بهذا الحدّ فحينئذٍ يكون فرض الضريبة لا بأس به - فيفرضها بشكلٍ وآخر إمّا على الاشخاص أو على اصحاب المحال التجارية أو غير ذلك -، هذا إذا كان البلد ينبغي التحفّظ على نظامه فهنا يتدّخل الحاكم الاسلامي ويشرّع وجوب دفع الضريبة.
أمّا إذا كان النظام ينبغي سقوطه أو إسقاطه فهنا يصير دفع الضريبة حراماً، إنّ هذا موضوعٌ واحد ولكنّه يتغيّر باختلاف الظروف والزمان.
وهناك مثال آخر وهو مسألة تحريم التنباك - التتن - من قبل السيد الشيرازي(قده)، فهو حرّمه لظروفٍ معيّنة إذ كان يستفيد منه الأجنبي، فهو حُرّمه حتى لا يستفيد الاجنبي، أما ّإذا فرض أنه لا يستفيد منه وذهب ذلك الظرف فحينئذٍ يعود حلالاً ولا محذور فيه.
ومن هذا القبيل الاحتكار، فهل هو حرام أو لا ؟ فإذا فرضنا أنّه يؤثر على الاقتصاد بحيث صار المعروض في الأسواق أقلّ من الطلب فحينئذٍ سوف ترتفع الأسعار ويؤثر ذلك على البلد فهنا يتمكّن الحاكم الاسلامي أن يحرّم الاحتكار ويوجب البيع بسعرٍ محدّد.
وهناك مثال آخر وهو مسألة العملة الصعبة فهل يجوز إخراجها من البلد أو لا فيما إذا كان الاخراج بمقدارٍ معتدّ به وكان ظرف البلد عصيباً ؟ يمكن أن نقول إنّ إخراج العملة يؤثر على البلد فيصير محرّماً بالعنوان الثانوي، أمّا إذا استقرت أمور البلد بشكلّ جيّدٍ وازدت عندنا العملة الصعبة فحينئذٍ نجوّز إخراجها.
وهناك مثال آخر وهو مخالفة القانون فهل هي جائزة أو لا ؟ فالقانون مثلاً يقول لا يجوز سرقة الكهرباء ويلزم دفع أجورها ولا يجوز التخلّف عنها وغير ذلك من الأمور فحينئذٍ هل مخالفة القانون جائزة أو لا ؟ إنه إذا فرضنا أنّ هذه المخالفة جانبيّة ولا تؤثر شيئاً كأن كان البلد مستقراً ولا تؤثر المخالفة أو المخالفتان فلا مشكلة هنا، أما إذا فرض أنّ البلد يمرّ بفترة حرجة ويلزم من المخالفة حصول خللٍ في الكهرباء مثلاً وبالتالي يحصل خلل في البلد فحينئذٍ لا يجوز ذلك بالعنوان الثانوي.
إذن العناوين الثانويّة لابد وأن يلحظها الفقيه في كلّ فترةٍ ويحكم بما يتناسب وتلك الفترة.
هنا أيضاً نقول إنَّ تغيّر الحكم بتغيّر الزمان ينبغي أن نتّقف على قبوله، نعم قد نختلف في الصغرى أحياناً - يعني هل يلزم اختلال النظام إذا فرض أنّه لم تدفع الأجور أو لا - ولكنّ هذا اختلافٌ في الصغرى، أما إذا اتفقنا على الصغرى فمن المناسب أن نتّفق على الكبرى.