1439/10/23
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
39/10/23
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : الاستصحاب التعليقي / تنبيهات الاستصحاب
تقدم اشكال معارضة الاستصحاب التعليقي باستصحاب حلية الزبيب التجيزي في المثال المعروف، وذكرنا بان هذا الاشكال قد اجيب عنه بوجوهمنها ما ذكره الشيخ الانصاري[1] وتبناه المحقق النائيني ( قدهما ) من دعوى ان الاستصحاب التنجيزي محكوم للاستصحاب التعليقي فلا يمنع من جريانه ، فان الاستصحاب التعليقي يكون رافعا للشك في موضوع الاستصحاب التنجيزي دون العكس ؛ لان منشا الشك في حلية الزبيب بعد الغليان هو الشك في ان الحرمة المعلقة على الغليان هل هي مطلقة او انها مختصة بحالة العنبية واستصحاب الحرمة المعلقة على الغليان يثبت الحرمة المطلقة ومع هذا الاطلاق للحرمة المعلقة على الغليان لا يبقى شك في حلية الزبيب وحرمته .
وأجاب السيد الخوئي[2] ( قد ) عن هذه الدعوى بجوابين روحهما واحدة حيث انكر وجود حكومة في المقام فذكر بعد التسليم بان الشك في الأصل التنجيزي ناشيء من الشك في الأصل التعليقي بان الحكومة انما تثبت لو كان الحكم الثابت في الأصل المسببي من الاثار الشرعية للاصل السببي ومثل له باصالة الطهارة الثابتة للماء فانها تكون حاكمة على استصحاب نجاسة الثوب المغسول بذلك الماء ، وليس الامر هكذا في المقام فان حرمة الزبيب بعد غليانه ليست من الاثار الشرعية للحرمة المعلقة على الغليان بل هي من الاثار العقلية لها فان العقل يحكم بان الحكم المعلق على شيء يصبح فعليا بعد تحقق ما علق عليه خارجا ، بخلاف طهارة الثوب فانها من الاثار الشرعية لطهارة الماء .
ومن هنا يتبين ان الاشكال على دعوى الحكومة هو انها مبنية على القول بالاصل المثبت .
وفي مقام الدفاع عما ذكره الشيخ (قد) واثبات عدم ورود الاعتراض على كلام المحقق النائيني (قد ) على الأقل يمكن ان يقال بان المسالة المطروحة في المقام هي مسالة المعارضة بين الاستصحاب التنجيزي والاستصحاب التعليقي وهذه المسالة انما يعقل طرحها بعد الفراغ عن جريان الاستصحاب التعليقي في حد نفسه ، وحتى يفترض فراغ المحقق النائيني ( قد ) عن جريان الاستصحاب التعليقي في حد نفسه فلابد ان يتجاوز اشكالا اخر غير ما ذكره (قد) وهو ما ذكرناه من اشكال المثبتية فان اثبات التنجيز باستصحاب القضية التعليقية بتوسط اثبات الفعلية يلزم منه الأصل المثبت ، ولا يصح لنا البحث عن التعارض الا بعد دفع هذا الاشكال ، وقد ذكرت عدة طرق لدفع الاشكال:
منها : الالتزام بمسلك جعل الحكم المماثل .
ومنها : الالتزام بما ذكره السيد الشهيد (قد) من عدم توقف التنجيز على اثبات الفعلية وكفاية وصول الكبرى والصغرى في ذلك.
ولكن المحقق النائيني (قد) لا يلتزم بكل منهما فحتى يصح له الدخول في هذا البحث فلا بد من الالتزام بأحد فرضين :
الأول : انه قد غفل عن اشكال المثبتية حيث ركز في كلامه على الاشكال الأول حيث ذكر ان الجعل لا شك في بقاءه وان المجعول لا يقين بحدوثه فلم يبقى الا القضية التعليقية وهذه لا يجري فيها الاستصحاب
الثاني : انه قد التفت الى اشكال المثبتية وقد حله ولو بادعاء خفاء الواسطة بين الحرمة المعلقة على الغليان والحرمة الفعلية بعد الغليان .
او ان كلامه في المعارضة كان بناءا على التنزل .فيكون قد دخل في هذا البحث بعد الفراغ عن جريان الاستصحاب التعليقي وعدم لزوم اشكال المثبتية فالاشكال عليه بالمثبتية ليس اشكالا فنيا .
والصحيح ان دعوى الحكومة في المقام تبتني على ما تقدم سابقا من افتراض ان فعلية الحكم بعد تحقق الشرط تثبت بالاستصحاب التعليقي وبهذا يصبح المكلف عالما بالحرمة ويرتفع الشك عنه فيكون الاستصحاب التعليقي حاكما على الاستصحاب التنجيزي ، وهذا التقريب مبني على التصور المشهور من وجود مرحلة للحكم وراء الجعل وهي مرحلة فعلية الحكم ، اما اذا انكرنا ذلك وقلنا بان التنجيز لا يتوقف على اثبات الفعلية وانما يكفي فيه وصول الصغرى والكبرى للمكلف فلا معنى لدعوى الحكومة في محل الكلام فبناءا على عدم وجود فعلية للحكم ففي هذه الحالة لا يكون هذا الاستصحاب رافعا للشك الذي هو موضوع الاستصحاب التنجيزي لانه انما يكون رافعا للشك اذا اثبت حرمة فعلية للزبيب بعد الغليان ؛ اذ معها يكون المكلف عالما بحرمة الزبيب بعد الغليان