33/05/26
تحمیل
الموضوع / ضابط مورد البراءة والاشتغال / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
الحالة الثالثة:- أن يكون الحكم تحريمياً ويُجزَم بالانطباق ولكن يُشك في الامتثال ، كما إذا فرض أن المكلف كان يعلم بحرمة الكذب ويعلم بأن الإخبار عن مجيء زيد هو كذب إذ هو لم يجئ ولكن لو ذهب إلى مجلسٍ معينٍ فربما يملي عليه جوّ المجلس أن يكذب - لكن من دون اضطرار لأنه لو كان عن اضطرار فلا يحرم - فهنا يعلم المكلف بأن عنوان المتعلّق - وهو الكذب - ينطبق على المورد - أي على هذا الإخبار - ولكن يحتمل أنه سوف يصدر منه الكذب ولا يكون ممتثلاً فهنا هل يجوز له الذهاب إلى ذلك المجلس الذي يشك معه بالامتثال أو لا ؟ وهل إن هذا مورد للبراءة أو الاشتغال ؟
والجواب:- انه يلزم الاحتياط في مثل ذلك فان المورد ليس من موارد الشك في أصل التكليف إذ أصل التكليف يجزم بتوجهه إليه وأنه ( يحرم عليك هذا الكذب ) ولكنه يشك في امتثاله ، وعليه يكون ذلك من موارد الشك في امتثال التكليف المتيقن وبالتالي يكون مورداً للاشتغال.
اللهم إلا أن يدعى وجود أصل حاكم يثبت عدم صدور الكذب منه وهذا مطلب آخر ، وكلامنا هو بقطع النظر عن الأصل الحاكم فبالتالي يشك في تحقق الامتثال فيلزم الاحتياط . هذا كله بالنسبة إلى الحالات الثلاث للشك بلحاظ المتعلق.
الشك بلحاظ الموضوع.
وأما إذا كان الشك بلحاظ لموضوع فذلك حالات ثلاث أيضاً:-
الحالة الأولى:- أن يفترض أن إطلاق التكليف بلحاظ الموضوع يكون استغراقياً أو يكون مجموعياً وليس بدلياً - فان البدلي يأتي في الحالة الثانية انشاء الله تعالى - من قبيل ما إذا قال المولى ( أكرم العالم ) والعالم كما نعرف موضوعٌ - أي لو فرض وجود عالم فيجب إكرامه فان المتعلق هو الإكرام والعالم موضوعٌ - وهنا تارة نفترض أن المقصود هو أنه يجب إكرام عالمٍ ما على نحو البدليَّة - وهذه هي الحالة الثانية - ونحن نفترض في هذه الحالة أن الواجب هو إكرام كل من هو عالمٌ غايته مرَّة يُلحظ إكرام كل عالم كموضوعٍ مستقلٍ لحكمٍ مستقلٍ فهذا يجب إكرامه بوجوب مستقل وذاك كذلك ... وهكذا وهذا ما يعبَّر عنه بالاستغراقية ، وأما إذا فرض أن المجموع من حيث مجموع لوحظ كموضوع واحد وله وجوب إكرام واحد فهذا ما يصطلح عليه بالعموم المجموعي .
إذن المفترض في هذه الحالة أن التكليف بلحاظ الموضوع هو إما استغراقي أو مجموعي ونفترض أننا رأينا شخصاً لا ندري هل أنه عالم أو لا ؟ فهنا هل الشك في أصل التكليف حتى يكون مورداً للبراءة أو أنه شك في الامتثال حتى يكون مورداً للاحتياط ؟
والمناسب هو كون الشك شكاً في أصل التكليف ، لأنه على الاستغراقية يكون ذلك واضحاً إذ عليها تكون لدينا وجوبات متعددة بعدد الأفراد والشك في أن هذا عالم أو لا شك في ثبوت وجوب جديد وهو شك في أصل التكليف كما هو واضح ، وأما على المجموعية فأيضاً يكون الشك شكاً في أصل التكليف باعتبار أن التكليف بالإكرام نعلم بشموله للتسعة من العلماء مثلاً - والذي هو المقدار المتيقن - ونشك بامتداد هذا الوجوب الواحد وشموله إلى العاشر فهنا الشك شك في الامتداد والسعة وشمولية الحكم الواحد فأيضاً يكون الشك شكاً في أصل التكليف فيكون مجرى للبراءة غايته على الاستغراقية يكون المورد من الأقل والأكثر الاستقلاليين وعلى المجموعية يكون من الأقل والأكثر الارتباطيين.