32/04/24
تحمیل
وملخص ما ذكرناه هو كالتالي :-
الأول :- لو أردنا أن نتعامل مع الواقع ، بمعنى انه نحذف الرواية الثانية من الحساب لانها ضعيفة السند ، ونفترض أيضا أن الرواية الأولى مرددة بين (الإبط) و(الإبطين) انه بناءً على هذا يكون المناسب ثبوت شاة في نتف الإبط الواحد لأن الرواية الثالثة - أي صحيحة زرارة هي صحيحة السند والوارد فيها كلمة ( الإبط ) بالإفراد فيلزم الأخذ بمضمونها ، والمفروض أن الرواية الأولى لا تعارضها لانها مرددة .
وأما في نتف الإبطين يثبت ذلك أيضا ، أما من باب الأولوية ، وعند الشك في ثبوت أمر زائد ينفى بالبراءة .
وإذا ناقشنا في الأولوية ، فيمكن التمسك ببيان أخر بأن نقول أن الرواية الثالثة دلت على أن في نتف الإبط شاة وهذا كما يصدق عند نتف الإبط الواحد يصدق عند نتف الإبطين ، فمن نتف إبطيه يكون قد نتف إبطه ، فلا نحتاج آنذاك إلى ضم فكرة الأولوية بل يكفينا هذا البيان الذي يرجع في روحه إلى التمسك بالإطلاق .
الثاني :- أن نفترض أن رواية بن جبلة معتبرة السند ولو من باب التسامح في الأسانيد كما عليه المشهور ، ونفترض أن الوارد في الرواية الأولى هو كلمة ( الإبطين ) بالتثنية ، وهنا ذكرنا أن المناسب ما ذهب إليه المشهور ، فان ظاهر الرواية الأولى تعين الشاة في نتف الإبطين وظاهر الرواية الثالثة تعين الإطعام عند تعين الإبط ، ولا وجه للجمع بالحمل على التخيير بعد عدم إحراز وحدة الموضوع ، إذ نحتمل أن المراد من الإبط في الرواية الثانية هو الإبط الواحد ، وما أفاده السيد الخوئي من الحمل على التخيير في نتف الإبط الواحد مرفوض .
الثالث :- أن نفترض أن الرواية الثانية معتبرة السند أيضا ، ولكن نتعامل مع الرواية الأولى كما عليه الواقع - أي نتعامل معها بما هي مرددة بين التثنية والإفراد - والمناسب على هذا هو الحكم بالتخيير في الإبط الواحد لان الوارد في الرواية الثانية عنوان الإبط إي بالإفراد وقد دلت على ثبوت الإطعام ، والوارد في الرواية الثالثة عنوان الإبط أيضا وقد دلت على ثبوت الشاة ، فالموضوع نحرز وحدته ونرفع اليد عن ظاهر الحكم في التعين وذلك بالحمل على التخيير من دون حاجة إلى تلك المقدمة الخارجية التي تمسك بها السيد الخوئي لأننا قلنا انه إذا أحرزنا وحدة الموضوع مع اختلاف الجزاء فان العرف يجمع بالتخيير لان الإنسان قد يتساهل فيذكر أحد فردي التخيير ولكن لا يتساهل فيذكر نصف الجزاء الواجب ويسكت عن النصف الثاني .
إذن في نتف الإبط الواحد يثبت التخيير بلا حاجة إلى تلك المقدمة الخارجية ، وإذا ثبت ذلك في الإبط الواحد يثبت في الإبطين أيضا لنفس البيانين اللذين ذكرناهما فيما سبق أي لأجل الأولوية إن تمت أو لأجل الإطلاق - .
وقبل أن ننهي حديثنا نشير إلى أن الجزاء يثبت في نتف الإبط أو الإبطين هو فيما لو فرض أن المحرم تعمد ذلك ، وأما إذا نسي إحرامه أو كان جاهلا فلا شيء عليه ، فانه قد تقدم [1] أن الكفارة لا تثبت في باب الإحرام إلا في حالة العمد دون حالة الجهل والنسيان .
نعم يستثنى من ذلك موارد ثلاثة ، وكان المورد الأول يحتوي على موارد ثلاثة في ضمنه ، فيصير مجموع الموارد خمسة .
ومستند ذلك أي عدم ثبوت الكفارة في حالة الجهل - هو تصريح بعض الروايات بثبوت الجزاء حتى في حالة الجهل والنسيان عند قتل الصيد فقط ، وأما ما سوى ذلك فلا جزاء ، وهذا قانون عام يتمسك به ، إضافة إلى روايتنا الثالثة حيث صرحت وقالت لو فعل ذلك جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه .
النقطة الثالثة :- إذا نتف المحرم شيئا من شعر بدنه غير الإبط ، كأن نتف شيئا من شعر صدره أو من شعر لحيته ، فماذا يترتب عليه ؟ - ومحل كلامنا ما إذا لم يكن ذلك في حالة الوضوء إذ قد وردت فيها روايات خاصة قالت انه لا شيء عليه ما دام لم يتعمد الإسقاط فإذا مرّ شخص يده على لحيته مثلا وسقطت شعرات فالكلام هنا ، بل نقول أكثر من ذلك فان هذه النقطة تشمل حتى شعر الرأس أيضا لأنه ذكرنا سابقا حكم حلقه فقط وانه يترتب عليه الجزاء المتقدم ، والآن نفترض عدم الحلق بل نتفه - أي بسبب وضع يده على رأسه سقطت بعض الشعرات وهذا ليس حلقا -فالبحث عام لهذه الحالة أيضا ، بل ربما يعم الإبط أيضا كما لو مرّ يده على إبطه فسقطت شعرات ، فانه هنا لا يصدق عليه انه نتف إبطه حتى يثبت له الجزاء المتقدم ، فمثل هذه الحالة لا تدخل تحت النقطة السابقة بل تدخل هنا ، إذن بحثنا جامع وشامل للرأس والإبط .
والمعروف أن الثابت هو كف من طعام ، ولكن المسألة ليست اجتماعية ، فان البعض ذهب إلى أن الثابت هو كفان من طعام وثالث ذهب إلى انه إذا سقط شعر كثير فعليه شاة .
قال صاحب الحدائق [2] ( لو مس لحيته أو رأسه فسقط منه شيء فالواجب كف من طعام ، والحكم مما لا خلاف فيه بين الأصحاب كما هو ظاهر المنتهى والتذكرة ، ونقل عن ابن حمزة التصدق بكفين ، وقال الصدوق في المقنع بكف أو كفين من طعام ، وقال سلار وان اسقط بفعله شيئا من شعره فعليه كف من طعام ومن اسقط كثيرا من شعره فعليه دم شاة وأطلق ولم يذكر التفصيل بين الوضوء وغيره )
إذن محل الكلام هو سقوط بعض الشعرات ولو من الرأس أو الإبط بعد عدم صدق عنوان الحلق أو نتف الإبط ، والمفروض أيضا أن ذلك في غير حالة الوضوء ، وقد اتضح أن المسألة خلافية وان ادعى العلامة في المنتهى عدم الخلاف .
[1] مسألة - 225
[2] - الحدائق 15 - 318