39/08/12
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
39/08/12
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: التنبيه الرابع : في جريان الاستصحاب مع الشك التقديري / تنبيهات الاستصحاب
تقدمت الملاحظة على الفرع الاول في الدرس السابق وانه لا دليل على تقييد موضوع قاعدة الفراغ بعدم كون العمل محكوما عليه بالبطلان حين الاتيان به ، فادلة القاعدة ان استفدنا منها اعتبار الاذكرية واحتمال الالتفات فلا مجال لجريانها في المقام اذ المفروض فيه الغفلة ، وان قلنا باننا نعمل بالقاعدة تعبدا فنقتصر على هذا المقدار في جريان القاعدة – وهو كل عمل فرغ منه يحكم بصحته – ولا دليل على ان لا يكون العمل محكوما بالبطلان حين الاتيان به لان ما استدل به على اعتبار هذا القيد من ان القاعدة لا تجري مع الشك الفعلي قبل الدخول في الصلاة قطعا اذ مع الشك الفعلي يجري استصحاب الحدث فلا تجري القاعدة بعد الفراغ وليس معنى هذا الا ان المعتبر في جريان القاعدة هو عدم كون العمل محكوما بالبطلان حين الاتيان به
مدفوع وذلك لان عدم جريان القاعدة في هذا المورد ليس من جهة اخذ قيد زائد في موضوعها بل باعتبار عدم تحقق موضوعها لان موضوعها هو الشك الحادث بعد الفراغ من العمل وفي الفرض المذكور يكون الشك موجودا قبل الدخول في الصلاة لا انه حادث بعد الفراغ منها ،
ومن هنا يتضح انه لا مانع من جريان الاستصحاب في محل الكلام اذا قلنا بجريانه مع الشك التقديري ولا يكون محكوما لقاعدة الفراغ .نعم وقع الكلام في انه مع جريان كل من الاستصحاب والقاعدة و مع اختلاف ما يقتضيانه فمن المقدم ، ولسنا بصدد التعرض لذلك .
وذكر السيد الخوئي ( قد ) بان هذا الفرع لا يمثل ثمرة للبحث السابق فمع القول بعدم جريان قاعدة الفراغ في ظرف احراز الغفلة تكون الصلاة محكومة بالبطلان استنادا الى الاستصحاب الجاري بعد الصلاة فتكون الصلاة محكومة بالبطلان على كلا القولين في الاستصحاب مع الشك التقديري ، واما اذا قلنا بجريان القاعدة مع الغفلة فحينئذ تكون الصلاة محكومة بالصحة على القولين فيه ايضا ، لان القاعدة تكون مقدمة على الاستصحاب الجاري مع الشك التقديري قبل الصلاة كما تكون مقدمة على الاستصحاب الجاري مع الشك الفعلي بعد الصلاة ،ومن هذا يظهر ان الثمرة انما تترتب على البحث حول جريان قاعدة الفراغ مع الغفلة دون البحث السابق[1] .
-واما الفرع الثاني (اذا شك المكلف بالحدث بعد اليقين به ثم غفل عن حاله ودخل في الصلاة وبعد الفراغ من الصلاة شك في انه كان محدثا ام متطهرا حين دخل في الصلاة )
فقد حكم الشيخ الانصاري ( قد ) فيه ببطلان الصلاة لجريان استصحاب الحدث قبل الصلاة وقبل الغفلة اذ كان الشك فعليا حينها ،-ولوحظ عليه : ان هذا الاستصحاب وان كان موجودا قبل فرض الغفلة لكنه يزول حين الشروع بالصلاة بعروض الغفلة لزوال موضوعه وهو الشك الفعلي لانه كما يعتبر فعلية الشك في جريان الاستصحاب حدوثا كذلك هي معتبرة في مرحلة البقاء ، وعليه فلا يمكن الحكم ببطلان الصلاة استنادا الى استصحاب ساقط لزوال موضوعه .
انما الحكم بالبطلان في المقام يستند الى عدم جريان قاعدة الفراغ لان موضوعها الشك الحادث بعد الفراغ وفي محل الكلام فرض الشك الفعلي قبل الفراغ من الصلاة ومعه لا تجري القاعدة .
-والمناقشة فيه : ان الشك لا يزول بعروض الغفلة وانما ينتقل من مكان الى مكان اخر فبعروض الغفلة يستقر الشك في اعماق النفس ويصبح شكا ارتكازيا ، فسقوط الاستصحاب وعدم جريانه في المقام مبني على اعتبار فعلية الشك في مقابل كونه ارتكازيا لا في مقابل كونه تقديريا في جريان الاستصحاب ، فان قلنا بذلك صح ما ذكر لان فعلية الشك في قبال كونه ارتكازيا قد زالت بعروض الغفلة ، واما ان قلنا بان المعتبر هو الفعلية في قبال الغفلة بمعنى ان الشك لا وجود له حتى ارتكازا فهذا متحقق في الفرع الاول دون الفرع الثاني فيجري فيه الاستصحاب وبهذا يستند بطلان الصلاة الى هذا الاستصحاب لان الغفلة لا تعني زوال الشك انما تعني صيرورته شكا ارتكازيا .
واما الفرع الثالث (اذا شك المكلف بالطهارة شكا فعليا بعد اليقين بها ثم غفل ودخل في الصلاة وبعد اكمالها حصل له العلم بتوارد الحالتين – الطهارة والحدث – عليه قبل الصلاة ولا يعلم المتقدم منهما والمتاخر ) فذكروا ان الثمرة على البحث السابق تترتب في هذا المورد أيضا ، فان قلنا بجريان الاستصحاب مع الشك التقديري امكن جريان استصحاب الطهارة بلحاظ ما قبل الصلاة والا فلا ،
ولوحظ عليه : بانه من قال ان الشك الموجود حين الشروع بالصلاة شك تقديري بل هو شك فعلي غاية الامر انه ارتكازي بينما معنى الشك التقديري هو الشك الذي لا وجود له اصلا انما هو موجود على تقدير