33/07/09
تحمیل
الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
وبعد عرض هذه الطوائف الأربع يبقى شيء:- وهو أن قيد ( في الإسلام ) هل هو مذكور في الروايات أو لا ؟ ونبحث هذا تحت العنوان التالي:-
قيد ( في الإسلام ):-
سوف يأتي فيما بعد إنشاء الله تعالى عند بيان معنى الجملة المذكورة وما يقصد منها أن أحد المعاني التي تذكر هو أن يكون المقصود هو النهي عن الاضرار ، وقد تبنّى ذلك غير واحد منهم شيخ الشريعة الأصفهاني(قده).
ولكن ربما يقال:- ان وجود قيد ( في اسلام ) يمنع من كون المقصود هو النهي إذ لا معنى لقولك ( لا تضر في الإسلام ) إذن هو يتنافى مع ارادة النهي ، ومن هنا عقد شيخ الشريعة - الذي يبني على أن المقصود هو ارادة النهي - فصلاً في رسالته
[1]
وذكر فيه أن قيد ( في الإسلام ) ليس بموجود وأن الذي ذكره فقط هو ابن الأثير في نهايته ولا نعلم من أين جاء ابن الأثير بالقيد المذكور ونص عبارته هكذا ( ان الثابت في روايات العامة هو قوله لا ضرر ولا ضرار من غير تعقيب قوله في الإسلام .... ولا أدري من أين جاء ابن الأثير بهذه الزيادة ).
ونحن الآن لسنا بصدد ان هذه الزيادة تتنافى مع ارادة النهي أو لا فهذا ما سوف يأتي بحثه فيما بعد ، ولكن نريد أن نقول هنا أن حصر من ذكر القيد المذكور بابن الأثير ليس بوجيه وغريب في حق شيخ الشريعة فانه له اطلاع واسع بكتب الحديث من الفريقين فانه قد اتضح من خلال ما ذكرنا أن من جملة من ذكره الشيخ الصدوق في الفقيه والشيخ الطوسي في كتاب الشفعة والقاضي النعمان في دعائم الإسلام . إذن غير واحد من أصحابنا قد ذكر القيد المذكور.
وأغرب من ذلك ما ذكره السيد الخميني(قده) في رسالته
[2]
فانه تأثر بشيخ الشريعة وكأنه أراد أن يدافع عنه فقال:- صحيح أن الشيخ الصدوق ذكر قيد ( في الإسلام ) ولكن يمكن أن نقول انه قد ذكر اشتباهاً ببيان أن تعبير الشيخ الصدوق هكذا ( لا ضرر ولا اضرار في الإسلام ، فالإسلام يزيد المسلم خيراً ولا يزيده شراً ) ولكن الكاتب الذي كتب نسخة الفقيه اشتبه مرتين ، ففي المرة الأولى اشتبه وكتب كلمة ( فالإسلام ) مرتين والحال أن المناسب أن تكتب مرة واحدة ، ثم بعد مرور فترة جاء الكاتب الثاني والتفت إلى أن كلمة ( فالإسلام ) مكررة مرتين فقال مع نفسه ان ذلك الكاتب قد اشتبه والصحيح أن يكتب بدل كلمة ( فالإسلام ) الأولى - والتي ذكرت اشتباها - أن يكتب كلمة ( في الإسلام ) فثبّتها بهذا الشكل فصارت العبارة ( لا ضرر ولا اضرار في الإسلام ، فالإسلام يزيد المسلم خيراً ) . إذن مرت كتابة نسخة الفقيه باشتباهين من كاتبين وبالتالي صدق ما أراد شيخ الشريعة(قده) من أن الذي ذكر القيد المذكور هو ابن الأثير فقط فان الصدوق(قده) لم يذكر قيد ( في الإسلام ) وإنما جاء الاشتباه من الناسخ.
والاشكال عليه واضح:-
أولاً:- انه لا يمكن رد النسخة الموحدة للفقيه إذ لا توجد نسخ متعددة له بل جميع نسخ الفقيه كذلك ولا معنى لأن نرد كل النسخ بإبداء هذا الاحتمال ، صحيح أن هذا الاحتمال موجود ولكنه لا يقف أمام جميع النسخ والّا فيأتي الكلام في جميع الموارد ، وعلى أي حال مجرد عرض الاحتمال لا يصلح كردٍّ علمي.
وثانياً:- توجد قرينة علمية تدل على أن قيد ( في الإسلام ) قد قصده الشيخ الصدوق وهو موضع الشاهد عنده وأنه ذكره عن التفات وقصد ، وبيان ذلك:- هو أن الشيخ الصدوق بصدد ردّ من يقول ( ان المسلم لا يرث من الكافر ) فهو يريد أن يرد ذلك فيقول ( ان هذا معناه أن الإسلام صار سبباً للشر على المسلم والوبال عليه حيث صار سبباً لمنعه من الارث وهذا يتنافى مع قول الرسول صلى الله عليه وآله أولا " الإسلام يزيد ولا ينقص " ومع قول الرسول " لا ضرر ولا اضرار في الإسلام " ) فان وجود قيد ( في الإسلام ) ضروري حتى ينفى احتمال كون الإسلام سبباً للإضرار بالمسلم ولذلك فرّع بعد ذلك على الحديثين قائلاً:- فالإسلام يزيد المسلم أي نتيجة هذين الحديثين خيراً ولا يزيده شراً.
وعلى أي حال هذا كله كان اشارة إلى قضية جانبية ليست مهمة الآن.
[1] وهو الفصل الثالث من رسالته ( لا ضرر ) والتي منهجها على اثني عشر فصلاً وفي الفصل الثالث منها ذكر ذلك.
[2] في رسالته لا ضرر 55.