36/08/11
تحمیل
الموضـوع:- مسألة (
16 ) - المكاسب المحرمة -كتاب
التجارة.
مسـألة ( 16 ):- يحرم تصوير ذوات الأرواح من الانسان والحيوان سواء أكانت مجسمة أم لم تكن ويحرم أخذ الأجرة عليه . أما تصوير غير ذوات الأرواح كالشجر وغيره فلا بأس به ويجوز أخذ الاجرة عليه . كما لا بأس بالتصوير الفوتوغرافي المتعارف في عصرنا ومثله تصوير بعض البد كالرأس والرجل ونحوهما مما لا يعد تصويراً ناقصاً أما إذا كان كذلك مثل تصوير شخص مقطوع الرأس ففيه إشكال، أما إذا كان تصويراً له على هيأة خاصة مثل تصويره جالساً أو واضعاً يديه خلفه أو نحو ذلك مما يعدّ تصويراً تاماً فالظاهر هو الحرمة، بل الأمر كذلك فيما إذا كانت الصورة ناقصة ولكن النقص لا يكون دخيلاً في الحياة كتصوير أنسان مقطوع اليد أو الرجل . ويجوز على كراهة اقتناء الصور وبيعها وإن كانت مجسمة وذات أرواح.[1]
تشتمل هذه المسألة على نقاط:-
النقطة الأولى:- يحرم تصوير الحيوان - يعني الحيوان - سواء كان بنحو التجسيم أو بنحو النقش.
والمسألة المذكورة - أي أصل التجسيم أو التصوير - وقعت محلّاً للخلاف بين الفقهاء، والخلاف هو ليس في أصل الحرمة وإنما هو في حدودها - يعني في تحديد ما هو الحرام -، وقد نقل صاحب الحدائق(قده)[2] أربعة أقوال في المسألة، الأوّل الحرمة مطلقاً، والثاني الحرمة لذي الروح إذا كان بنحو التجسيم، والثالث يكفي أحد الوصفين - يعني تصوير ذي الروح ولو لا بنحو التجسيم -، والرابع يكفي الوصف الآخر - يعني يحرم التجسيم ولو لغير ذي الروح -.
وذكر صاحب الجواهر(قده) أنّ تجسيم ذي الروح ممّا لا خلاف في حرمته.
إذن توجد نقطة محرّمة باتفاق جميع الفقهاء وهي أن يكون ذلك بنحو التجسيم لذي الروح.
وذكر ذلك الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب[3] ذلك أيضاً.
أمّا روايات المسألة:- فقبل أن نذكر الروايات نذكر ظاهرةً توجد هنا وهي أنّ روايات المسألة في مقامنا متفرّقة وليست مجموعة في بابٍ واحد وهي أربعة أبواب تقريباً، فقسمٌ منها ذكر في أبواب المكان في باب الصلاة لمناسبةٍ حيث ذكرت أحام المساكن ومن جملة أحكام المساكن أنّه نُهي عن تحسين تزويق المساكن، والتزويق إمّا أن يكون من خلال الرسم بالقلم أو يغير ذلك أو من خلال الفضة أو الذهب أو من خلال معدن آخر على البيوت، فتزويق البيوت تصويرٌ وبهذه المناسبة ذكرت في أحكام المساكن . وبعض الروايات مذكورٌ في أحكام اللباس بشكلٍ مطلق وليس في حكم لباس المصلي . وبعض الروايات التي لا ترتبط لا بهذا ولا بذاك - وهو مسألة اقتناء الصور وبيعها وإيجادها - ذكر في كتاب التجار . ولعله توجد في أكثر من أربعة أبواب والروايات هي :-
الرواية الأولى:- صحيحة محمد بن مسلم :- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن تماثيل الشجر والشمس والقمر فقال لا باس ما لم يكن شيئاً من الحيوان )[4]، وعبّر الشيخ الأعظم(قده)[5] عن هذه الرواية بأنّها أظهر روايات الباب.
وماذا يقصد من الأظهريّة ؟ فهل يقصد أنها أظهر في التحريم ؟ كلّا لأنّ هذه ليست أظهر من حيث التحريم لأنّها عبرت وقالت ( لا بأس ما لم يكن شيئاً من الحيوان ) ومفهومه أنه فيه بأسٌ إذا كان حيواناً ودلالة البأس ليست بذلك النحو الذي يعبّر عنه بالأظهر فلعله نعثر على رواياتٍ أخرى فيها دلالة أقوى.
وليس من البعيد أن يكون مقصوده من الأظهريّة ليست الأظهرية في الدلالة على التحريم بل الأظهرية من حيث الشمول للتجسيم والنقش، فهذه الرواية تدلّ على أنّ تصوير الحيوان لا يجوز أعم من كون ذلك بنحو التجسيم أو الرسم وله عبارة تشهد بذلك حيث قال:- ( وأظهر من الكل صحيحة ابن مسلم ....... فإن ذكر الشمس والقمر قرينة على إرادة مجرد النقش )، إنّه يقصد بهذا النظر إلى النقش وإلّا فالشمس والقمر لا يمكن تجسيمهما.
إذن هذه الرواية لا يمكن أن يقال هي ناظرة إلى التجسيم وتدلّ على الحرمة فقط وفقط في حالة التجسيم، كلّا فإنّ ذكر الشمس والقمر يدلّ على أنّ المقصود ما يعمّ النقش، فهي أظهر من هذه الزاوية - أي من ناحية دلالتها على أنّ النقش كذلك لا يجوز - وهذه قضيّة جانبية.
والكلام تارةً يقع في سند هذه الرواية وأخرى في دلالتها:-
أمّا في سندها:- فقد نقلها صاحب الوسائل(قده) من محاسن البرقي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن محمد بن مسلم، ولا توجد مشكلة في السند بهذا المقدار فوالد البرقي محمد بن خالد من الثقات وأما البقيّة فوثاقتهم واضحة.
ولكن هناك مشكلتان أشرنا إليهما في أبحاث سابقة ونشير إليهما هنا:-
الأولى:- أنّه في كتاب المحاسن كما نقل الشيخ ولعله كذلك قال النجاشي إنّ المحاسن زيد فيه ونقص- أنقص -، وبناءً على هذا فإنه في كلّ موردٍ نحتمل وجود زيادةٍ - والزيادة ليست من الرواية - ومع هذا الاحتمال لا يمكن أن نتمسّك بروايات المحاسن بشكلٍ عام لهذا المحذور وهو وجود علمٍ إجماليّ بوجود زيادةٍ وفي كلّ موردٍ ومادام يوجد علم إجماليّ فلا يمكن أن ينفى بأصالة عدم الزيادة أو عدم النقيصة أو غيرهما . هذا إشكالٌ سيّال في كلّ روايات المحاسن.
وأجبنا عن هذا الاشكال وقلنا:- إنّ صاحب الوسائل حيث إنّ له طريق ينتهي إلى البرقي فحينئذٍ الزيادة والنقيصة نكون في مأمنٍ منها، والمقصود من الزيادة والنقيصة يعني في أصل كتاب المحاسن، أمّا ما وصل إلينا بطريقٍ معتبرٍ إلى صاحب المحاسن فلا مشكلة فيه والمفروض أنّ صاحب الوسائل له طريق معتبرٌ فلا إشكال من هذه الناحية.
الثانية:- وهي خاصّة بنا حيث ذكرنا في بعض الأبحاث أنا نحتمل أنّ طرق صاحب الوسائل إلى الكتب التي نقل عنها تبركيّة وليست على النسخة، وبناءً على هذا لا ينفعنا الطريق الذي يذكره إذ المهم ثبوت النسخة والنسخة لا تثبت بالإجازة التبرّكية.
وقد تغلباً على هذه المشكلة بأنّ العلامة المجلسي نقل ما في المحاسن في البحار، والمقصود هو أنّ ذكر صاحب البحار للرواية عن المحاسن بشكلٍ يتّفق مع نقل صاحب الوسائل قد يورث للفقيه الاطمئنان . إذن هي من حيث السند لا إشكال فيها.
وأما من حيث الدلالة:- فدلالتها تتوقّف على مقدّمتين:-
الأولى:- أن تكون كلمة ( بأس ) دالة على التحريم فإنّ الوارد في الرواية ( لا بأس ما لم يكن شيئاً من الحيوان ) والمفهوم هو أنّه إذا كان شيئاً من الحيوان ففيه بأس، فلابد وأن تفسّر البأس بالحرمة - يعني إمّا بنفس الحرمة أو بما يلازم الحرمة كالمبغوضيّة الشديدة أو العذاب أو غير ذلك - .
وهل هذه العبارة تدلّ على التحريم ؟
قال النراقي في مستنده[6] ما نصّه:- ( وتضعيف دلالته - بأنّ ثبوت البأس أعم من الحرمة - ضعيفٌ لأنّ البأس حقيقة في الشدة والعذاب وهما في غير الحرام منفيان ).
وما ذكره النراقي من أنّه حقيقة في هذا المعنى لا دليل عليه، نعم هي قضيّة عرفية تستند إلى العرف، وإذا رجعنا إلى العرف فما هو نظره ؟
قال الحاج ميرزا علي الايرواني:- ( البأس غير ظاهر في ازد من مطلق المرجوحيّة المتحقّقة في الكراهة )[7].
ونحن نقول:- فيه تردّدٌ وإشكال، فليس من الواضح دلالة البأس على الحرمة . وأمّا من قال هو ظاهر في ذلك كالسيد الخوئي(قده) فإنه لم يتوقّف فيه فكأنه عنده ظهورٌ في ذلك فيأخذ به كالشيخ النراقي، ولكن نحن نقول هذه الكلمة لا نرى وضوحاً فيها لا في هذا ولا في ذاك.
الثانية:- إنّ السؤال لم يكن عن الصنع والإيجاد فإنّ الرواية قالت ( سألت أبا عبد الله عن تماثيل الشجر والشمس والقمر، فقال:- لا بأس ) فهل السؤال عن الإيجاد ؟ إنّه احتمالٌ - والذي هو محلّ كلامنا وهو الذي ينفعنا -، أو أنّ المقصود هو تزويق البيوت بها أو الصلاة عليها - أي الصلاة على بساطٍ فيه منها أو مواجهتها في أثناء الصلاة أو اللعب بها أو غير ذلك ؟ فالرواية مجملة من هذه الناحية خصوصاً إذا التفتنا إلى أنّ القضايا الأخرى وقعت مورداً للسؤال والجواب في الروايات، ونذكر كمثال ما ورد في رواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام:- ( أنه سأل أباه عن التماثيل، فقال:- لا يصلح أن يلعب بها )[8] [9]، وصحيحة محمد بن مسلم قال:- ( سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل يصلّي وفي ثوبه دراهم فيها تماثيل قال لا بأس بذلك ) [10]، ورواية محمد بن مسلم الأخرى عن أبي جعفر عليه السلام قال:- ( لا بأس أن تصلّي على كلّ التماثيل إذا جعلتها تحتك )[11].
إذن صيغة السؤال مجملةٌ لا يجزم بكونها سؤالاً عن الإيجاد والصنع وهذه قضيّة تحتاج إلى علاج.
والغريب أنّ الشيخ الأعظم(قده) وهكذا السيد الخوئي(قده) لم يتعرّضا إلى ذلك من قربٍ ولا من بعدٍ.
مسـألة ( 16 ):- يحرم تصوير ذوات الأرواح من الانسان والحيوان سواء أكانت مجسمة أم لم تكن ويحرم أخذ الأجرة عليه . أما تصوير غير ذوات الأرواح كالشجر وغيره فلا بأس به ويجوز أخذ الاجرة عليه . كما لا بأس بالتصوير الفوتوغرافي المتعارف في عصرنا ومثله تصوير بعض البد كالرأس والرجل ونحوهما مما لا يعد تصويراً ناقصاً أما إذا كان كذلك مثل تصوير شخص مقطوع الرأس ففيه إشكال، أما إذا كان تصويراً له على هيأة خاصة مثل تصويره جالساً أو واضعاً يديه خلفه أو نحو ذلك مما يعدّ تصويراً تاماً فالظاهر هو الحرمة، بل الأمر كذلك فيما إذا كانت الصورة ناقصة ولكن النقص لا يكون دخيلاً في الحياة كتصوير أنسان مقطوع اليد أو الرجل . ويجوز على كراهة اقتناء الصور وبيعها وإن كانت مجسمة وذات أرواح.[1]
تشتمل هذه المسألة على نقاط:-
النقطة الأولى:- يحرم تصوير الحيوان - يعني الحيوان - سواء كان بنحو التجسيم أو بنحو النقش.
والمسألة المذكورة - أي أصل التجسيم أو التصوير - وقعت محلّاً للخلاف بين الفقهاء، والخلاف هو ليس في أصل الحرمة وإنما هو في حدودها - يعني في تحديد ما هو الحرام -، وقد نقل صاحب الحدائق(قده)[2] أربعة أقوال في المسألة، الأوّل الحرمة مطلقاً، والثاني الحرمة لذي الروح إذا كان بنحو التجسيم، والثالث يكفي أحد الوصفين - يعني تصوير ذي الروح ولو لا بنحو التجسيم -، والرابع يكفي الوصف الآخر - يعني يحرم التجسيم ولو لغير ذي الروح -.
وذكر صاحب الجواهر(قده) أنّ تجسيم ذي الروح ممّا لا خلاف في حرمته.
إذن توجد نقطة محرّمة باتفاق جميع الفقهاء وهي أن يكون ذلك بنحو التجسيم لذي الروح.
وذكر ذلك الشيخ الأعظم(قده) في المكاسب[3] ذلك أيضاً.
أمّا روايات المسألة:- فقبل أن نذكر الروايات نذكر ظاهرةً توجد هنا وهي أنّ روايات المسألة في مقامنا متفرّقة وليست مجموعة في بابٍ واحد وهي أربعة أبواب تقريباً، فقسمٌ منها ذكر في أبواب المكان في باب الصلاة لمناسبةٍ حيث ذكرت أحام المساكن ومن جملة أحكام المساكن أنّه نُهي عن تحسين تزويق المساكن، والتزويق إمّا أن يكون من خلال الرسم بالقلم أو يغير ذلك أو من خلال الفضة أو الذهب أو من خلال معدن آخر على البيوت، فتزويق البيوت تصويرٌ وبهذه المناسبة ذكرت في أحكام المساكن . وبعض الروايات مذكورٌ في أحكام اللباس بشكلٍ مطلق وليس في حكم لباس المصلي . وبعض الروايات التي لا ترتبط لا بهذا ولا بذاك - وهو مسألة اقتناء الصور وبيعها وإيجادها - ذكر في كتاب التجار . ولعله توجد في أكثر من أربعة أبواب والروايات هي :-
الرواية الأولى:- صحيحة محمد بن مسلم :- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن تماثيل الشجر والشمس والقمر فقال لا باس ما لم يكن شيئاً من الحيوان )[4]، وعبّر الشيخ الأعظم(قده)[5] عن هذه الرواية بأنّها أظهر روايات الباب.
وماذا يقصد من الأظهريّة ؟ فهل يقصد أنها أظهر في التحريم ؟ كلّا لأنّ هذه ليست أظهر من حيث التحريم لأنّها عبرت وقالت ( لا بأس ما لم يكن شيئاً من الحيوان ) ومفهومه أنه فيه بأسٌ إذا كان حيواناً ودلالة البأس ليست بذلك النحو الذي يعبّر عنه بالأظهر فلعله نعثر على رواياتٍ أخرى فيها دلالة أقوى.
وليس من البعيد أن يكون مقصوده من الأظهريّة ليست الأظهرية في الدلالة على التحريم بل الأظهرية من حيث الشمول للتجسيم والنقش، فهذه الرواية تدلّ على أنّ تصوير الحيوان لا يجوز أعم من كون ذلك بنحو التجسيم أو الرسم وله عبارة تشهد بذلك حيث قال:- ( وأظهر من الكل صحيحة ابن مسلم ....... فإن ذكر الشمس والقمر قرينة على إرادة مجرد النقش )، إنّه يقصد بهذا النظر إلى النقش وإلّا فالشمس والقمر لا يمكن تجسيمهما.
إذن هذه الرواية لا يمكن أن يقال هي ناظرة إلى التجسيم وتدلّ على الحرمة فقط وفقط في حالة التجسيم، كلّا فإنّ ذكر الشمس والقمر يدلّ على أنّ المقصود ما يعمّ النقش، فهي أظهر من هذه الزاوية - أي من ناحية دلالتها على أنّ النقش كذلك لا يجوز - وهذه قضيّة جانبية.
والكلام تارةً يقع في سند هذه الرواية وأخرى في دلالتها:-
أمّا في سندها:- فقد نقلها صاحب الوسائل(قده) من محاسن البرقي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن محمد بن مسلم، ولا توجد مشكلة في السند بهذا المقدار فوالد البرقي محمد بن خالد من الثقات وأما البقيّة فوثاقتهم واضحة.
ولكن هناك مشكلتان أشرنا إليهما في أبحاث سابقة ونشير إليهما هنا:-
الأولى:- أنّه في كتاب المحاسن كما نقل الشيخ ولعله كذلك قال النجاشي إنّ المحاسن زيد فيه ونقص- أنقص -، وبناءً على هذا فإنه في كلّ موردٍ نحتمل وجود زيادةٍ - والزيادة ليست من الرواية - ومع هذا الاحتمال لا يمكن أن نتمسّك بروايات المحاسن بشكلٍ عام لهذا المحذور وهو وجود علمٍ إجماليّ بوجود زيادةٍ وفي كلّ موردٍ ومادام يوجد علم إجماليّ فلا يمكن أن ينفى بأصالة عدم الزيادة أو عدم النقيصة أو غيرهما . هذا إشكالٌ سيّال في كلّ روايات المحاسن.
وأجبنا عن هذا الاشكال وقلنا:- إنّ صاحب الوسائل حيث إنّ له طريق ينتهي إلى البرقي فحينئذٍ الزيادة والنقيصة نكون في مأمنٍ منها، والمقصود من الزيادة والنقيصة يعني في أصل كتاب المحاسن، أمّا ما وصل إلينا بطريقٍ معتبرٍ إلى صاحب المحاسن فلا مشكلة فيه والمفروض أنّ صاحب الوسائل له طريق معتبرٌ فلا إشكال من هذه الناحية.
الثانية:- وهي خاصّة بنا حيث ذكرنا في بعض الأبحاث أنا نحتمل أنّ طرق صاحب الوسائل إلى الكتب التي نقل عنها تبركيّة وليست على النسخة، وبناءً على هذا لا ينفعنا الطريق الذي يذكره إذ المهم ثبوت النسخة والنسخة لا تثبت بالإجازة التبرّكية.
وقد تغلباً على هذه المشكلة بأنّ العلامة المجلسي نقل ما في المحاسن في البحار، والمقصود هو أنّ ذكر صاحب البحار للرواية عن المحاسن بشكلٍ يتّفق مع نقل صاحب الوسائل قد يورث للفقيه الاطمئنان . إذن هي من حيث السند لا إشكال فيها.
وأما من حيث الدلالة:- فدلالتها تتوقّف على مقدّمتين:-
الأولى:- أن تكون كلمة ( بأس ) دالة على التحريم فإنّ الوارد في الرواية ( لا بأس ما لم يكن شيئاً من الحيوان ) والمفهوم هو أنّه إذا كان شيئاً من الحيوان ففيه بأس، فلابد وأن تفسّر البأس بالحرمة - يعني إمّا بنفس الحرمة أو بما يلازم الحرمة كالمبغوضيّة الشديدة أو العذاب أو غير ذلك - .
وهل هذه العبارة تدلّ على التحريم ؟
قال النراقي في مستنده[6] ما نصّه:- ( وتضعيف دلالته - بأنّ ثبوت البأس أعم من الحرمة - ضعيفٌ لأنّ البأس حقيقة في الشدة والعذاب وهما في غير الحرام منفيان ).
وما ذكره النراقي من أنّه حقيقة في هذا المعنى لا دليل عليه، نعم هي قضيّة عرفية تستند إلى العرف، وإذا رجعنا إلى العرف فما هو نظره ؟
قال الحاج ميرزا علي الايرواني:- ( البأس غير ظاهر في ازد من مطلق المرجوحيّة المتحقّقة في الكراهة )[7].
ونحن نقول:- فيه تردّدٌ وإشكال، فليس من الواضح دلالة البأس على الحرمة . وأمّا من قال هو ظاهر في ذلك كالسيد الخوئي(قده) فإنه لم يتوقّف فيه فكأنه عنده ظهورٌ في ذلك فيأخذ به كالشيخ النراقي، ولكن نحن نقول هذه الكلمة لا نرى وضوحاً فيها لا في هذا ولا في ذاك.
الثانية:- إنّ السؤال لم يكن عن الصنع والإيجاد فإنّ الرواية قالت ( سألت أبا عبد الله عن تماثيل الشجر والشمس والقمر، فقال:- لا بأس ) فهل السؤال عن الإيجاد ؟ إنّه احتمالٌ - والذي هو محلّ كلامنا وهو الذي ينفعنا -، أو أنّ المقصود هو تزويق البيوت بها أو الصلاة عليها - أي الصلاة على بساطٍ فيه منها أو مواجهتها في أثناء الصلاة أو اللعب بها أو غير ذلك ؟ فالرواية مجملة من هذه الناحية خصوصاً إذا التفتنا إلى أنّ القضايا الأخرى وقعت مورداً للسؤال والجواب في الروايات، ونذكر كمثال ما ورد في رواية عليّ بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام:- ( أنه سأل أباه عن التماثيل، فقال:- لا يصلح أن يلعب بها )[8] [9]، وصحيحة محمد بن مسلم قال:- ( سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل يصلّي وفي ثوبه دراهم فيها تماثيل قال لا بأس بذلك ) [10]، ورواية محمد بن مسلم الأخرى عن أبي جعفر عليه السلام قال:- ( لا بأس أن تصلّي على كلّ التماثيل إذا جعلتها تحتك )[11].
إذن صيغة السؤال مجملةٌ لا يجزم بكونها سؤالاً عن الإيجاد والصنع وهذه قضيّة تحتاج إلى علاج.
والغريب أنّ الشيخ الأعظم(قده) وهكذا السيد الخوئي(قده) لم يتعرّضا إلى ذلك من قربٍ ولا من بعدٍ.