36/07/17
تحمیل
الموضـوع:- مسألة ( 15
) - المكاسب المحرمة -كتاب
التجارة.
وصعّد السيد الخوئي(قده)[1]اللهجة في صالح الأردبيلي(قده) وقال:- إنّه يمكن التمسّك بالأولويّة، بمعنى أنّ رفع المنكر إذا كان واجباً فدفعه يكون أولى بالوجوب.
وعلى أيّ حال أجاب الشيخ الأعظم(قده)[2]بما محصّله:- إنّ الثابت عقلاً ونقلاً أنّ المنكر بعد تحقّقه يلزم رفعه والمنع منه، وهكذا العقل والنقل حاكم في حالة أخرى بالوجوب وهي ما إذا همّ الشخص بفعل المنكر ولكن بَعدُ لم يقع، كما إذا فرضنا أنّ الحجارة بيده ويريد أن يرميها على شخصٍ بريء بحيث إذا لم أمنعه ولم أنهاه فسوف يضربه فهذه الحالة مشمولة أيضاً للعقل والنقل، أمّا إذا فرض أنّ الحالة لم تكن من هذين القبيلين كما إذا فرض أنّ الشخص أعلم بأنّه سوف يصدر منه الحرام في المستقبل فمن الآن لا يلزم عقلاً ولا نقلاً ردعه، وموردنا - أي بيع العنب ممّن يُعلم أنه يصنعه خمراً أو يشترط عليه ذلك - لا يأتي فيه ذلك لأنّ هذا لا يصدر منه الحرام بل سوف يصدر منه الحرام بعد فترةٍ وهذا لم يتثبت عقلاً ولا نقلاً وجوب الحيلولة دونه، ونصّ عبارته:- ( إنّه لم يقم دليل على وجوب تعجيز من يُعلَم أنه سيهم بالمعصية وإنما الثابت من النقل والعقل - القاضي بوجوب اللطف – وجوب ردع من هم بها وأشرف عليها بحيث لولا الردع لفعلها أو استمر عليها ).
والذي نقوله:- إنّه من المحتمل أن يقصد الأردبيلي الإشارة إلى أنّ المستفاد من أدلّة النهي عن المنكر عدم جواز الحثّ والتشجع على المنكر، وإذا كان يقصد هذا فهو جيّدٌ، ومقامنا من هذا القبيل فإنّه حينما يشترط البائع على من يشتري أن يصنع العنب خمراً يعني أنّ هذا تشجيعٌ على الحرام، وهكذا إذا لم يكن هناك اشتراطٌ بل كان هناك علمٌ فإنّ هذا نحوٌ من الحثّ والتشجيع على الحرام، وإذا كان يقصد هذا فهو شيء مقبول، وأمّا إذا كان يقصد ما هو ظاهر عبارته وما فهمه الأعلام منه - يعني أن الدفع بما دفعٌ لازمٌ قبل الوقوع - فهذا يوجد مجال لرفضه فضلاً عن دعوى الأولويّة، ولكن احتمل أنّ مثل السيد الخوئي(قده) الذي ادّعى الأولوية أو الأردبيلي الذي ادّعى أنّه هو المستفاد يقصد ما أشرنا إليه، وإذا كان يقصد هذا فلا بأس به.
الوجه الخامس:- ما أفاده السيد الخميني(قده)[3]، وقد تمسّك به لإثبات البطلان دون الحرمة، ومحصّله:- إنّ اشتراط صنع العنب خمراً هو مخالفٌ لمقتضى العقد، وكلّ شرطٍ خالف مقتضى العقد فهو باطل، بل المعاملة باطلة بناءً على أنّ الشرط الفاسد مفسد.
أما كيف يكون هذا الشرط مخالفاً لمقتضى العقد ؟
ذكر(قده):- أنّ البائع إذا اشترط صنع العنب خمراً فهذا لازمه اشتراط عدم الانتفاع به وكأنّ البائع قال بالعبارة الصريحة ( أشترط عليك أن لا تنتفع به )، واشتراط عدم الانتفاع يلزم منه سلب الماليّة والملكيّة، فبالتالي يصير الاشتراط المذكور موجباً لسلب الملكيّة ولذلك قلنا إنَّ هذا شرطٌ مخالف لمقتضى العقد، وكأنك تقول ( بعتك العنب بشرط أن لا يكون ملكاً ومالاً لك ).
والمطلب يحتاج إلى إيضاح قضيتين فيه:-
الأولى:- إنّ اشتراط صنعه خمراً مساوق لاشتراط عدم الانتفاع.
الثانية:- إنَّ اشتراط عدم الانتفاع هو سلبٌ للماليّة والملكيّة.
أمّا القضية الأولى:- فباعتبار أنّه حينما أقول للمشتري ( بعتك بشرط أن تصنعه خمراً ) معناه أني أشترط عليك أن لا تأكله ولا تهديه ولا أيّ منفعة من المنافع المباحة، فالمنافع المباحة كلّها منعتها منه وتبقى منفعةٌ واحدةٌ وهي صنعه خمراً ولكن الشارع يأتي ويسدّ هذا الباب، فانسدّت جميع الأبواب جميع الأبواب أمّا المنافع المباحة فقد سُدّ بابها باشتراط حصر المنفعة في صنعه خمراً وأمّا المنفعة المحرّمة فقد سُدَّ بابها من قبل الشرع، فصحّ ما قلناه من أنّ اشتراط صنعه خمراً مساوقٌ لاشتراط عدم الانتفاع به رأساً.
وأمّا القضيّة الثانية:- فذلك باعتبار أنّ ماليّة الشيء وملكيّته هي بلحاظ منافعه فإذا سُدّ باب المنافع ومُنِعَ منها فهذا ليس مالاً ولا ملكاً.
وفيه:-
أوّلاً:- إنّه ذكر أنَّ سَدَّ أبواب المنافع يوجب سلب الملكيّة والماليّة، وهذا يمكن أن نناقش فيه وأن سدّ الأبواب لا يلازم ذلك، كما لو فرض أنّه كانت عندي دار ونذرت أن لا ينتفع بها إلا الزوّار لمدّة سنةٍ مثلاً فهل تخرج هذه الدار عن ملكي ؟!! كلّا، بل هي ملكي ولكنها مسلوبة المنافع خلال هذه الفترة بسبب النذر أمّا أنّه تزول الملكيّة في فترةٍ بسبب زوال المنافع وامتناعها وحرمتها عليَّ فهذا لا نسلّمه.
وثانياً:- إنّ البائع لم يشترط سلب جميع المنافع وإنْ اشترط سلب المنافع المباحة فقط أمّا منفعة صنعه خمراً فلم يشترط عدمها ولم يسدّ بابها وإنما سدّ بابها الشارع، فاشتراطه إذن لا يكون من قبله سدّاً للباب أمام أيّ منفعةٍ حتى يلازم ذلك سلب الملكيّة، فإذن الاشتراط لا يلازم سلب الماليّة والملكيّة.
ثالثاً:- إنَّ الذي يوجب زوال الملكية هو أن لا يكون له حقّ الانتفاع والمنفعة، فلو كنت اشترط عليه بأّنه لا حقّ لك في المنفعة والانتفاع فهنا يمكن أن يقال هذا يوجب نفي الملكيّة، ولكن أنا لم أنفِ الحقّ ولكنّي اشترطت عليه أن لا يعمل ذلك، والذي يساوق نفي الملكيّة هو سلب حقّ الانتفاع أما مع بقاء حقّ الانتفاع ولكن أمنعه من إعمال ذلك الحقّ فهذا لا يوجب سلب الملكيّة.
وإن شئت قلت:- تارةً يكون الاشتراط بنحو شرط النتيجة، وأخرى يكون بنحو شرط الفعل، فإذا كان بنحو شرط النتيجة - يعني أنه لا حقّ لك في الانتفاع - فهنا يمكن أن يتمّ ما ذكره، أمّا إذا كان بنحو شرط الفعل - يعني لا تُعْمِل هذا الحقّ - فهذا لا يساوق نفي الملكيّة، مقامنا من هذا القبيل - أي بنحو شرط الفعل -، فهو يقول له ( لا تنتفع به في المجال المحلّل ) لا أنّ الحقّ يزول عنك شرعاً أو عقلائياً، بل لا تزاول المنافع المحلّلة، فهو منعٌ من إِعْمالِ حقّه لا أنّه منعٌ من نفس هذا الحقّ فلا يوجب ذلك انتفاء الماليّة والملكيّة.
وصعّد السيد الخوئي(قده)[1]اللهجة في صالح الأردبيلي(قده) وقال:- إنّه يمكن التمسّك بالأولويّة، بمعنى أنّ رفع المنكر إذا كان واجباً فدفعه يكون أولى بالوجوب.
وعلى أيّ حال أجاب الشيخ الأعظم(قده)[2]بما محصّله:- إنّ الثابت عقلاً ونقلاً أنّ المنكر بعد تحقّقه يلزم رفعه والمنع منه، وهكذا العقل والنقل حاكم في حالة أخرى بالوجوب وهي ما إذا همّ الشخص بفعل المنكر ولكن بَعدُ لم يقع، كما إذا فرضنا أنّ الحجارة بيده ويريد أن يرميها على شخصٍ بريء بحيث إذا لم أمنعه ولم أنهاه فسوف يضربه فهذه الحالة مشمولة أيضاً للعقل والنقل، أمّا إذا فرض أنّ الحالة لم تكن من هذين القبيلين كما إذا فرض أنّ الشخص أعلم بأنّه سوف يصدر منه الحرام في المستقبل فمن الآن لا يلزم عقلاً ولا نقلاً ردعه، وموردنا - أي بيع العنب ممّن يُعلم أنه يصنعه خمراً أو يشترط عليه ذلك - لا يأتي فيه ذلك لأنّ هذا لا يصدر منه الحرام بل سوف يصدر منه الحرام بعد فترةٍ وهذا لم يتثبت عقلاً ولا نقلاً وجوب الحيلولة دونه، ونصّ عبارته:- ( إنّه لم يقم دليل على وجوب تعجيز من يُعلَم أنه سيهم بالمعصية وإنما الثابت من النقل والعقل - القاضي بوجوب اللطف – وجوب ردع من هم بها وأشرف عليها بحيث لولا الردع لفعلها أو استمر عليها ).
والذي نقوله:- إنّه من المحتمل أن يقصد الأردبيلي الإشارة إلى أنّ المستفاد من أدلّة النهي عن المنكر عدم جواز الحثّ والتشجع على المنكر، وإذا كان يقصد هذا فهو جيّدٌ، ومقامنا من هذا القبيل فإنّه حينما يشترط البائع على من يشتري أن يصنع العنب خمراً يعني أنّ هذا تشجيعٌ على الحرام، وهكذا إذا لم يكن هناك اشتراطٌ بل كان هناك علمٌ فإنّ هذا نحوٌ من الحثّ والتشجيع على الحرام، وإذا كان يقصد هذا فهو شيء مقبول، وأمّا إذا كان يقصد ما هو ظاهر عبارته وما فهمه الأعلام منه - يعني أن الدفع بما دفعٌ لازمٌ قبل الوقوع - فهذا يوجد مجال لرفضه فضلاً عن دعوى الأولويّة، ولكن احتمل أنّ مثل السيد الخوئي(قده) الذي ادّعى الأولوية أو الأردبيلي الذي ادّعى أنّه هو المستفاد يقصد ما أشرنا إليه، وإذا كان يقصد هذا فلا بأس به.
الوجه الخامس:- ما أفاده السيد الخميني(قده)[3]، وقد تمسّك به لإثبات البطلان دون الحرمة، ومحصّله:- إنّ اشتراط صنع العنب خمراً هو مخالفٌ لمقتضى العقد، وكلّ شرطٍ خالف مقتضى العقد فهو باطل، بل المعاملة باطلة بناءً على أنّ الشرط الفاسد مفسد.
أما كيف يكون هذا الشرط مخالفاً لمقتضى العقد ؟
ذكر(قده):- أنّ البائع إذا اشترط صنع العنب خمراً فهذا لازمه اشتراط عدم الانتفاع به وكأنّ البائع قال بالعبارة الصريحة ( أشترط عليك أن لا تنتفع به )، واشتراط عدم الانتفاع يلزم منه سلب الماليّة والملكيّة، فبالتالي يصير الاشتراط المذكور موجباً لسلب الملكيّة ولذلك قلنا إنَّ هذا شرطٌ مخالف لمقتضى العقد، وكأنك تقول ( بعتك العنب بشرط أن لا يكون ملكاً ومالاً لك ).
والمطلب يحتاج إلى إيضاح قضيتين فيه:-
الأولى:- إنّ اشتراط صنعه خمراً مساوق لاشتراط عدم الانتفاع.
الثانية:- إنَّ اشتراط عدم الانتفاع هو سلبٌ للماليّة والملكيّة.
أمّا القضية الأولى:- فباعتبار أنّه حينما أقول للمشتري ( بعتك بشرط أن تصنعه خمراً ) معناه أني أشترط عليك أن لا تأكله ولا تهديه ولا أيّ منفعة من المنافع المباحة، فالمنافع المباحة كلّها منعتها منه وتبقى منفعةٌ واحدةٌ وهي صنعه خمراً ولكن الشارع يأتي ويسدّ هذا الباب، فانسدّت جميع الأبواب جميع الأبواب أمّا المنافع المباحة فقد سُدّ بابها باشتراط حصر المنفعة في صنعه خمراً وأمّا المنفعة المحرّمة فقد سُدَّ بابها من قبل الشرع، فصحّ ما قلناه من أنّ اشتراط صنعه خمراً مساوقٌ لاشتراط عدم الانتفاع به رأساً.
وأمّا القضيّة الثانية:- فذلك باعتبار أنّ ماليّة الشيء وملكيّته هي بلحاظ منافعه فإذا سُدّ باب المنافع ومُنِعَ منها فهذا ليس مالاً ولا ملكاً.
وفيه:-
أوّلاً:- إنّه ذكر أنَّ سَدَّ أبواب المنافع يوجب سلب الملكيّة والماليّة، وهذا يمكن أن نناقش فيه وأن سدّ الأبواب لا يلازم ذلك، كما لو فرض أنّه كانت عندي دار ونذرت أن لا ينتفع بها إلا الزوّار لمدّة سنةٍ مثلاً فهل تخرج هذه الدار عن ملكي ؟!! كلّا، بل هي ملكي ولكنها مسلوبة المنافع خلال هذه الفترة بسبب النذر أمّا أنّه تزول الملكيّة في فترةٍ بسبب زوال المنافع وامتناعها وحرمتها عليَّ فهذا لا نسلّمه.
وثانياً:- إنّ البائع لم يشترط سلب جميع المنافع وإنْ اشترط سلب المنافع المباحة فقط أمّا منفعة صنعه خمراً فلم يشترط عدمها ولم يسدّ بابها وإنما سدّ بابها الشارع، فاشتراطه إذن لا يكون من قبله سدّاً للباب أمام أيّ منفعةٍ حتى يلازم ذلك سلب الملكيّة، فإذن الاشتراط لا يلازم سلب الماليّة والملكيّة.
ثالثاً:- إنَّ الذي يوجب زوال الملكية هو أن لا يكون له حقّ الانتفاع والمنفعة، فلو كنت اشترط عليه بأّنه لا حقّ لك في المنفعة والانتفاع فهنا يمكن أن يقال هذا يوجب نفي الملكيّة، ولكن أنا لم أنفِ الحقّ ولكنّي اشترطت عليه أن لا يعمل ذلك، والذي يساوق نفي الملكيّة هو سلب حقّ الانتفاع أما مع بقاء حقّ الانتفاع ولكن أمنعه من إعمال ذلك الحقّ فهذا لا يوجب سلب الملكيّة.
وإن شئت قلت:- تارةً يكون الاشتراط بنحو شرط النتيجة، وأخرى يكون بنحو شرط الفعل، فإذا كان بنحو شرط النتيجة - يعني أنه لا حقّ لك في الانتفاع - فهنا يمكن أن يتمّ ما ذكره، أمّا إذا كان بنحو شرط الفعل - يعني لا تُعْمِل هذا الحقّ - فهذا لا يساوق نفي الملكيّة، مقامنا من هذا القبيل - أي بنحو شرط الفعل -، فهو يقول له ( لا تنتفع به في المجال المحلّل ) لا أنّ الحقّ يزول عنك شرعاً أو عقلائياً، بل لا تزاول المنافع المحلّلة، فهو منعٌ من إِعْمالِ حقّه لا أنّه منعٌ من نفس هذا الحقّ فلا يوجب ذلك انتفاء الماليّة والملكيّة.