33/04/03
تحمیل
الموضوع :- النقصان في الطواف:- مسألة ( 312 ) ، (313 ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
النقصان في الطواف
مسألة (312 ):- إذا نقص من طوافه عمداً فإذا فاتت الموالاة بطل طوافه وإلا جاز له الإتمام ما لم يخرج من المطاف وقد تقدم حكم الخروج من المطاف متعمداً.
هذه المسألة والتي تليها ترتبطان بموضوع واحد وهو نقصان الطواف غايته تارة يكون النقص عمدياً - وهذا ما تعرض له في هذه المسألة - وأخرى يكون سهوياً - وهذا ما تعرض إليه في المسألة التالية - ومن هنا يتضح أنه كان من المناسب فنيّاً عقد مسألة واحدة فيقال هكذا ( إذا نقص من طوافه بعضه فلذلك حالتان:- الأولى:- أن يكون ذلك عمداً وحكمه كذا ، وثانياً:- أن يكون سهواً وحكمه كذا ) .
وعلى أي حال هذه المسألة تتكفل البحث عن النقص العمدي ، والجهة المبحوثة فيها ليست هي الجواز التكليفي - أي هل يجوز تكليفا أن ينقص المكلف شيئاً من طوافه أو لا ؟ - فإن حكم هذا واضح ولا يحتاج إلى بيانه في مسألة إذ المطلوب هو الطواف الكامل والنقص العمدي يعني عدم الإتيان بالمأمور به فلا يكون جائزاً .
إذن ليس هذا هو المبحوث عنه وإنما المبحوث عنه هو أنه متى يتحقق النقص العمدي الموجب لبطلان الطواف بحيث تلزم إعادته من جديد ولا يكفي ضمِّ الباقي ، فالبحث هنا صغروي ، أي متى يتحقق النقص العمدي المبطل للطواف ؟
ونقترح شيئاً في هذا المجال:- وهو أن المؤمن الذاهب إلى الحج أو العمرة عادةً لا يُنقِص طوافه عمداً ، فعرض المسألة بهذا الشكل قد لا يكون موجباً لتفاعله معها عندما تكون بهذا الطرح ، بل المناسب عرضها بشكل آخر - أو يضاف هذا إلى ذاك وذلك بأن يقال ( إذا نوى المكلف القطع عمداً والإتيان بطواف آخر لسبب وآخر وهذا كثيراً ما يتحقق في حق المكلف فمتى ما تحقق القطع بحيث لا يمكن الإتمام - بعد أن عرفنا في أبحاث سابقة أنه بمجرد نية القطع لا يوجب القطع أتى بطواف جديد ) ، إذن كيف يتحقق القطع العمدي بحيث لا يمكن الإتمام ؟ وأجاب (قده) أنه يتحقق في إحدى حالتين:-
الأولى:- إذا اختلت الموالاة فانه آنذاك لا يمكن ضمّ اللاحق إلى السابق لاشتراط الموالاة عنده ، وهذا شيء واضح على مبناه.
والثانية:- إذا فرض الخروج من المطاف - أي أنه خرج خارج المسجد - فانه يبطل الطواف على ما تقدم أيضاً.
وفي مقام التعليق نقول:-
أما ما أفاده من انقطاع الطواف بفوات الموالاة فهذا شيء صحيح على مبناه.
وأما ما أفاده في الحالة الثانية وأنه يبطل الطواف في الخروج فهذا في إطلاقه تأمل ، وقد تقدم التعرض إلى ذلك في مسألة مـا إذا خـرج الطائـف من المطــاف إلى الخــارج - أي فـي مسـألــة ( 307 ) - وذكرنا هناك أنه لا توجد رواية تدل على أن من خرج عن المطاف يبطل طوافه وإنما الموجود هو صحيحة أبان بن تغلب والتي مضمونها ( أن المكلف خرج في حاجة بعد شوط أو شوطين فأجاب الإمام عليه السلام بأنه إن كان نافلة بنى على ما سبق وان كان فريضة أعاد ) إن كل ما نملكه من دليل على البطلان هو هذه الصحيحة وهي وان كانت واردة في الخروج لحاجة ولكن تعدينا إلى الخرج العبثي من باب الأولوية ، وذكرنا هناك أن غاية ما تدل عليه هو البطلان عند الخروج بعد شوط أو شوطين وأما إذا خرج بعد الشوطين فالرواية ساكتة عنه ولا ينعقد لها مفهوم إذ السائل قد سأل عن ذلك وفرض أنه خرج بعد شوط أو شوطين لا أن الإمام عليه السلام قد أخذ ذلك شرطاً في كلامه فلا ينقد المفهوم ، فالذي يثبت بطلانه هو ما إذا كان الخروج بعد شوط أو شوطين.
لكن ربما نتعدى - ولو بنحو الاحتياط - إلى حالة عدم تجاوز الأربعة أشواط بكل مصاديقها من باب عدم تفصيل الفقهاء بين مصاديق الأقل من الأربع ، أما إذا فرض أنه خرج بعد الأربع فلا موجب للبطلان حتى بنحو الاحتياط ، ولذلك أشكلنا فيما سبق على السيد الشهيد(قده) وقلنا أنه ذكر في مناسكه ما نصه ( خامساً:- إذا خرج عامداً بدون عذر لم يعتد بما مضى ولو كان قد أكمل الشوط الرابع واستأنف طوافاً جديداً ) وذكرنا هناك أن هذا لا يمكن إثباته بدليلٍ ، وعليه كان المناسب للسيد الماتن أن يفصِّل لا أن يُطلق ويقول ( وإلا جاز له الإتمام ما لم يخرج من المطاف ) فان ظاهره انه لو خرج من المطاف في أي شوط من الأشواط ولو بعد النصف بطل طوافه وهذا كما ذكرنا لم يثبت بدليل ، وهو في مسألة ( 307 ) قد احتاط وقال:- إذا كان الخروج بعد إكمال شوطين فالأحوط الإتمام والإعادة لا أنه أفتى بالبطلان ، بينما ظاهره هنا الفتوى بالبطلان فهذا ينافي ما تقدم.
اللهم إلا أن تدافع وتقول:- انه قد ذكر في المسألة عبارة تنظر إلى دفع هذا الإشكال وان مقصوده البطلان بنحو التفصيل لا بنحوٍ مطلق وتلك العبارة التي أضافها هي قوله ( وقد تقدم حكم الخروج من المطاف متعمداً ) أي في مسألة ( 307 ) - يعني كأنه يريد أن يقول ( إن هذا قد ذكرناه سابقاً وقلنا انه يبطل بنحو الجزم إذا كان بعد شوط أو شوطين وأما إذا كان بعد ذلك فلا يبطل بنحو الجزم بل بنحو الاحتياط ) فيندفع ما ذكرناه.
مضافاً إلى أن له عبارة في التقرير توحي بأنه يميل إلى أن رأيه مثل رأي السيد الشهيد(قده) وعبارته هكذا:- إن النقص العمدي المبطل يتحقق ( بالخروج متعمداً عن المطاف قبل تكميل الأشواط السبعة أو بالفصل بين الأشواط بمقدار تفوت به الموالاة ) إن هذه العبارة توحي بذلك ، أي انه يبطل الطواف حتى إذا كان الخروج بعد النصف ، وإذا كان هذا مقصوده فيأتي إشكالنا وهو أنه لا مدرك للبطلان سوى صحيحة أبان وهي مختصَّة بمن خرج بعد شوط أو شوطين وضميمة عدم القول بالفصل تنفعنا فيما إذا لم يتجاوز النصف فان المشهور لم يفرقوا بين مصاديق الأقل من الأربع أما إذا تجاوز الأربع فقد حكموا بعدم البطلان فلا يمكن إلحاق ما بعد النصف بما قبله . هذا بناء على رأيه.
وأما بناء على ما اخترناه فلا بطلان بالخروج إلا في حالة واحدة وهي حالة ما إذا كان الخروج بعد شوط أو شوطين وأما إذا كان بعد الأربع فلا بطلان ، بل وهكذا قبل الأربع ما دام قد تجاوز الشوطين . نعم الأحوط أن تأتي في هذه الحالة بطواف أعم من التمام والإتمام.
مسألة ( 313 ):- إذا نقص من طوافه سهواً فان تذكره قبل فوات الموالاة ولم يخرج بعد من المطاف أتى بالباقي وصح طوافه . وأما إذا كان تذكره بعد فوات الموالاة أو بعد خروجه من المطاف فان كان المنسي شوطاً واحداً أتى به وصح طوافه أيضاً ، وان لم يتمكن من الإتيان به بنفسه ولو لأجل أن تذكره كان بعد إيابه إلى بلده استناب غيره . وان كان المنسي أكثر من شوط واحد وأقل من أربعة رجع واتى ما نقص والأولى إعادة الطواف بعد الإتمام . وان كان المنسي أربعة أو أكثر فالأحوط الإتمام ثم الإعادة.
.........................................................................................................
هذه المسألة ترتبط بمن ترك بعض الأشواط عن سهوٍ وتوجد فيها روايتان:-
الأولى:- صحيحة الحسن بن عطية ( سأله سليمان بن خالد وأنا معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط ، قال أبو عبد الله عليه السلام:- وكيف طاف ستة أشواط ؟ قال:- استقبل الحَجَر وقال الله أكبر وعقد واحداً
[1]
، فقال أبو عبد اله عليه السلام:- يطوف شوطاً ، فقال سليمان:- فانه فاته ذلك حتى أتى أهله ، قال:- يأمر من يطوف عنه )
[2]
.
والثانية:- صحيحة أو موثقة إسحاق بن عمار ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- رجل طاف بالبيت ثم خرج إلى الصفا فطاف بين الصفا والمروة فبينما هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك بعض طوافه ، قال:- يرجع إلى البيت فيتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي )
[3]
، هذا من حيث الروايات.
[1] عقد واحداً:- أي انه عندما توجه إلى الحجر في البداية عقد إصبعا - أي ثناه - وعندما أكمل شوطه عقده مرة أخرى فاشتبه في عدد الأشواط إذ المناسب أن يعقده بعد إكمال الشوط.
[2] الوسائل 13 357 32 من أبواب الطواف ح1.
[3] المصدر السابق ح2.