37/07/10
الأستاذ السيد علي السبزواري
بحث الفقه
37/07/10
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- شرائط الوضوء.
ذكر السيد الماتن (رحمه الله) : الثامن: أن يكون الوقت واسعا للوضوء والصلاة، بحيث لم يلزم من التوضؤ وقوع صلاته ولو ركعة منها خارج الوقت، وإلا وجب التيمم ، إلا أن يكون التيمم أيضا كذلك، بأن يكون زمانه بقدر زمان الوضوء أو أكثر، إذ حينئذ يتعين الوضوء. ولو توضأ في الصورة الأولى بطل إن كان قصده امتثال الأمر المتعلق به من حيث هذه الصلاة على نحو التقييد ، نعم لو توضأ لغاية أخرى أو بقصد القربة صح، وكذا لو قصد ذلك الأمر بنحو الداعي لا التقييد))[1] .
كان الكلام في ان المسوغ للتيمم هو ضيق الوقت فلو ضاق الوقت باتيان الوضوء لصلاة يتيعن عليه ان يتيمم حينئذ فلو توضأ وصلى بهذا الوضوء خرجت الصلاة عن الوقت فحينئذ يسوغ في حقه التيمم ، وذكرنا ان هذا المسوغ مورد خلاف بين الاعلام حيث ذهب بعضهم الى انه لا دليل على هذا المسوغ اذ الدليل الذي ورد في التيمم هي الآية الشريفة والروايات التي سياتي ذكرها وهي مختصة بوجدان الماء وفقدان الماء وليس فيها ضيق الوقت وعدم ضيق الوقت ، فمن كان واجدا للماء يجب عليه الوضوء ومن كان فاقدا للماء يجب عليه التيمم وفي محل الكلام الماء موجود فلا يجوز له ان يتيمم.
ولكن ذكرنا ان المستفاد من الآية الشريفة ان المراد من وجدان الماء هو تمكنه وعدم عجره من استعمال الماء لعدم ضرر في البين او لسعة الوقت فهو متمكن ، والمراد من عدم وجدانه أي عدم تمكنه من استعمال الماء وعجزه لا ان نأخذ بظاهر اللفظ وهو وجدان الماء أي وجوده في الخارج كما سياتي في فصل التيمم انه نستفيد من الآية الشريفة ومن الروايات ان المراد من وجدان الماء هو تمكن المكلف من استعماله فيجب عليه التيمم.
فلو توضا والحال هذه وصلى كان وضوئه بطلا فيجب عليه اعادة الصلاة بعد اعادة الوضوء اذ لا امر لهذا الوضوء حتى يتعبد به لان الامر بالوضوء قد سقط مع ضيق الوقت وكان حكمه التيمم فلا امر بالبين حتى يأتي بالوضوء بداعي الامر فيكون وضوئه باطلا ، هذا ما ذكره السيد الماتن (رحمه الله) وهو صحيح.
ولكن قال (رحمه الله): ((ولو توضأ في الصورة الأولى بطل إن كان قصده امتثال الأمر المتعلق به من حيث هذه الصلاة على نحو التقييد ، نعم لو توضأ لغاية أخرى أو بقصد القربة صح))[2] .
قال انه لو توضا لأجل هذه الصلاة الخاصة المقيدة بهذا الوضوء فانه لا امر بهذا الوضوء فيسقط ولكن لو قصد مطلق الصلاة او قصد غاية اخرى غير الصلاة المأمورة المقيدة بهذا الامر فيمكن القول بصحة وضوئه اذ انه هنا امر بالوضوء على نحو الاستحباب لان الوضوء عبادة في حد نفسه وانه مستحب نفسي وان الكون على الطهارة غاية من الغايات فحينئذ يمكن ان يأتي بالوضوء بهذا القصد ويصح وضوئه فيصح له حينئذ ان يأتي بهذه الصلاة او بصلاة اخرى خارج الوقت ولا يحتاج الى اعادة الوضوء اذ الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده كما هو المعروف.
وتحقيق الكلام.
بعدما تقدم بيانه في فصل الوضوء في الوضوءات المستحبة وخلاصته انه تارة المكلف يأتي بالوضوء بداعي هذه الصلاة لكون هذا الوضوء مقدمة لهذه الصلاة التي يأمر بالوضوء لأجلها وتارة اخرى يأتي بالوضوء بداعي غاية من الغايات وثالثة يأتي بالوضوء بداعي اتيان طبيعي الصلاة وتارة يأتي بالوضوء بداعي الصلاة الموجودة في ذمته سواء كانت هذه الصلاة او أي صلاة وان رجع الاخير الى الثالث. هذه هي الدواعي والنوايا الموجودة عند المكلف.
الحالة الاولى:- اذا اتى بالوضوء بقصد اتيان الصلاة المأمور بها بهذا الوضوء حينئذ هذا الوضوء باطل اذ لا امر بالوضوء حتى يصح هذا الوضوء بداعي ذلك الامر فان الامر قد سقط بالنسبة الى هذا الوضوء الذي هو مقدمة لهذه الصلاة ويتعين عليه التيمم فلو اتى بالوضوء باطل وضوئه اذ لا امر حينئذ.
الحالة الثانية:- وهي ما اذا اتى بالوضوء لغاية من الغايات اما للكون على الطهارة او لان الوضوء مستحب في حد نفسه او لاتيان أي شيء يشترط فيه الطهارة مثل مس كتاب القران ونحو ذلك ففي هذه الحالة يمكن القول بصحة الوضوء اذ الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده فانه وان كان هناك امر بالوضوء لهذه الصلاة ولكن هذا الامر الوضوئي الخاص بهذه الصلاة لا يقتضي النهي عن ضده وهو الوضوء لإتيان غاية اخرى من الغايات المترتبة على الوضوء.
الحالة الثالثة:- كذا بالنسبة لو انه اتى بالوضوء لاتيان صلاة من الصلوات أي كلي الصلاة وطبيعي الصلاة ايضا هذا الوضوء صحيح اذ الامر متعلق بهذا الوضوء فيصح اتيان الوضوء بداعي ذلك الامر.
الحالة الرابعة:- كذلك لو اتى بالوضوء بداعي اتيان الصلاة التي في ذمته سواء كانت هذه الصلاة التي تخرج من الوقت او غيرها من الصلوات لانه بالأخر يرجع الى طبيعي الصلاة فيمكن القول بصحة الوضوء اذ الكل مبني على ان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده.
هذه هي الحالات التي تعترض على المكلف حسب نيته.
فلو قصد الوضوء لأجل اتيان هذه الصلاة أي بهذا القيد وهو اتيان هذه الصلاة التي تخرج لو توضأ فهذا الوضوء باطل اذ لا امر بالوضوء وانما هو مأمور بالتيمم فلا يشرع في حقه الوضوء فيكون وضوئه باطلا فالصلاة التي يأتي بها باطلة.
نعم في بقية الحالات الوضوء صحيح لأجل غاية من الغايات او لكون الوضوء مستحب نفسي او لاتيان طبيعي الصلاة او لاتيان الصلاة التي في ذمته فالوضوء صحيح ويمكنه ان يأتي بهذه الصلاة بهذا الوضوء ولكنه يعصي بتركه التيمم.
الا انه قد استشكل جمع من الفقهاء بان الوضوء بقيد الصلاة هذه التي تخرج عن الوقت هذا لا واقع له فانه لا يوجد وضوء متقيد بهذا ووضوء مقيد بغيره اذ الوضوء بذاته عبادة والوضوء مستحب نفسي فالوضوء وحدة واحدة وعبادة على كل حال سواء قصد هذا او قصد غيره اذن ما ذكره السيد الماتن (رحمه الله) من ان قصد هذه الصلاة يقيد الضوء ويحصصه لا واقع له والوضوء بنفسه عبادة فهو صحيح.
ولكن يمكن الجواب عنه من ان القيدية التي يراها ان كان هناك تقييد للوضوء ويجعل لها حصتان خارجا مثل ان يكون وضوء بقصد هذه الصلاة ووضوء بقصد تلك الصلاة فهذا باطل وليس عندنا مثل هذا لأنه ليس عندنا في الخارج وضوءان انما هو وضوء واحد لا اكثر وهذا صحيح الا ان النية لما تكون دخيلة في الوضوء وقوام العبادة بالنية فهي تقيد تلك العبادة واقع فيصير النية مقومة للعبادة كما ان النية قربة لله تجعل هذه العبادة صحيحة ونية الرياء تبطل هذه العبادة حينئذ الامر صحيح ولا اشكال فيه ، فكما نية الرياء جعلت هذا الوضوء واقعا باطلا كذا نية هذه الصلاة قيدت الوضوء وجعلته واقعا باطلا ، اذن ما ذكره السيد المتن صحيح ولا اشكال فيه.
ولكن ذكر السيد الماتن (رحمه الله) في اخر كلامه انه ((وكذا لو قصد ذلك الأمر بنحو الداعي لا التقييد))[3] .
أي لو اتى بالوضوء بداعي الامر ولكن لا على نحو التقييد فانه يصح الوضوء.
وفي كلامه تأمل اذ الداعوية هذه اما ان ترجع الى انه بداعي اتيان هذه الصلاة التي تخرج عن الوقت فلا امر بالوضوء حتى يكون هذا الامر داعيا لهذا ، اذن لا داعوية في البين اليس حصلت من الامر المتعلق بالوضوء وهو قد قيد الوضوء بهذه الصلاة فحينئذ سقط الامر فلا داعوية في البين.
واما اذا كان مراده من الخطاء في التطبيق فلا اشكال في الصحة فانه يأتي بالوضوء لأنه عبادة او يأتي بالوضوء لأنه مستحب نفسي ولكنما هذا اخطاء في التطبيق واخذ بنيته لأجل هذه الصلاة فأوجب الوضوء لهذه الصلاة من باب الخطاء في التطبيق فلا اشكال في الصحة حينئذ.
اذن لابد من التفصيل بانه اذا كان بداعوية الامر بالوضوء فلا داعوية في لبين وان كان بداعوية ان الوضوء مستحب في ذاته وعبادة ولكنه اخطاء وطبق هذا الوضوء على هذه الصلاة التي تخرج خارج الوت بالوضوء فهذه الداعوية صحيحة.