1441/02/03
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
41/02/03
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: - التنبيه الثالث ( هل تجري البراءة في الشبهات الموضوعية ) - تنبيهات أصالة البراءة - مبحث الأصول العملية.
التنبيه الثالث: - هل تجري البراءة في الشبهات الموضوعية؟
إنَّ الخلاف فيما سبق في جريان البراءة وأو الاحتياط كان ناظراً إلى الشبهة الحكمية، كما إذا شككنا أنَّ التدخين حرام أو لا فهنا شبهة حكمية والمعروف بين الأصوليين البراءة والمعروف بين الاخباريين الاحتياط، وأما إذا كانت الشبهة موضوعية، يعني نحن نعرف الحام ونعرف الحلال ولكن لا ندري هل هذا من قسم الحلال أو من قسم الحرام كالمذكّى والميتة، فإنَّ المذكى يجوز أكله وأما الميتة فلا يجوز أكلها، وكان عندنا حيوان مذبوح ولكن لا نعلم أنه مذكى أو غير مذكى ولا توجد أمارة في البين، فهل يجري أصل البراءة أو الاحتياط ؟، ومن الواضح أنَّ ذكر هذا المثال فيه تأمل لوجود أصلٍ حاكم وهو استصحاب عدم تحقق التذكية، فلابد من ابداله بمثالٍ آخر، كما لو أني لا أعلم بأنَّ هذه المرأة رضعت معي من أمٍّ واحدة أو لا فشككت أنها حلال عليَّ أو حرام ففي مثل هذه الحالة هل يجري أصل البراءة أو لا مع عدم وجود أصل حاكم يعيّن الموضوع ؟المناسب هو جريان البراءة كما في الشبهة الحكمية، وذلك: -أولاً:- لإطلاق بعض أدلة البراءة السابقة مثل ( رفع عن أمتي ما يعلمون )، فهذا الحديث بإطلاقه كما يشمل الشبهة الحكمية يشمل الشبهة الموضوعية أيضاً كما هو واضح، بل هناك بعض الروايات مختصة بالشبهة الموضوعية، كما فيما رواه عبد الله بن سنان:- قال أبو عبد الله عليه السلام: كل شيء فيه حرام وحلال فهو لك حلال أبداً حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه »[1] ، وهي ظاهرة في الشبهة الموضعية ودلالتها على البراءة شيء واضح.
لكن الشيخ الأعظم(قده)[2] ذكر شبهة حاصلها:- إنَّ المطلوب منّا في مثال الخمر مثلاً كأن شككت هل هذا السائل خمر أو ماء فأجري أصل البراءة وأشربه، والشبهة تقول إنَّ الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، يعني أن المطلوب منا ترك الخمر، ولا يحصل العلم بالامتثال اليقيني إلا بترك هذا المشكوك أيضاً، فيلزم ترك جميع أفراد الخمر بما في ذلك المشكوكة لا خصوص المعلومة.
ولصاحب الكفاية(قده) في مسألة الشبهة الموضوعية[3] تفصيل:- بين ما إذا كان الحكم انحلالياً بعدد أفراد الموضوع وبين ما إذا كان واحداً، فإن كان انحلالياً جرت البراءة وإذا لم يكن انحلالياً جرى الاحتياط دون البراءة، ومثال الانحلال ( لا تشرب الخمر ) فإنه ينحب بعدد أفراد الخمر فإذا كان هذا خمراً فيوجد نهي عن شربه وإذا كان ذاك الثاني خمرًا فيوجد نهي عن شربه وهكذا، فإذا شككنا أنَّ هذا خمر أو ليس بخمر فقد شككنا في وجود ( اجتنب الخمر ) في حق هذا الفرد بعدما فرضنا أنَّ الحكم انحلالي بعدد الأفراد، فإذا شككنا أنه يحرم شرب هذا الفرد المشكوك أو لا فنجري أصل البراءة، لأنه شك في توجّه التكليف الزائد، وأما إذا كان الحكم ليس انحلالياً فيجري الاحتياط، ومثاله حرمة الطعام والشراب على الصائم فإنها حرمة واحدة وليست انحلالية بعدد الأفراد، يعني بعبارة أخرى أنَّ المطلوب هو ترك المجموع أي كلّ طعام، لا أنَّ هذا الطعام يوجد له نهي مستقل وذاك الطعان الثاني يوجد له نهي مستقل وذاك الطعام الثالث له نهي مستقل وإنما يوجد نهي واحد عن الطعام والشراب، فلو شككنا بأنَّ المغذّي مفطر أو ليس بمفطر فنقول إنَّ هذا شك في أنه طعام وشراب، وبما أنَّ النهي واحد فلابد من تطبيق قاعدة ( الفراغ اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني )، ولا يجزم بالفراغ إلا بترك المشكوك أيضاً.