38/03/04
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/03/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- خــتــام.
قال السيد الماتن (قدس الله نفسه): الرابعة والعشرون: لو نذر أن يكون نصف ثمر نخله أو كرمه أو نصف حب زرعه لشخص بعنوان نذر النتيجة وبلغ ذلك النصاب وجبت الزكاة على ذلك الشخص أيضا، لأنه مالك له حين تعلق الوجوب، وأما لو كان بعنوان نذر الفعل فلا تجب على ذلك الشخص ، وفي وجوبها على المالك بالنسبة إلى المقدار المنذور إشكال)[1] .
يقع الكلام في مقامين.
المقام الاول:- في نذر النتيجة وهل هذا النذر صحيح او لا؟.
المقام الثاني:- في نذر الفعل وهل هذا النذر مانع عن الزكاة او ليس بمانع عن الزكاة؟.
أما الكلام في المقام الاول فالظاهر ان نذر النتيجة غير صحيح ، فان العقود والايقاعات جميعاً أمور انشائية وأمور اعتبارية ولا يمكن ان ينتقل مالُ شخصٍ الى شخصٍ آخر قهراً بدون إنشاء الملكية وبدون إنشاء إنتقال مجاناً او مع العوض ، ولا يمكن انتقال مال زيد الى عمر قهراً لان الانتقال أمر إنشائي بحاجة الى الاعتبار أي انشاء ملكية ماله الى زيد أما مع العوض او بدونه مجانا كالهبة ، اذن الانتقال القهري بحاجة الى دليل وإن كان ممكنا ثبوتا ولا يكون مستحيلا كاجتماع النقيضين او الضدين او الدور او التسلسل ، فليس هو محال بالذات بل هو ممكن ولكن في مقام الاثبات بحاجة الى دليل.
نعم قد ورد الدليل في باب الارث فان المال ينتقل من المورث الى الوارث قهرا وبدون أي انشاء واعتبار ، فاذا مات المالك انتقل ماله الى ورثته قهرا وصار ملكا للورثة قهرا وبحكم الشارع بدون الانشاء لا من المورث ولا من الوارث ، اذن الانتقال القهري والملكية القهرية موجود في باب الارث ، وكذا الحال في باب الديات فان المجروح يملك دية جرحه على الجارح قهرا ولا يحتاج الى الانشاء وبحكم الشارع يملك فهذا الانتقال والملكية القهرية انما هي بحكم الشارع لا بإنشاء من المالك واعتباره.
نعم ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) مضافا الى هذين المثالين ذكر مثالا ثالثا وهو ما اذا اوصى بملكية ماله لزيد بعد وفاته فذكر ان هذه الملكية بعد وفاته ايضا قهرية فاذا توفي الموصي انتقل هذا المال من ملكه الى ملك الموصى له قهرا فلا يحتاج الى انشاء واعتبار.
وهذا الذي افاده السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) قابل للمناقشة فانه لا شبهة في ان المالك حين الوصية أنشاء ملكية هذا المال للموصى له بعد وفاته أي انه يملك بعد وفاته ولكن الانشاء من الان وفعلية المنشاء بعد وفاته اما الانشاء من حين الوصية والاعتبار من حين الوصية فهو من حين الوصية اعتبر هذا المال ملكا لزيد بعد وفاته لكن مشروطا لا مطلقا أي اعتبر ملكيته لزيد مشروطا بوفاته لا مطلقا ، اذن الوفاة شرط لفعلية المعتبر ولفعلية المنشاء ، اذن هذه الملكية ليست ملكية قهرية بل هي ملكية انشائية غاية الامر ان فعلية المنشاء مشروط بشروط وهذا لا مانع منه وله امثلة كثيرة في الشريعة المقدسة فان الانشاء قد يكون مطلقا وقد يكون مشروطا ولا مانع من ذلك ، اذن هذا المثال ليس من مثال الملك القهري ، والمراد من الملك القهري هو الملك بحكم الشارع فان الشرع حكم بانتقال مال الميت الى ورثته ولا انشاء من المالك ولا اعتبار.
النتيجة ان نذر النتيجة بحاجة الى دليل ولا دليل على ذلك في المقام ، اذن نذر النتيجة غير صحيح ولا يمكن انتقال المال الى المنذور له بنذر النتيجة ، وكذا شرط النتيجة فلا دليل عليه.
وعلى تقدير تسليم الدليل على ذلك فحينئذ لا شبهة ان ما ذكره السيد الماتن هو الصحيح فان نذر النتيجة اذا كان صحيحا فالمنذور له شريك مع المالك في الحنطة والتمر والزبيب فهو شريك في النسبة بنحو الاشاعة فاذا بلغ نصيبه حد النصاب وبلغت حصته حد النصاب وجبت عليه الزكاة.
واما الكلام في المقام الثاني وهو نذر الفعل فأيضا لا شبهة في ان المنذور له لا دخل له في مال المالك ولا يكون شريكا مع المالك اصلا فالحنطة بتمامها ملك للمالك غاية الامر يجب على المالك ان يدفع المنذور الى المنذور له فالدفع الخارجي والفعل الخارجي هو الواجب على المالك ومن هنا لا تجب الزكاة على المنذور له وان كانت حصته بلغت حد النصاب ولكن لا تجب عليه الزكاة فان الزكاة انما تجب فيما اذا دخل في ملكه من حين انعقاد الحبة فاذا كان شريكا مع المالك من حين انعقاد الحبة فحينئذ اذا بلغت حصته حد النصاب وجب عليه زكاتها والمفروض ان النذر اذا كان نذر فعل الواجب على المالك هو الفعل الخارجي ولا يكون المنذور له شريكا معه في ماله من الحنطة والشعير والتمر والزبيب.
هذا مما لا كلام فيه وانما الكلام في ان هذا النذر يمنع المالك من التصرف في المال المنذور فان المالك لا يتمكن من التصرف في المال المنذور الا ان يدفع المنذور الى المنذور له وهل هذا المنع مانع عن الزكاة الواجبة على المالك باعتبار ان ماله بلغ حد النصاب غاية الامر لا يجوز له التصرف فيه قبل الوفاء بالنذر اما بعد الوفاء بالنذر سقطت حصته عن النصاب فهل وجوب الوفاء مانع عن الزكاة او انه ليس بمانع؟
الجواب:- قد تقدم الكلام في هذه المسالة موسعا والوارد في الروايات ان الواجب على المالك هو الزكاة اذا كان المال حاضرا عنده او تحت يده اما اذا كان غائبا عنه او لم يكن تحت يده او كان مدفونا ولا يدري مكانه فلا تجب زكاته ، ولكن شيء من هذه العناوين لا ينطبق على المقام فان المال حاضر عند المالك وتحت يده ، فإذن تجب عليه زكاته فان المستثنى في الروايات هو المال الغائب عن المالك او مدفونا في مكان لا يدري مكانه او لم يكن المال تحت يده ولم يكن حاضرا عنده فحينئذ لا تجب عليه زكاته ، واما اذا كان حاضرا عنده وتحت يده فهو غير مشمول لتلك الروايات ، اذن تجب عليه زكاته وما نحن فيه كذلك فان المال حاضر عنده فاذا كان حاضرا عنده وكان تحت يده فتجب عليه زكاته.
النتيجة ان وجوب الوفاء بالنذر لا يكون مانع عن وجوب الزكاة على المالك.
ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الخامسة والعشرون: يجوز للفقير أن يوكل شخصا يقبض له الزكاة من أي شخص وفي أي مكان كان، ويجوز للمالك إقباضه إياه مع علمه بالحال، وتبرأ ذمته وإن تلفت في يد الوكيل قبل الوصول إلى الفقير ولا مانع من أن يجعل الفقير للوكيل جعلا على ذلك)[2] .