36/07/08
تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات,
فصل يكره للصائم امور .....)
كان الكلام في روايات الطائفة الثالثة وهي ما دل على الجواز وانتهينا الى الحديث التاسع في الباب نفسه وقلنا ان فيه مشكلة من حيث السند والرواية هي الشيخ الطوسي في التهذيب عن سعد عن محمد ابن الحسن عن محمد ابن عبد الحميد عن احمد ابن محمد ابن ابي نصر عن عبد الكريم ابن عمر عن ابي بصير ولا توجد مشكلة في السند بعد محمد ابن عبد الحميد وانما الكلام في سند الرواية من جهته وهو لم يرد بهذا العنوان في كتب الرجال الا في رجال الشيخ الطوسي حيث ذكره وقال روى عنه ابن الوليد.
والسيد الخوئي ذكر بان تحديد من هو المراد بمحمد ابن عبد الحميد يرتبط بتحديد من هو المراد بمحمد ابن الحسن الذي هو قبله وذكر ان محمد ابن عبد الحميد في رجال الشيخ الطوسي قال: (روى عنه ابن الوليد) فيقول اذا كان هذا هو الصحيح وهو ان ابن الوليد روى عنه فانه لا يمكن ان يكون المقصود بمحمد ابن عبد الحميد هو محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار ــ الذي سنتحدث عنه مفصلا فان هذا معنون في الكتب الرجالية وموجود بكثرة في اسانيد الروايات ــ للفارق في الطبقة بين محمد ابن الحسن ابن الوليد ــ والظاهر ان الشيخ الطوسي عندما يقول ابن الوليد ويطلق يكون المراد به ابن الوليد المعروف وهو شيخ الشيخ الصدوق ــ وبين محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار وذلك باعتبار ان ابن الوليد توفي سنة 343 هـ ومحمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار من اصحاب الرضا كما نص على ذلك البرقي ونص على ذلك الشيخ بل ذكر البرقي بانه ممن نشأ في عصر الرضا فيقول السيد الخوئي ان هذا الشخص الذي نشأ في عصر الرضا وهو من اصحاب الرضا كيف يمكن ان يروي عنه محمد ابن الحسن ابن الوليد، فلو صحت نسخة الرجال بانه روى عنه ابن الوليد فلابد ان يكون المقصود بمحمد بن عبد الحميد شخصاً آخر غير محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار وهو مجهول.
ثم ذكر السيد الخوئي (قد) انه نعم على بعض نسخ رجال الشيخ الطوسي الموجود بالعكس فانه ليس الموجود (روى عنه ابن الوليد) بل الموجود (محمد ابن عبد الحميد روى عن ابن الوليد ) وحينئذ يمكن ان يكون المراد به هو محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار ويكون المراد بابن الوليد محمد ابن الوليد الخزاز لأنه لا مشكلة من حيث الطبقة ان يروي محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار عن محمد ابن الوليد الخزاز.
ويلاحظ عليه :-
ان محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار صحيح ان الشيخ والبرقي ذكرا انه من اصحاب الرضا ولكن الشيخ نفسه عدّه من اصحاب الامام العسكري فانه قد عده في اصحاب الكاظم ثم في اصحاب العسكري فيمكن حينئذ افتراض انه يروي عنه محمد ابن الحسن ابن الوليد, ورواية محمد ابن الحسن عن محمد ابن عبد الحميد موجودة في اكثر من مورد وفي بعضها يصرح انه محمد ابن الحسن ابن الوليد وان كان في روايتنا الموجود محمد ابن الحسن فيحتمل ان يكون المقصود محمد ابن الحسن الاشعري المعروف بشمبوله وهو موافق بالطبقة ويحتمل ان يكون المقصود به محمد ابن الحسن الصفار الرجل الثقة المعروف ولكن في بعض الروايات وجدت انه يصرح بمحمد ابن الحسن ابن الوليد عن محمد بن عبد الحميد فهذا الشيء وان كان يحتاج الى مراجعة وتأمل اكثر من ذلك. ولكن المهم انه لو شخصنا انه محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار فهل هذا ثقة ام لا؟
وقبل الدخول في هذا البحث فان السيد الخوئي نفسه في عنوان محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار اثبت وثاقته بوروده في اسانيد كامل الزيارات وهذا سوف نتعرض له فانه احد الوجوه لإثبات وثاقته وقال بان هذا هو العمدة في توثيقه وذكر رواية في كامل الزيارات سندها هو انه روى محمد ابن عبد الحميد العطار عن ابي جميلة المفضل ابن صالح وروى عنه سعد ابن عبدالله (أي الاشعري وليس سعد بن سعد وسعد بن عبدالله مقارب لمحمد بن عبدالحميد) عن محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار في كامل الزيارات الباب السابع في قول جبرائيل للرسول ان الحسين تقتله امتك من بعدك الحديث الثاني، وذكر ان هذا هو العمدة في توثيق محمد ابن عبد الحميد العطار.
ولكن اذا كان سعد ابن عبد الله يمكن ان يروي عن محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار فليس بغريب ان يروي عنه محمد ابن الحسن ابن الوليد.
ويستدل على وثاقته بأمور :-
اولا:- هذا الذي اشرنا اليه والذي تمسك به السيد الخوئي وهو وقوعه في اسانيد كامل الزيارات،و ابن قولويه متأخر فهو لا يروي عنه مباشرة.
ويرد عليه اننا لا نرى ان كل من وقع في اسانيد كامل الزيارات فهو ثقة و السيد الخوئي (قد) تراجع عن ذلك.
ثانيا:- النجاشي في ترجمة محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار قال ما نصه (محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار ابو جعفر روى عبد الحميد عن ابي الحسن موسى ع وكان ثقة في اصحابنا الكوفيين له كتاب النوادر اخبرنا به ابو عبد الله بن شاذان قال حدثنا فلان عنه بالكتاب)
والكلام وقع في ان التوثيق هل يرجع الى الابن او الى الاب؟ وهناك خلاف معروف من قديم الزمان وهو معروف عن الشهيد في تعاليقه على الخلاصة حيث انه استشكل في رجوع التوثيق الى الابن, وكان يرى ان التوثيق يعود الى الاب وحينئذ لا يمكن اثبات وثاقة الابن بهذه العبارة، لكن حفيده الشيخ محمد ابن الشيخ حسن ابن الشهيد ناقشه في ذلك وقال ان التوثيق يعود الى الابن باعتبار انه هو صاحب العنوان والقاعدة تقتضي ان يكون كل ما يذكر تحت هذا العنوان يعود الى صاحب العنوان الا اذا قام الدليل على انه يعود الى غيره وحيث اننا في المقام لا قرينة على رجوعه الى الاب فمقتضى ذلك انه هو صاحب العنوان ان يكون التوثيق يعود الى الابن لا الى الاب.
والذي ذكره الشهيد وحفيده كلٌ منهما يمكن ان يذكر له وجه ولكن يجب ان نوازن بين هذين الوجهين.
فالذي ذكره الشهيد من رجوع التوثيق الى الاب يؤيده:
اولاً:- ان النجاشي ــ عنده من هذا القبيل كثير ــ في المعنون يذكر امور ترتبط فيمن له صلة بالمعنون وحينئذ يقال ان جملة (روى عبد الحميد عن ابي الحسن موسى ع وكان ثقة في اصحابنا الكوفيين) تكون جملة معترضة.
ثانياً:- هو مسالة قوله (وكان ثقة) فان الواو الانسب في رجوعها الى الاب من ان ترجع الى الابن فلو كان قوله (ثقة) يعود الى الابن فالمناسب حذف حرف العطف كما في قوله (له كتاب النوادر) فانه لم يقل (وله كتاب النوادر) لأنه يرجع الى المعنون وبلا اشكال ان كتاب النوادر يعود الى الابن لان الشيخ يترجم من له كتاب فلابد ان يذكر كتابه والعنوان محمد وكتابه النوادر فالظاهر ان قوله (وكان ثقة) معطوف على الجملة المعترضة وهو من تتمات الجملة المعترضة فيكون راجعاً الى الاب لا الى الابن.
وفي المقابل قد يؤيد كلام الشيخ محمد:
اولاً:- بما ذكره وهو انه هو صاحب العنوان وقلنا انه مقتضى القاعدة انه كل ما يذكر خلال الترجمة لابد ان يعود الى المعنون الا اذا قام دليل على عكسه.
ثانياً:- اننا نعرف ان كتاب النجاشي هو فهرست لأصحاب الكتب فإذاً كلُ من يذكره في عنوان لابد ان يكون له كتاب فهذا واضح وفي المقام اذا جئنا الى جملة (له كتاب النوادر) فهذا الضمير المجرور في (له) قد يقال انه يعود الى الاقرب اليه والاقرب اليه هو اسم كان، فلو كان المراد من التوثيق انه يعود الى الاب لكان الكتاب ايضا الى الاب وهذا خلاف ان كتاب النجاشي هو فهرست لأصحاب الكتب فعندما عنون بمحمد ابن عبد الحميد لابد ان يذكر له كتاب ويذكر طريقه الى ذلك الكتاب، اذن قوله (له النوادر) لابد ان يرجع الضمير الى صاحب العنوان وباعتبار ان الضمير المجرور في قوله (له كتاب) يعود الى الاقرب فلابد ان يرجع الى اسم كان فيتحد اسم كان مع الضمير المجرور وهو الابن فيكون التوثيق راجعا الى الابن لا الى الاب.
لكن يمكن الخدش بما ذكر:- فإما انه هو صاحب العنوان فهذا صحيح لكن النجاشي كثيرا ما استخدم هذا الاسلوب بان يذكر جمل معترضة يأتي بها ترتبط بمن له صلة بصحاب العنوان، واما القرينة الثانية فإننا لا ننكر ان جملة له كتاب لابد ان تعود الى الابن بمقتضى ما قلناه من ان كتاب النجاشي موضوع لذكر اصحاب الكتب لكن هل هذا يستلزم ان يعود الضمير المجرور في له كتاب النوادر الى اسم كان حتى يتحدا ويكون المقصود به هو الابن؟
الجواب:- انه لا ملازمة بينهما الا اذا فرضنا مسبقا ان اسم كان هو الابن وهذا مطلب آخر اما اذا لم نفرض مسبقا ان اسم كان هو الابن حينئذ من الممكن ان نُرجع الضمير المجرور الى صاحب العنوان فلا داعي لان يكون الضمير راجع الى اسم كان بل اسم كان عبارة عن عبد الحميد ــ أي الاب ــ والتوثيق يعود الى عبد الحميد، وله كتاب النوادر الضمير يعود الى المعنون ــ أي محمد ــ وهذا ليس فيه شيء خلاف القاعدة بل هو طبيعي جدا عندما تكون هناك جملة معترضة فلا يعود الضمير حينئذ الى اسم كان بدعوى انه الاقرب.
ومن هنا يظهر ان دعوى الجزم بان التوثيق يعود الى محمد هذا صعب جدا ان لم نستظهر انه يعود الى عبد الحميد فلا اقل انه من الصعب اثبات وثاقة محمد استنادا الى هذا الدليل.
هذا هو الدليل الثاني الذي ذكر لإثبات وثاقة محمد بن عبد الحميد وقد تبين عدم تمامية الدليل الاول الدليل الثاني.
الدليل الثالث :- الاستعانة بوجوده في كتاب نوادر الحكمة، محمد بن احمد بن يحيى صاحب نوادر الحكمة حيث إنه روى عن محمد بن عبد الحميد العطار ولم يستثن من كتابه بناء على أن من يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري صاحب كتاب نوادر الحمة ولم يستثنه مشايخ القميين كابن الوليد والشيخ الصدوق وغيرهما ولم يستثن من الكتاب فهو ثقة، فإنه بناءً على هذه الكبرى حينئذٍ يمكن تطبيقه في محلّ الكلام، وكيف نطبّق صغراها في محلّ الكلام ؟
نستطيع ان نثبت رواية صاحب نوادر الحكمة عن محمد بن عبد الحميد بهذه الرواية الموجودة في التهذيب حيث يبدأ الشيخ الطوسي السند بمحمد بن أحمد بن يحيى والظاهر من ذلك أنه أخذه من كتابه نوادر الحكمة إذن صاحب نوادر الحكمة في نوادره روى عن محمد بن عبد الحميد، إذن روى عنه صاحب نوادر الحكمة ولم يستثنه ابن الوليد ولا غيره فإن قلنا بأن هذا يكفي لإثبات وثاقته فهذا يكفي لذلك، وهكذا في التهذيب.
فأيضاً هناك يبدأ الشيخ الطوسي السند بمحمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عبد الحميد ولم يستثن محمد بن عبد الحميد من روايات نوادر الحكمة.
الدليل الرابع:- هناك رواية ذكرها الشيخ الطوسي في التهذيب فيها أن ابن عمير يروي عن محمد بن عبد الحميد وإذا ثبتت هذه الرواية فهي نعم الدليل على وثاقته قال:- ( ما رواه أبو القاسم بن قولويه عن جعفر بن محمد عن عبد الله بن نهي عن ابن أبي عمير عن محمد بن عبد الحميد عن يونس بن يعقوب عن ابي عبد الله عليه السلام ... )، قد يقال بأن هذا السند صحيح وبه يثبت أن ابن أبي عمير روى عن محمد بن عبد الحميد وحينئذٍ تثبت وثاقة محمد بن عبد الحميد هذا هو الموجود في التهذيب والظاهر أنه لا توجد نسخ أخرى حتى نشكك في ذلك.
ولكنه بالرغم من هذا من الصعب أن يُقبل هذا الكلام لأن المعروف في الاسانيد العكس لا أنه ابن أبي عمير يروي عن محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار وإنما المعروف هو بالعكس لأن محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار صحيح أنه لم أجد رواية يروي فيها هو عن ابن أبي عمير لكنه يروي عن أضراب ابن ابي عمير الذين هم في طبقته من قبيل المشايخ الثلاثة الباقين صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي فإنه يروي عن صفوان في موارد كثير ويروي عن البزنطي في موارد كثيرة ايضاً فالمناسب أن يكون محمد بن عبد الحميد هو يروي عن ابن أبي عمير لا أن ابن أبي عمير يروي عنه ولذلك هذه القضية لا يمكن أن يطمئن بها وأن السند واقع بهذا الشكل حتى يستدل بذلك على كونه ثقة باعتبار رواية ابن أبي عمير عنه.
الدليل الخامس:- وهو دليل مهم بالاستعانة بما ذكره الوحيد، ففي الكشي تحت عنوان ( في محمد بن الوليد الخزّاز ومعاوية بن حكيم ومصدق بن صدقة ومحمد بن سالم بن عبد الحميد ) - وليس محمد بن عبد الحميد بن سالم كما هو المتعارف - ثم قال ( قال ابو عامر هؤلاء كلهم فطحية وهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول وبعضهم أدرك الرضا عليه السلام وكلهم كوفيون )، والعبارة محمولها صريح في التوثيق بل في العدالة حيث قال ( كلهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول ) والذي أحدهم محمد بن سالم بن عبد الحميد، ولكن هذا لا ينفعنا لأن محمد بن سالم بن عبد الحميد غير محمد بن عبد الحميد بن سالم، لكن الوحيد البهبهاني له تعليق على هذا الكلام والظاهر أنه نعم ما قال ويمكن تأييد كلامه وتصحيحه فهو يقول هكذا:- ( فالظن أنه ابن عبد الحميد بن سالم ووقع الغلط في نسخة الكشي كما في غيره كثيراً وأشار إليه النجاشي في ترجمة الكشي وقال كتابه فيه أغلاط كثيرة وصرح به بعض المحققين ويشهد لما قلنا ان الظاهر من الكشي أن الرجل كأشباهه المذكورين من أجلة العلماء الفقهاء المعروفين المشهورين ومحمد بن سالم بن عبد الحميد لا أظن تحقّقه في سند حديث ولا ذكر في موضع أصلاً فضلاً عن أن يكون بهذه المثابة ) أي أنه محمد بن عبد الحميد بن سالم الذي نتحدث عنه وليس محمد بن سالم بن عبد الحميد كما في الكشي، والظاهر من عبارة الكشي أن هذا كأقرانه من حيث الشهرة والجلالة والوثاقة والعدالة، فإذن كيف نقول إن المراد به شخص لا وجود له في الروايات فلابد وأن يكون المقصود به شخص معروف وشخص موجود في الاسانيد ومذكوراً في الكلمات وليس هو إلا محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار وهذا لا إشكال في أنه له وجود كثير في أسانيد الروايات ومذكور في كتب الرجال فلا يبعد أن يكون ما يقول الوحيد هو الصحيح وهذا يكفي في اثبات وثاقته.مضافاً إلى تأييده ببعض الوجوه المتقدمة.
كان الكلام في روايات الطائفة الثالثة وهي ما دل على الجواز وانتهينا الى الحديث التاسع في الباب نفسه وقلنا ان فيه مشكلة من حيث السند والرواية هي الشيخ الطوسي في التهذيب عن سعد عن محمد ابن الحسن عن محمد ابن عبد الحميد عن احمد ابن محمد ابن ابي نصر عن عبد الكريم ابن عمر عن ابي بصير ولا توجد مشكلة في السند بعد محمد ابن عبد الحميد وانما الكلام في سند الرواية من جهته وهو لم يرد بهذا العنوان في كتب الرجال الا في رجال الشيخ الطوسي حيث ذكره وقال روى عنه ابن الوليد.
والسيد الخوئي ذكر بان تحديد من هو المراد بمحمد ابن عبد الحميد يرتبط بتحديد من هو المراد بمحمد ابن الحسن الذي هو قبله وذكر ان محمد ابن عبد الحميد في رجال الشيخ الطوسي قال: (روى عنه ابن الوليد) فيقول اذا كان هذا هو الصحيح وهو ان ابن الوليد روى عنه فانه لا يمكن ان يكون المقصود بمحمد ابن عبد الحميد هو محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار ــ الذي سنتحدث عنه مفصلا فان هذا معنون في الكتب الرجالية وموجود بكثرة في اسانيد الروايات ــ للفارق في الطبقة بين محمد ابن الحسن ابن الوليد ــ والظاهر ان الشيخ الطوسي عندما يقول ابن الوليد ويطلق يكون المراد به ابن الوليد المعروف وهو شيخ الشيخ الصدوق ــ وبين محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار وذلك باعتبار ان ابن الوليد توفي سنة 343 هـ ومحمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار من اصحاب الرضا كما نص على ذلك البرقي ونص على ذلك الشيخ بل ذكر البرقي بانه ممن نشأ في عصر الرضا فيقول السيد الخوئي ان هذا الشخص الذي نشأ في عصر الرضا وهو من اصحاب الرضا كيف يمكن ان يروي عنه محمد ابن الحسن ابن الوليد، فلو صحت نسخة الرجال بانه روى عنه ابن الوليد فلابد ان يكون المقصود بمحمد بن عبد الحميد شخصاً آخر غير محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار وهو مجهول.
ثم ذكر السيد الخوئي (قد) انه نعم على بعض نسخ رجال الشيخ الطوسي الموجود بالعكس فانه ليس الموجود (روى عنه ابن الوليد) بل الموجود (محمد ابن عبد الحميد روى عن ابن الوليد ) وحينئذ يمكن ان يكون المراد به هو محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار ويكون المراد بابن الوليد محمد ابن الوليد الخزاز لأنه لا مشكلة من حيث الطبقة ان يروي محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار عن محمد ابن الوليد الخزاز.
ويلاحظ عليه :-
ان محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار صحيح ان الشيخ والبرقي ذكرا انه من اصحاب الرضا ولكن الشيخ نفسه عدّه من اصحاب الامام العسكري فانه قد عده في اصحاب الكاظم ثم في اصحاب العسكري فيمكن حينئذ افتراض انه يروي عنه محمد ابن الحسن ابن الوليد, ورواية محمد ابن الحسن عن محمد ابن عبد الحميد موجودة في اكثر من مورد وفي بعضها يصرح انه محمد ابن الحسن ابن الوليد وان كان في روايتنا الموجود محمد ابن الحسن فيحتمل ان يكون المقصود محمد ابن الحسن الاشعري المعروف بشمبوله وهو موافق بالطبقة ويحتمل ان يكون المقصود به محمد ابن الحسن الصفار الرجل الثقة المعروف ولكن في بعض الروايات وجدت انه يصرح بمحمد ابن الحسن ابن الوليد عن محمد بن عبد الحميد فهذا الشيء وان كان يحتاج الى مراجعة وتأمل اكثر من ذلك. ولكن المهم انه لو شخصنا انه محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار فهل هذا ثقة ام لا؟
وقبل الدخول في هذا البحث فان السيد الخوئي نفسه في عنوان محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار اثبت وثاقته بوروده في اسانيد كامل الزيارات وهذا سوف نتعرض له فانه احد الوجوه لإثبات وثاقته وقال بان هذا هو العمدة في توثيقه وذكر رواية في كامل الزيارات سندها هو انه روى محمد ابن عبد الحميد العطار عن ابي جميلة المفضل ابن صالح وروى عنه سعد ابن عبدالله (أي الاشعري وليس سعد بن سعد وسعد بن عبدالله مقارب لمحمد بن عبدالحميد) عن محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار في كامل الزيارات الباب السابع في قول جبرائيل للرسول ان الحسين تقتله امتك من بعدك الحديث الثاني، وذكر ان هذا هو العمدة في توثيق محمد ابن عبد الحميد العطار.
ولكن اذا كان سعد ابن عبد الله يمكن ان يروي عن محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار فليس بغريب ان يروي عنه محمد ابن الحسن ابن الوليد.
ويستدل على وثاقته بأمور :-
اولا:- هذا الذي اشرنا اليه والذي تمسك به السيد الخوئي وهو وقوعه في اسانيد كامل الزيارات،و ابن قولويه متأخر فهو لا يروي عنه مباشرة.
ويرد عليه اننا لا نرى ان كل من وقع في اسانيد كامل الزيارات فهو ثقة و السيد الخوئي (قد) تراجع عن ذلك.
ثانيا:- النجاشي في ترجمة محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار قال ما نصه (محمد ابن عبد الحميد ابن سالم العطار ابو جعفر روى عبد الحميد عن ابي الحسن موسى ع وكان ثقة في اصحابنا الكوفيين له كتاب النوادر اخبرنا به ابو عبد الله بن شاذان قال حدثنا فلان عنه بالكتاب)
والكلام وقع في ان التوثيق هل يرجع الى الابن او الى الاب؟ وهناك خلاف معروف من قديم الزمان وهو معروف عن الشهيد في تعاليقه على الخلاصة حيث انه استشكل في رجوع التوثيق الى الابن, وكان يرى ان التوثيق يعود الى الاب وحينئذ لا يمكن اثبات وثاقة الابن بهذه العبارة، لكن حفيده الشيخ محمد ابن الشيخ حسن ابن الشهيد ناقشه في ذلك وقال ان التوثيق يعود الى الابن باعتبار انه هو صاحب العنوان والقاعدة تقتضي ان يكون كل ما يذكر تحت هذا العنوان يعود الى صاحب العنوان الا اذا قام الدليل على انه يعود الى غيره وحيث اننا في المقام لا قرينة على رجوعه الى الاب فمقتضى ذلك انه هو صاحب العنوان ان يكون التوثيق يعود الى الابن لا الى الاب.
والذي ذكره الشهيد وحفيده كلٌ منهما يمكن ان يذكر له وجه ولكن يجب ان نوازن بين هذين الوجهين.
فالذي ذكره الشهيد من رجوع التوثيق الى الاب يؤيده:
اولاً:- ان النجاشي ــ عنده من هذا القبيل كثير ــ في المعنون يذكر امور ترتبط فيمن له صلة بالمعنون وحينئذ يقال ان جملة (روى عبد الحميد عن ابي الحسن موسى ع وكان ثقة في اصحابنا الكوفيين) تكون جملة معترضة.
ثانياً:- هو مسالة قوله (وكان ثقة) فان الواو الانسب في رجوعها الى الاب من ان ترجع الى الابن فلو كان قوله (ثقة) يعود الى الابن فالمناسب حذف حرف العطف كما في قوله (له كتاب النوادر) فانه لم يقل (وله كتاب النوادر) لأنه يرجع الى المعنون وبلا اشكال ان كتاب النوادر يعود الى الابن لان الشيخ يترجم من له كتاب فلابد ان يذكر كتابه والعنوان محمد وكتابه النوادر فالظاهر ان قوله (وكان ثقة) معطوف على الجملة المعترضة وهو من تتمات الجملة المعترضة فيكون راجعاً الى الاب لا الى الابن.
وفي المقابل قد يؤيد كلام الشيخ محمد:
اولاً:- بما ذكره وهو انه هو صاحب العنوان وقلنا انه مقتضى القاعدة انه كل ما يذكر خلال الترجمة لابد ان يعود الى المعنون الا اذا قام دليل على عكسه.
ثانياً:- اننا نعرف ان كتاب النجاشي هو فهرست لأصحاب الكتب فإذاً كلُ من يذكره في عنوان لابد ان يكون له كتاب فهذا واضح وفي المقام اذا جئنا الى جملة (له كتاب النوادر) فهذا الضمير المجرور في (له) قد يقال انه يعود الى الاقرب اليه والاقرب اليه هو اسم كان، فلو كان المراد من التوثيق انه يعود الى الاب لكان الكتاب ايضا الى الاب وهذا خلاف ان كتاب النجاشي هو فهرست لأصحاب الكتب فعندما عنون بمحمد ابن عبد الحميد لابد ان يذكر له كتاب ويذكر طريقه الى ذلك الكتاب، اذن قوله (له النوادر) لابد ان يرجع الضمير الى صاحب العنوان وباعتبار ان الضمير المجرور في قوله (له كتاب) يعود الى الاقرب فلابد ان يرجع الى اسم كان فيتحد اسم كان مع الضمير المجرور وهو الابن فيكون التوثيق راجعا الى الابن لا الى الاب.
لكن يمكن الخدش بما ذكر:- فإما انه هو صاحب العنوان فهذا صحيح لكن النجاشي كثيرا ما استخدم هذا الاسلوب بان يذكر جمل معترضة يأتي بها ترتبط بمن له صلة بصحاب العنوان، واما القرينة الثانية فإننا لا ننكر ان جملة له كتاب لابد ان تعود الى الابن بمقتضى ما قلناه من ان كتاب النجاشي موضوع لذكر اصحاب الكتب لكن هل هذا يستلزم ان يعود الضمير المجرور في له كتاب النوادر الى اسم كان حتى يتحدا ويكون المقصود به هو الابن؟
الجواب:- انه لا ملازمة بينهما الا اذا فرضنا مسبقا ان اسم كان هو الابن وهذا مطلب آخر اما اذا لم نفرض مسبقا ان اسم كان هو الابن حينئذ من الممكن ان نُرجع الضمير المجرور الى صاحب العنوان فلا داعي لان يكون الضمير راجع الى اسم كان بل اسم كان عبارة عن عبد الحميد ــ أي الاب ــ والتوثيق يعود الى عبد الحميد، وله كتاب النوادر الضمير يعود الى المعنون ــ أي محمد ــ وهذا ليس فيه شيء خلاف القاعدة بل هو طبيعي جدا عندما تكون هناك جملة معترضة فلا يعود الضمير حينئذ الى اسم كان بدعوى انه الاقرب.
ومن هنا يظهر ان دعوى الجزم بان التوثيق يعود الى محمد هذا صعب جدا ان لم نستظهر انه يعود الى عبد الحميد فلا اقل انه من الصعب اثبات وثاقة محمد استنادا الى هذا الدليل.
هذا هو الدليل الثاني الذي ذكر لإثبات وثاقة محمد بن عبد الحميد وقد تبين عدم تمامية الدليل الاول الدليل الثاني.
الدليل الثالث :- الاستعانة بوجوده في كتاب نوادر الحكمة، محمد بن احمد بن يحيى صاحب نوادر الحكمة حيث إنه روى عن محمد بن عبد الحميد العطار ولم يستثن من كتابه بناء على أن من يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري صاحب كتاب نوادر الحمة ولم يستثنه مشايخ القميين كابن الوليد والشيخ الصدوق وغيرهما ولم يستثن من الكتاب فهو ثقة، فإنه بناءً على هذه الكبرى حينئذٍ يمكن تطبيقه في محلّ الكلام، وكيف نطبّق صغراها في محلّ الكلام ؟
نستطيع ان نثبت رواية صاحب نوادر الحكمة عن محمد بن عبد الحميد بهذه الرواية الموجودة في التهذيب حيث يبدأ الشيخ الطوسي السند بمحمد بن أحمد بن يحيى والظاهر من ذلك أنه أخذه من كتابه نوادر الحكمة إذن صاحب نوادر الحكمة في نوادره روى عن محمد بن عبد الحميد، إذن روى عنه صاحب نوادر الحكمة ولم يستثنه ابن الوليد ولا غيره فإن قلنا بأن هذا يكفي لإثبات وثاقته فهذا يكفي لذلك، وهكذا في التهذيب.
فأيضاً هناك يبدأ الشيخ الطوسي السند بمحمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عبد الحميد ولم يستثن محمد بن عبد الحميد من روايات نوادر الحكمة.
الدليل الرابع:- هناك رواية ذكرها الشيخ الطوسي في التهذيب فيها أن ابن عمير يروي عن محمد بن عبد الحميد وإذا ثبتت هذه الرواية فهي نعم الدليل على وثاقته قال:- ( ما رواه أبو القاسم بن قولويه عن جعفر بن محمد عن عبد الله بن نهي عن ابن أبي عمير عن محمد بن عبد الحميد عن يونس بن يعقوب عن ابي عبد الله عليه السلام ... )، قد يقال بأن هذا السند صحيح وبه يثبت أن ابن أبي عمير روى عن محمد بن عبد الحميد وحينئذٍ تثبت وثاقة محمد بن عبد الحميد هذا هو الموجود في التهذيب والظاهر أنه لا توجد نسخ أخرى حتى نشكك في ذلك.
ولكنه بالرغم من هذا من الصعب أن يُقبل هذا الكلام لأن المعروف في الاسانيد العكس لا أنه ابن أبي عمير يروي عن محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار وإنما المعروف هو بالعكس لأن محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار صحيح أنه لم أجد رواية يروي فيها هو عن ابن أبي عمير لكنه يروي عن أضراب ابن ابي عمير الذين هم في طبقته من قبيل المشايخ الثلاثة الباقين صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي فإنه يروي عن صفوان في موارد كثير ويروي عن البزنطي في موارد كثيرة ايضاً فالمناسب أن يكون محمد بن عبد الحميد هو يروي عن ابن أبي عمير لا أن ابن أبي عمير يروي عنه ولذلك هذه القضية لا يمكن أن يطمئن بها وأن السند واقع بهذا الشكل حتى يستدل بذلك على كونه ثقة باعتبار رواية ابن أبي عمير عنه.
الدليل الخامس:- وهو دليل مهم بالاستعانة بما ذكره الوحيد، ففي الكشي تحت عنوان ( في محمد بن الوليد الخزّاز ومعاوية بن حكيم ومصدق بن صدقة ومحمد بن سالم بن عبد الحميد ) - وليس محمد بن عبد الحميد بن سالم كما هو المتعارف - ثم قال ( قال ابو عامر هؤلاء كلهم فطحية وهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول وبعضهم أدرك الرضا عليه السلام وكلهم كوفيون )، والعبارة محمولها صريح في التوثيق بل في العدالة حيث قال ( كلهم من أجلة العلماء والفقهاء والعدول ) والذي أحدهم محمد بن سالم بن عبد الحميد، ولكن هذا لا ينفعنا لأن محمد بن سالم بن عبد الحميد غير محمد بن عبد الحميد بن سالم، لكن الوحيد البهبهاني له تعليق على هذا الكلام والظاهر أنه نعم ما قال ويمكن تأييد كلامه وتصحيحه فهو يقول هكذا:- ( فالظن أنه ابن عبد الحميد بن سالم ووقع الغلط في نسخة الكشي كما في غيره كثيراً وأشار إليه النجاشي في ترجمة الكشي وقال كتابه فيه أغلاط كثيرة وصرح به بعض المحققين ويشهد لما قلنا ان الظاهر من الكشي أن الرجل كأشباهه المذكورين من أجلة العلماء الفقهاء المعروفين المشهورين ومحمد بن سالم بن عبد الحميد لا أظن تحقّقه في سند حديث ولا ذكر في موضع أصلاً فضلاً عن أن يكون بهذه المثابة ) أي أنه محمد بن عبد الحميد بن سالم الذي نتحدث عنه وليس محمد بن سالم بن عبد الحميد كما في الكشي، والظاهر من عبارة الكشي أن هذا كأقرانه من حيث الشهرة والجلالة والوثاقة والعدالة، فإذن كيف نقول إن المراد به شخص لا وجود له في الروايات فلابد وأن يكون المقصود به شخص معروف وشخص موجود في الاسانيد ومذكوراً في الكلمات وليس هو إلا محمد بن عبد الحميد بن سالم العطار وهذا لا إشكال في أنه له وجود كثير في أسانيد الروايات ومذكور في كتب الرجال فلا يبعد أن يكون ما يقول الوحيد هو الصحيح وهذا يكفي في اثبات وثاقته.مضافاً إلى تأييده ببعض الوجوه المتقدمة.