35/06/06
تحمیل
الموضوع:- التنبيه التاســع تعــارض
الاستصحــاب مــع غيــره ( تعارض الاستصحابين في باب العلم الإجمالي ) / تنبيهات /
الاستصحاب / الأصول العملية.
وأما الجواب النقضي فحاصله:- أنه إذا كان عندنا حالتان متلازمتان وشككنا في بقائهما فقد صرّحوا ومنهم الشيخ النائيني(قده) بأن الاستصحاب يجري فيهما إذا شككنا في البقاء حتى لو علمنا بأن أحد الاستصحابين باطل . ومثال ذلك لو كان لدينا سائل مردّد بين الماء والبول فهل يجوز الوضوء به أو لا ؟ كلّا لا يجوز الوضوء به، ولكن لو فرضنا أن المكلف غفل وتوضأ وتحقق منه قصد القربة فحينئذٍ نسأل هل تحقق الوضوء منه أو لا ؟، ويوجد سؤال آخر وهو:- هل الأعضاء تنجست أو لم تتنجّس ؟
والجواب:- قالوا أمّا بالنسبة إلى الوضوء فنقول بعدم تحقّقه لاحتمال أنه بولٌ وبالبول لا يتحقّق الوضوء فنجري استصحاب بقاء الحدث الأصغر، وأمّا بالنسبة إلى نجاسة الأعضاء فقالوا بأنها لا تتنجس لأنها كانت طاهرة سابقاً فنشكّ هل انتقضت طهارتها أو لا فنستصحب بقاء طهارتها . إذن من حيث الوضوء لا وضوء ومن حيث نجاسة الأعضاء لا نجاسة والحال أنّي أعلم أن أحد هذين الاستصحابين باطلٌ حتماً ؛ إذ لو كان السائل بولاً فلا وضوء وتتنجّس الأعضاء ولو كان ماءً فلا نجاسة للأعضاء والوضوء يكون متحقّقاً أمّا أنه نقول الوضوء ليس بمتحقّقٍ والأعضاء لم تتنجّس فهذا تفكيكٌ بين المتلازمين، وقالوا لا بأس بأن يعبّدنا الشارع بما تكون نتيجته التفكيك بين المتلازمين إذ هو تفكيكٌ في مقام التعبّد . وقد أشار إلى ذلك الشيخ الأعظم(قده) في الرسائل في أواخر مبحث الاستصحاب[1] ووافقه على ذلك الشيخ النائيني(قده)[2].
إذن حاصل الإشكال النقضي على الشيخ النائيني هو أنه كيف قبلت بجريان الاستصحاب في هذين المتلازمين والحال نحن نعلم بأن أحد الاستصحابين باطل - يعني أن الحالة السابقة في أحد الاستصحابين منتقضة جزماً -، إنّ هذا نقضٌ يتسجّل عليك حيث إنك قلت فيما سبق إن الاستصحاب لا يجري لأنه أصلٌ محرِز ولا يمكن أن يعبّدنا الشارع ببقاء الحالتين السابقتين إذ لا يوجد شكٌّ ونحن نعلم بانتقاض الحالة السابقة.
والخلاصة:- سجّل العلمان اشكالين حَلّيّ ونقضيّ على التقريب الثاني - الذي قال فيه الشيخ النائيني أنه لا يوجد شكّ في البقاء - كما أوضحنا.
وكأن الشيخ النائيني(قده) كان ملتفتاً إلى هذين الإشكالين وأجاب عنهما :-
وحاصل ما ذكره في دفع الجواب الحليّ[3]:- بأني أسلّم أن الشارع لم يعبّدنا ببقاء المجموع من حيث المجموع بحيث يكون هناك تعبّدٌ واحدٌ متعلّقٌ بالمجموع من حيث المجموع وإنما التعبّد جارٍ في هذا الطرف وتعبّدٌ آخر جارٍ في الطرف الثاني، ولكنّي أقول إنّ هذا التعبّد لما كان في عرض ذاك التعبّد فلا فرق آنذاك بين أن يكون التعبّد واحداً وقد تعلق بالمجموع أو يكون هناك تعبّدان عرضيّان تعلّق كلّ واحدٍ منهما بطرفٍ فإنه من حيث النتيجة لا فرق بين ذاك وهذا فإذا لم يمكن ذاك فهذا لا يمكن أيضاً إذ لا فرق بينهما من هذه الناحية، فلاحظ عبارته حيث قال:- ( إن التعبّد بالجمع بين الأطراف وإن لم يكن لازماً لجريان الأصول في الأطراف إلّا أن الجمع في التعبّد لازمٌ له لا محالة ضرورة أن كُلّاً من الجعلين في عرض الآخر وكما لا يمكن تعلّق الجعل بمجموع الأطراف فكذلك لا يمكن الجمع في الجعل أيضاً )[4]، وعبارته واضحة تقريباً من حيث المضمون الكلّي لما أشرت إليه.
ونحن في مقام التعليق نقول:- المناسب أن يقال:- إنه إذا نظرنا نظرة دقيّة وعقليّة لا عقلائيّة وعرفيّة فالحقّ مع العلمين والإشكال واردٌ عليه، وبالتالي يمكن أن يعبّدنا الشارع ببقاء نجاسة هذا كما أفاد العلمان إذ لا نعلم بارتفاع نجاسته، ويمكن أن يعبّدنا بنجاسة ذاك إذ لا نعلم بارتفاعها، وموضوع الحكم الظاهري محفوظٌ في كلّ من الطرفين، ولعله لأهميّة ملاك الحكم الظاهري يجعل الشارع تعبّد البقاء في هذا الطرف حيث يوجد شكٌ في البقاء وتعبّدٌ البقاء في ذلك الطرف حيث يوجد شكٌ في البقاء، إنه شيءٌ وجيهٌ ومعقولٌ دقةً . وأمّا ما أفاده الشيخ النائيني(قده) من أن هذا في عرض ذاك فالتعبّدان يكونان بمثابة التعبّد ببقاء المجموع من حيث المجموع فهو ألفاظٌ وإلّا فواقع الحال يوجد تعبّدان وتطبيقان للاستصحاب لا تطبيقاً واحداً.
وأمّا إذا أردنا أن نتعامل لا بحسب الدقّة والعقل بل بحسب النظرة العرفيّة والعقلائيّة فالعرف يرى تناقضاً بين الحكم باستصحاب النجاسة في هذا الإناء واستصحاب النجاسة في ذاك الإناء مع افتراض أنه نعلم بعدم بقاء النجاسة في أحدهما من دون حاجةٍ إلى إدخال أن أحد التعبّدين في عرض الآخر، وهذا ما سوف نقوله فيما بعد انشاء الله تعالى حيث سنذكر أنه بحسب الدقّة لا منافاة ولكنّه بحسب النظرة العرفيّة توجد منافاة فالاستصحابان لا يجريان بلا حاجة إلى هذا التطويل الذي أفاده الشيخ النائيني(قده).
وأمّا ما أفاده في ردّ الجواب النقضي[5] فأنه قال:- هناك فرقٌ بين محلّ كلامنا وبين المتلازمين، فمحلّ كلامنا نفترض فيه وجود إناءين كلاهما حالته السابقة هي النجاسة فهذا نجسٌ وذاك نجسٌ، ومادامت الحالة السابقة في كليهما من جنسٍ واحدٍ - وهي النجاسة - فيصير هناك علمٌ تفصيليٌ بعدم بقاء نجاستهما ومعه - أي مع العلم التفصيلي بعدم بقاء الحالة السابقة - كيف يجري الاستصحاب ؟!!، وهذا بخلافه في المتلازمين فإن الحالة السابقة هي مختلفة من حيث الجنس، فإن الحالة السابقة في أحدهما هي ثبوت الحدث الأصغر والحالة السابقة في الثاني هي طهارة الأعضاء وجنس طهارة الأعضاء غير جنس بقاء الحدث فمع اختلاف جنس الحالة السابقة لا علم تفصيليّ بالانتقاض بل يوجد علمٌ إجماليٌ بانتقاض إحدى الحالتين السابقتين والعلم الاجمالي يجتمع مع الشكّ فيجري الاستصحاب، وقد ذكر هذا المطلب في فوائد الأصول حيث قال:- ( تارةً يلزم من التعبّد بمؤدّى الأصلين العلم التفصيلي بكذب ما يؤدّيان إليه ....... كما في استصحاب نجاسة الإناءين....... مع العلم بطهارة أحدهما ...... فإن الاستصحابين يتوافقان في نفي ما يُعلم تفصيلاً من طهارة أحدهما .... وأخرى لا يلزم من التعبّد بمؤدّى الأصلين العلم التفصيلي بكذب ما يؤدّيان إليه بل يُعلم إجمالاً بعدم مطابقة أحد الأصلين للواقع ... )[6] . إذن هو في هذه العبارة كأنّه يريد أن يدفع الإشكال النقضي.
وأما الجواب النقضي فحاصله:- أنه إذا كان عندنا حالتان متلازمتان وشككنا في بقائهما فقد صرّحوا ومنهم الشيخ النائيني(قده) بأن الاستصحاب يجري فيهما إذا شككنا في البقاء حتى لو علمنا بأن أحد الاستصحابين باطل . ومثال ذلك لو كان لدينا سائل مردّد بين الماء والبول فهل يجوز الوضوء به أو لا ؟ كلّا لا يجوز الوضوء به، ولكن لو فرضنا أن المكلف غفل وتوضأ وتحقق منه قصد القربة فحينئذٍ نسأل هل تحقق الوضوء منه أو لا ؟، ويوجد سؤال آخر وهو:- هل الأعضاء تنجست أو لم تتنجّس ؟
والجواب:- قالوا أمّا بالنسبة إلى الوضوء فنقول بعدم تحقّقه لاحتمال أنه بولٌ وبالبول لا يتحقّق الوضوء فنجري استصحاب بقاء الحدث الأصغر، وأمّا بالنسبة إلى نجاسة الأعضاء فقالوا بأنها لا تتنجس لأنها كانت طاهرة سابقاً فنشكّ هل انتقضت طهارتها أو لا فنستصحب بقاء طهارتها . إذن من حيث الوضوء لا وضوء ومن حيث نجاسة الأعضاء لا نجاسة والحال أنّي أعلم أن أحد هذين الاستصحابين باطلٌ حتماً ؛ إذ لو كان السائل بولاً فلا وضوء وتتنجّس الأعضاء ولو كان ماءً فلا نجاسة للأعضاء والوضوء يكون متحقّقاً أمّا أنه نقول الوضوء ليس بمتحقّقٍ والأعضاء لم تتنجّس فهذا تفكيكٌ بين المتلازمين، وقالوا لا بأس بأن يعبّدنا الشارع بما تكون نتيجته التفكيك بين المتلازمين إذ هو تفكيكٌ في مقام التعبّد . وقد أشار إلى ذلك الشيخ الأعظم(قده) في الرسائل في أواخر مبحث الاستصحاب[1] ووافقه على ذلك الشيخ النائيني(قده)[2].
إذن حاصل الإشكال النقضي على الشيخ النائيني هو أنه كيف قبلت بجريان الاستصحاب في هذين المتلازمين والحال نحن نعلم بأن أحد الاستصحابين باطل - يعني أن الحالة السابقة في أحد الاستصحابين منتقضة جزماً -، إنّ هذا نقضٌ يتسجّل عليك حيث إنك قلت فيما سبق إن الاستصحاب لا يجري لأنه أصلٌ محرِز ولا يمكن أن يعبّدنا الشارع ببقاء الحالتين السابقتين إذ لا يوجد شكٌّ ونحن نعلم بانتقاض الحالة السابقة.
والخلاصة:- سجّل العلمان اشكالين حَلّيّ ونقضيّ على التقريب الثاني - الذي قال فيه الشيخ النائيني أنه لا يوجد شكّ في البقاء - كما أوضحنا.
وكأن الشيخ النائيني(قده) كان ملتفتاً إلى هذين الإشكالين وأجاب عنهما :-
وحاصل ما ذكره في دفع الجواب الحليّ[3]:- بأني أسلّم أن الشارع لم يعبّدنا ببقاء المجموع من حيث المجموع بحيث يكون هناك تعبّدٌ واحدٌ متعلّقٌ بالمجموع من حيث المجموع وإنما التعبّد جارٍ في هذا الطرف وتعبّدٌ آخر جارٍ في الطرف الثاني، ولكنّي أقول إنّ هذا التعبّد لما كان في عرض ذاك التعبّد فلا فرق آنذاك بين أن يكون التعبّد واحداً وقد تعلق بالمجموع أو يكون هناك تعبّدان عرضيّان تعلّق كلّ واحدٍ منهما بطرفٍ فإنه من حيث النتيجة لا فرق بين ذاك وهذا فإذا لم يمكن ذاك فهذا لا يمكن أيضاً إذ لا فرق بينهما من هذه الناحية، فلاحظ عبارته حيث قال:- ( إن التعبّد بالجمع بين الأطراف وإن لم يكن لازماً لجريان الأصول في الأطراف إلّا أن الجمع في التعبّد لازمٌ له لا محالة ضرورة أن كُلّاً من الجعلين في عرض الآخر وكما لا يمكن تعلّق الجعل بمجموع الأطراف فكذلك لا يمكن الجمع في الجعل أيضاً )[4]، وعبارته واضحة تقريباً من حيث المضمون الكلّي لما أشرت إليه.
ونحن في مقام التعليق نقول:- المناسب أن يقال:- إنه إذا نظرنا نظرة دقيّة وعقليّة لا عقلائيّة وعرفيّة فالحقّ مع العلمين والإشكال واردٌ عليه، وبالتالي يمكن أن يعبّدنا الشارع ببقاء نجاسة هذا كما أفاد العلمان إذ لا نعلم بارتفاع نجاسته، ويمكن أن يعبّدنا بنجاسة ذاك إذ لا نعلم بارتفاعها، وموضوع الحكم الظاهري محفوظٌ في كلّ من الطرفين، ولعله لأهميّة ملاك الحكم الظاهري يجعل الشارع تعبّد البقاء في هذا الطرف حيث يوجد شكٌ في البقاء وتعبّدٌ البقاء في ذلك الطرف حيث يوجد شكٌ في البقاء، إنه شيءٌ وجيهٌ ومعقولٌ دقةً . وأمّا ما أفاده الشيخ النائيني(قده) من أن هذا في عرض ذاك فالتعبّدان يكونان بمثابة التعبّد ببقاء المجموع من حيث المجموع فهو ألفاظٌ وإلّا فواقع الحال يوجد تعبّدان وتطبيقان للاستصحاب لا تطبيقاً واحداً.
وأمّا إذا أردنا أن نتعامل لا بحسب الدقّة والعقل بل بحسب النظرة العرفيّة والعقلائيّة فالعرف يرى تناقضاً بين الحكم باستصحاب النجاسة في هذا الإناء واستصحاب النجاسة في ذاك الإناء مع افتراض أنه نعلم بعدم بقاء النجاسة في أحدهما من دون حاجةٍ إلى إدخال أن أحد التعبّدين في عرض الآخر، وهذا ما سوف نقوله فيما بعد انشاء الله تعالى حيث سنذكر أنه بحسب الدقّة لا منافاة ولكنّه بحسب النظرة العرفيّة توجد منافاة فالاستصحابان لا يجريان بلا حاجة إلى هذا التطويل الذي أفاده الشيخ النائيني(قده).
وأمّا ما أفاده في ردّ الجواب النقضي[5] فأنه قال:- هناك فرقٌ بين محلّ كلامنا وبين المتلازمين، فمحلّ كلامنا نفترض فيه وجود إناءين كلاهما حالته السابقة هي النجاسة فهذا نجسٌ وذاك نجسٌ، ومادامت الحالة السابقة في كليهما من جنسٍ واحدٍ - وهي النجاسة - فيصير هناك علمٌ تفصيليٌ بعدم بقاء نجاستهما ومعه - أي مع العلم التفصيلي بعدم بقاء الحالة السابقة - كيف يجري الاستصحاب ؟!!، وهذا بخلافه في المتلازمين فإن الحالة السابقة هي مختلفة من حيث الجنس، فإن الحالة السابقة في أحدهما هي ثبوت الحدث الأصغر والحالة السابقة في الثاني هي طهارة الأعضاء وجنس طهارة الأعضاء غير جنس بقاء الحدث فمع اختلاف جنس الحالة السابقة لا علم تفصيليّ بالانتقاض بل يوجد علمٌ إجماليٌ بانتقاض إحدى الحالتين السابقتين والعلم الاجمالي يجتمع مع الشكّ فيجري الاستصحاب، وقد ذكر هذا المطلب في فوائد الأصول حيث قال:- ( تارةً يلزم من التعبّد بمؤدّى الأصلين العلم التفصيلي بكذب ما يؤدّيان إليه ....... كما في استصحاب نجاسة الإناءين....... مع العلم بطهارة أحدهما ...... فإن الاستصحابين يتوافقان في نفي ما يُعلم تفصيلاً من طهارة أحدهما .... وأخرى لا يلزم من التعبّد بمؤدّى الأصلين العلم التفصيلي بكذب ما يؤدّيان إليه بل يُعلم إجمالاً بعدم مطابقة أحد الأصلين للواقع ... )[6] . إذن هو في هذه العبارة كأنّه يريد أن يدفع الإشكال النقضي.
[1] تراث الشيخ الأنصاري، تسلسل26، ص413.
[2] فلاحظ فوائد الأصول، النائيني، ج4، ص694، وأجود
التقريرات، الخوئي، ج2، ص500.
[3] الذي كان حاصله:- أن الاستصحاب حينما نجريه في الإناءين
لا نجريه في المجموع من حيث المجموع حتى يقال لا يوجد شك في البقاء بل يجزم بعدم بقاء
الحالة السابقة في المجموع كلّا بل نجريه في كلّ واحدٍ باستقلاله.
[5] - الذي كان حاصله:- أنه كيف تجري الاستصحاب في المتلازمين
اللذين يعلم ببطلان الاستصحاب في أحدهما ؟!! .