34/06/27
تحمیل
الموضوع:- الدليل الثالث للاستصحاب ( التمسك بالأخبار ) / أدلة الاستصحاب / الاستصحـاب / الأصول العملية.
وأجاب السيد الخوئي(قده)
[1]
:- إنه بالإمكان أن نجري الاستصحاب بشكلٍ آخر لا يرد عليه هذا الإشكال وذلك بأن نستصحب التلبس بالرابعة فيقول المكلف مع نفسه إني أجزم بأني قد تلبست بالرابعة - يعني إما حالة الإتيان بالثالثة التي شك بأنها رابعة فإنها إذا كانت رابعة فقد تلبست بها وإذا لم تكن هذه رابعة فالمشكوكة التي سوف أئت بها بعد ذلك بسبب الاستصحاب أكون حينما دخلت فيها قد تلبست بالرابعة - إذن أنا أجزم بأني قد تلبست بالرابعة إما حين الإتيان بهذه الركعة المنفصلة أو حينما كنت في الثالثة التي يشك أنها رابعة ، فإني قد تلبست بالرابعة جزماً وأشك هل أن هذا التلبس هو بالرابعة ؟ فنستصحب بقاء التلبس بالرابعة ، ومعه يصح الإتيان بالتشهد والتسليم فإني بالتالي قد أتيت بالتشهد والتسليم حالة التلبس بالركعة الرابعة فإن التلبس ثابت بالاستصحاب فإذا أتيت بالتشهد والتسليم فقد أتيت بهما حالة التلبس بالرابعة . وواضح أن مقصود السيد الخوئي هو إجراء استصحاب - فأنا في عبارتي قلت نُبدِل ، كلا بل نضم - فالاستصحاب الأوّل يقول أنت لم تأت بالرابعة ولا يثبت أن هذه رابعة أو أنا متلبس بالرابعة وبضمّ الاستصحاب الثاني يثبت أني متلبس بالرابعة فلو أتيت بالتشهد والتسليم فقد أتيت بهما وأنا متلبس بالركعة الرابعة ، إذن لا مشكلة.
وقد يخطر إلى الذهن في الردّ عليه:- بأن هذا أصل مثبت أيضاً إذ غاية ما يثبت بالاستصحاب هو أني متلبس بالرابعة أما أني قد أتيت بالتشهد والتسليم حالة التلبس بالركعة الرابعة فهذا يثبت بالملازمة العقلية - يعني بالاستعانة بالوجدان وضمه إلى الأصل فيصير المورد من الأصل المثبت - إذن محذور الأصل المثبت موجود على هذا التقدير فلم ننتفع شيئاً فإن الأصل لا يقول إنك قد أتيت بالتشهد والتسليم حالة التلبس بل يقول أنت متلبس أما أنك أتيت بهما حالة التلبس فهذا لا يقوله الاستصحاب فصار أصلاً مثبتاً.
وجوابه:- بإمكان الشيخ العراقي أن يقول:- إن الموضوع مأخوذ بنحو التركيب لا بنحو التقييد ، يعني أن الموضوع مركّب من جزأين الأول أنه يلزم الإتيان بالتشهد والتسليم والثاني أن يكون المكلف متلبساً بالركعة الرابعة فإذا كان الموضوع مركباً من جزأين لا أنه مأخوذ بنحو التقييد فلا يلزم آنذاك محذور الأصل المثبت.
نعم الذي يرد على السيد الخوئي أمران:-
الأمر الأول:- بامكان الشيخ العرقي(قده) أن يدافع ويقول:- إن التلبس لا يكفينا إذ ظاهر المستفاد من الأدلة أنه يلزم أن تكون الركعة معنونة بأنها رابعة أما أني متلبس بَعدُ بالرابعة فهذا لا يكفي بل المستفاد من الأدلة هو أن تأتي بالتشهد والتسليم في ركعة معنونة بأنها رابعة لا أنك بَعدُ متلبس بالرابعة ، وإذا قال هكذا فما ذكره السيد الخوئي(قده) من جواب لا ينفع.
الأمر الثاني:- إن هذا الاستصحاب الذي ذكره السيد الخوئي(قده) معارض باستصحاب معاكس إذ نقول له:- كما أني قد تلبست بالرابعة إما حين الإتيان بالركعة المفصولة أو حينما كنت في الثالثة المشكوكة فكما أني كنت أجزم بأني متلبساً بالرابعة كذلك أقول إني قطعاً لم اكن متلبساً بالرابعة في إحدى هاتين الحالتين فإما أنه عند الإتيان بالركعة المفصولة لم أكن في الرابعة وذلك على تقدير أن تلك الثالثة كانت هي الرابعة فهذه خامسة فيصدق أني لست في الرابعة أو نفترض أن تلك المشكوكة كانت ثالثة حقاً فيصدق عليَّ آنذاك أني لست في الرابعة . إذن كما أن وصف أني متلبس بالرابعة صادق في إحدى هاتين الحالتين كذلك وصف أني لست في الرابعة صادق أيضاً في إحدى هاتين الحالتين فكما يجري استصحاب التلبس بالرابعة كذلك يجري استصحاب أني لم أكن في الرابعة فيكونان متعارضين فلا يكون ذلك الاستصحاب الذي اقترحه السيد الخوئي(قده) صالحاً للجريان حتى نذكره في مقايل الشيخ العراقي(قده) فإنه يمكن أن يقول إن هذا الاستصحاب لا يجري لأجل المعارضة.
[1] مصباح الاصول، الخوئي، ج3، ص62.