35/02/24
تحمیل
الموضوع:- التنبيه الخامس ( الاستصحاب في
الموضوعات المركبة ) / تنبيهات / الاستصحاب / الأصول العملية.
وفيه:-
أولاً:- ماذا يقصد من كون الساعة الثانية تكون فاصلاً بين زمان اليقين - أعني الساعة الأولى -وزمان الشك- أعني الساعة الثالثة - فهل يقصد أن الفاصل هو اليقين التفصيلي بحدوث الكريّة أو يقصد أن الفاصل هو اليقين الاجمالي بحدوث الكريّة أو يقصد أن نفس الفاصـل بما هو فاصـل بقطـع النظر عـن وجود يقينٍ تفصيلي أو إجمالي فيه يكون مانعـاً ؟
فإن كان يقصد الاوّل فوهنه واضحٌ فإنه لا يوجد يقين تفصيلي بحدوث الكريّة في الساعة الثانية إلا على بيانٍ سيأتي فيما بعد انشاء الله تعالى وهو(قده) لم يذكر أنه هناك يقينٌ تفصيلي بالفاصل في الساعة الثانية ، وإن كان يقصد الثاني - يعني هناك يقين اجمالي بالكريّة - فهذا يرجع إلى ما ذكره الشيخ العراقي(قده) ويرد عليه ما أوردناه عليه ، وإذا كان يقصد الثالث كما هو الظاهر فيرد عليه أنه لا دليل على اعتبار عدم الفاصل بما هو فاصل سوى التعبير بالفاء حيث ورد في بعض الروايات ( لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت ) والفاء تدلّ على الاتصال.
فنقول إنه لتمامية هذا البيان نحتاج الى مقدمتين
المقدمة الأولى:- إن الفاء تدلّ على الاتصال وليس هي فاءٌ عاطفةٌ بمعنى الواو - أي ( وشككت ) -.
المقدمة الثانية:- إن وجود الفاء يولّد مفهوماً لهذه الرواية يدلّ على أن الاستصحاب لا يجري إلا في موارد وجود الاتصال ولا يجري في موارد عدم وجود الاتصال إذ لو لم ينعقد هذا المفهوم فيمكن أن يقال آنذاك أنه توجد عندنا روايات أخرى مطلقة لم يعبّر فيها بالفاء مثل صحيحة زرارة الأولى حيث جاء فيها:- ( وإلا فإنه على يقينٍ من وضوئه ولا تنقض اليقين أبداً بالشك ) فإن الفاء لم ترد في هذا التعبير ومقتضى اطلاق هذه العبارة أن كلّ يقين لا يمكن أن يُنقَض بالشك من دون اعتبار قيد الاتصال فلابد وأن ندّعي أن تلك الصحيحة - يعني صحيحة زرارة الثانية التي توجد فيها الفاء - ينعقد فيها مفهومٌ حتى تقيّد اطلاق بقيّة الروايات وإلا لولا ثبوت المفهوم لا تنفعنا هذه الرواية إذ يمكن آنذاك التمسك بالروايات الأخرى التي لا يوجد فيها الفاء ، فلابد إذن من دعوى ثبوت المفهوم . إذن تماميّة الدلالة تحتاج إلى مقدمتين كما ذكرنا.
وكلتا المقدمتين قابلتان للمناقشة:-
أما المقدمة الأولى:- فلوجاهة أن الفاء تكون بمعنى الواو أي ( لأنك كنت على يقين من طهارتك وشككت ) فباعتبار جواز هذا التعبير وذاك استعان الامام عليه السلام بالتعبير بالفاء ولا يدّل هذا على أن الفاء هنا أريد بها بيان الاتصال.
وأما المقدمة الثانية:- فنقول:- لو سلّمنا أن الفاء تدّل على المفهوم ولكن مورد الاستشهاد ليس هو الفقرة المذكورة بل هو في الفقرة البعديّة إذ الوارد في الرواية هكذا:- ( لأنك كنت على يقينٍ من طهارتك فشككت وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً ) ، وهنا توجد جملتان الأولى هي:- ( لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت ) والثانية هي:- ( وليس لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً ) والاستدلال لإثبات حجّية الاستصحاب في جميع الموارد لا خصوص باب الوضوء هو في الفقرة الثانية وليس بالأولى - أي بفقرة ( وليس لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً ) - بعد تفسير اللام في كلمة اليقين والشك بلام الجنس التي لا تختص بالمورد - أي بمورد الوضوء - والفقرة الثانية لم يرد فيها التعبير بالفاء ، إذن لا موجب لتقييد بقيّة الروايات بل حتى هذه الرواية لا موجب للتقييد فيها بعدما كان مورد الاستشهاد فيها هو الفقرة الثانية وليست الأولى.
إذن ما أفاده الشيخ النائيني(قده) يتم لو فرض أننا أردنا أن نتمسك بالفقرة الأولى ولكن الأمر ليس كذلك بل الدليل هو الفقرة الثانية أي هو العموم الذي أعطاه الامام عليه السلام وهو ( أنه ليس لك أن تنقض اليقين بالشك ) يعني أنّه أيّ يقينٍ لا يجوز نقضه بأيّ شكٍ ، وعلى هذا الأساس استفادة اعتبار الاتصال أمرٌ قابل للمناقشة.
مضافاً إلى ما ذكرناه في بحث الفقه أكثر من مرّة:- وهو أنه هل المناسب أن يتساير الفقيه مع تعبيرات النصّ بحيث يلاحظ الفاء والواو وما شاكل ذلك فالتدقيق إلى هذا الحدّ هل هو شيءٌ وجيه أو لا ؟ ويمكن أن نقول:- إنهم صلوات الله عليهم جوّزوا النقل بالمعنى كما دلت عليه بعض الروايات الواردة في أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء حيث سأل الراوي إنني أريد ان أنقل نصّ ألفاظكم فلا أتمكن فقال عليه السلام إذا كنت تريد معناه فلا بأس . بل لا نحتاج إلى هذه الرواية فإن النقل بالمعنى جائزٌ بقطع النظر عن ورود النص الشرعي حيث أن السيرة العقلائية قد انعقدت على ذلك فحينما يتكلّم شخص ونريد أن ننقل كلامه فإننا ننقل مضمون كلامه وما يؤثر على كلامه أما مثل الواو والفاء وما شاكل ذلك فهذه قد جرت العادة على التسامح بلحاظها . إذن حينما جاء التعبير في الرواية بالفاء دون الواو فلا يمكن أن نبقى واقفين مع هذا التعبير ونقول إن الوارد هو الفاء والفاء يستفاد منها الاتصال مثلاً كلّا فإن الانسان العربي يتمكّن أن يعبّر بالفاء أو بالواو وهذا شيءٌ مقبولٌ عقلائياً ، نعم من كانت عنده دراسة عالية بحيث يكون محيطاً بالنكات فهنا صحيحٌ فإنه حينما يعبّر بهذا التعبير دون ذاك فالتساير مع التعابير هنا وجيه ولكن الامام عليه السلام لا يتكلّم مع الانسان الذي هو قارئ لهذه المصطلحات بل مع الانسان العادي أي أنه يتكلم بالعربية ولكن هذه النكات الدقيقة التي تحتاج الى دراسة والى التفات تفصيلي قد لا تكون موجودة عنده فلو كان مقصود الامام عليه السلام من الفاء الاشارة الى الاتصال - أي أن الامام أتى بالفاء لإفادة الاتصال - كان من المناسب للإمام أن يقف ويبين ويقول ( افهم يا عبد الله إن الشك لابد وأن يكون متّصلاً باليقين ) فعدم تنبيهه وتأكيده على ذلك يدلّ على أن هذه الفاء إما أنها لم يأتِ بها الامام وأتى بها الراوي أو أنه أتى بها الامام لكن لا يقصد بها هذا المعنى الدقيق - وهو إفادة الاتصال - وهذه قضيّة تستدعي التأمل فإن هذا مطلب كليّ ينفعنا في موارد متعدّدة وهو أن تعابير الروايات هل نتساير معها حرفياً وبالدقة على مستوى الفاء والواو أو أن التدقيق الى هذا الحدّ شيءٌ مرفوضٌ إن هذه قضية مهمّة والفقهاء قد يرتبّون بعض الآثار أحياناً في مقام الاستنباط على مثل هذه التعابير كما رأيت الشيخ النائيني(قده).
وفيه:-
أولاً:- ماذا يقصد من كون الساعة الثانية تكون فاصلاً بين زمان اليقين - أعني الساعة الأولى -وزمان الشك- أعني الساعة الثالثة - فهل يقصد أن الفاصل هو اليقين التفصيلي بحدوث الكريّة أو يقصد أن الفاصل هو اليقين الاجمالي بحدوث الكريّة أو يقصد أن نفس الفاصـل بما هو فاصـل بقطـع النظر عـن وجود يقينٍ تفصيلي أو إجمالي فيه يكون مانعـاً ؟
فإن كان يقصد الاوّل فوهنه واضحٌ فإنه لا يوجد يقين تفصيلي بحدوث الكريّة في الساعة الثانية إلا على بيانٍ سيأتي فيما بعد انشاء الله تعالى وهو(قده) لم يذكر أنه هناك يقينٌ تفصيلي بالفاصل في الساعة الثانية ، وإن كان يقصد الثاني - يعني هناك يقين اجمالي بالكريّة - فهذا يرجع إلى ما ذكره الشيخ العراقي(قده) ويرد عليه ما أوردناه عليه ، وإذا كان يقصد الثالث كما هو الظاهر فيرد عليه أنه لا دليل على اعتبار عدم الفاصل بما هو فاصل سوى التعبير بالفاء حيث ورد في بعض الروايات ( لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت ) والفاء تدلّ على الاتصال.
فنقول إنه لتمامية هذا البيان نحتاج الى مقدمتين
المقدمة الأولى:- إن الفاء تدلّ على الاتصال وليس هي فاءٌ عاطفةٌ بمعنى الواو - أي ( وشككت ) -.
المقدمة الثانية:- إن وجود الفاء يولّد مفهوماً لهذه الرواية يدلّ على أن الاستصحاب لا يجري إلا في موارد وجود الاتصال ولا يجري في موارد عدم وجود الاتصال إذ لو لم ينعقد هذا المفهوم فيمكن أن يقال آنذاك أنه توجد عندنا روايات أخرى مطلقة لم يعبّر فيها بالفاء مثل صحيحة زرارة الأولى حيث جاء فيها:- ( وإلا فإنه على يقينٍ من وضوئه ولا تنقض اليقين أبداً بالشك ) فإن الفاء لم ترد في هذا التعبير ومقتضى اطلاق هذه العبارة أن كلّ يقين لا يمكن أن يُنقَض بالشك من دون اعتبار قيد الاتصال فلابد وأن ندّعي أن تلك الصحيحة - يعني صحيحة زرارة الثانية التي توجد فيها الفاء - ينعقد فيها مفهومٌ حتى تقيّد اطلاق بقيّة الروايات وإلا لولا ثبوت المفهوم لا تنفعنا هذه الرواية إذ يمكن آنذاك التمسك بالروايات الأخرى التي لا يوجد فيها الفاء ، فلابد إذن من دعوى ثبوت المفهوم . إذن تماميّة الدلالة تحتاج إلى مقدمتين كما ذكرنا.
وكلتا المقدمتين قابلتان للمناقشة:-
أما المقدمة الأولى:- فلوجاهة أن الفاء تكون بمعنى الواو أي ( لأنك كنت على يقين من طهارتك وشككت ) فباعتبار جواز هذا التعبير وذاك استعان الامام عليه السلام بالتعبير بالفاء ولا يدّل هذا على أن الفاء هنا أريد بها بيان الاتصال.
وأما المقدمة الثانية:- فنقول:- لو سلّمنا أن الفاء تدّل على المفهوم ولكن مورد الاستشهاد ليس هو الفقرة المذكورة بل هو في الفقرة البعديّة إذ الوارد في الرواية هكذا:- ( لأنك كنت على يقينٍ من طهارتك فشككت وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً ) ، وهنا توجد جملتان الأولى هي:- ( لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت ) والثانية هي:- ( وليس لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً ) والاستدلال لإثبات حجّية الاستصحاب في جميع الموارد لا خصوص باب الوضوء هو في الفقرة الثانية وليس بالأولى - أي بفقرة ( وليس لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً ) - بعد تفسير اللام في كلمة اليقين والشك بلام الجنس التي لا تختص بالمورد - أي بمورد الوضوء - والفقرة الثانية لم يرد فيها التعبير بالفاء ، إذن لا موجب لتقييد بقيّة الروايات بل حتى هذه الرواية لا موجب للتقييد فيها بعدما كان مورد الاستشهاد فيها هو الفقرة الثانية وليست الأولى.
إذن ما أفاده الشيخ النائيني(قده) يتم لو فرض أننا أردنا أن نتمسك بالفقرة الأولى ولكن الأمر ليس كذلك بل الدليل هو الفقرة الثانية أي هو العموم الذي أعطاه الامام عليه السلام وهو ( أنه ليس لك أن تنقض اليقين بالشك ) يعني أنّه أيّ يقينٍ لا يجوز نقضه بأيّ شكٍ ، وعلى هذا الأساس استفادة اعتبار الاتصال أمرٌ قابل للمناقشة.
مضافاً إلى ما ذكرناه في بحث الفقه أكثر من مرّة:- وهو أنه هل المناسب أن يتساير الفقيه مع تعبيرات النصّ بحيث يلاحظ الفاء والواو وما شاكل ذلك فالتدقيق إلى هذا الحدّ هل هو شيءٌ وجيه أو لا ؟ ويمكن أن نقول:- إنهم صلوات الله عليهم جوّزوا النقل بالمعنى كما دلت عليه بعض الروايات الواردة في أبواب صفات القاضي من كتاب القضاء حيث سأل الراوي إنني أريد ان أنقل نصّ ألفاظكم فلا أتمكن فقال عليه السلام إذا كنت تريد معناه فلا بأس . بل لا نحتاج إلى هذه الرواية فإن النقل بالمعنى جائزٌ بقطع النظر عن ورود النص الشرعي حيث أن السيرة العقلائية قد انعقدت على ذلك فحينما يتكلّم شخص ونريد أن ننقل كلامه فإننا ننقل مضمون كلامه وما يؤثر على كلامه أما مثل الواو والفاء وما شاكل ذلك فهذه قد جرت العادة على التسامح بلحاظها . إذن حينما جاء التعبير في الرواية بالفاء دون الواو فلا يمكن أن نبقى واقفين مع هذا التعبير ونقول إن الوارد هو الفاء والفاء يستفاد منها الاتصال مثلاً كلّا فإن الانسان العربي يتمكّن أن يعبّر بالفاء أو بالواو وهذا شيءٌ مقبولٌ عقلائياً ، نعم من كانت عنده دراسة عالية بحيث يكون محيطاً بالنكات فهنا صحيحٌ فإنه حينما يعبّر بهذا التعبير دون ذاك فالتساير مع التعابير هنا وجيه ولكن الامام عليه السلام لا يتكلّم مع الانسان الذي هو قارئ لهذه المصطلحات بل مع الانسان العادي أي أنه يتكلم بالعربية ولكن هذه النكات الدقيقة التي تحتاج الى دراسة والى التفات تفصيلي قد لا تكون موجودة عنده فلو كان مقصود الامام عليه السلام من الفاء الاشارة الى الاتصال - أي أن الامام أتى بالفاء لإفادة الاتصال - كان من المناسب للإمام أن يقف ويبين ويقول ( افهم يا عبد الله إن الشك لابد وأن يكون متّصلاً باليقين ) فعدم تنبيهه وتأكيده على ذلك يدلّ على أن هذه الفاء إما أنها لم يأتِ بها الامام وأتى بها الراوي أو أنه أتى بها الامام لكن لا يقصد بها هذا المعنى الدقيق - وهو إفادة الاتصال - وهذه قضيّة تستدعي التأمل فإن هذا مطلب كليّ ينفعنا في موارد متعدّدة وهو أن تعابير الروايات هل نتساير معها حرفياً وبالدقة على مستوى الفاء والواو أو أن التدقيق الى هذا الحدّ شيءٌ مرفوضٌ إن هذه قضية مهمّة والفقهاء قد يرتبّون بعض الآثار أحياناً في مقام الاستنباط على مثل هذه التعابير كما رأيت الشيخ النائيني(قده).