36/03/18
تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات,
الثامن , البقاء على الجنابة عمدا , مسألة 54 لو تيقظ بعد الفجر من نومه
فرأى نفسه محتلما لم يبطل صومه .
قال الماتن
مسألة 54:( لو تيقّظ بعد الفجر من نومه فرأى نفسه محتلماً لم يبطل صومه ،(وهذا ما يطلق عليه الاصباح جنبا) سواء علم سبقه على الفجر أو علم تأخّره أو بقي على الشكّ، لأنّه لو كان سابقاً كان من البقاء على الجنابة غير متعمّد،(وهو لا يوجب بطلان صوم شهر رمضان لأن البطلان مختص بالبقاء العمدي) و لو كان بعد الفجر كان من الاحتلام في النهار. (وهو لا يضر بالصوم ايضا كما تقدم)[1]
ثم استدرك الماتن على ما ذكره وقال :-
(نعم، إذا علم سبقه على الفجر لم يصحّ منه صوم قضاء رمضان مع كونه موسّعاً)
لأن البقاء على الجنابة مطلقا ( عن عمد او عن غير عمد) يبطل الصوم في قضاء شهر رمضان كما تقدم وبهذا يختلف قضاء صوم شهر رمضان عن صوم رمضان, لكن هذا في حال علمه بسقه على الفجر .
( و أمّا مع ضيق وقته فالأحوط الإتيان به و بعوضه.)
وقد تقدم بحثٌ في ان المبطلية عند البقاء على الجنابة مع عدم العمد هل هي مختصة بالقضاء الموسع ؟ام تشمل القضاء المضيق ؟ وتيبن مما تقدم انها ليست مختصة بالموسع بل تشمل حتى القضاء المضيق فيكون البقاء على الجنابة موجبا لبطلانه , فلا داعي لتخصيص ذلك بالموسع .
قال الماتن
مسألة 55: (من كان جنباً في شهر رمضان في الليل لا يجوز له أن ينام قبل الاغتسال إذا علم أنّه لا يستيقظ قبل الفجر للاغتسال، و لو نام و استمرّ إلى الفجر لحقه حكم البقاء متعمّداً فيجب عليه القضاء و الكفّارة.)[2]
وهذا واضح وليس الكلام فيه وانما الكلام في الفرع الثاني في قوله (قد):-
(و أمّا إن احتمل الاستيقاظ جاز له النوم و إن كان من النوم الثاني أو الثالث أو الأزيد، فلا يكون نومه حراماً و إن كان الأحوط ترك النوم الثاني فما زاد و إن اتّفق استمراره إلى الفجر، غاية الأمر وجوب القضاء، أو مع الكفّارة في بعض الصور كما سيتبيّن.)
والكلام في هذه المسألة عن الحرمة التكليفية وليس عن بطلان الصوم ( الحرمة الوضعية)
قلنا ان علم استمرار النوم الى الفجر فأنه يكون من البقاء على الجنابة عمدا, ويترتب عليه كل آثار البقاء عمدا ؛ لكن الكلام في ما اذا احتمل الاستيقاظ واحتمل عدمه فهل يجوز له النوم؟ ام لا ؟
اختلف المتأخرون من علمائنا في ذلك :-
فعن العلامة في المنتهى وصاحب المدارك الجواز وعدم الحرمة , وظاهر كلامه لا فرق في الحكم بالجواز بين النوم الاول والثاني والثالث كما ذكر في المتن , واُستدل له بالاصل وعدم الدليل على التحريم(وعدم الدليل على التحريم مكمل للأصل لأنه يُرجع اليه اذا لم يكن هناك دليل على التحريم ) .
الشهيد في المسالك ذهب الى الحرمة مع تفصيلٍ , حيث ذهب الى الحرمة في النوم الثاني مطلقا , وفي الاول ذهب اليها مع عدم العزم على الغسل او عدم اعتياد الانتباه ؛ ولعل دليل ما ذهب اليه الشهيد هو صحيحة معاوية بن عمار( قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : الرجل يجنب في_ او من اول الليل كما في نسخة اخرى__ أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان ؟ قال : ليس عليه شيء، قلت : فإنّه استيقظ ثم نام حتى أصبح ؟ قال : فليقض ذلك اليوم عقوبة .)[3]
والاستدلال بالفقرة الاخيرة(فليقض ذلك اليوم عقوبة) على حرمة النوم الثاني لأنه لو اوجب عليه القضاء ولم يذكر ان هذا القضاء عقوبة لا يمكن استكشاف التحريم , لكن التصريح بكون هذا القضاء عقوبة يُفهم منه التحريم, فتكون دليلا على حرمة النوم الثاني .
ويظهر من الجواهر الحرمة مطلقا في مقابل القول الاول حيث كان القول بعدمها مطلقا واستدل لذلك برواية إبراهيم بن عبدالحميد ( عن بعض مواليه قال : سألته عن احتلام الصائم ؟ قال : فقال : إذا احتلم نهارا في شهر رمضان ( فلا ينم ) حتى يغتسل، وإن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلا ساعة حتى يغتسل (( وفي نسخة اخرى فلا ينام ساعة حتى يغتسل ))، فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة، أو اطعام ستين مسكينا، وقضاء ذلك اليوم، ويتم صيامه ولن يدركه أبدا )[4].
والاستدلال بالرواية مبني على النسخة الثانية (فلا ينام ساعة) فيفهم منها حرمة النوم , والرواية ليس فيها تفصيل في مقابل ما ذكره الشهيد .
السيد الخوئي (قد)[5] اختار نفس هذا القول (الثالث) لكن استدل عليه بدليل اخر ؛ فأنه استدل عليه بأن النوم الذي يحتمل فيه عدم الاستيقاظ _كما هو في محل الكلام_ محكوم عليه بالاستمرار الى الفجر تعبدا بمقتضى الاستصحاب , والمفروض ان هذا النوم قد صدر منه بأختياره ؛ فيندرج حينئذ تحت النصوص الدالة على مسألة تعمد النوم على الجنابة الى الفجر , فيكون صومه باطلا بمقتضى هذه النصوص , فيكون حراما لأنه مبطل للصوم .
هذا ما ذكره (قد) في المستند ولكن في تعليقته على العروة الوثقى ذكر ما يخالف هذا الكلام حيث ذكر (لأنّ الحرام، إنّما هو عنوان تعمّد البقاء على الجنابة ومع الشكّ في الاستيقاظ واحتماله إذا نام واستمرّ إلى الفجر اتّفاقاً فلا يصدق عليه عنوان التعمّد، وبما أنّ موضوع الحكم هذا العنوان فلا أثر للاستصحاب أيضاً حيث إنّه لا يثبت ذلك العنوان)[6]
اما الكلام في التفصيل الذي ذكره الشهيد في المسالك واستدل عليه بصحيحة معاوية بن عمار فأن الصحيحة لا تدل عليه , لأنها لا تدل على الحرمة في النوم الاول فهي تقول (ليس عليه شيء) وليس في ذلك دلالة على حرمة النوم الاول الذي فصله كما تقدم؛ فهي لا تدل على التحريم ان لم نقل بأن فيها دلالة على الجواز , فأن قوله عليه السلام (ليس عليه شيء ) اما ان يكون ناظرا الى التكليف والوضع فيفهم منها نفي الحرمة, واما ان يكون ناظرا الى الوضع فقط (أي ليس عليه قضاء او ليس عليه كفارة ) وحينئذ قد يفهم من عدم التنبيه على التحريم عدم التحريم, وعلى كل حال فالرواية ان لم تدل على عدم التحريم فهي لا تدل على التحريم .
واما قوله عليه السلام في ذيل الرواية (فليقض ذلك اليوم عقوبة) الذي فُهم منه الدلالة على التحريم في النوم الثاني فهو يمكن التأمل في دلالته ايضا , وذلك بأن العقوبة انما تلازم الحرمة التكليفية عندما تكون العقوبة اخروية , اما اذا كانت دنيوية فأنها لا تلازم الحرمة ؛ وقد ورد _ كما ذكر الفقهاء _ نظائر لذلك ؛ كما في من صلى في النجس ناسيا انه يعيد الصلاة عقوبة مع ان الصلاة في النجس ناسيا ليست حراما ولا عصيانا , وليكن ما نحن فيه من هذا القبيل .
واما ادلة القول بالحرمة مطلقا كما ذهب اليه الشيخ صاحب الجواهر والسيد الخوئي ؛ فالدليل الاول (رواية ابراهيم بن عبد الحميد ) فأنه غير تام لأنه الرواية غير تامة سندا حيث رواها ابراهيم (( عن بعض مواليه)) ونحن لا نعرف من يكون هذا البعض ؛ هذا اولا ؛ ثانيا ان المتن فيها مختلف حيث ورد في بعض النسخ (فلا ينام إلا ساعة) وبناء على هذه النسخة فأن الرواية تدل على جواز النوم ولو بهذا المقدار , لا انها تدل على حرمة النوم مطلقا كما استدل بها ؛ نعم يمكن ان يقال ان المنهي عنه هو النوم الذي يزيد على الساعة , والذي يجوز هو ما كان ساعة فما دون, وعلى كل حال فأن اختلاف النسخ يؤثر على الاستدلال بالرواية , والمهم هو الضعف السندي وهو المانع من التعويل عليها .
واما ما ذكره السيد الخوئي في مقام الاستدلال على الحرمة مطلقا ( من مسألة الاستصحاب ) ؛ فأن السيد الحكيم هو من ذكر الاستصحاب في المستمسك وقال قد يستدل للحرمة بأستصحاب بقاء النوم الى الفجر , لكنه اورد عليه بأيرادين :
الاول : قال بأن الحرام هو تعمد البقاء على الجنابة الى الفجر وهذا المعنى لا يثبت بالاستصحاب المذكور .
ويمكن تفسير كلامه المجمل بأن مقصودة ان اثبات تعمد البقاء على الجنابة (الذي هو الحرام ) بأستصحاب بقاء النوم الى الفجر غير ممكن حتى على القول بالأصل المثبت , وذلك بأعتبار انه ليس من لوازمه .
فأن العلم بتعمد بقاء النوم الى الفجر لا يُثبِت تعمد البقاء على الجنابة , فليس هو ( تعمد البقاء على الجنابة ) من الاثار الشرعية لبقاء النوم الى الفجر وليس هو من اللوازم العقلية لكي يثبت بالأصل المثبت .
اقول لو كان هذا المراد من كلامه(قد) فيلاحظ عليه ان من استدل بالاستصحاب لا يريد اثبات تعمد البقاء على الجنابة (الذي هو الحرام) فقط الى الفجر ؛ وانما يريد القول بأن تعمد النوم ثابت بالفرض او بالوجدان ولا شك فيه؛ والكلام والاشكال في ان النوم الذي تعمده هل يستمر الى الفجر ؟ او لا؟
فيأتي الاستصحاب ليثبت له استمرار النوم الى الفجر وبضمه الى تعمد النوم الذي هو ثابت بالفرض ينتج تعمد النوم المستمر الى الفجر وهو عبارة عن تعمد البقاء على الجنابة ؛ لأن تعمد البقاء على الجنابة لا يشترط فيه ان يكون مستيقظا الى الصباح بل عمدة روايات تعمد البقاء على الجنابة وردت في النوم والبقاء الى الفجر نائما , وحينئذ يثبت تعمد البقاء على الجنابة وهو حرام .
قال الماتن
مسألة 54:( لو تيقّظ بعد الفجر من نومه فرأى نفسه محتلماً لم يبطل صومه ،(وهذا ما يطلق عليه الاصباح جنبا) سواء علم سبقه على الفجر أو علم تأخّره أو بقي على الشكّ، لأنّه لو كان سابقاً كان من البقاء على الجنابة غير متعمّد،(وهو لا يوجب بطلان صوم شهر رمضان لأن البطلان مختص بالبقاء العمدي) و لو كان بعد الفجر كان من الاحتلام في النهار. (وهو لا يضر بالصوم ايضا كما تقدم)[1]
ثم استدرك الماتن على ما ذكره وقال :-
(نعم، إذا علم سبقه على الفجر لم يصحّ منه صوم قضاء رمضان مع كونه موسّعاً)
لأن البقاء على الجنابة مطلقا ( عن عمد او عن غير عمد) يبطل الصوم في قضاء شهر رمضان كما تقدم وبهذا يختلف قضاء صوم شهر رمضان عن صوم رمضان, لكن هذا في حال علمه بسقه على الفجر .
( و أمّا مع ضيق وقته فالأحوط الإتيان به و بعوضه.)
وقد تقدم بحثٌ في ان المبطلية عند البقاء على الجنابة مع عدم العمد هل هي مختصة بالقضاء الموسع ؟ام تشمل القضاء المضيق ؟ وتيبن مما تقدم انها ليست مختصة بالموسع بل تشمل حتى القضاء المضيق فيكون البقاء على الجنابة موجبا لبطلانه , فلا داعي لتخصيص ذلك بالموسع .
قال الماتن
مسألة 55: (من كان جنباً في شهر رمضان في الليل لا يجوز له أن ينام قبل الاغتسال إذا علم أنّه لا يستيقظ قبل الفجر للاغتسال، و لو نام و استمرّ إلى الفجر لحقه حكم البقاء متعمّداً فيجب عليه القضاء و الكفّارة.)[2]
وهذا واضح وليس الكلام فيه وانما الكلام في الفرع الثاني في قوله (قد):-
(و أمّا إن احتمل الاستيقاظ جاز له النوم و إن كان من النوم الثاني أو الثالث أو الأزيد، فلا يكون نومه حراماً و إن كان الأحوط ترك النوم الثاني فما زاد و إن اتّفق استمراره إلى الفجر، غاية الأمر وجوب القضاء، أو مع الكفّارة في بعض الصور كما سيتبيّن.)
والكلام في هذه المسألة عن الحرمة التكليفية وليس عن بطلان الصوم ( الحرمة الوضعية)
قلنا ان علم استمرار النوم الى الفجر فأنه يكون من البقاء على الجنابة عمدا, ويترتب عليه كل آثار البقاء عمدا ؛ لكن الكلام في ما اذا احتمل الاستيقاظ واحتمل عدمه فهل يجوز له النوم؟ ام لا ؟
اختلف المتأخرون من علمائنا في ذلك :-
فعن العلامة في المنتهى وصاحب المدارك الجواز وعدم الحرمة , وظاهر كلامه لا فرق في الحكم بالجواز بين النوم الاول والثاني والثالث كما ذكر في المتن , واُستدل له بالاصل وعدم الدليل على التحريم(وعدم الدليل على التحريم مكمل للأصل لأنه يُرجع اليه اذا لم يكن هناك دليل على التحريم ) .
الشهيد في المسالك ذهب الى الحرمة مع تفصيلٍ , حيث ذهب الى الحرمة في النوم الثاني مطلقا , وفي الاول ذهب اليها مع عدم العزم على الغسل او عدم اعتياد الانتباه ؛ ولعل دليل ما ذهب اليه الشهيد هو صحيحة معاوية بن عمار( قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : الرجل يجنب في_ او من اول الليل كما في نسخة اخرى__ أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان ؟ قال : ليس عليه شيء، قلت : فإنّه استيقظ ثم نام حتى أصبح ؟ قال : فليقض ذلك اليوم عقوبة .)[3]
والاستدلال بالفقرة الاخيرة(فليقض ذلك اليوم عقوبة) على حرمة النوم الثاني لأنه لو اوجب عليه القضاء ولم يذكر ان هذا القضاء عقوبة لا يمكن استكشاف التحريم , لكن التصريح بكون هذا القضاء عقوبة يُفهم منه التحريم, فتكون دليلا على حرمة النوم الثاني .
ويظهر من الجواهر الحرمة مطلقا في مقابل القول الاول حيث كان القول بعدمها مطلقا واستدل لذلك برواية إبراهيم بن عبدالحميد ( عن بعض مواليه قال : سألته عن احتلام الصائم ؟ قال : فقال : إذا احتلم نهارا في شهر رمضان ( فلا ينم ) حتى يغتسل، وإن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلا ساعة حتى يغتسل (( وفي نسخة اخرى فلا ينام ساعة حتى يغتسل ))، فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة، أو اطعام ستين مسكينا، وقضاء ذلك اليوم، ويتم صيامه ولن يدركه أبدا )[4].
والاستدلال بالرواية مبني على النسخة الثانية (فلا ينام ساعة) فيفهم منها حرمة النوم , والرواية ليس فيها تفصيل في مقابل ما ذكره الشهيد .
السيد الخوئي (قد)[5] اختار نفس هذا القول (الثالث) لكن استدل عليه بدليل اخر ؛ فأنه استدل عليه بأن النوم الذي يحتمل فيه عدم الاستيقاظ _كما هو في محل الكلام_ محكوم عليه بالاستمرار الى الفجر تعبدا بمقتضى الاستصحاب , والمفروض ان هذا النوم قد صدر منه بأختياره ؛ فيندرج حينئذ تحت النصوص الدالة على مسألة تعمد النوم على الجنابة الى الفجر , فيكون صومه باطلا بمقتضى هذه النصوص , فيكون حراما لأنه مبطل للصوم .
هذا ما ذكره (قد) في المستند ولكن في تعليقته على العروة الوثقى ذكر ما يخالف هذا الكلام حيث ذكر (لأنّ الحرام، إنّما هو عنوان تعمّد البقاء على الجنابة ومع الشكّ في الاستيقاظ واحتماله إذا نام واستمرّ إلى الفجر اتّفاقاً فلا يصدق عليه عنوان التعمّد، وبما أنّ موضوع الحكم هذا العنوان فلا أثر للاستصحاب أيضاً حيث إنّه لا يثبت ذلك العنوان)[6]
اما الكلام في التفصيل الذي ذكره الشهيد في المسالك واستدل عليه بصحيحة معاوية بن عمار فأن الصحيحة لا تدل عليه , لأنها لا تدل على الحرمة في النوم الاول فهي تقول (ليس عليه شيء) وليس في ذلك دلالة على حرمة النوم الاول الذي فصله كما تقدم؛ فهي لا تدل على التحريم ان لم نقل بأن فيها دلالة على الجواز , فأن قوله عليه السلام (ليس عليه شيء ) اما ان يكون ناظرا الى التكليف والوضع فيفهم منها نفي الحرمة, واما ان يكون ناظرا الى الوضع فقط (أي ليس عليه قضاء او ليس عليه كفارة ) وحينئذ قد يفهم من عدم التنبيه على التحريم عدم التحريم, وعلى كل حال فالرواية ان لم تدل على عدم التحريم فهي لا تدل على التحريم .
واما قوله عليه السلام في ذيل الرواية (فليقض ذلك اليوم عقوبة) الذي فُهم منه الدلالة على التحريم في النوم الثاني فهو يمكن التأمل في دلالته ايضا , وذلك بأن العقوبة انما تلازم الحرمة التكليفية عندما تكون العقوبة اخروية , اما اذا كانت دنيوية فأنها لا تلازم الحرمة ؛ وقد ورد _ كما ذكر الفقهاء _ نظائر لذلك ؛ كما في من صلى في النجس ناسيا انه يعيد الصلاة عقوبة مع ان الصلاة في النجس ناسيا ليست حراما ولا عصيانا , وليكن ما نحن فيه من هذا القبيل .
واما ادلة القول بالحرمة مطلقا كما ذهب اليه الشيخ صاحب الجواهر والسيد الخوئي ؛ فالدليل الاول (رواية ابراهيم بن عبد الحميد ) فأنه غير تام لأنه الرواية غير تامة سندا حيث رواها ابراهيم (( عن بعض مواليه)) ونحن لا نعرف من يكون هذا البعض ؛ هذا اولا ؛ ثانيا ان المتن فيها مختلف حيث ورد في بعض النسخ (فلا ينام إلا ساعة) وبناء على هذه النسخة فأن الرواية تدل على جواز النوم ولو بهذا المقدار , لا انها تدل على حرمة النوم مطلقا كما استدل بها ؛ نعم يمكن ان يقال ان المنهي عنه هو النوم الذي يزيد على الساعة , والذي يجوز هو ما كان ساعة فما دون, وعلى كل حال فأن اختلاف النسخ يؤثر على الاستدلال بالرواية , والمهم هو الضعف السندي وهو المانع من التعويل عليها .
واما ما ذكره السيد الخوئي في مقام الاستدلال على الحرمة مطلقا ( من مسألة الاستصحاب ) ؛ فأن السيد الحكيم هو من ذكر الاستصحاب في المستمسك وقال قد يستدل للحرمة بأستصحاب بقاء النوم الى الفجر , لكنه اورد عليه بأيرادين :
الاول : قال بأن الحرام هو تعمد البقاء على الجنابة الى الفجر وهذا المعنى لا يثبت بالاستصحاب المذكور .
ويمكن تفسير كلامه المجمل بأن مقصودة ان اثبات تعمد البقاء على الجنابة (الذي هو الحرام ) بأستصحاب بقاء النوم الى الفجر غير ممكن حتى على القول بالأصل المثبت , وذلك بأعتبار انه ليس من لوازمه .
فأن العلم بتعمد بقاء النوم الى الفجر لا يُثبِت تعمد البقاء على الجنابة , فليس هو ( تعمد البقاء على الجنابة ) من الاثار الشرعية لبقاء النوم الى الفجر وليس هو من اللوازم العقلية لكي يثبت بالأصل المثبت .
اقول لو كان هذا المراد من كلامه(قد) فيلاحظ عليه ان من استدل بالاستصحاب لا يريد اثبات تعمد البقاء على الجنابة (الذي هو الحرام) فقط الى الفجر ؛ وانما يريد القول بأن تعمد النوم ثابت بالفرض او بالوجدان ولا شك فيه؛ والكلام والاشكال في ان النوم الذي تعمده هل يستمر الى الفجر ؟ او لا؟
فيأتي الاستصحاب ليثبت له استمرار النوم الى الفجر وبضمه الى تعمد النوم الذي هو ثابت بالفرض ينتج تعمد النوم المستمر الى الفجر وهو عبارة عن تعمد البقاء على الجنابة ؛ لأن تعمد البقاء على الجنابة لا يشترط فيه ان يكون مستيقظا الى الصباح بل عمدة روايات تعمد البقاء على الجنابة وردت في النوم والبقاء الى الفجر نائما , وحينئذ يثبت تعمد البقاء على الجنابة وهو حرام .