1441/05/24
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
41/05/24
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الاخبار العلاجية
بعد ان فرغنا من الحديث عن سند رواية الراوندي يقع الكلام في دلالتها فلا اشكال في انها تتعرض الى مرجحين من مرجحات باب التعارض:
الأول: الموافقة والمخالفة للكتاب قال الصادق (عليه السلام): «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردّوه» [1] وظاهر هذه العبارة هو ترجيح ما وافق الكتاب على ما خالف الكتاب وقد يكون المستفاد منها ان الترجيح بموافقة الكتاب انما يرجح به في ما اذا كان الخبر الاخر مخالفاً للكتاب ولا يكفي كون احد الخبرين موافقاً للكتاب مع كون الخبر الاخر لا موافق ولا مخالف للكتاب
وهذا معناه ان الترجيح يختص بخصوص ما إذا كان أحد الخبرين موافقاً للكتاب والأخر مخالفاً للكتاب ولكن ليس كل خبرين متعارضين من هذا القبيل فقد يكون أحد الخبرين موافقاً للكتاب والأخر لم يتعرض الكتاب لمضمونه من هنا تطرح مسألة التعدي لهذه الصورة فيقال بان المراد بالمخالفة في هذا الخبر مجرد عدم الموافقة فكأن الرواية تقول يقدم ما وافق الكتاب على ما لم يوافقه
ويقال بان هذا نفهمه بمناسبات الحكم والموضوع باعتبار اننا نعلم بان الكتاب لم يتعرض الى تفاصيل المسائل انما هو يبين أمهات المسائل فمعظم الاخبار الواصلة الينا مضامينها ليست موجودة في الكتاب، فالمراد بالمخالفة عدم الموافقة
والمرجح الثاني المذكور في الرواية، المخالفة والموافقة للعامة حيث قال ((فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، فان لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه)) واول ما يلفت النظر ان الرواية تستعمل الموافقة مع اخبار العامة بينما الروايات التي تتعرض لهذا المرجح تعبر ما خالف العامة وظاهرها المخالف لارائهم وفتاويهم، ولا ملازمة بين ان يكون الخبر مخالفاً لاخبارهم وكونه مخالفاً لفتاويهم فليس دائماً فتاويهم تستند الى الاخبار فقد يستندون الى القياس وامثاله فقد يكون الخبر مخالفاً لاخبارهم ولكنه موافق لفتاويهم
ولكن ذكروا بانه يمكن التعدي لما كان موافقاً لارائهم وفتاويهم وان كانت هذه الاراء قائمة على اساس اخر غير الاخبار، لان النكتة في الترجيح بهذا المرجح ليست تعبدية صرفة بل لها طريقية وكاشفية يفهمها العرف باعتبار ان الخبر المخالف للعامة يكون ابعد عن التقية من الموافق لهم فما يوافق ارائهم ايضاً فيه مجال للتقية من دون فرق بين ان تكون ارائهم مستندة الى الاخبار او لم تكن مستندة لها فما يوافق الواقع الفعلي الذي هم عليه يكون اقرب للتقية من المخالف لما هم عليه وهذه النكتة لا يفرق فيها بين ان تكون المخالفة لاخبارهم او ارائهم
والمستفاد من هذا الخبر كما اشرنا اليه وجود ترتيب وطولية بين هذين المرجحين، فاذا تم سند هذه الرواية فهي نعم الدليل على الطولية بين المرجحين ولكن اذا توقفنا في سند الرواية ولم نعمل به فنحتاج الى دليل اخر لاثبات الطولية والترتيب بينهما، وسبق وان قلنا باننا نثبت بان كل من موافقة الكتاب ومخالفة العامة مرجح مستقل بقرائن واحدها هو ان الظاهر ان السائل في مقام استقصاء كل صور المسالة والمحتملات فيها ونجد انه سأل عن صورة ما اذا كان كل من الخبرين المتعارضين يعلم حكمه من الكتاب ولكن كان احدهما موافقاً للعامة والاخر مخالفاً لهم والامام (عليه السلام) امره بالترجيح بمخالفة العامة، وهناك صورة لم يسأل عنها وهي ما اذا كان كل من الخبرين موافقاً للعامة ولكن احدهما موافقاً للكتاب والاخر مخالفاً له، وقلنا حيث ان ظاهر السائل انه في مقام استقصاء كل الصور المحتملة ولم يسال عن هذه الصورة فلا بد انه فهم حكمها من كلام الامام (عليه السلام) وهذه قرينة على ان كل واحد منهما مستقل بالترجيح
واستدل السيد الشهيد (قده) باستدلال من هذا القبيل على الترتيب بين المرجحين فهناك صورة لا يعلم حكمها الا بافتراض الطولية بينهما وهي صورة ما اذا كان احدهما موافقاً للكتاب والاخر مخالفاً للعامة وهي صورة شائعة ومن سكوت السائل وعدم سؤاله عنها نفهم بانه قد علم حكمها من اجوبة الامام (عليه السلام) اي انه فهم الطولية بين المرجحين
وهذه القرينة على الطولية والترتيب بين المرجحين ان تمت يمكن الاستدلال بها على الطولية وان لم تتم رواية الراوندي سنداً
ثم نقول بان هذه الرواية الدالة على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة تكون مخصصة لاخبار التخيير اذا تمت اخبار التخيير بمعنى انه لا تصل النوبة الى التخيير الا اذا فقدت هذه المرجحات باعتبار ان اخبار الترجيح بهذين المرجحين تتعرض الى قسم خاص من موارد تعارض الحديثين وهو ما اذا كان احدهما مخالفاً للعامة او موافقاً للكتاب فتكون نسبتها الى اخبار التخيير نسبة الخاص الى العام
من اخبار الترجيح بموافقة الكتاب رواية الحسن بن السريّ ، قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) : ((إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم))[2] والموجود في الوسائل الحسين بن السري ولكن الصحيح هو الحسن كما هو الواقع في التراجم وكتب الرجال، وكأن هذا الحديث منقول عن رسالة الراوندي، وواضح انه غير تام سنداً بالارسال على الاقل وهو يدل على الترجيح بما خالف القوم والمنصرف من هذا التعبير ما خالف اراء العامة وفتاويهم وهي مطلقة من حيث كون الخبر مخالفاً للكتاب او لا، وهذا الاطلاق لا بد من تقييده بما دل على الطولية والترتيب بين هذين المرجحين، فالترجيح بمخالفة العامة انما تصل النوبة اليه اذا لم يكن هناك مرجح في رتبة سابقة