1441/01/17
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
41/01/17
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: - مسألة ( 68 ) – هل الاجازة كاشفة أو ناقلة – شروط المتعاقدين.
وربما يقال بالعكس:- يعني يقال إنَّ مقصود الشيخ الأعظم(قده) إنه على التعقب لا يجوز وعلى الشرط المتأخر يجوز، ببيان أنه على التعقب لا يصدق أن هذا العقد هو الآن متعقَّب بالاجازة فيما إذا كانت الاجازة تصدر جزماً ولكن لا نعلم أنها ستصدر بعد أسبوع شهر أو سنة فهنا افترض أنها سوف تصدر فيما بعد جزماً ولكن لا يصدر أنه متعقب بالاجازة الآن وإنما يصدق أنه متعقب فيما بعد بالاجازة، فعلى هذا الأساس ربما يكون مقصود الشيخ ذلك ويؤيده أنه في الثمرة الثانية انه قال ( على الشرط المتأخر يكون وطوء الجارية يكون جائزاً من حين العقد مادامت الاجازة تصدر فيما بعد )، فإن هذا يتلاءم مع ما ذكرناه ، هكذا ربما يوجّه كلام الشيخ الأعظم(قده).
وفيه:- إنه مخالف للوجدان ومخالف لبعض عباراته اليت سوف ننقلها وسوف ننقل له عبارتين يذكر فيهما أن صفة اللحوق أو التعقُّب هي صفة مقارنة، فمادامت الاجازة سوف تصدر فيما بعد فمن الآن يصدق أنَّ العقد ملحوق أو متعقب بالاجازة، فإذاً الوجدان وعبارتان من الشيخ الأعظم يشهدان بالخلاف، أما الوجدان فباعتبار أنَّ الشيء - وهو الاجازة هنا - مادام يتحقق فيما بعد جزماً فيصدق من الآن أن العقد حتماً من الآن هو متعقب بالاجازة ولا يتوقف ذلك على أن يأتي وقت صدور الاجازة، كما يصدق أننا أو أني متعقّب بالموت والحساب والقبر وغير ذلك، فأقول أنا الآن متعقّب أو ملحوق بالحساب والقبر والموت وغير ذلك من الأمور الحتمية ولا تأمل في ذلك، ومن أراد التأمل في ذلك فلا يقبل من.
إذاً الوجدان قاضٍ بأنَّ صفة التعقب تصدق من الآن ينحو الحقيقة مادام لشيء يتحقق فيما بعد بنحو الحتم لا أن الصحيح أنني متعقب فيما بعد بل أنا متعقَّب وملحوق من الآن بالحساب وبالموت وبغير ذلك ، فما ذكر مخالف للوجدان.
كما أنه مخالف لشاهدين في عبارة الشيخ الأعظم(قده) ، فإنه قال في العبارة الأولى:- ( بأن يقال إنَّ الشرط تعقب الاجازة ولحوقها بالعقد[1] وهذا أمرٌ مقارنٌ للعقد على تقدير الاجازة لمخالفته الأدلة )[2] ، يعني إنه يقول إن هذا التقريب لإثبات الكشف باطل لأنَّ الأدلة تعطي القيمة والـتأثير للرضا وللإجازة الفعلية المقارنة لا للحوق الاجازة، فإنَّ ( لا يحل مال امرئ إلا بطيبة نفس منه ) ظاهرة الطيب الفعلي وليس لحوق الطيب ، فهذا التقريب لإثبات كاشفية الاجازة باطل، لأنَّ التأثير في جواز التصرف ليس للحوق الاجازة والرضا وإنما للإجازة الفعلية والرضا الفعلي المقارن للعقد ، وشاهدُنا على ذلك هو أنَّ الشيخ حينما أراد يناقش هذا التقريب فهو لم يناقش في كون اللحوق والتعقّب مقارن للعقد على تقدير الاجازة، فسكوته يدل على أنه مسلَّم به وإنما ناقش في أنه صحيح أنَّ صفة اللحوق ثابتة من الآن ولكن الأدلة تعطي أنَّ التأثير هو للرضا الفعلي والاجازة الفعلية لا لحوق الاجازة، فمناقشته بأنه مخالفٌ لظاهر الأدلة مع عدم المناقشة في هذه المقدّمة يدل على أنه يسلّم بها.
والشاهد الثاني ما ذكره في عبارته التالية حيث قال:- ( ومما ذكرنا يظهر ضعف ما احتمله في المقام بعض الأعلام بل التزم به غير واحد من المعاصرين من أن معنى شرطية الاجازة مع كزنها كاشفة شرطية الوصف المنتزع منها وهو كونها لاحقة للعقد في المستقبل، فالعلَّة التامة العقد الملحوق بالاجازة وهذه صفة مقارنة للعقد وإن كان نفس الاجازة متأخرة عنه وقد التزم بعضهم بما يتفرع على هذا من أنه إذا علم المشتري أن المالك للمبيع سيجيز العقد حلَّ له التصرف فيه بمجرد العقد وفيه ما لا يخفى من المخالفة للأدلة )[3] ، والشاهد واضح حيث قال إنَّ البعض التزم بأنه في القد الفضولي إذ اطلع المشتري على أن المالك سوف يجير حتماً فيجوز له التصرف من الآن لأنَّ صفة اللحوق بالاجازة صفة فعلية مقارنة فهي صادقة من الآن، والشيخ لم يناقش في ذلك وإنما قال إنَّ هذا مخالف لظاهر الأدلة يعني أن ظاهر الأدلة هو أنَّ جواز التصرف يدور مدار نفس الرضا والاجازة ولا يدور مدار لحوق الرضا أو لحوق الاجازة ، فهذه العبارة واضحة أن الشيخ يرى أن صفة اللحوق والتعقب مقارنة للعقد وليست متأخرة.
ومن خلال هذا اتضح أنَّ كلام الشيخ الأعظم(قده) مضطرب فمرة يقول إنَّ صفة اللحوق فعيلة كما في هاتين العبارتين فيجوز التصرف من حين العقد مادام نعلم بأن الاجازة تحصل فيما بعد، ومرة يقول إنه على الشرط المتأخر يجوز التصرف أيضاً واقعاً مادامت الاجازة تحصل فيما بعد وهذا ما ذكره في المورد الثاني للثمرة فإنه قال:- ( وأما الثمرة بين الكشف الحقيقي والحكمي مع كون نفس الاجازة شرطاً يظهر في مثل ما إذا وطأ المشتري الجارية قبل إجازة مالكها فأجاز فإنَّ الوطء على الكشف الحقيقي حرام ظاهراً لأصالة عدم الاجازة حلال واقعاً لكسف الاجازة عنه لوقوعه في ملكه )[4] .
إذاً هو مرة يقول إنَّ صفة التعقب فعلية مقارنة ومرة يقول إنه بناء على الشرط المتأخر انه أيضاً يجوز التصرف مادام يحصل في وقته، ومرة ثالثة يقول إنه على تقدير هذا تظهر الثمرة على هين التقديرين فعلى أحدهما يجوز وعلى الآخر يجوز وهذا ذكره في المورد الأول للثمرة الذي نتكلم عنه الآن، لأنه في مقام بيان الثمرة فيقول إنَّ جواز التصرف فيما إذا فرض أن الاجازة علم يحولها فيما بعد يتأثر بذهين المسلكين – أي بصفة التعقّب أو بالشرط المتأخر -، فإذاً هناك اضطراب في كلامه.
وبالتالي ما هي الثمرة على الكشف الحقيقي بناءً على الشرط المتعقب تارة وأخرى على الشرط المتأخر إذا قلنا بأنَّ هذه الثمرة باطلة؟
والجواب: - نقول لا ثمرة فليس من اللازم وجود ثمرة.
إن قلت: - إذا لم تكن هناك ثمرة فلماذا تعدّ هذين طريقين بل يلزم عدهما طريقاً واحداً ؟
والجواب: - إذا كان عندنا طريقان يؤديان إلى مكة المكرمة فبالتالي يقيان طريقان ويؤديان إلى مقصد واحد، وهنا الأمر كذلك فإنه على التعقب وعلى الشر المتأخر حكمهما واحد، فإذا علمنا بأنَّ الاجازة تحصل فيما بعد فإما أن نقول بجواز التصرف على كليهما أو نقول بعدم جواز التصرف على كليهما معاً والتفرقة لا مجال لها.